أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس















المزيد.....


منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4916 - 2015 / 9 / 5 - 17:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- مشاغبات فى التراث (8 ) .
- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (60) .

فلنبدأ ألف باء تأمل ولنراجع كل مفرداتنا الإيمانية والفكرية من البدايات بلا تشنج وبدون أن نضع العربة أمام الحصان , فليكن عقلنا وفكرنا المنطقى سبيلنا لمراجعة كل مواريثنا وفنتازيتنا وثقافتنا المهلهلة لنبدأ رحلة الشك ..نعم رحلة شك وفرز وغربلة لكافة مواريثنا التى ألفناها وإعتبرناها قصور شامخة وماهى إلا قصور من وهم خلقناها لنتماهى فيها لدرجة أنها إنفصلت عن وعينا ليتخلق لها وجود وهى بلا وجود .!
رحلة الشك قد تكون مؤلمة ولكننا سنتعاطى معها بهدوء وبلا تشنج ليكون منطقنا وعقلنا سبيلنا لإزالة الغشاوة عن عيوننا , ولنعيش الحياة بعيون نظيفة , ففكرة الإله والتراث الدينى لم تعد فكرة خرافية فحسب بل فكرة دمرت وخربت الكثير من إنسانيتنا وقد تطرقت لهذا فى أبحاث سابقة ومازال هناك أبحاث فى الطريق .
موضوعنا عن سذاجة وتهافت الطرح والمنطق فى التراث الدينى ومن باب التهذب نقول منطق الله بديلاً عن قول هراء وسذاجة وتهافت الأديان بغية عدم التصادم مع المشاعر الملتهبة التى ألفت فكرة الإله أو للدقة هراء وسذاجة وتهافت مُبدعى فكرة الإله والتراث الميثولوجى ,فلا وجود لإله حتى يكون له منطق أو لا منطق بل هو منطق وفكر بشرى لحماً ودماً وأعصاباً وليد مخاض زمنه لذا جاء متهافتاً .
هى مشاغبات فى مشاهد متنوعة نمر عليها فى التراث فلا نفطن لها ولكنها تحمل الكثير من السذاجة والتهافت فيما يُطلق عليه منطق وإرادة الله لتفضح فى الطريق بشرية النص ورؤى من أبدعوه ليحق لنا القول أن الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت .

* مش المفروض أن نعرف الخير من الشر ولا ده عيب .
حجر الزاوية فى الأسطورة الدينية هى قصة نهى الإله لآدم الأكل من شجرة فى الجنه ومنها تم نسج أطراف هذه الاسطورة البائسة .. فى الكتاب المقدس تم تسمية هذه الشجرة بشجرة معرفة الخير والشر ففى الإصحاح الثانى من سفر التكوين ( وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها و يحفظها و أوصى الرب الاله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً و أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت ) تكوين 15:2.
منطق غريب متهافت , فالمشكلة عند الرب هى معرفة آدم للخير والشر أى أن المعرفة فى هذا الشأن منبوذة غير مرغوبة ولتندهش أنها تخص إدراك الخير والشر , فكيف يكون هذا , فأليس ألف باء منطق أن يعرف الإنسان الخير من الشر لينحاز للخير ويتحاشى الشر .
يمكن أن نفهم التحريم لو كانت الشجرة تُسمى شجرة العصيان أى ترمز للعصيان والتمرد ولكن هكذا منطق الرب ألا تقترب من المعرفة والإدراك , ولا أعرف هل هى عبقرية خبيثة من مُبدع هذه الأسطورة أم هو غباء مستحكم ,فالعبقرية تظهر من ترويض المؤمن على أن لا يعرف ولا يقترب من محاولة المعرفة ففى هذا خطر مُحدق على الإعتقاد والإيمان والفكر الدينى ليتم قولبة المؤمن وأدلجته فيما يُراد , فهل من المعقول أن هذه الرؤية الخبيثة راودت مُبدع الأسطورة أم هو غباء بدوى مُحكم .

* حوش يا جدع هيأكل من شجرة الخلود بتاعتى .
تتهافت الأسطورة أكثر فى المشهد الثانى من هذا السيناريو السخيف , فالرب خشى أن يُقدم آدم على الأكل من شجرة الخلود , ففى الإصحاح الثالث من التكوين : (و قال الرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير و الشر و الآن لعله يمد يده و يأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل و يحيا الى الأبد فأخرجه الرب الاله من جنة عدن ليعمل الارض التي اخذ منها فطرد الانسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة )
تكوين3 :22 .
قبل ان نخوض فى تهافت هذا الموقف الإلهى فلنتأمل قوله ( قال الرب الإله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير و الشر ) ولنتوقف عند كلمة "منا" التى توحى بوجود آلهة أخرى على نفس مستواه .!
نأتى لهذا المنطق الطفولى المتهافت , فالرب يخشى ويرتجف من إقدام آدم على الأكل من شجرة الخلود فيحيا للأبد ليضطر الله لوضع حراسة مشددة من نينجا ترتلز أصحاب السيوف النارية المتقلبة لحراسة الشجرة , المنطق هنا يقول لماذا خلقها من الأساس وقبلها نسأل ما معنى شجرة الخلود وما جدواها ليقول قائل ميتافزيقى : إنها الشجرة التى يقتات منها الرب ليحظى على الخلود , لنقول وهل الخلود فى شجرة ؟! ثم إذا كان كذلك فلما لا يضع شجرته بجوار عرشه , وإذا لم يفطن لهذا فألا يقدر رب المجد أن يُعمى نظر آدم عن تلك الشجرة تماماً فلا يقترب منها بدلاً من هذا الهلع الذى أصابه من إقدام آدم على الاكل فيكون خالدا كالرب ليضطر وضع فرقة كوماندوز بسيوف نارية .
هكذا ورد ذكر شجرة الحياة فى قصة الخلق التوراتية ليكون لها صدى فى النسخة الإسلامية حيث جاء ذكرها فى سورة طه 120 ( فَوَسوَسَ إِلَيهِ الشيطَانُ قَالَ يَا آدَم هَل أَدلكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلدِ وَمُلكٍ لا يَبلَى ) وقد جاء في تفسير ابن كثير معنى شجرة الخلد : هى الشجرة التي من أكل منها خلد ودام , لذا عندما خالف آدم وحواء أمر الله وأكلا من شجرة الخلد أخرجهما من الجنة ..صحيح أن التطرق الإسلامى لشجرة الخلد لم يأتى مفصلاً كما فى النص العبرانى إلا أنه هناك إشارة تعنيه بدقة .
يعنينا الصور والأحداث المرسومة فى الأسطورة التى تُبين تهافت المنطق وبشرية النص فصبغت فكرة الإله ببشريتها , فالرب يكتشف أن الإنسان أصبح عارفا ً للخير والشر ولا تعلم ماذا يزعجه فى ذلك ( تعاطيت مع هذه الجزئية بمقال سابق موضحا أن التحريم مقصود به تحريم السؤال والمعرفة كأولى إبجديات تحصين المقدس ) فهو يرتبك ويتوجس ويخشى أن يُقدم الإنسان على الأكل من شجرة الحياة فيشاركه الخلود ليقوم بخطوات سريعة إحترازية بطرده من الجنه وتعيين حارس يحمل سيف نار متقلب لحراسة الطريق المؤدى لشجرة الحياة .!
واضح تماماً من خلال الأسطورة أن مُبدعها وضع فيها رؤيته الإنسانية ليجعل الإله يحمل مشاعر متوجسة خائفة قلقة , وينزلق بالإله التشخيص الإنسانى الفج , فنحن أمام صورة شديدة السذاجة فإذا كان الرب لا يريد للإنسان أن يأكل من شجرة الحياة فكان حرياً أن لا يخلقها من الأساس أو يضعها تحت كرسيه بدلا أن يُقيم ملاك لحراسة الشجرة بسيف نار فى صورة شديدة السذاجة .!!
أرى هذه الجزئية من الأسطورة ذات عمق إنسانى كبير تترجم آمال وأحلام مأمولة فى أمل الحياة والبقاء والخلود وكسر الموت ,فالإنسان ترجم مشاعره العميقة ليسقط النخب فكرة الخطيئة كفعل حرمان من الخلود لتأتى صياغة الأسطورة على هذه الشاكلة ويصير الإله مراقباً قلقاً متوجساً .!

* طب إله واحد ليه .
الله واحد كما يؤمنون فما هو المنطق الذى يسوقه الله لنا لندرك أنه واحدا أحد مُتفرد بالألوهية لا شريك له .. الكتاب المقدس لم يقدم لنا رؤية منطقية تثبت أن الله واحد فتجد فى تثنية 35:4 يقول ( انك قد أريت لتعلم أن الرب هو الاله, ليس آخر سواه) وفى تثنية 4:6 (الرب الهنا رب واحد ) وفى ملاخي 10:2( اليس أب واحد لكلنا, أليس إله واحد خلقنا) وفى كورنثوس الأولي 6:8 ( لكن لنا اله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له , ورب واحد يسوع المسيح , الذي به جميع الأشياء , ونحن به) وفى أفسس 6:4 ( إله وآب واحد للكل، الذي علي الكل وبالكل وفي كلكم )
فمن هذه الآيات لا نجد إثبات ولا منطق ولا يحزنون بل تقديم حالة تقريرية عن وحدانية الإله بينما خاض القرآن فى هذا الشأن ليًحسب له أنه قدم منطق ولكنه للأسف منطق بشرى متهافت ففى الانبياء 22 (لَو كَانَ فِيهِمَا آلِهَة إِلا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبحَانَ اللهِ رَب الْعَرشِ عَما يَصِفُونَ ) ويفسر القرطبي الآية : أي لو كان في السموات والأرضين آلهة غير الله معبودون لفسدتا أي خربتا وهلك من فيهما بوقوع التنازع بالاختلاف الواقع بين الشركاء .
وفى المؤمنون 91 (مَا اتخَذَ اللَهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لذَهَبَ كُل إِلَهٍ بِمَا خَلَق وَلَعَلا بَعضُهُم عَلَى بَعْضٍ سُبحَانَ اللهِ عَما يَصِفُون ) والمعنى عند القرطبى أيضا : لو كانت معه آلهة لإنفرد كل إله بخلقه ," وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ" أي لغالب وطلب القوي الضعيف كالعادة بين الملوك , وكان الضعيف المغلوب لا يستحق الإلوهية .!
تلك الآيتان من الحجج التي يُستدل بها على منطقية وجود إله واحد لا شريك له فالله وفق القرآن يريد أن يسوق لنا دليلاً على وحدانيته فيقول : لو كان هناك آلهة غيره موجودة في الكون لحاولوا الوصول الى العرش والسيطرة عليه و أن وجود أكثر من إله سيتسبب في أن يذهب كل إله بخلقه وسلطانه أو أن يعلو بعضهم عَلَى بعض مما يسبب فساد الأرض والسماء نتيجة تنازعهم .
ولكن هل هذا منطق أم فكر صبيانى ؟! فلو إفترضنا جدلا أننا رأينا العرش فهل سنعرف من هو الجالس عليه وهل أخذه بعد صراع أو بدون و كأن العرش شيء معروف مادي معلوم للجميع يشى بأسراره فيجعل الله منه حجة على وحدانيته , فهل هذا دليل عقلى منطقى أن يستدل بغيب على غيب أكثر منه .!!
دعونا نتطرق إلى المنطق البشرى الذى صاغ القصة ليفضح ذاته فواضح من هذا التبرير أن القياس والمنطق بشري يستمد منطقيته وصوره من حال الملوك والسلاطين على الأرض ليصيب فكرة الألوهية بالبشرية , ويضعه فى موضع تنازع وإختلاف ونزاع على السلطة كحال ملوك الأرض بينما المُفترض أن الآلهة فى حال وجودها لها منطق مغاير تماماً عن منطق بشريتنا , فيكفى أنها كلية الحكمة فلا تتنازع بل تحل الأمور بشكل حكيم هذا إذا كانت هناك إشكاليات بينهم وهذا ليس صعباً فهى آلهة ذات حكمة وليس مجموعة من البلطجية على ناصية الشارع , بل منطقنا البشرى المعاصر يحترم الشراكة والتخصص , فالشركات الضخمة لا يديرها مدير واحد , ولا يوجد طبيب لكل التخصصات , ولا مهندس لكل المشاريع وقس على ذلك الكثير من مظاهر الحياة الثرية بالتنوع والمشاركة .
نضيف أيضا أن هذا التبرير يضع الإله فى إطار من المشاعر والإنفعالات البشرية مما ينسف فكرة الألوهية فهناك نزاع ورغبة فى السيطرة والهيمنة والإستئثار بالسلطة كحال ملوك الأرض .. نحن أمام منطق بشرى مستمد من وضعية تنازع الملوك على السلطة , ولتتذكر مقولة ليس كمثله شئ لتنسف هذا المنطق البائس .
قد يقول قائل أن الله أراد أن يخاطب منطقنا لنقول أنه من الهزل أن يتدنى ويتهاوى الإله ليماثل ويتشابه مع حال ملوك الأرض القدماء لذا من الحرى القول أن هذا منطقنا الذى أسقطناه على فكرة الإله الواحد لنصيب فكرة الإله بالتهافت .!

* منطق منين لى ولد وأنا مليش صاحبة .
حجة أخرى تُسوق عن وحدانية الله أن ليس له ولد ففى الأنعام101( بدِيعُ السمَاوَاتِ وَالأَرضِ أَنى يَكُون لَهُ وَلَدٌ وَلَم تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُل شَيْءٍ وهُوَ بِكُل شَيْءٍ عَلِيم ) فالله هنا ينساق لمنطقنا البشرى فلا يوجد ولد بدون أب وأم ليستخدم نفس هذا المنطق فى تبرأت نفسه أن يكون له ابن بدون صاحبة وكأن طبيعة الله كطبيعتنا لينفى عنه ذلك بإستنكار فهو ليس لديه خليلة .!
إستخدام هذا المنطق المتهافت ينال من ألوهية الإله فهو يفقده القدرة المطلقة التى تجعله عاجزاً على أن يحظى على ابن بدون أى طريقة أخرى غير المعاشرة الجنسية فهو خاضع لنفس منطقنا ونهجنا , فمبده هذا المنطق البائس نسى أن خلق آدم من تراب وهذا يعنى أن هناك قدرات أخرى غير الجنس والصاحبة للخلق . هذا أيضا ينال من علمه ومعرفته فهناك تكاثر لا جنسى تشهده الخلايا والطفيليات والنباتات , كما تشكك وتُكذب ولادة المسيح الذى أعلن إنها تمت بدون عملية جنسية وهذا يعنى أن حجة وحدانيته كونه ليس له ولد ولا صاحبة مهترئة ساذجة تضعه فى المفهوم والمنطق البشرى .

* منطق شديد التهافت فكيف يرددونه .
منطق متهافت آخر لإثبات وجود الله كلما أسمعه من المسلمين أستغرب من هذه العقليات وأندهش من هذا العقل الذى تم تسطيحه وتفريغه من أى منطق , ففى سورة البقرة آيه 258 ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .
فلنتوقف عند هذه المناظرة التى تمت بين ابراهيم أبو الأنبياء ونمرود وقول إبراهيم "فَإِن اللهَ يَأْتِي بِالشَّمسِ مِنَ الْمَشرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ " لأستغرب حقا من هذا التهافت وأندهش من هذا النمرود العبيط الذى بُهت .
ابراهيم تناول ظاهرة طبيعية وسطا عليها وإعتبرها بفعل الله الذى يأتى بالشمس من المشرق ليطالب نمرود أن يأتى بها من المغرب , ولنلاحظ بدايةً أن هذا الزعم يعنى أن الشمس هى التى تتحرك حول الأرض كما يتبنى علماء المسلمين هذا التخريف ليثبتوا ثبات الأرض ودوران الشمس حولها , أو أن هناك قول علمي صحيح يقول أن الشمس هى التى تشرق وتغرب , سنتغاضى عن هذا الحرج , لنسأل ماذا سيكون الحال لو أن نمرود زعم أنه أو إلهه من يأتى بالشمس من المشرق ولتدع يا إبراهيم إلهك يأتى بها من المغرب .. أتصور أن إبراهيم سيُبهت .!
ماهذه السذاجة التى تجعل إثبات وجود إله بإنساب ظاهرة طبيعية له فهنا سيحق لكل صاحب فكرة إله أن ينسب كل مظاهر الطبيعة لإلهه فلن يكلفه الأمر سوى أن يقول "هذه بتاعت ربنا إلهى" وعليك يا مدعى بإله آخر أن تجعل إلهك يأتى بفعل مغاير .!
أتصور أن المناظرة يجب ان تكون على قدم المساواة فى التحدى , فكان من المفترض مثلاً أن يقول إبراهيم بأن الله يأتى بالشمس من المشرق وغداً سيتحدى كفرك ويأتى بها من المغرب على أن تقوم أنت أو إلهك فى اليوم التالى بالإتيان بالشمس من المغرب فأليس هذا تحدى منطقى , ولكن أتصور أن الإثنان سيُبهتان .!

* عندى بس مش هديلكم .
فى سورة الأنعام 109 ( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِم لَئِن جَاءتهُم آيَة لَّيُؤْمِنُن بِهَا قُل إِنمَا الآيَات عِندَ اللهِ وَمَا يُشعِرُكُم أَنَّهَا إِذَا جَاءت لاَ يُؤْمِنُونَ ) .ليأتى تفسير الطبرى للآية التى لا تحتاج تفسير فيقول : "وأقسموا " أي حلفوا .وجهد اليمين أشدها , وهو بالله . فقوله : " جهد أيمانهم " أي غاية أيمانهم التي بلغها علمهم , وانتهت إليها قدرتهم وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن الله هو الإله الأعظم , وأن هذه الآلهة إنما يعبدونها ظناً منهم أنها تقربهم إلى الله زلفى كما أخبر عنهم فى الزمر : " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ".
"لَئِن جَاءتهُم آيَةٌ ليؤمِنُن بِهَا" فهؤلاء القوم قالوا لمحمد : يا محمد , تخبرنا بأن موسى ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا , وأن عيسى كان يحيي الموتى , وأن ثمود كانت لهم ناقة , فائتنا ببعض هذه الآيات حتى نصدقك فهم يريدون تصديقه من خلال آية أى معجزة كالسابقين وهذا مطلب منطقى يثبت النبوة وإلا إدعى كل من هب ودب بأنه نبى بدون معجزة يقدمها .
ماذا يكون رد الله المنطقى " إِنَّمَا الآيَات عِندَ اللهِ وَمَا يشْعِركُم أَنهَا إِذَا جَاءت لاَ يُؤمِنُونَ " أى أن الله يحتفظ بالآيات والمعجزات فى خزائنه وأنه لا ضمانة فى أن تؤمنوا بعد الإتيان بالمعجزات ليتهافت أى منطق فإذا كانت المعجزات لإثبات النبوة كما سبق ومنح موسى وعيسى فآمن قومه , فما الذى يمنع قوم محمد من الإيمان عندما يروا معجزة أمامهم وهم من ألحوا على ذلك وفى حال لم يؤمن البعض منهم فحينها ستكون حجة قوية عليهم يوم القيامة لفضحهم وإدانتهم على كفرهم .. منطق غريب متهافت فلتبقى الأدلة عند الله إذا كانت هناك آيات وليبقى الكفار والمشركون على كفرهم , ولا تزعل ولا تغضب نفسك ولا تلعنهم , فهم يريدون آية تثبت نبوة محمد وأنت مخبأها فى خزائنك .!

* فشخرة بق .. طب العمل إيه ؟! .
على نفس شاكلة المنطق السابق المتهافت تأتى آية أخرى فى الأنعام 111 فى نفس السياق ( ولَو أَننا نَزلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلمَهم الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيهِم كُل شَيْءٍ قُبُلاً ما كَانُواْ لِيُؤمِنوا إِلا أَن يَشَاء اللهُ وَلَكِن أَكْثَرَهُم يَجهَلُونَ ) .
يفسر الطبرى هذه الآية : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد, آيسْ من فلاح هؤلاء العادلين بربهم الأوثانَ والأصنام ، القائلين لك " لئن جئتنا بآية لنؤمن ", فإننا لو نزلنا إليهم الملائكة حتى يروها عيانًا، وكلمهم الموتى بإحيائنا إياهم حُجةً لك، ودلالة على نبوتك, وأخبروهم أنك محق فيما تقول, وأن ما جئتهم به حق من عند الله, وحشرنا عليهم كل شيء فجعلناهُم لك قبلا ما آمنوا ولا صدّقوك ولا اتبعوك إلا أن يشاء الله ذلك لمن شاء منهم ولكن أكثرهم يجهلون ، ولكن أكثر هؤلاء المشركين يجهلون أن ذلك كذلك , يحسبون أن الإيمان إليهم، والكفرَ بأيديهم, متى شاؤوا آمنوا، ومتى شاؤوا كفروا . وليس ذلك كذلك, ذلك بيدي(الله) , لا يؤمن منهم إلا من هديته له فوفقته, ولا يكفر إلا من خذلته عن الرشد فأضللته .
منطق غريب , فالآية تقرر أن المعجزات كإنزال الملائكة وكلام الموتى وإحياءهم لن تجعلهم يؤمنون ليطالبونك بآيات معجزات مثلها فكل هذا لن يجدى فلن يؤمنوا لنقول : طالما تعرف أنهم لن يؤمنوا فلماذا لا تفضحهم وتريهم تلك الآيات حتى تكون حجة عليهم فى يوم الدينونة . ولكن مسلسل التهافت مستمر فهم يحسبون أن الإيمان والكفر بأيديهم , متى شاؤوا آمنوا , ومتى شاؤوا كفروا بينما الإيمان والكفر والضلال بيد الله , ولا مشيئة لهم , ولا عزاء لعقل ومنطق وعدل ولا معنى لإختبار فالعبثية هى الحاضرة , وصوتى يا إنشراح .

* عذرا لم نصل إلى إختراع الحجارة الذكية .
الكفار قالوا: إن كان محمد محقًا فأمطر علينا حجارة من السماء , ولكن الله يقول أنه لا يمطر الحجارة على أعدائه وعلى منكري نبوة محمد ليس حباً فيهم بل بسبب أن محمد حاضر وسطهم , فالله لا يفعل ذلك حتى لا يؤذيه لذا جاءت آية الأنفال 33 ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذبَهُم وَأَنْتَ فِيهِم ومَا كَانَ اللهُ مُعَذبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ ) .
المنطق الإلهى لم يلقى حجارة على الكافرين لأن النبى بينهم فيمكن أن يُؤْذى فالعلم والقدرة الإلهية المطلقة لم تتوصل لإختراع الحجارة الذكية على غرار الصواريخ الامريكية الذكية التى تصيب الأهداف بدقة متناهية دون أن تصيب غيرها فيبدو أن إختراع الحجارة الذكية لم يكن فى علم الإله ولا فى حدود قدراته فلتعذروه .

* تؤمن أولا وبعدين نشوف القصص دى .
فى الأنعام 158(هَل يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهم الْمَلائِكَةُ أَو يَأْتِي رَبكَ أَو يَأْتِيَ بَعضُ آيَاتِ رَبكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْض آيَاتِ رَبكَ لاَ يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانهَا لَم تَكُنْ آمَنَت مِن قَبْلُ أَو كَسَبَت فِي إِيمَانِهَا خَيرًا قُلِ انتَظِرواْ إِنا مُنتَظِرونَ ) .
هذه الآية تأتى فى سياق الآيات السابقة ولكنها تضيف رؤية أخرى خطيرة , فهم ينتظرون معجزات كأن تأتيهم الملائكة ليؤمنوا ولكن المنطق الإلهى يقول ستأتى بعض الأدلة يوما ما فإنتظروا ولكن لا ينفع هذا الإيمان ما لم تكن آمنت بى من قبل , فالطريف إنه عندما يعدهم بالأدلة يطالبهم بالإيمان المسبق .. عجيب هذا المنطق الإلهى ولكن هذه الرؤية فى المسيحية أيضا فهناك إلحاح فى الكتاب المقدس أن الإيمان أولا بدون سؤال وطلب إثبات ,فيقول المسيح ( طوبى لمن آمن ولم يرى ) فهكذا الجميع فى نفس القارب اللامنطقى فلتؤمن أولا وتُسلم بكل مفرداتنا الإيمانية وتدخل الحظيرة ولا تطلب معجزات أو دلائل ولتلقى عقلك عند أقرب صندوق قمامة.

* أأنت قلت هذا .. لا ماقلتش .
فى سورة المائدة ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ( 116 ) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ( 117 ) إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم).
هل هذا منطق وحديث إلهى أم تأليف وفكر بشرى , فهناك أشياء تجعلنا نتوقف لنتلمس تهافت شديد , فهل الله محتاج أن يعرف من المسيح صحة قول "إتخذونى وأمى إلهين " فهذا يعنى أنه يفتقد المعرفة المطلقة والغيب , وإذا سألنا : متى سأل الله المسيح فهل كان فى زمن رسالة المسيح أم سيسأله يوم القيامة ليحتار العلماء فى تحديد زمن هذا الحدث فإذا كان وقت رسالته فهو يعطى إنطباع بعدم معرفة الله ورغبته فى التيقن كما أن هذه المعرفة لا تفيد شيئا بإعتبار أن هذا السؤال جاء فى القرآن بعد زمان المسيح ولم يأتى فى الإنجيل فلن يعتمد المسيحيين القدماء هذا القول بإعتبار أن القرآن جاء بعد 600 سنه وحتى من شهدوا القرآن فلن يؤمنوا به فهو لييس كتابهم , أما القول أن هذا السؤال سيطرح على المسيح فى يوم القيامة كما يفسر معظم العلماء فلن تتغير الأمور كثيراً , فالله ينتظر الإجابة والمعرفة , وإذا قال قائل أن هذه السؤال حتى يعلم من ضلوا الإيمان بإعتبار المسيح إله فماذا يفيد فنحن فى يوم القيامة .!

دمتم بخير .
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش التحرر من هذا التهافت .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم ينفقون على الجن بسخاء-لماذا نحن متخلفون
- منطق الله الغريب - مشاغبات فى التراث 7
- أبشركم بإله ودين جديد .
- كيف تؤلف لك دين جديد -جزء ثانى
- كيف تؤلف لك دين جديد - جزء أول
- سؤال فى تأمل-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- تغييب السبب الرئيسى إما جهلاً أو خجلاً
- تهافت البلاغة – مشاغبات فى التراث(6)
- تصعيد ثقافات وليس صراع حضارات-فى نقد نظرية صموئيل هنتنجتون
- وهم الوجود(1)- نظرية البحث عن علاقة .
- عالم معندهاش دم ولتحذر غدرهم وخيانتهم
- نظرية ورؤية فى فهم الوجود والحياة والإنسان
- لا هى أخلاق ولا يحزنون-الدين عندما ينتهك انسانيتنا
- تأملات فى فكر ونفسية الإعتقاد – لماذا يؤمنون
- أسئلة مُحرجة – مشاغبات فى التراث 5
- زهايمر- تناقضات فى الكتابات المقدسة –جزء12
- الجمعة الحزينة فى تونس والكويت وفرنسا
- كتابات ساخرة ولكن ليست كتاباتى-مشاغبات فى التراث4
- مشاغبات فى التراث3-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- تشويه الحب والجنس على مذبح الأديان


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس