|
أُسس التدخل الروسي في سوريا وجنوب أسيا
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4966 - 2015 / 10 / 25 - 06:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربما انشغال الكثير في وسط الحروب ، لم يميزوا الفرق بين التدخل الروسي في حرب البوسنية والهرسك وبين الامتناع عن ممارسته في العراق وليبيا وبين مرة أخر ، العودة بالتوغل بشكل واسع في سوريا ، وليس فقط التدخل ، هو ، أقرب إلى التموضع ، بالطبع ، يتفوق عن ذاك التدخل الذي توارى خلف التحالف اليوغسلافي ، وقد يقول قائل ، أن روسيا يلتسن ، المخمور والمترنح على الدوام ، فاقد الأهلية الدولية ، لم يكن لديه القدرة على الوقوف في وجه الولايات المتحدة الأمريكية ، لكن ، وبالرغم من التناغم الروسي ، آنذاك ، مع المجتمع الدولي ، عبر يلتسن الضعيف من القضية البوسنية ، بطريقة الأخ الكبير للسلاف في صربيا ، هدد باستخدام حق الاعتراض بالفيتو في مجلس الأمن ، شجع دول سلافية بإرسال متطوعين للقتال بجانب الصربيين ضد مسلمين البوسنية والكروات ، لم يكتفي بالطبع بهذا الشأن ، للقصة أيضاً تكملة ، استخدم مطار بطرسبرج إلى بلجراد جواً وبالقطار ، كنقطة تجمع للمتطوعين الروس وأغلبهم ضباط الجيش السوفيتي السابق ، لكن ، ما يلفت الانتباه ، وبالرغم ، أن الحكومات المختلفة التى تعهدت بالالتزام بما وضع أسسه غورياتشوف ، هو ، تجنيب السياسة الروسية لأي اصطدام مع السياسة الخارجية الأمريكية ، جاء الموقف الروسي من المسألة البوسنية ليمثل استثناء حقيقي من تلك القاعدة ، وقد تكون العلاقة المذهبية بين الصرب والروس ، مسألة مفهومة وأمرها مقبول للعقل ، لكن ، الذي لا يقبله العقل ، ذاك التحالف الروسي مع أقليات المنطقة ، ليس العربية فحسب ، بل ، إيران ، وهذا ، يفسر في الحد الأدنى ، للمتابع ، موقف روسيا المائع ، بخصوص تدمير العراق ، لأنها ، تعلم مسبقاً ، بأن حال العراق سينتهي بأيدي ، الحليف الإيراني ، يجمعهما ، مع الولايات المتحدة قاسم مشترك، يتخطى التقاطع ، هو ، تدمير الوطن العربي وتقاسم جغرافيته وتوزيع شعبه بين مختلف أصقاع الأرض ، ضمن اتفاق غير معلن ، الحياة مقابل الخدمات ، أما ، في جانب أخر من المنطقة العربية ، شمال أفريقيا ، تعامل الروسي بجمود ملحوظ ، حيث ، تُعتبر ليبيا الداعم الأهم لمصر ، على الصعيد ، العمالة وشراء السلاح الثقيل ، واستطاعت في ظل معمر القذافي ، التأثير في المجال الأفريقي بشكل أثار حفيظة الاستعمار القديم المتجدد ، حتى لو كان ذلك ، بطريقة مزاجية ، طبعاً ، سقوط ليبيا في المتاهة ، ومن قبلها تقسيم السودان وإدخال الجزء العربي المسلم ، في دوائر النزاع الطويل ، يمهد بذلك أضعاف مصر ومحاصرتها مائيا من جهة ومن أخرى ، إدامة التوتر في شبه جزيرة سيناء .
متى ولماذا ، بدأ الاهتمام الروسي في فلسطين على وجه الخصوص ،وأيضاً البلاد العربية ، قد يجيب المرء عن ميلاد التدخل في الشرق العربي ، لكن ، عن النوايا المتجددة ، مسألة تحتاج إلى مقاربات ومقارنات ، نتائجها تصيب بالدهشة ، ولولا ذاك الصراع ، الذي بدأ ظهوره في الدولة العثمانية بين الأمة التركية والأمم والملل الأخرى التى خضعت تحت حكمها ، ما كان ليحصل أي تدخل ، بالطبع ، سمح هذا الخلل إلى دخول دول كبرى في هذا الصراع لسد أطماعها وتحقيق آمالها المتناقضة ، لكن ، بالتحديد ، روسيا التى عانت لفترة طويلة في أوروبا ، من مزاحمة بروسيا لها ، وجدت في النمسا بالمزاحم الأكبر لها عند الجبهة الأمامية للشرق العربي ، ومنذ ذاك اليوم ، تمحورت ، أهداف روسيا في تحقيق ثلاثة منها ، السيطرة على المضائق التركية ، في سبيل الوصول إلى المياه الدافئة ، الأمر الثاني ، استعادة القسطنطينية واعدتها إلى حضرة الكنيسة الارثوذكسية ، هذه الأهداف كان الإمبراطور الروسي بطرس الأكبر ، أشار اليها في ما يعرف اليوم بالوصاية ، من أجل عظمة روسيا ، ويلاحظ ، أن في البند الثامن من الوصية ، يشير إلى الهدف الثالث ، بضرورة انتشار روسيا على سواحل بحر البلطيق شمالاً ، وجنوباً ، نحو سواحل البحر الأسود ، أما البند التاسع من الوصية ، يفسر على أقل تقدير ، أحد جوانب التدخل الروسي من جديد ، حيث ، يتوجب على روسيا الاقتراب ، تدريجياً ، من إستانبول والهند ، لأن ، وحسب مفهوم بطرس الأكبر ، صاحب الوصايا ، هناك جزء أخر من البند التاسع ، يُنبه إلى أمر بالغ الأهمية ، يقول ، من القضايا التى باتت مسلمة ، من يحكم إستانبول ، يعني ، حكم العالم ، لهذا ، فأن سياسة بوتين ، توجب إحداث معارك وحروب متباينة مع الدولة التركية ، وتارة ، نقل الجمهورية الإيرانية من الحروب المحصورة إلى المواجهة بشكل أوسع ، وتشجيع مسحيين العرب ، حمل السلاح والانخراط في الحروب ، دفاعاً عن امتداداتهم الكنسي ، بهذه الطريقة ، تكون المحصلة ، اضعاف ايران ، بعد ما أنهت الولايات المتحدة ، كلياً ، أمر النظام العربي في العراق ، كي يتاح للروسي من الوصول إلى خليج البصرة ، تماماً ، كما هو الآن ، موجود بثقله الحربي ، على شواطئ الساحل السوري ، الذي يشابه وجوده لوجود سابق في التاريخ ، يتربص ، عيناً على القسطنطينية والأخرى على القدس ، كنيسة القيامة وأخيراً ، يسعى بالتمدد نحو الهند التى تعتبر مخزن الدنيا .
ينقسم العالم حول مسائل عديدة ، لكنه ، يتفق على شيء واحد ، تفتيت المنطقة ، وبين عمليات التفتيت ، هناك أولويات ، منها بلاد الشام ، على الأخص ، يتبعها تركيا ، وقد تكون ، من أكبر المصائب التى تشهدها الجغرافيا العربية ، اليوم ، اعادة زرع الخلاف بين الحلف السعودي المصري التركي الأردني ، بهدف تجنيب ثقل مصر البشري والعسكري والسياسي ، ومن ثم التفرد بها ، لاحقاً ، كما فعلوا بالعراق ، وهنا ، نلاحظ ، أن مسألة الحسم ، في قاموس الدبلوماسية الغربية ، مفقودة ، أمام كثافة ، لمحاربة الجماعات السنية المسلحة ، دون الشيعية ، وإصباغ تهمة الإرهاب على المعارضة المسلحة السورية ، مقابل ، تجاهل المجازر التى ارتكبتها المليشيات الشيعية على مدار السنوات العشر ، تماماً ، ينتمي هذا التشابه ، لما يحصل بين الفلسطيني ، الضحية والإسرائيلي الجلاد ، في المقابل ، تنخفض ،دولياً ، نبرة محاربة الإرهاب في سيناء ، أمام تجاهل وصمت واضح ، للخطوات الكردية ، الانعزالية ، عن مراكز الأم في سوريا والعراق وتركيا .
أمام خُلاصة المأزق ، هذا ، ستشهد الساحات مزيد من الإفراز الطائفي على المستوى البشري ، وستكون مفردة الحسم غائبة ، تماماً ، طالما ، شراء السلاح مستمر ،تتقلص بالطبع بقعة الحياد ، لكن في المقابل ، تعيد الأطراف العربية ذات الخطأ في تحديد المربعات ، بل ، تمارس لعبة القفز في لحظة الانهيار ، بل ، ما دُبر لفلسطين سابقاً ، والعراق لاحقاً ، وسوريا مؤخراً ، ليس صدفة ،فالمرجع واحد ، وبالتأكيد ، المرجع مازال يحمل خطط كثيرة .
#مروان_صباح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
-
بين البحث عن الاستقلال والتورط بخطط الحاخامات
-
الأخ الكبير يدافع عن الأقليات بعد ما دافع عن الشعوب ال سلافي
...
-
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
-
هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
-
كيف نعيد الثقة بأنفسنا
-
ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
-
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
-
نور الشريف والمشهد الأخير
-
المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
-
تحدي أهوج لشهر رمضان
-
من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست
...
-
قطعان ينتظرون الذبح
-
من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
المزيد.....
-
أمير الموسوي في بلا قيود: تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 60%
...
-
بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق ال
...
-
حكم للمحكمة العليا الأمريكية يُوسّع صلاحيات ترامب، والأخير ي
...
-
عاجل: ترامب يقول إن وقف إطلاق النار في غزة بات قريباً، ويأمل
...
-
ترامب للمرشد الإيراني علي خامنئي: لقد هزمت شرّ هزيمة
-
سوريا تعلن ضبط نحو 3 ملايين حبة كبتاغون بعد اشتباك مع مهربين
...
-
إعلام إسرائيلي: جثث 3 أسرى في غزة أعادها عناصر من مجموعة أبو
...
-
القلق يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية استهدفت سجن إيفين... مصير سج
...
-
موقفا تخفيف العقوبات عن إيران.. ترامب لخامنئي: أنقذتك من -مو
...
-
جيش الاحتلال يقتحم كفر مالك والمستوطنون يصعّدون بالضفة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|