|
هستيرية الأفراح والنجاح
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4924 - 2015 / 9 / 13 - 02:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هستيرية الأفراح والنجاح مروان صباح / عندما يلجأ المرء إلى جبل ، في منطقة ما أو حتى جزيرة خالية من البشر ، هُوَ بالتأكيد ، نوع من الهروب المؤقت ، وقد يكون من جانب أخر ،اعترافاً مبطن عما أخفاق في تحقيقه على مدار العصور ، فالترجل من هذا الكوكب ، ليس بالقرار الذاتي ،لكن ، الهروب بصورة متقطعة ، أي ، من حين لآخر ، أمر تعويضي ، بالطبع له أيضاً أسبابه ، وهو على الأغلب غير معلن عنه ، يبقى سر الكتمان ، لكن ما يستوقف المرء ، ليس تلك الأزمات التى تعاني منها ، عواصم ومدن كبرى اكتظت شوارعها بالمركبات ، بل ، ما يعاني منه الفرد ، هي ، أزمة الأخلاق المنفلشة، وقد يكون في كثير من الأحيان ، ذاك الفرح المتطرف لدى البعض ، هو عند الآخرين نكد وتنغيص ، فكيف نُفسر مع كل نهاية عام دراسي وأثناء إعلان النتائج التوجيهي تتحول بقرار أولياء الأمور ، الأحياء السكنية إلى نوادي ليلية ، مفتوحة في الهواء الطلق ، يقال ويصنع فيها ما لا يخطر على البال ، كأن ، ناجح التوجيهي ، مشكوك بإمكانياته أو غير متوقع النجاح له ، الذي لاحقاً ،يعطى الحق باحتلال الأرض والجو وممارسة سلوكيات لا تليق بالمواطن .
لقد تحول الصيف بين حفلات الزواج وما يسبقها من حُفيلات أقل شئناً وبين مهرجانات التوجيهي هاجس كل أردني ، فأنت لم تعد متأكد في الصيف القادم ، هل ستبقى على قيد الحياة أم أنك ستفارقها من أجل رصاصة طائشة من ، رجل طايش ، ولكن ، ما يُقلق في الأمر ، أن الجميع يشتكى ويثرثر في المجالس الخاصة وأحياناً تصل العامة ، ويُبدي ، المواطن الثرثار انزعاجه لما يقترفه الآخر من مبالغات في الأفراح ، بالطبع ، ما أن يأتي دوره حتى يتناسى جميع النصائح والانتقادات التى كان يقدمها للآخرين ، فالمسألة كما هي ، تحتاج بالإضافة ، لقرار وزارة الداخلية الذي بموجبه وضع حد للاستهتار ومنع إطلاق النار والمفرقعات إلى اعادة دراسة الخلل من الناحية التربوية ، لهذا ، من الأجدر أن تتعاون التربية والتعليم وتقدم من خلال المناهج ، مادة تربوية تعتني بتربية الإنسان داخل المدارس وبشكل يومي حتى لو جاءت على حساب مواد آخرى ، فحسب التجربة التعليمية وعلى مدار عقود من التعليم المعاصر ، لم تفلح المؤسسات التعليمية في إيصال الأجيال إلى عتبة العلوم ، لعلها ، تستطيع أن تحدث بعض التغيير في سلوك الفرد .
للإنصاف فأن رؤيتنا للواقع الاجتماعي ، قائمة على بحث مكثف عن الحقيقة ، وأي حقيقة ، بالطبع ، عن حالة الهلع التى تصيب أهالي طلاب التوجهي ، كأنه ، أي الهلع ، يتحول إلى انفلاتات هستيرية ليس بالإمكان السيطرة عليها ، ذاتياً ، ولهذا السبب ، اضطرت الجهات العليا في الأردن أن تتدخل بشكل مباشر وحازم ، قاطع لا رجعة فيه ، لوقف ، هذا العنف الغير مبرر ، ولكن ، ما يثير أيضاً حفيظة المرء ، هو بالتأكيد ، مُستغرب ، هذه العينات ، من الجانبين ، إن كانت أفراح الزواج أو خريجين التوجيهي ، بالرغم أن ، الأغلبية تتحاشى طرق أبواب هذه العقد المركبة ، خصوصاً ، لما يدور داخلهما من زواحف خبيثة ،بالطبع ، تتفاقم من جيل إلى آخر ، حيث ، يخضعان إلى تباهى كاذب وأشبه بالمسخري ، كأننا في سباق ليس له حدود لإطلاق النار أو المفرقعات ، لكن ، الذي يحير المراقب ، الكلفة الباهظة التى تترتب على العائلات ، من المؤكد ، جميعها تذهب بلا فائدة وتنحصر في ملذات لا تصمد سوى دقائق ، وقد يكون الأخطر في هذه المعركة التى تصنف ، بإشباع رغبات ذوات المرضى مع الهواء الطلق ، هم ، الضحايا الذين يسقطون بين فترات مختلفة ، وبالتالي ، يصل التباهي بين هؤلاء إلى حد ، أن احدهما يتفاخر على الآخر ، بأن الحفل الذي أقامه ذهب فيه ، ضحية بريئة ، لدرجة أن البلد والإعلام وأركان الحكومة انشغلوا على مدار أيام في معالجة تبعات القضية .
كم هي لخطة كاشفة ، احياناً ، الأحداث العادية تسعفنا الي نبش الذاكرة ، هناك صورة لألبرت أينشتاين ، العالم الألماني ، أحد أهم علماء الفيزياء ، توجد على الجوجل ، الرجل في سن الشيخوخة ، لكن ،أثناء تصويره ، أخرج لسانه ، هذا العالم الفاشل ، حسب تقيم التعليم التقليدي ، حاز على جائزة نوبل 1921م لأن باختصار ، استنتاجاته برهنة ظواهر علمية كانت الفيزياء الكلاسيكية فشلت في إثباتها ، مع مرور الزمن ، تبين بأن الفاشل أخرج لسانه للناجحين ، إن كانوا قدمى أو جدد ، ويبقى السؤال ، ماذا لو كان أينشتاين ينتمي إلى عائلة عربية ، بالتأكيد ، كانت ببساطة أحرقت البلد ووصلت الضحايا إلى أرقام لا تعد ولا تحصى ، وفي هذه المناسبة ، الرجل كان قد تحدث عن مفهوم النسبية بطريقة سلسة ، كي تصل إلى من يكره الفيزياء وقواعدها أو يتثاقل منها ، حيث قال ؛ ضع يدك على صفيح ساخن لمدة دقيقة وستشعر أنها ساعة وأجلس مع محبوبتك لمدة ساعة وستشعر أنها دقيقة ، هذه هي النسبية ، لهذا ، ضع يدك على رأس طفلك من المفترض أن تستشعر بحبك للوطن ، هناك فرق بين إنسان يفقد ولده من أجل الدفاع عن الوطن وبين من يفقد أبنه من أجل رغبات مستهتر بالغ في فرحة نجاح أو زواج ولده الذي افضى بقتل الآخرين ، يعني ، بالإضافة ، إلى أن البعض عبء ثقيل على المجتمع والوطن ، هناك ايضاً من هو خبير في تحويل الفرح إلى ترح . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
-
هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
-
كيف نعيد الثقة بأنفسنا
-
ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
-
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
-
نور الشريف والمشهد الأخير
-
المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
-
تحدي أهوج لشهر رمضان
-
من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست
...
-
قطعان ينتظرون الذبح
-
من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
-
إبادات قانونية وأخرى اجرامية
-
القضاء السويدي يبعث من جديد رسالة جديدة للقضاء العربي
-
غونتر غراس
-
لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
-
الكتاب والحذاء
-
محاصرة مصر وتلغيم أمنها القومي
-
تحويل الشهيد إلى بئر بترول
-
إليسا تُعيد طوقان من قبره
المزيد.....
-
مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر
...
-
لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس
...
-
عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية
...
-
تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م
...
-
-المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي
...
-
بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
-
وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت
...
-
الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
-
خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|