أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الإبداع والتحرر بين هوية الثقافة ... وهوية المجتمع














المزيد.....

الإبداع والتحرر بين هوية الثقافة ... وهوية المجتمع


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 21:33
المحور: الادب والفن
    


الإبداع والتحرر بين هوية الثقافة ... وهوية المجتمع

دارسي علم الأجتماع الثقافي في العالم العربي تحديد يتلمسون ظواهر أجتماعية ونفسية تشكل جزء مهم من شخصية هذه الثقافة وتحدد أطار عام للهوية الخاصة بها , وقبل الدخول في وصف هذه الظواهر وتحديد ما يتعلق منها بالأثر العام الذي يبسط صورته على تحديد معالم الهوية يشير هؤلاء الدارسين إلى أن عامل التجزئة والتشرذم في الواقع العربي والتناقضات الأساسية التي تنشأ عنه ومنه قد وجه وأعاد فرض ملامح تضعف أحيانا وتقوى أحيانا تبعا للواقع السياسي والوطني للمجتمع , مثلا في فترة المد القومي والتحرر من الاستعمار وانفتاح المجتمع العربي على المعسكر الشرقي فرض نمطا توصيفيا يعكس حالة من الحراك المنتج والحدي في أن واحد حتى وكأن الثقافة العربية قد تخندقت جماهيريا مع الشعب .
في حين الثقافة الرسمية والتي تنتجها مؤسسات الدول العربية بقيت في خانة المحافظة والتشكيك والمراوحة حول مفاهيم نمطية تتعلق بالطبع البرجوازية الذي يسعى الجسم السياسي الرسمي أن يفرضه على الواقع كردة فعل أولا وامتداد لقوة السلطة المتمسكة بمقولات الحاكمية والنخبوية السياسية وفي تقليدها للنمط الغربي وخاصة الفرنسي والإنكليزي المحافظ الذي أثر كثيرا على ترسيب مفاهيم الأدب للأدب والفن للفن النظرية التي ما زال الكثير من المثقفين يعتقد بجدارتها في وضع الأدب والفنون والثقافة والتي يفسرونها أن النخبوية الثقافية تعني التبرجز والترف الفكري أكثر من أهمية روح الإبداع والتحرر والاهتمام بالصراع الطبقي والفكري والحضاري للمجتمعات خاصة التي في طريق التحول أو في مجرى السيرورة التنموية .
الثقافة العربية التي تخضع في كل مرة لتبدلات ميزان القوى السياسية وتتأثر به لا يمكنها أن تنجح في صناعة وأنتاج رؤية فكرية إنسانية معبرة عن ذاتها وتمتع بالإبداع والتحرر والاستقلالية, ولا تعتمد قضية مشرفة تناضل من اجلها إلا في حالات نادرة , لذا لا عجب مثلا أن نرى كم الانتقالات لمواقع ووجوه وأقلام ثقافية بين الخنادق السياسية والأنتماءات المصلحية حسب هذه التبدلات والتحولات لتعبر عن مدى تبعيتها وأنتهزايتها بوجه عام , وعدم مصداقية عالم الثقافة والمثقفين العرب بشكل شبه عام مع أنفسهم أولا ومع عنوان الثقافة السامي ثانيا, إن الأنتقال والتنقل ليس نتاجا طبيعيا لخيارات تنبع من صيرورة الواجب الثقافي ولا يخضع لنتائج نقدية لمرحلة أو عصر ثقافي ما أو عن قناعات ناتجة عن تجربة ونضال حقيقي يواكب ويماهي روح الإيداع والتجديد والتطور, والحقيقة ما هي إلا تعبير عن انتهازية ووصولية هذا النمط من الثقافة التي تعتمد الكذب والتزييف والتحريف الممنهج والتملق للسلطة والاحتماء بها, وبذلك تخضع طبيعيا وضروريا للإرث الثقافي والفكري العربي التقليدي السلطوي منذ أن تبلور للوجود مصطلح ثقافة عربية .
لقد عانى المثقف والثقافة في العالم العربي من عوامل منها ما هو تأريخي ومنها ما هو بيئي خاص ومنها في الغالب الأعم نمط أجتماعي مرتبط بقضايا حضارية أساسية لها علاقة بمفاهيم الدين والمجتمع وقيمه , مما ولد تشوها واضطرابا وتشويشا لفكرة المثقف أساسا ولدور الثقافة التي تتقدم عليها في مجتمعاتنا الحضور الديني والحضور الاجتماعي المرتبط بقيم البداوة والقرية والتفاخر بمعتقدات فئوية حتى داخل المجموعة الواحدة , وصلت في بعض الأحيان تصنيف النشاط الثقافي مثلا في العراق وتحديدا في مدينة بغداد بين ثقافة بغدادية ذات طابع نرجسي متناغم مع برجوازية سلوكية فوقية وبين ثقافة الشروكية التي في غالبها إبداعية متحررة ومتمردة تتنفس شهيقا غير ملتزم بتأريخ بغداد السلطوي أولا وتعود بجذورها إلى عمق عمق التأريخ للبيئة التي أنحدر منها هؤلاء المثقفين , لقد حدث هذا التمايز والتفريق في ضل صراعات سلطوية ودعم منها للأولى ضد الثانية التي ترى فيها السلطة مصدر تهديد وتمرد مقلق .
لقد أثرت الهوية الأجتماعية للمجتمع العربي بتقليديته المفرطة وتاريخيته المتجذرة بالوعي العميق وذاكرته الغير قابلة للتحرر من المفاخر والبطولات التي صاغها تأريخ مزيف وموبوء ومتعفن بكل أمراض التخلف والجهل والشعوذة والتعالي الفارغ, هذا ما أثر أيضا على نمطية وهوية الثقافة العربية فانعكست بصورة صادقة كل التصورات المسبقة بالوصف على النتاج العربي ثقافيا ومعرفيا مع يقين كامل أن الكثير ممن يحسب على الثقافة والمثقفين العرب يؤمن بكل جدية أنه يخادع نفسه أولا ,ويكذب على القارئ والمتلقي لأنه لا يملك الشجاعة الكافية لأن يستنكر هذا الكم الهائل من التزييف والتحريف ,ولكي لا يخسر وجوده الإنساني في حالات كثيرة , فخياره أما أن ينزوي ويصمت وأما يخضع لإملاءات الواقع وقوانينه أو يعيش الاغتراب والبحث عن حرية غالية الثمن.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتهاك القانون والدستور العراقي حقائق تكشف الفساد السياسي وا ...
- أنتهاك القانون والدستور العراقي حقائق تكشف الفساد السياسي وا ...
- دولة مدنية أم نظام مدني
- الإرث الديني وتحديات النقد العقلي ح1
- الحروب الدينية وجريمة العصور التي لا تنتهي 3
- الحروب الدينية وجريمة العصور التي لا تنتهي 2
- الحروب الدينية وجريمة العصور التي لا تنتهي
- دمقرطة الدين وهم عاجز .
- الأسطورة والرواية التاريخية والنص الديني _ رواية آدم سامي مو ...
- خيارات الغيير ومتغيرات الساحة
- بانتظار الولادة المتعسرة
- مكابدات مسافر في الرحلة الاخيرة
- الحرية بين التمني والنضال
- مادليون ...مدينة الريح والرماد ....... قصة قصيرة ج1
- يتهمنا البعض بأننا مثقفين خارج الوجود
- الإنسان ...... ومستقبل الحلم الكوني _ح2
- الإنسان ...... ومستقبل الحلم الكوني _ح3
- الإنسام ...... ومستقبل الحلم الكوني
- منطق التربية الأولية وعلاقتها بالنظرية الأجتماعية العامة
- العراق والقادم المجهول ....


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الإبداع والتحرر بين هوية الثقافة ... وهوية المجتمع