أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - اسباب التطرف ودواعيه














المزيد.....

اسباب التطرف ودواعيه


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4925 - 2015 / 9 / 14 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك عنصر في غاية الاهمية في تحليل اسباب ظهور التطرف الديني الاسلاموي في المنطقة العربية ، وهو العنصر المتعلق باستراتيجية اشتغال السلطة . نعم . ان عناصر التحليل الاخرى هي بمثابة الارضية الاساسية للتحليل : العنصر الاقتصادي ، العنصر الثقافي ، العنصر الديمغرافي . لكن مسألة استراتيجية السلطة هي بمثابة نسيج ، وخيط ناظم يتفاعل ضمنه مختلف العناصر .
تحقق المجموعات السياسية تماسكها ، إمّا بالاعتقاد بايديولوجيا مشتركة او بالاستجابة لمتطلبات سلطة مركزية مشتركة ، او لوجود مصالح مشتركة .. لخ . لكن هذه " المشروعية " تزداد قوة ومتانة ، وتكتسب صلابة اكبر إذا ما عرفت السلطة السياسية كيف تسوس ببراعة ، نظام الجماعة في اتجاه ترسيخ سيادتها وسلطتها .
يمكن اجمال استراتيجية السلطة عامة – اي سلطة – في اثنين : استراتيجية الامل وإستراتيجية الخوف ، وهما خطتان سياسيتان مبنيتان على عاطفتين بشريتين ، اساسيتين هما الامل والخوف . وكل سلطة ناجحة ، وقادرة على الاستمرار ، تمزج بمقادير متفاوتة بين الاستراتيجيتين . اولهما تقتضي مداعبة خيال المواطن لشده اليها بتقديم وعود مادية ومعنوية ، وتصويرها وكأنها وشيكة التحقيق . قسم الحلم اليوتوبي هذا ، هو بمثابة ترياق امام مرارة وقسوة الحياة اليومية ، وبمثابة طعم يشد اليه النفوس ، ويكتم الانفاس في انتظار ذلك اليوم الذي سيتم فيه تحقق الوعود .
الامل من حيث هو بعد انتربولوجي اساسي للإنسان ، هو الدعامة الاولى لكل استراتيجية ناجحة للسلطة ، وكل الحركات والأنظمة الثورية ، تقوم على دور قشة الامل في اجتذاب الناس وتحصيل ولائهم وطواعيتهم ، بل ان اي نظام مهما كان " واقعيا " ومحافظا ، مضطر الى حقن خطابه السياسي ، وخطبته السياسية بحد ادنى من الامل .
تقنية الامل هذه قد تتم تكملتها ، او قد يتم استبدالها ، او تذويبها في تقنية اخرى ، هي تقنية الخوف والتهديد . فالكائن البشري في حاجة الى الاحتماء من العدوان ، ومن الخطر الخارجي . لذلك تلجأ معظم الانظمة السياسية ، من اجل ترسيخ هيمنتها ، الى توجيه الانظار نحو خطر خارجي مفترض ، مما ييسر عليها رص الصفوف الداخلية في مواجهته ، واعتبار ذلك بمثابة مهمة وواجب وطني مقدس يتضاءل امامه كل المطالب الاجتماعية المشروعة ، وتسخر من اجلها كل الامكانيات والطاقات .
ويبلغ النظام السياسي اعلى درجات قوته عندما يستطيع الجمع بين هاتين الاستراتيجيتين : استراتيجية الامل وإستراتيجية التهديد الخارجي ، مثلا الحسن الثاني والجزائر والبوليساريو . ثم في عهد جمال عبدالناصر ( الاشتراكية كأمل والامبريالية كخطر ) .
لقد خسرت السلطة اذاتين اساسيتين في استراتيجية السيطرة هما : الامل والخوف في وقت واحد تقريبا . فما عاد بالإمكان تأجيل المطالب والحاجات والرغبات كما كان الامر في السابق ، وما عاد بالإمكان اسكاتها باسم الواجب الوطني او الخطر الخارجي . ان غياب اهداف كبرى وطنية او قومية او اممية ، بإمكانها ان تعبئ الناس وتستقطب انظارهم واهتمامهم ، وان تجعلهم يستسيغون البؤس والحرمان والفقر ، سواء كانت هذه الاهداف مصوغة ضمن استراتيجية الامل ، او ضمن استراتيجية التخويف والتهديد الخارجي . معناه انفتاح الباب امام امكانية الاقتتال الاجتماعي الداخلي ، وأمام امكانية اندلاع الحرب الاجتماعية ، إما من اجل انتزاع بعض المكاسب المادية او الرمزية ، او من اجل الاستيلاء على السلطة . وما لم يراع هذا المبدأ الاستراتيجي التعبوي البسيط المتمثل في وجود طعم الامل في الداخل وفزّاعة الخطر الخارجي ، فان خطر نقل الحرب من الحدود الخارجية الى التخوم الداخلية يظل واردا . فسكوت الجبهة الخارجية ن وانطفاء شمعة الامل الداخلية ، يوفران افضل الشروط لاشتعال الجبهة الداخلية ، خاصة إذا ما تعلق الامر ببلد يعاني من تزايد سكان يجري بأعلى الوثائر ، ويعاني من فقر ومحدودية الموارد ، ومن مظاهر حادة للتفاوت الاجتماعي ، ضمن نظام سياسي اوليغارشي قروسطوي لا يستظل باية مظلة ايديولوجية ( طوباوية او محافظة ) ولا يحتمي باي اشعاع كاريزمي ، بل يكتفي بكونه نظاما عصريا للتسيير .
المبدأ اليوتوبي مبدأ الامل هو بمثابة ترياق او بلسم يجعل المواطن يستمرئ كل الشقاوات والعذابات في انتظار اليوم الموعود . ومبدأ التهديد الخارجي او الخطر الخارجي لا يقل عن المبدأ الاول في تطويع العقول والنفوس والأجساد ، وجعلها مهيأة لابتلاع الشقاوة والكدح والتفاوت بطواعية ، بل بعز ونخوة . وعندما يسقط المبدآن تنفتح على مصراعيها امكانية الحرب الداخلية الطويلة الامد .
وحدها المجتمعات الديمقراطية الحقيقية ، تستطيع بحكم رسوخ التوازنات الداخلية فيها ، بين المجتمع المدني والدولة ، وبحكم توافر آليات امتصاص النقمة والسخط ، وحدها هذه المجتمعات تستطيع ان تعيش نسبيا خارج استراتيجيتي الامل والخوف ، اي مجرد الاداء البيروقراطي – الديمقراطي المرتكز على المشروعية البنيوية للسلطة .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل للنظام السياسي المغربي
- أي صراع نخوض ؟
- حملة تضامن دولية مع الصحفي المغربي علي لمرابط المضرب عن الطع ...
- رسالة مفتوحة الى : - جيش التحرير العربي الصحراوي -
- نشوء الطبقات الاجتماعية
- رسالة الى - الشعب الصحراوي - - الشعب العربي في الصحراء - - ا ...
- العبت
- طبخة طنجرة وزارة الداخلية والمسخ السياسوي الانتخابوي
- هل لا يزال هناك امل بالوحدة العربية ؟
- الثورة
- شروط التغيير
- على هامش - الاستحقاقات الجماعية - القادمة : المجالس - المنتخ ...
- السيد محمد عبدالعزيز رئيس - الجمهورية العربية الصحراوية الدي ...
- قراءة لقرار مجلس الامن 2218 حول نزاع الصحراء
- - ملف حقوق المرأة في العالم العربي -
- انصار واعداء الرسل : المجتمع الاشتراكي مجتمع الكفاية والعدل
- رد على مقال الاستاذ سعيد الفطواكي . ملكية برلمانية ام جمهوري ...
- هل تنفع المخزن سياسة الهروب الى الامام للإلتفاف على ازمته ال ...
- قوى المعارضة السرية في الاسلام
- السلف الصالح


المزيد.....




- ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي: دمرنا نصف منصات إطلاق الصواريخ الإي ...
- تحمل اسم -باقري-.. العثور على حطام مُسيّرة إيرانية في جنوب ...
- إسرائيل.. حريق هائل وإصابات في استهداف صاروخي إيراني لمدينة ...
- فيديوهات الذكاء الاصطناعي تتنبأ بحرب عالمية ثالثة بطريقة ساخ ...
- إسرائيليون يفرون من القصف إلى الخارج عبر الأراضي المصرية
- الإعلامي السوري موسى العمر يعلن عن استثمارات ضخمة في جبل قاس ...
- حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة ...
- خبير عسكري: إيران تستخدم صواريخ نوعية ومتطورة يصعب اعتراضها ...
- تمارين القوة.. سلاح ذكي لوقف زيادة الوزن المصاحبة لانقطاع ال ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - اسباب التطرف ودواعيه