|
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4898 - 2015 / 8 / 16 - 00:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حماس بين البدائل وحتمية الفشل مروان صباح / بادئ ذي بدء ، ليس هناك ما يعيب حركة حماس ، الفرع المسلح لحركة الاخوان المسلمين ، أن تعيد تقيم سنوات حكمها المطلق في قطاع غزة ، وهذا ليس بجديد على سلوكها ، حيث ، وبعد أن اغتالت الاستخبارات الإسرائيلية الصف الأول للحركة ، قامت بالفعل ، بتقييم ودراسة دخولها المعترك السياسي ، وهي تعلم جيداً ، بأن ذلك ، بالطبع ، يرتكز على اُسس ومعايير اتفاق أسلو ، الذي يعلو بنوده الأمنية على أي بنود أخرى ، ثمانية أعوام عجاف ، من الحصار ، قاسي ، بالطبع ، بالإضافة ، إلى حروب مجنونة ، ساد فيها حكم شمولي لا يُسمح بالرأي الآخر ، حتى لو جاء من حليف ، علاقات مضطربة مع العمق التاريخي ، مصر ، عدم القدرة على وضع بدائل تُجنيب الحركة من التبعية والارتهان والخضوع في نهاية المطاف .
سنسعى في هذه المقال إلى انصاف الذاكرة دون اختزال أو محاباة سياسية ، وهذا ، ليس من دافع المحاسبة ، فقط ، بل ، من باب وضع مخارج وحلول ، لأن ، سنوات الحصار طالت عن حدودها الطبيعية والمشابهة في التاريخ ، إن كانت في الحقبة الإسلامية أو في العصر الحديث ، فليس من المعقول أو المقبول أن تستمر الحياة بهذه المراوحة في غزة ، حيث ، لا حياة طبيعية ولا مقاومة قادرة على تغيير في سلوك المحتل ، بل ، كل ما هو حاصل ، أن الفجوة بين الجسم العسكري ، القسام ، والجسم السياسي ، يتسع ، وهذا صحيح ولا يمكن إنكاره ، فالقسام يتطور على الدوام من الجانب العسكري ،اولاً ، بفضل عناصره ، وثانياً ، بالطبع ، بالتمويل الذي يحصل عليه من الخارج ، وبالرغم أن ، مازالت قدراته محصورة ، فقط ، بالدفاع وامتصاص الضربات ، إلا أن ، الجانب السياسي والإداري للحركة ، يراوح في ذات المكان وغير مبالي لإيجاد بدائل صحيحة تؤدي إلى خلاص القطاع مما هو عليه ، والذي من المفترض للحركة ،أخلاقياً ، التى أخذت على عاتقها المغامرة السياسية أن تتحمل المسؤولية ،بالكامل ، فالعلاقات لا تقتصر على بروتوكالات ودبلوماسية خشنة ، حتى القيادة ، ايضاً ،بل تتطلب ، إلى جهد على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي في تحريك الثابت ، بل ، ما يظهره حراك الحركة ، ليس سوى تعنت ثقيل لا جدوى منه ، فمن طبيعة الحصار خلق بدائل ، تماماً ، كما اجتهد ويجتهد الجناح العسكري ، فكان من الأولى على الجانب السياسي والإداري أن يشتغل على توفير بدائل ، لمسألة الكهرباء والزراعة والتصنيع والحدود ، أو على الأقل ،المحافظة على علاقاته مع حكومة الرئيس أو مازن ، بالإضافة ، إلى استيعاب التغيير في مصر ، لكنه ، أغرق نفسه واستنفذ كل طاقاته بالردح السياسي والمناكفات الصغيرة ، التى لا تقدم ،لهذا ،الشعب الذي طال قهره وهدرت طاقته بسبب الحصار ، بقدر أنها تأخره . من الحكمة أن تهتدي الحركة إلى طريق يجنب علاقاتها المتعددة من التصلب ، لكن ، لا بد ، ايضاً ، معرفة كيف تضع بدائل لعلاقاتها ، قد تصاب ،أحياناً ، بالتوتر وأخرى بالقطيعة أو العداوة ، وليس صحيحاً أن تتوقف الدنيا ، بسبب ، تغيير التى شهدته مصر ، خصوصاً ، بعد قيام الجيش بردم غالبية الانفاق الذي جعل الحركة أن تلجأ إلى تصعيد غير مدروس ولا يحمل أي حسبة سياسية ، أبداً ، بل ، أكثرت في سلوكها الخطابي من العناد والتشبث على طريق نغمة الشيطان الأكبر وملحقاته ، فهناك مواقف لو أبدت بعض المرونة وعلى الأخص بعد ما جربت جميع الطرق المعتاد في حلحلت أزماتها ، لكان أفضل للشعب الواقع تحت تجارب قاصرة ، فالإسرائيلي اثبت للعالم ، وليس فقط ، للفلسطيني أنه غير مكترث حتى لو أبقى الحصار على قطاع غزة إلى يوم القيام ، طالما ، هناك عقليات تتعايش مع الواقع وتقبل به ، فهو يعيش سياسياً في أفضل حال ، لأن ، حسب المعايير والحسبة الإسرائيلية ، الحصار يدفع الناس الي الهجرة ويمنع التقدم ويزيد التخلف ، مقابل ، تطوير بسيط في سلاح المقاومة ، فليكن ذلك ، طالما ،اسرائيل تمتلك السلاح الأفضل في العالم ولديها ترسانة نووية ، إذاً ، النتائج في المحصلة لا تتناسب مع التكلفة الباهظة الذي يسببها الحصار ،أي غير مجدية ، وهذا ، لا يعني سوى أمرين ، إما أن هناك مصلحة ضيقة للقائمين على الحركة في استمرار الوضع كما هو أو هناك من ينتظر حل سياسي بحجم جغرافية قطاع غزة ، في القريب العاجل . الفلسطينيون أمام سيناريوهين ، مشروع وطني اقتصر على أراضي 67 ، والأخر ، يقبل بأي جزء محرر مقابل تطبيق شرع الله ، وهذا ، المتضادين لفظياً ، والمتكاملين دلالة ومضموناً ، هو ، واقع حماس عندما تردد بأن السلطة الفلسطينية في الضفة تحارب المقاومين ولا تسمح بانتفاضة ثالثة ، بالرغم ، أن الرئيس محمود عباس ، في خطبته عام 2014م ، استعان بأية قرآنية مخاطباً الجماهير ( اذن للذين قتلوا بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير ، وأوعز للتنظيم بالتحرك ، لكن ، في الحقيقة ، الشعب لم يردها انتفاضة مكرورة ، بل ، نذهب إلى أبعد من ذلك ، لنقول ، وعلى سبيل الافتراض ، لو حكمت حركة حماس الضفة ،بالتأكيد ، ستتعامل مع مناطق الخاضعة لها كما تتعامل مع قطاع غزة ، تُحرم إطلاق الصواريخ والعمليات ، وتطالب لاحقاً من هم في المناطق الخاضعة للاحتلال ، بانتفاضة ، يتزامن ذلك مع سياق البحث عن هدنة ، وهذا ، حسب المنطلقات التى تنطلق منها الفكرة الصهيونية ، بالتأكيد ، يواتيها مشروع الهدنة الطويلة ، دون الاعتراف كلا الطرفين ببعضهم ، على أن تبقى الضفة الغربية شماعة حماس في الحاضر والمستقبل ، وهكذا ، تكون تنصلت بهدوء ، من تابعيات القدس والأقصى ، لأن ، من لا يعرف أسباب الحرب التى قامت على العراق ، فهو ، جاهل أو متواطأ ، ففي الاجتماع الذي اتخذ فيه قرار الحرب ، جاء في احد بنوده ، ضرورة تمكين اسرائيل من الضفة الغربية والاعتراف بالقدس بأنها عاصمة شرعية وأبدية لها ، كما ، أن القرار طالب الإدارة الأمريكية بالضغط على الدول العربية بتوطين اللاجئين أو استيعابهم في دول غربية . لا اعتراض لدينا إلا على استغبائنا ، وهل هي مسألة ستكون متسمة بالأمد ، ربما ، لا أعتقد ، لهذا ، حان الوقت للعودة إلى الصف الوطني ، والترفع عن الصغائر ، لأن ، في نهاية المطاف ، ستواجه حركة حماس انفجار ، يشبه ما تتمناه ، هي ، أن يحصل في الضفة بوجه السلطة ، لكن ، هذه المرة ستكون انتفاضة شعب عانى ويعاني الأمرين ، الحصار والاستسلام للواقع ، لهذا ، ليس من صالح أحد ، مشاهدة ما جرى في مصر ، أن يعاد تكراره في قطاع غزة ، بكل تفاصيله وامتداداته العربية والإقليمية والغربية ، ومن يعتقد أن لديه بوليصة تأمين من الانتكاسات ، فهو ، واهم ، بل ، يعيش في كوكب آخرى . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نور الشريف والمشهد الأخير
-
المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
-
تحدي أهوج لشهر رمضان
-
من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست
...
-
قطعان ينتظرون الذبح
-
من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
-
إبادات قانونية وأخرى اجرامية
-
القضاء السويدي يبعث من جديد رسالة جديدة للقضاء العربي
-
غونتر غراس
-
لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
-
الكتاب والحذاء
-
محاصرة مصر وتلغيم أمنها القومي
-
تحويل الشهيد إلى بئر بترول
-
إليسا تُعيد طوقان من قبره
-
بين النفخ والتضخيم ،ضاعت الشعوب
-
تعاون يكشف عن حجم وأهمية العلاقة القائمة .
-
طاعنون باللجوء والهجرة، لهم الله .
-
تعاون يقطع الشك باليقين لأي عداء
-
الوطنية المتعثرة
-
اتفاق إطار أم مكافأة عن سلسلة تنازلات
المزيد.....
-
سجال حاد بين أمريكا وألمانيا بعد اتهام برلين بـ-الاستبداد-
-
كيف أصبحت الهوية الكشميرية -لعنة- على أصحابها؟
-
أكسيوس: اتفاق قريب بشأن إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة
-
إسرائيل تشن7 غارات على محيط دمشق وترسل مقاتلاتها فوق أجواء ح
...
-
البنتاغون يعلن عن نجاح تجربة نموذج أولي لصاروخ فرط صوتي بحري
...
-
الجيش البريطاني يمنع قواته من إطلاق طائرات مسيرة أثناء التدر
...
-
الاستخبارات الأمريكية تنشر فيديو للتغرير بمسؤولين صينيين على
...
-
أكبر حصيلة منذ 15 عاما.. وفاة 216 طفلا بموسم الإنفلونزا هذا
...
-
إدارة ترامب تعتزم تسريح 1200 موظف في وكالة الاستخبارات المرك
...
-
كبرى شركات الأحذية الأمريكية تحث ترامب على رفع الرسوم الجمرك
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|