أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا













المزيد.....

فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 18:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- لماذا نحن متخلفون (39) .

* فضح عورات ثقافة ومجتمعات قميئة .
دعونا ننثر بعض المشاهد الغير مرتبة نأمل أن تجلدنا فهكذا تستحق ثقافتنا ومجتمعاتنا البليدة ..
- نزوح المهاجرين المسلمين إلى أوربا هرباً من الحروب والإنتهاكات والإضطهاد والفقر يفضح تقافتنا ومجتمعاتنا المقبورة بكل التخلف والبلادة والانغلاق والغطرسة , فلم تنطلق قوافل المهاجرين نحو السعودية ودول الخليج بحكم أواصر الدين واللغة والتاريخ والقومية وكل هذا الدش من الاسطوانات المشروخة التى صدعوا بها أدمغتنا منذ طفولتنا عن وحدة الدين والتاريخ والمصير , بل لم تغرى رفاهية المجتمعات الخليجية نزوح المهاجرين إليها لينطلقوا إلى الغرب الكافر فى رحلة محفوفة بمخاطر الموت .

- الاسطوانة الشهيرة " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " دش كلام لا نجد له أى صدى ولا معنى فى خضم مأساة ومعاناة المهاجرين السوريين , فالجسد الواحد مترهل بليد يقترب من الموت الإكلينكى لا يستطيع إحتضان عضو بائس مشرد .

-لم نجد دولة عربية إسلامية واحدة بادرت بإعلان أنها على إستعداد إستقبال المهجرين السوريين فى بلادها لتوفر لهم مخيمات تليق بإنسانيتهم لحين إنفراج كربهم بينما دول أوربا الكافرة على إستعداد لضمهم وانخراطهم فى مجتمعاتها.

-الدول العربية والخليجية منها بالذات التي صدعت رؤوسنا عبر إمبراطورياتها الإعلامية والتلفزيونية الجبارة بدعمها للشعب السوري وحرصها على تحريره من بشار الطاغية لتنفق مليارات الدولارات على تسليح معارضته حتى ولو كانت همجية .. هذه الدول لم تستقبل لاجئاً سورياً واحداً لتغلق حدودها في وجوههم فهل لنا أن نعاتبها أم نطالبها بالقليل من الإنسانية ,, فكيف يكون لها من الإنسانية شئ وهى مازالت تعيش ثقافة أسياد وعبيد فلا دخول إلى أراضيها والإقامة فيها إلا بواسطة السيد الكفيل .

- الغرب الصليبى الكافر يقدم الإعانات والمساعدات الغذائية والتعليم والرعاية الصحية والإحتضان لهؤلاء المسلمين البائسين بل يُرتب أموره لكى يستوعبهم فى مجتمعاته كمواطنين , بينما الدول العربية والخليجية منها بالذات الغنية والمُتخمة خزائنها وأرصدتها بمئات المليارات من الدولارات لم تقدم أى إعانات لهؤلاء المسلمين البؤساء ولم تجرؤ دولة منها بدعوة اللاجئين السوريين للإقامة فى أراضيها بدلا من التوجه للغرب الكافر .

- ليتهم عزفوا عن إستقبال هؤلاء المهاجرين في بلادهم فحسب بل هم سبب البلاء الذى حط على رؤوس هؤلاء المهاجرين , فالدول الخليجية تتدخل في شئون بلدانهم وترسل الأسلحة والأموال لتدميرها وبذر بذور الفتنة الطائفية فيها ليتصاعد أعمال القتل والتهجير، فاذا كنتم عاجزون لا تريدون إفادة هؤلاء اللاجئين فيكفى أن تكفوا شركم عنهم ولا تتدخلوا في شؤونهم فأنتم سبب البلاء .

- هل تعلم أن بابا الفاتيكان يدعو الكاثوليك والكنائس الي إيواء اللاجئين الفارين من الموت , فهل سمعت دعوة واحدة مماثلة من رجال الدين فى العالم الإسلامى .. يمكن أن تجد لهم دعوات كنصرة القاعدة فى افغانستان والشيشان سابقاً والدواعش والنصرة والإخوان الآن , كدعوات للقتل والدم والخراب أما إغاثة الملهوف فليس فى قاموسهم . !

- إذا كانت الأنظمة العربية أنظمة قميئة لم تبادر لمد يد المساعدة والعون للاجئين , فالمأساة والفضيحة الكبرى التى تجعل كل مسلم يتوارى خجلاً إننا لم نجد مؤسسة أو جمعية خيرية واحدة تعلن عن تقديم الغوث والمساعدة لهم , ولا هؤلاء الشيوخ الذين يبرطعون على المنابر بخطبهم النارية , أو حتى ملايين المسلمين فى وسائل التواصل الاجتماعى الذى يخوضون حروب عنترية ضد الغرب الكافر مرددين بحماس شعارات الصحوة الاسلامية , لم نجد من كل هؤلاء سواء جماعات أو شعوب أو أفراد أى حملة لدعم هؤلاء المهاجرين أو الطلب بإستقبالهم فى بلدانهم , أو حتى حملة لجمع التبرعات لهم إسوة بالأموال التى تدفقت على مجاهدى افغانستان فى السابق أو هذا المدد والزخم لداعش والقاعدة والنصرة الآن .. لم نجد أى صرخات مدوية وتعاطف أو محاولة لمساعدة مسلمين بؤساء وإذا وجدت من يندد ويستنكر فستجده يُعبر عن توجه سياسى ليشفى غليله فى سب النظام السورى أو المعارضة حسب توجهه.

- الغالبية الساحقة من اللاجئين السوريين إلى أوروبا هم من السنة العرب، فأين هؤلاء العلماء الأفاضل الأشاوس الذين يتباكون على السنة من منطلقات طائفية ليأججون الصراع مع الشيعة ، فاذا كان النظام ظلم المُهجرين ومسؤول عن أزمتهم ومعاناتهم، فلماذا لا يهرعون لايوائهم إذا كانوا صادقين فعلاً .

- جاء في افتتاحية لصحيفة «المشرق» العراقية عن نزوح العراقيون إلى فنلندا ليجدوا أبوابها مفتوحة , بينما نازحو الأنبار ظلوا عالقين عند جسر بزيبز لترفض الحكومة العراقية دخول النازحين بغداد بعد إجتياح الدواعش لمدنهم.. بلاد المسلمين تطرد أهلها فيفرون بحثاً عن الأمن والأمان في أصقاع الأرض فلم نرَ بلداً مسلماً فتح ذراعيه بالرحمة والترحاب لأبناء محمد بل لبنى جلدتهم , لكن أبناء المسيح أو قل اللادينيين والملحدين والعلمانيين الأوربيين يمدون يد العون للمسلم المهدد فى حياته وأطفاله ورزقه وعرضه وماله .

- ميركل مستشارة ألمانيا كانت الأجرأ وهي تتساءل قائلة لماذا يهاجر العرب والمسلمون إلى بلدان الغرب ولم يذهبوا إلى مكة حيث الأرض التى نزل فيها القرآن و بلاد كرمها الله بأن جعلها حاضنة لبيته . !

- نشرت وكالة روداوو الإخبارية الكردية مقالاً أكد فيه كاتبه إنه في الوقت الذي تلوي فيه الحكومة العراقية عنقها وتتسول المساعدة من المنظمات الدولية الكافرة لمساعدتها في إغاثة النازحين والمهجرين العراقيين داخل البلد الذين يبلغ عددهم الـ 3 ملايين نازح حسب التقارير الدولية، يقوم 25 الف مواطن عراقي بأداء مناسك الحج في رحلة تصل تكاليفها إلى 5 الاف دولار للحاج الواحد , وإن كنا ننتقد الحكومة العراقية لتقاعسها عن مساعدة هؤلاء النازحين وإيوائهم بالشكل الذي يحافظ على كرامتهم البشرية وحقهم في العيش الكريم , فالشعب العراقي لا يقل تقاعساً عن حكومته في أنانيته المفرطة في تفضيله القيام برحلة الحج هذه تاركاً وراءه هذه الملايين من النازحين والمهجرين يعانون شظف العيش في المخيمات , فإذا كان المسلمين لا يتعاطفون مع مسلمى بلادهم فهل تتصور أن يعتنوا بمسلمى سوريا الهاربين من الجحيم .. وجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وأمجاد ياعرب أمجاد .

- وزيرة الشؤون الإجتماعية في آيسلندا تعرض على شاشة «سي أن أن» إستضافة خمسة لاجئين سوريين في شقتها المتواضعة ليتبع هذا النهج الكثير من العائلات الاوربية , والمستشارة ميركل بعد خطبتها الشهيرة عن أطفال سوريا أرسلت الباخرة الأولى لشواطىء تركيا.
العالم لديه ضمير بعد المشاهد المرعبة للاجئين السوريين وهم غرقى في البحر أو متجمدون في شاحنات التبريد.. ولكن عندما نتحدث عن العالم والضمير نستثني بطبيعة الحال و دوماً النظام الرسمي العربي بل الشعوب الإسلامية فهم خارج الخدمة فى موضوع الضمير هذا فلا يمكن إعتبارهم جزءا من أي ترتيب إنساني .

- الالمان الكفرة ينظمون مظاهرات ضد العنصرية، ويطالبون حكوماتهم بإستقبال اللاجئين السوريين دون قيود أو عوائق , بل شاهدنا مشجعي كرة القدم في المدرجات يرفعون لافتات تطالب بدعمهم وإحتضانهم , فلماذا لم يفعل شيوخنا الأجلاء المدافعين عن الإسلام والمسلمين الشيء ذاته أو حتى ربعه فهذا خارج إهتمامهم فهم لا يجيدون إلا إثارة المجتمع بالكراهية والتناحر والجهاد والتحريم .

- عندما وصل عشرات المهاجرين السوريين إلى محطة القطارات في ميونيخ وجدوا مجموعة من السكان في إنتظارهم ليتلقى المهاجرون تضامناً كبيراً من عشرات السكان في المدينة الذين قدموا الى المحطة حاملين الثياب والطعام والماء وحتى حفاضات الاطفال , وليتقدم الالمان من السوريين ويسألونهم "احضرنا معنا بعض العصائر هل تريدون شيئا آخر" أو "قولوا لنا كيف يمكننا ان نساعدكم " .!

- لمصداقية الرصد فهذه الحفاوة والإهتمام من الألمان لهؤلاء المهاجرين البؤساء لا يجد إجماع لدى الشعب الألمان فقد استقبل متظاهرون ألمان من اليمين المتطرف المستشارة ميركل بصيحات الإستهجان لدى وصولها الى مركز هايديناو ورفع حوالى 200 شخص لافتات كتب عليها "خائنة" , وأفسر هذا المشهد بثقافة عنصرية تجاه الغرباء عموماً تجد حضوراً فى شرائح ألمانية أو رد فعل نتاج ممارسات إسلامية فى أوربا والشرق الأوسط تتسم بالعنف والإنعزالية والعداء , لكن ميركل قالت لدى وصولها : يجب القول بوضوح لن يتم التسامح ابداً مع هؤلاء الذين لا يحترمون كرامة الاخرين .

- لم تشفع تلك المأساة أن تحرك الشعوب والمنظمات والجمعيات الإسلامية لحملة تبرعات لإخوتهم المهجرين , فلن نطالب بإحتضانهم على أراضيهم فهذا بعيد المنال بل تبرعات ودعم مالى يخفف من المعاناة ولكن لا مكان لدعم ولا يحزنون , فالمال يذهب على السيارات الفارهة ونوادى القمار ومواخير العاهرات بالنسبة للأثرياء , أما المسلمون العاديون فتذهب ملياراتهم لرحلة حج أو شراء صبية سورية وليذهب هؤلاء السوريون البؤساء للجحيم .

- لك أن تعلم أن مخيمات اللاجئين السوريين فى الأردن جاءت رغماً عن أنف الحكومة الاردنية وأن دعمها وإغاثتها يأتى من الأمم المتحدة ودول الغرب الكافر بينما لم تساهم الحكومات العربية بأى دعم .. ولم تكتفى الأمور بالإهمال بل وصلت لحد المتاجرة والنخاسة فتخرج القصص والأخبار عن مخيم الزعتري في الأردن مع بداية أزمة تدفق المهاجرين السوريين عبر الحدود بحثاً عن الأمان من القصف والذبح , لنسمع قصصاً بشعة عن الذئاب الهرمة المتخمة جيوبها بالمال لتحوم حول المخيم مع سماسرة اللحم البشري بحثاً عن فتاة قاصر لشرائها لثرى عربى وهناك العشرات من التقارير والافلام الوثائقية التي تؤكد تحويل الصبايا السوريات الى سبايا , بينما حكوماتهم تشارك بالمجازر وتصب الزيت على نار الأزمة, ليس حرصا على الشعب السوري مثلما تدعي وانما للثأر وإشفاء الأحقاد من رئيس سوري وصفهم بأشباه الرجال لتقصيرهم في مواجهة مشاريع الهيمنة الخارجية الذي ثبت بالدليل القاطع أنهم طرف رئيسي في تسهيلها وتمريرها وتورطهم في مخططات لتفتيت هذه الأمة وتقسيمها على أسس طائفية تحت ذرائع متعددة خدمة لمشاريع غربية وحفاظاً على كراسيهم , فهكذا مساهماتهم فى رفع المعاناة عن الشعب السورى .!

- لك ان تعلم أن الشعوب العربية نفسها وليس حكوماتها فى حالة تململ من بعض الحضور السورى على أراضيها فهم سيشاركونهم فى نفس الطبق وهذا ليس غريب على تاريخ العرب فلم يتلقى الفلسطينين طوال تاريخ طويل من التشريد والتهجير أى دعم محترم فكانت لهم المخيمات الحقيرة المعزولة والمدعومة من وكالات الامم المتحدة والمساعدات الغربية , ولم يتم دمجهم فى المجتمعات العربية مثلما ستنتهج أوربا فى إحتضان المهجرين السوريين داخل مجتمعاتها .. لا يكون رصدنا هذا نقداً لأنظمة وحكومات عربية فحسب بل لمؤسسات وجمعيات وشعوب إسلامية .!

* الموقف الأوربى .
- لا نستطيع وصف الموقف الأوربى على المستوى الشعبى أو الحكومى سوى بالنبيل فى مقابل بلادة قميئة من الأنظمة والشعوب الإسلامية فلا يستطيع أى شعب من الشعوب الاسلامية الاقتراب من هذا النبل , ويأتى موقفها النبيل هذا وفقا لثقافتها ونهجها الانسانى الحضارى غير مستند على تعاطف أو عصبية دينية أو قومية أو عرقية بل إنسانى النزعة لمن يدركون ماذا تعنى إنسانية , لنجد تطوع الأوربيين لإستضافة المهاجرين وقيام تظاهرات داعمة لهم وتطوع قوافل بنقلهم من على الحدود المجرية بسياراتهم الخاصة ولكن لا يعنى هذا مواقف مثالية من كل الحكومات والشعوب الاوربية فهناك من يرفض حضورهم متوجساً منهم فى المستقبل , ومنهم من يرفض المهاجرين المسلمين بالخصوص وأن كانت هذه المواقف رؤى حكومات أوربية فلا يعنى أن مواقف الشعوب الأوربية على هذا النحو ولكن لا تستطيع القول أن كل الاوربيين مرحبين بالمهاجرين بالإجماع فهناك من لا يرحب بتحفظ وأتصور أن هذا نتاج ممارسات المسلمين الإنعزالية العدائية التى وصلت للإرهاب فى أوربا والشرق الاوسط وأينما يزدهر الخطاب الاسلامي .

- الحكومات الأوربية تتعامل مع قضية المهاجرين بزاوية رؤية خاصة فهى لا تريد أن تنتهك أيدلوجيتها ونهجها وعلمانيتها ونظامها الداعم لحرية وكرامة وحقوق الانسان أو تتغافل ضغط قوى الرأى العام فى المجتمع المدنى الإنسانى الأوربى لتعتنى النظرة السياسية بهذا الإتجاه , وليدعمها رؤية الساسة والنخب المثقفة إنه لا خوف من هؤلاء المهاجريين الجدد كونهم وجدوا الحياة والملاذ الآمن والرفاهية فى أوربا بعد تهديدات صريحة نالت حياتهم وحياة أولادهم علاوة على الإنتهاكات الخطيرة التى نالت كرامتهم وإنسانيهم على يد همج التيارات الاسلامية كداعش والنصرة والقاعدة فلابد لهؤلاء المهاجرين أن يكونوا ممنونون لأوربا راغبين العيش فى الجنه الاوربية حيث الحياة والكرامة والرفاهية والحضارة وحانقين فى الوقت ذاته على التطبيقات الإسلامية للإسلام وأنظمة الحكم الديكتاتورية , علاوة على ذلك فمثقفى وساسة أوربا لديهم ثقة الأقوياء المُدركة أن قوتهم فى ثقافتهم وحريتهم وعلمانيتهم ومنظومتهم الحضارية التى تستطيع أن تستوعب بل تبلع كل الثقافات الاخرى وتديرها فى فلكها بحكم قوة هذه الثقافة والحضارة ومنظومة المجتمع المدنى العلمانى , كما يأتى دور اليورو بقوته وعنفوانه كمنظومة اقتصادية جامحة وترس عملاق ليقوم ببقية الدور كحال الدولار الذى وحد أمريكا رغم تنوع الأعراق والإثنيات والأصول بفرض منظومة حياة إقتصادية تذيب أى ثقافة عنيدة فى طريقها , لذا فإحتمال أن يكون هؤلاء المهاجرين مصدر إزعاج لأوربا غير وارد كما لا تخلو الأمور من الإستفادة منهم فى الأعمال الدونية التى يعزف عنها الأوربيين لتصف زعيمة اليمين الفرنسى أن ألمانيا فتحت الباب للمهاجرين لإستعبادهم .

- هناك مخاطر على أوربا من قدوم المهاجرين بالرغم من هذه الرؤية المطمئنة , فالمشهد الإسلامى العدائى العنيف مازال ماثلاً أمام العيون , فالمسلمين فى أوربا وأمريكا أقل المهاجرين إنسجاماً وإنخراطاً مع مجتمعاتهم الجديدة وتصادمهم ملحوظ ليشكلوا ما يشبه الجيتو اليهودى , لنرى إنخراط بعض شباب الجيل الثالث من المسلمين فى داعش والقاعدة , فبماذا تفسر إنجذاب شباب من جيل ثالث أى مقطوع الصلة تماماً بأصوله وتاريخه وحتى لغته العربية ويعيش فى مجتمع الحرية والرفاهية منذ نعومة اظافره لينجذب لأكثر الأفكار همجية ويصير متطرفاً ناحراً للرؤوس فى صفوف داعش , فألا تشكل هذه الظاهرة قلق وعدم ضمانه أو أمان من عجز الثقافة الإسلامية على التعايش السلمى .

- أرى من الأهمية بمكان أن يحرص الأوربيين على إنسجام المهاجرين المسلمين فى مجتعاتهم , فهذا يقع على عاتقهم وحدهم كونهم الحاضن الممتلك زمام الأمور والحضارة وذلك بتجهيزهم للتعايش فى أوربا وتوفير السبل التى تحول من تسلل الإحباط والتهمييش لهؤلاء المهاجرين , فالمجتمع الرأسمالى قاسى فى تعامله لن يرحم أحد , كما تعتريه نزعات فوقية عنصرية ستجد طريقها فى هؤلاء المهاجرين البسطاء ليحل اليأس والقنوط والإحباط يليه رفض لمجتمعاتهم الجديدة مثل ما أصاب الجيل الثالث من المهاجرين لتتلقفهم ثقافة إنعزالية متعجرفة عنيفة إقصائية يتحسسون منها الهوية والتحدى للتهمييش , لتأتى الخطوة التالية فى رفض المجتمع الأوربى وهذا ما تنتهجه التيارات الاسلامية ببراعة لتصطاد المُحبطين المُهمشين لتخلق فيهم رفض لمجتمعاتهم بقوة , ولا يقتصر هذا على المسلمين المغتربين فى أوربا بل المسلمين القاطنيين فى العشوائيات ببلادهم . لذا أتصور ضرورة إعداد وتجهيز هؤلاء المهاجرين للتعايش فى مجتمعات أوربية ذات نهج مغاير فى الحياة مع عدم التغاضى والإغفال عن الأصوات المتطرفة الإسلامية التى تبث سمومها وسط الشباب , كما يجب أن يكف الغرب عن تلك الميوعة أو للدقة إستثمار تلك التيارات الإسلامية الجهادية , فالمحصلة ستكون خراب ودمار وتقويض الحضارة الغربية .

- إننا كعرب نقدم أبشع الأمثلة في العنصرية وليس هؤلاء الأوروبيين , فالأوروبي الذي يتعاطف مع هذا اللاجيء السوري الفار بحياته وأطفاله متحملاً كل الضنك والمعاناة والإذلال , لم يسأله الأوربى عما إذا كان سني أو شيعي أو كردى أو مسلم أو مسيحي لأنه يتعامل معه كإنسان فقط يحتاج إلى المساعدة بينما فى شرقنا التعيس وفى ظل ثقافة إسلامية تحرق الأخضر واليابس يتم تهجير اليزيدين والمسيحيين منه وتستعر نار الحقد الطائفى بين المسلمين أنفسهم كالصراع السنى الشيعى المضطرم .

- نحن شعوب شعارات فقط وطبل أجوف تتوهج عند إثارة الحقد والكراهية والعنف و لا تعرف سبيلاً فى الخير والتعاون , فالتعاطف لدينا عندما يكون المسلم على محك مع الآخر ليتم نصرته ظالماً أو مظلوماً وفق توجه سياسى نتبناه بينما معاناة مسلمين فلا تعنى ولا تحرك شعرة من رؤوسنا , فنحن أمام ثقافة القسوة فتاريخها كله قسوة وإجحاف وإنتهاك للشعوب , فماذا تتوقع بعد هذا التاريخ الدامى من سحق البشر .

- هاهى أوربا التى يصنفها الإسلاميون والمسلمون تارة أنها صليبية وتارة أخرى علمانية لادينية ملحدة , فإذا كانت صليبية الثقافة فهى تعلن عن نبل المسيحية وإنسانيتها , وإذا كانت علمانية لادينية ملحدة فهى تثبت رقى ثقافة وأخلاق اللادينية والإلحاد والعلمانية , ولتنظروا لثقافتكم أين أوصلتكم .

* الثقافة هى السبب .
- قلت دوماً أن الثقافة لا تعنى حشو الدماغ بالمعلومات والمعارف بل هى منهج وأداء وطريقة تفكير الإنسان وتعامله مع المشاهد الحياتية ومعالجاته لها وفق ما يختزنه من منهج فكرى يحدد طريقة التفكير لينتج مواقف وسلوكيات وتعاملات لا تخرج عن إطار الثقافة السائدة .
قد يقول قائل ماعلاقة بلادة وجحود المسلمين بالإسلام , فالإسلام حريص على الدعوة للتكافل والمؤازرة والرحمة بين المسلمين وهناك آيات ونصوص محمدية كثيرة تحث على ذلك فلا يجب إلقاء هذا المشهد البليد على الإسلام لأقول إننا أمام مليار ونصف المليار من المسلمين فهل من المعقول أن هؤلاء جميعا ليسوا مسلمين لا يمتلكون ثقافة الإسلام المتسامح بعد كل هذا الهوس والهوجة التى تردد الإسلام الإسلام على الدوام .

- أضيف أن الإسلام بالفعل دعى إلى تضامن وتآزر المسلمين ولا يستطيع أحد إنكار ذلك ولكن هناك فى ثنايا التراث إشارات تؤسس للتبلد والقسوة والنفور فعندما نجد دعوة صريحة فى القرآن للنفور من الأباء والأمهات كونهم ليسوا على النهج الإسلامى القويم ففى التوبة 23( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان) وفى الممتحنه 4 ( قدْ كَانَتْ لَكمْ أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبَراهِيمَ وَالذِينَ مَعَهُ إِذ قَالُوا لِقَومِهِم إِنا بُرَآءُ مِنكُم وَمِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وبدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء أَبَدًا ). وفى المجادلة 22 ( لا تَجِدُ قَومًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ يُوَادونَ مَن حَاد اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَوْ أَبنَاءَهُم أَوْ إِخْوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيدَهُم بِرُوحٍ مِنْهُ ) . فماذا تتوقع بعد هذه الآيات التى تنزع الترفق بالأباء والأمهات وتزرع ثقافة القسوة , فهل تتوسم بعدها تعاطف مع لاجئين مسلمين بعدما فقد المسلم فى ثقافته الرفق بأبوه وأمه عند خلاف عقائدى .!

- الثقافة الإسلامية تعتنى أشد الإعتناء بالفصل بين المسلم والآخر والبحث والتفتيش فى الهويات والإعتقادات لتحديد المواقف والمشاعر قبل البحث فى التراحم والتعايش الإنساني فهناك فقه الولاء والبراء الذى يعنى تقديم المودة للمسلم والكراهية لغير المسلم , لذا فماذا تتوقع من أجواء النبذ والكراهية فألا تمد ظلالها فى القلب لتتسع الدوائر لتستوعب أى إختلاف عقائدى فلا ترحم السنى والشيعى فحينما تدخل الكراهية والنبذ فلا تتوقع مكان للمحبة والترفق وخصوصاً أن هؤلاء المهاجرين السوريين منهم المسيحيين والشيعة والأكراد والتركمان .

- هل شاهدتم على مدار التاريخ الإسلامى القديم أو المعاصر أى مشاركة إنسانية لمصائب الآخرين الغير مسلمين بمد يدون العون والمساعدة لهم , فهل رأيتم منظمة خيرية إسلامية واحدة تدعو لمد العون والمساعدة لمصابى زلزال أو إعصار أصاب غير مسلمين , هل تعلم أن منظمة الهلال الأحمر لا تقدم خدماتها الإغاثية والطبية إلا لمسلمين فقط , بينما تهب منظمة الصليب الأحمر لتقديم خدماتها وغوثها بدون النظر فى الهويات , هل سمعتم عن داعية إسلامية واحد حث المسلمين على التبرع لفجيعة ألمت بغير المسلمين فمن المستحيل أن تجد هذا الداعية ولكن من المؤكد ستجد الكثير منهم يشمتون فى مصاب الآخرين .. عندما يتم زرع الجفاء والقسوة فى القلوب فلا تتصور أن الرحمة والرأفة ستحل بعدها فى مشهد موجع لمسلم .

- هناك حالة غريبة وشاذة فى الثقافة الإسلامية فهى لا تنزعج من أى إنتهاكات تتم على يد المسلمين سواء حكام أو تنظيمات معارضة بينما أى تجاوز من الآخر تُلهب المشاعر , فلم نجد مثلا تظاهرة واحدة نددت وإستنكرت فعل الدواعش الهمجى فى العراق وسوريا أو أى إعلان عن تضامن مع المضطهدين والمنتهكين كرامتهم من الأقليات بالرغم من جلل وبشاعة المشهد بينما تقوم التظاهرات الصاخبة على رسوم كاريكاتورية أو فيلم مسئ للنبى وأعزى هذا لمنهجية التحفز التى تتلاشى أمام الحكام وينبثق هذا الموقف من حديث محمد ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ) فلا تندهش فهكذا هى الثقافة وعى جمعى داخلى متراكم يشكل السلوك حتى بشكل غير واعى .

- عندما نجد تصنيف محمد للمسلمين بقوله أن هناك 72 فرقة فى النار وفرقة واحدة ناجية فهل تتصور بعد هذه المعلومة الخطيرة أى رفق ومحبة فإذا كانت النار ستستقبل 72 فرقة من المسلمين فهل أكون أنا رحيم وإنسانى مع هؤلاء المسلمين السوريين . فهكذا نمنمات صغيرة تشكل وعى وثقافة وسلوك .

- أرجع وأقول للمرة المليون أن أزمتنا وتخلفنا وهمجيتنا وقسوتنا وبلادتنا ليست عارضة ولا ترجع لأنظمة حكم مستبدة ولا لأوضاع سياسية وإقتصادية سيئة بل لثقافة قميئة متخلفة تجذرت فى وعينا وسلوكنا لترسى الكراهية والنبذ والبلادة والإهمال والقسوة لتشوه إنسانيتنا وتنتهك كرامتنا فلا نعتنى بمشاعر الآخر سواء من بنى جلدتنا أو الغرباء عنا .. لذا لا حل إلى بتجميد وشل هذه الثقافة بروافدها وإستبدالها بثقافة إنسانية تعلى من قيمة الإنسان وكرامته وحريته .

دمتم بخير وعذراً على الشجون .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس
- إنهم ينفقون على الجن بسخاء-لماذا نحن متخلفون
- منطق الله الغريب - مشاغبات فى التراث 7
- أبشركم بإله ودين جديد .
- كيف تؤلف لك دين جديد -جزء ثانى
- كيف تؤلف لك دين جديد - جزء أول
- سؤال فى تأمل-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- تغييب السبب الرئيسى إما جهلاً أو خجلاً
- تهافت البلاغة – مشاغبات فى التراث(6)
- تصعيد ثقافات وليس صراع حضارات-فى نقد نظرية صموئيل هنتنجتون
- وهم الوجود(1)- نظرية البحث عن علاقة .
- عالم معندهاش دم ولتحذر غدرهم وخيانتهم
- نظرية ورؤية فى فهم الوجود والحياة والإنسان
- لا هى أخلاق ولا يحزنون-الدين عندما ينتهك انسانيتنا
- تأملات فى فكر ونفسية الإعتقاد – لماذا يؤمنون
- أسئلة مُحرجة – مشاغبات فى التراث 5
- زهايمر- تناقضات فى الكتابات المقدسة –جزء12
- الجمعة الحزينة فى تونس والكويت وفرنسا
- كتابات ساخرة ولكن ليست كتاباتى-مشاغبات فى التراث4
- مشاغبات فى التراث3-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا