أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الحرية














المزيد.....

الحرية


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4957 - 2015 / 10 / 16 - 16:54
المحور: الادب والفن
    


ملكُ البرين والبحرين، انهارَ داخلُهُ كما تلّ الملح على شاطئٍ هائج الموج.
الأميرة الصغيرة، من كانت أحبّ الأولاد إلى قلب أبيها، لم يَعُد ينفع معها علاجٌ. ولولا أنّ طبيبَ القصر شيخٌ طاعنٌ في السنّ، لأمرَ سلطاننا السيافَ برمي رأسه فوراً. هوَ ذا العاهلُ العظيم، الملول، يقفُ فوق رأس ابنته الحبيبة عاجزاً عن فعل شيء غيرَ التميّز بغيظ وحرقةٍ وألم. في الأثناء، أعلنَ الحاجبُ عن حضور العرّاف.
" أينَ أنتَ، يا صديقي..؟ أمِنَ العدلِ أن تحضَرَ والأميرة الصغيرة تكادُ تحتَضِرُ؟ "، خاطبَ الملكُ الرجلَ العجوز. هذا الأخير، ألقى نظرةً عابرة على المريضة، قبل أن يفتح فاه ليقول ببطء: " يعلمُ الله، أنني كنتُ مشغولاً بمولاتي أكثرَ من طبيبها! ". ثم أردفَ شاملاً الحضورَ بنظرة أخرى، مماثلة " لطالما استخرتُ النجومَ من أجلك، أيها الحاكم العظيم، ولم تخيّبَ هيَ مرةً قراءاتي لعلاماتها وأحوالها ". بعدئذٍ أخلدَ صديقُ النجوم للصّمت. النسيمُ، المتنقّل بانتظام فوق رأسيّ الملك والأميرة، حقَّ له أن يشعُرَ بالحرية أكثرَ من حامل المروحة، المشغولة بريش الطواويس البيض: كان فتىً وسيماً ورقيقاً ـ كحال معظم مخصيي القصر. وربما كان هوَ أكثر الحضور معرفةً بحال الأميرة المريضة؛ ما لو صدّقنا خبيئةَ كبير عرّافي القصر. بيْدَ أنّ طيورَ الحديقة، اللاهية والمغرّدة خارجاً، كانت ولا شك تهزأ من كلّ هذا.
" وإذاً، فلا بدَ أن النجومَ قد هبّتْ أخيراً لأنقاذ ابنتي ؟ "، قالها الملك بنفاد صبر وكأنما يحثّ عرّافه على التحرك. هنا، شاءَ المُخاطَبُ أن يرفعَ نحوَ العاهل عينين قد قدّ محجريهما من جمر السنين الخوالي: " هوَ كذلك، يا صديقي..! "، ندَّتْ عنه كغمامة من الغموض. الحاشية الملكية، المقتصرة يومئذٍ على الوزير والحاجب والطبيب، طفقتْ تترقّب بقلق قرارَ كبير منجّمي السلطنة. فلم يتأخرَ الرجل بالجواب. قال وهوَ يومئ برأسه نحوَ حديقة القصر، المترائية خِلَل النوافذ ذات البلور الملوّن: " أطلبُ أن تُفتحَ هذه النوافذ دائماً؛ فإنّ روحَ الأميرة تتوق لمغادرة أسْرَ القصرِ والانطلاق مع الطيور ". إذاك، رَمَقَ الملكُ العرّافَ بنظرةٍ فيها ما فيها من دهشةٍ وشكّ. إلا أنّ الآخرَ بقيَ مُطرقاً، وكما لو أنه ينتظرُ تنفيذَ الأمر. هنيهة أخرى، على الأثر، وانداحَ النسيمُ رخياً عبْرَ تلك النوافذ، التي أشرعَتْ للتوّ. عند ذلك، كفَّ حاملُ المروحة عن الحركة: لقد خيّل إليه أنّ أجفانَ المريضة؛ أجفانَ الحبيبة، المتطاولة الهُدُب، آخذةٌ بالارتعاش وفي سبيلها للتفتّح عن جنتيّ عينيها.
منذئذٍ، دأبَ شعراءُ المملكة على الإشارة للطيور في قصائدهم ككناية عن الحرية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثعلب
- مدوّنات: أخباريون وقناصل
- الصديقتان
- الغابة العذراء
- زجاجة مكياج
- الجرف
- الرئيس ونائبته
- كان ليبياً أفريقياً
- كان غريباً وغامضاً
- مجنون الجنائن
- مجنون المخيم
- مجنون المال
- النملة الحمراء
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الحرية