أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - لا هى أخلاق ولا يحزنون-الدين عندما ينتهك انسانيتنا













المزيد.....

لا هى أخلاق ولا يحزنون-الدين عندما ينتهك انسانيتنا


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 16:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الدين عندما ينتهك انسانيتنا (66) .

يتوهمون أن الأديان قدمت للبشرية منظومة أخلاقية من الإله فى قول ينافى واقع تطور البشرية قبل ظهور الأديان ,فالأخلاق مُنتج فكرى بشرى لتنظيم العلاقات الإجتماعية ودعمها لم تخلو من التعبير عن مصالح الأقوياء الطبقية والنخبوية كسبيل للحكم والهيمنة لتكون الاخلاق منظومة فرض بقفازات حريرية .
الأديان جاءت إمتداد للنظم الإجتماعية والأخلاقية السائدة لتستعير منظومتها الأخلاقية وتضيف لها بعض الملامح الجديدة ولكن فى إطار وفلسفة الرؤية العامة القديمة لترسخ من مفاهيم رؤى إنسانية بحتة .. الإنسان خالق المعنى والقيمة والغاية ولا تخرج هذه المفردات عن الدين فلا وجود لآلهة تصدر معانى وقيم وأخلاق تلقيها من السماء فكما نقول أن السماء لا تقذف إلا بالأمطار وبراز الطيور ومن هنا تكون الأديان والمعتقدات كتابات بشرية لإنسان قديم أنتج رؤيته ومعانيه وقيمه وإنطباعاته ليتوراثها أبناءه وأحفاده ليؤكدوها و يضيفوا لها معانى وقيم وهالات قد تبتعد عن رؤى وأهداف الجد .
هذا البحث يعتنى بفضح المفاهيم المغلوطة عن أن الدين منشأ الأخلاق بإلقاء الضوء على مفاهيم توهمنا أنها ذات قيم أخلاقية راقية تبثها الأديان بينما هى غفلتنا أو تغافلنا عن قراءة المشهد بدقة لتحل صورة مثالية رومانسية بعيدة عن الحقيقة بينما هى سلوكيات قميئة تفضح ذاتها بفجاجتها وبشاعتها .
هناك مفاهيم مغلوطة فى أذهان المؤمنين عن الأخلاق الدينية يتوهم أنها لنشر المحبة والعدالة والسلام , بين البشر , ولكل البشر , بينما نهجها يصرخ بأنه معتنى بالجماعة المؤمنة حصراً ,فالدعوة للمودة والتعاون والتكافل والسلام هى للجماعة المؤمنة حصراً لا يحظى الآخر المختلف بأى حظ من تلك الأخلاق بل على العكس فهناك إعتناء غريب يتسم بالشذوذ والقبح فى تصدير الكراهية والنبذ والإضطهاد والعداء للآخر .

* تحب قريبك كنفسك .
تأكيداً أن الأديان ليست رسالة محبة وأخلاق لكل البشرية بل للجماعة المؤمنة فحسب بينما لا ينال الآخر أى محبة فلنا الوصية الشهيرة تحب قريبك كنفسك فهو حدد المحبة للقريب وأهل العشيرة الدينية فلا يستطيع هواة التمييع القول بأن القريب هنا يعنى كل فرد فى الإنسانية فقريبك هو القريب وما يؤكد هذا ان الذى ذكر تحب قريبك كنفسك قال أيضا فى تثنية 23: 19 (لا تقرض أخاك بربا للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يدك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها ). وفى تثنية 14: 21 ( لا تأكلوا جثة ما. تعطيها للغريب الذي في أبوابك فيأكلها).!

* لا هو بحث عن العفة والفضيلة والأخلاق ولا يحزنون .
رافقت العفه والطهارة والفضيلة والتدين مفهوم الحجاب فهكذا جاءت الدعوة للحجاب لترسم لصاحبته هالات من العفه والفضيلة والشرف والتدين الحسن لتروج ميديا تقول : "تحجبى يا أختاه فالحجاب هو العفة والفضيلة والتقرب لله والسفور تفريط سيحاسبك عليه الله " فهكذا أدركت المسلمات اللاتى تحجبن طوعاً أو قهراً معنى الحجاب ولكن هل نشأة الحجاب كانت تعتنى بقصة العفه وماشابه .؟!
هل تعرف أن آية الأحزاب 59 التى ذكرت الحجاب ( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) جاء سببها من خروج النساء إلى التبرز فى الخارج فيكون إرتدائهن الحجاب هو تميزهن عن الأماء فيمتنع الصعاليك عن التحرش بهن . ففى صحيح البخارى باب خروج النساء إلى البراز ( حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء وكانت إمرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب .!
إذن أسباب نزول هذه الآية جاءت في محاولة للحد من تحرش الرجال بنساء مسلمات فلا تختلط الأمور على المتحرشين بإعتبارهن إماء , مما اضطر محمد إلى إخراج هذه الآية بإيعاز من عمر بن الخطاب لخلق حالة تمايزية بين المسلمات الحرائر و الإماء .!
فلندقق فى هذه الرواية من عدة مصادر اخرى فيقول ابن كثير : يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات خاصة أزواجه وبناته لشرفهن بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ، ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء . والجلباب هو الرداء فوق الخمار , وهذا ما قاله ابن مسعود ، وعبيدة ، وقتادة ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، وعطاء الخراساني . وفى تفسيره لقوله : (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) أي إذا فعلن ذلك عرفن أنهن حرائر ولسن بإماء ولا عواهر وقال السدي في قوله : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ). قال : كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة ، يتعرضون للنساء ، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة ، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن ، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن ، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا : هذه حرة وكفوا عنها . وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب ، قالوا : هذه أمة . فوثبوا عليها . !
ولتكتمل الصورة أكثر نذكر أن عمر بن الخطاب كان يضرب الأماء اللاتى ترتدين الحجاب بل كان يضربهن بقسوة عندما يراهم يلبسونه كما ورد عن عمر في حديث صحيح رواه أنس بن مالك وقول ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب الصلوات في الأمة تصلي بغير خمار - حدثنا وكيعُ بنُ الجراح، قَالَ:حدثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أنس قَالَ: رأى عُمرُ أمةً لنا متقنعة فضربها وَقَالَ: لا تتشبهي بالحرائر.!! .
يعنى القصة لا عفة ولا فضيلة ولا أخلاق ولا يحزنون بل نساء يخرجن للتبرز فيتحرش بهن الصعاليك فيكون الحجاب للتمييز بين الحرة والأمة فمتى رأى الشباب محجبات إبتعدوا عنهن فهن حرائر أى هناك من سيحاسبهم على ذلك لذا فلهم الأماء ليقفزوا عليهن .!

* لا إحترام لعقائد الآخرين إلا قهراً .
يدعى البعض أن الإسلام يدعو إلى عدم إهانة وسب عقائد الآخرين ولا أعرف على ماذا يعتمدون فى رؤيتهم المثالية تلك , فالقرآن أشبع الكفار والمشركين وأهل الكتاب بآيات تصل للإحتقار واللعن وتوصيفهم بالأنعام والرجس والحمير منتهكاً مبدأ لاتنهى عن شئ وتأتي بمثله .
ولكن هناك آية قد يفهمونها بشكل مغاير تقول : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ).
فالنهي هنا ليس عن السب كإهانة وإنتهاك مقدسات وقناعات الآخرين , بل يأتى النهى عن السب لتفادي أن يكون مُبررا لسب الله , وهو ما يعني أن المبدأ ميكافيللي فى الأساس , فيُمنع السب لغرض أن لا يسبوا الله وليس لعدم أخلاقية السب فى العموم . بالرغم أننا نجد الله نفسه لايتفادى استخدام تعابير الاهانة والتحقير في توجهه لغير المؤمنين كالأنعام والحمير !
هذه الآية تعطى رخصة للمسلم أن يَسُب ويَلعن ويَسخر من أصحاب العقائد الأخرى إذا كان فى وضعية القوة التى تضمن وتتيح له السب دون أن يلحق به الأذى من الاخر بسب الله .!

* مطاطية الكذب .
الكذب مُحرم ومُستقبح فى الإسلام و كل الأديان ففى الإسلام يُحرّم الكذب فيقول القرآن فى سورة غافر 28:40 (إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب) .ويقول نبى الإسلام فى حديث : ( كن صادقاً فالصدق يؤدى إلى الصلاح والصلاح يؤدى إلى الجنة. احذر الكذب فالكذب يؤدى إلى الضلال والضلال يؤدى إلى النار ).
بالرغم من حُسن هذه الدعوى الداعية للصدق ونبذ الكذب فليس معنى هذا أننا أمام قيمة أخلاقية راسخة لا تقبل الجدل والمرواغة , فالنهى عن الكذب جاء بمنظور إزدواجى برجماتى كشأن تحريم القتل والسرقة فى موضع والإحتفاء بقتل الآخرين ونهبهم تحت مسمى الجهاد والغنائم فى موضع آخر , كذلك تحريم وتقبيح الزنا بشدة فى مكان ليتم منح رخصة ممارسة الزنا بل قل الإغتصاب حينما يُحلل التمتع بالسبايا والأماء رغماً عنهن فى مكان آخر , لذا لا تقف الأمور عند الكذب وليهنئ أصحاب الحناجر العالية الذين يدعون أن الأخلاق منتج سمائى .!
المعايير الاخلاقية إزدواجية فى الاسلام , فالنبى ينفى الكذب عن من يصلح بين الناس بالكذب وينمى خيراً فيعتبره ليس كاذباً ففى صحيح البخاري– كتاب الصلح ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرا أو يقول خيرا) ليتشرعن الكذب فى الحياة الاخلاقية للمسلم فلا يهم اذا كان مًزيف كاذب طالما يتصور أنه يُنمى خيراً أو يقول خيراً لينتهج نهجاً بعيدا عن المصداقية والشفافية فى الإصلاح وكأن الكذب يؤسس لمجتمع يُنمى الخير بديلا عن الغش والخداع لتتهاوى قيمة أخلاقية تتلون حسب الهوى , ولكن هناك اشكالية خطيرة فى هذه الحالة تنتج من هذه الإزدواجية والميوعة , فالأمور هنا ترجع لتقديرات المسلم فهو يظن أنه يُنمى خيرا ويقول خيرا فى تقديره وقد يكون غير ذلك لتتخلق وتتشرعن رخصة الكذب فى خطابنا وثقافتنا .

* لا توجد مودة ولا يحزنون .
يُشاع فى المفهوم الشعبى الإسلامى أن القرآن يحث المسلم على مودة المسيحى لتظهر هذه المقولة على ألسنة الودعاء من المسلمين بترديدهم آية المائدة 82 (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ )
هناك خطأ فى فهم آية وَلَتَجِدَن أَقْرَبَهُمْ مّوَدةً للذِينَ آمنُوا الذِينَ قَالُوَا إِنا نَصارى وهو خطأ محمود ولكنه فى الحقيقة لا يحث ولا يجبر المسلم أن يقدم المودة للنصارى ويهمل فقه البراء الذى يحث على تقديم البغض لهم , فالآية تعنى أن هؤلاء النصارى لديهم مودة للمسلمين أى تتحدث عن حال النصارى ولا تحث على تقديم المودة ومبادلتها لهم فهى لا تفرض ولا تطلب ولا تحث بل تتحدث عن مشاعر وحال النصارى .
قبل التطرق للآيات والأحاديث التى تعتنى بتقديم البغض والكراهية والإحتقار والإذلال للنصارى يُجدر الإشارة إلى أن حديث " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " الذي يستدل به البعض للتعامل مع من يدعونهم "أهل الذمة" هو حديث باطل لا أصل له كما قال الألباني فى السلسلة الضعيفة والموضوعة , كما أن حديث " من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة" أو " من أذى ذمياً فقد آذاني" أحاديث ضعيفة وفق الألبانى فى سلسلته وأتصور أن ذكر مثل هذه الأحاديث تأتى كشعارات مرحلية , ومما يؤكد ضعف هذه الأحاديث كونها تخالف أحاديث صحيحة السند عندهم تؤكد التفرقة بين المسلم والكافر مثل حديث " لا يقتل المسلم بكافر" أو تأمر بإيذاء غير المسلمين كحديث " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا رأيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " ، كما أن القرآن قد أمر في سورة التوبة 29( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) .
فى تفسير البغوى لهذه الآية كأن الأمور تحتاج لتفسير قال: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر" فإن قيل : أهل الكتاب يؤمنون بالله واليوم الآخر؟ قيل : لا يؤمنون كإيمان المؤمنين ، فإنهم إذا قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله ,لا يكون ذلك إيمانا بالله . أما " لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق " أي : لا يدينون الدين الحق . وقال قتادة : الحق هو الله ، أي : لا يدينون دين الله ، ودينه الإسلام . وقال أبو عبيدة : معناه ولا يطيعون الله تعالى طاعة أهل الحق . من الذين أوتوا الكتاب يعني : اليهود والنصارى . وقوله "حتى يعطوا الجزية" وهي الخراج المضروب على رقابهم . "عن يد" أى عن قهر وذل . وقال أبو عبيدة : يقال لكل من أعطى شيئا كرها من غير طيب نفس : أعطاه عن يد . وقال ابن عباس : يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها على يد غيرهم . وقيل : عن يد أي : عن نقد لا نسيئة . وقيل : عن إقرار بإنعام المسلمين عليهم بقبول الجزية منهم .وقوله " وهم صاغرون" أى أذلاء مقهورون . قال عكرمة : يعطون الجزية عن قيام والقابض جالس . وعن ابن عباس قال : تؤخذ منه ويوطأ عنقه . وقال الكلبي : إذا أعطى صفع في قفاه .!! وقيل : يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمتيه وقيل : يلبب ويجر إلى موضع الإعطاء بعنف . وقيل : إعطاؤه إياها هو الصغار .
فأين الود هنا إذا كان هناك إكراه على ترك الدين وفرض الجزية ولا تكون إلا فى الوضع صاغراً وأخذها من النصرانى بعد شده من لحيته وجره وصفعه على قفاه فلماذا هذه القسوة والكراهية .؟!
أليس فرض الإسلام عليهم هو إنتهاك لحريتهم وإيمانهم وأليس أخذ الجزية من غير المسلمين كشرط لوقف قتالهم هو قهر وأخذ شيء منهم بغير طيب نفس , وأليس فرض الصَّغار وتضييق الطرقات عليهم انتقاصاً وظلماً وإضطهادا ً
, وأليس التفرقة بين دم المسلم وغيره بأن يقتل الكافر بالمسلم بينما لا يقتل المسلم بالكافر إنتقاصاً وظلماً , فلا يدعى أحد أن هناك رائحة مودة يحملها الإسلام للنصارى .

فى الحقيقة ان قصة المودة بعيدة كل البعد عن الفكر الإسلامى عموما لتجد دوائر النبذ تمتد فتطال الأباء والأخوات وكل من يختلف فكرياً مع المسلم ففى التوبة:23 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون ) وفى الممتحنة1 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) ،وفى المائدة51 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِن اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظالِمِينَ ) ، وفى المائدة80 -81 ( تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِي وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) .!
فالمسلم لا يستقيم إسلامه لو وحّد الله ، وترك الشرك إلا بعداوة المشركين , كما فى المجادلة22: ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ )وكما قال محمد :( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) مسند أحمد 4/286 , وقال ( من أحب في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ) أخرجه أحمد والنسائي والبيهقي وصححه الألباني، وقال أيضا : (لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقى ) رواه أبو داود وصححه الألباني . وللطرافة أن الأكل من طعام أهل الكتاب من يهود ونصارى فهو حلالاً زلالاً .!

قد بين علماء وفقهاء المسلمين أن المؤمن تجب محبته وإن أساء إليك ، والكافر يجب بغضه وعداوته وإن أحسن إليك !! .. وقد أوجب الله معاداة الكفار والمشركين , وحرم موالاتهم وشدد فيه , حتى أنه ليس في القرآن حكم فيه من الأدلة أكثر وأبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده , ولا يستثنى من إظهار هذا البغض والكره والمعاداة إلا خشية فوت النفس أو تعاظم المفاسد , ومعلوم أن الضرورات تقدر بقدرها وبضابط الشرع لا الهوى .
وفق الفكر الإسلامى فإن إعانة الكافر على مسلم خروج من الدين مطلقا وكفر أو ردة والآيات التي ذكرناها فى هذا البحث تصب في هذا الصدد خاصة قوله فى المائدة:51 ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

* لا فكر فى تعايش سلمى بين البشر .
روى أبوداود والترمذي والنسائي عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سارية إلى خثعم، فاعتصم ناس بالسجود فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بنصف العقل، وقال ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا ترايا ناراهما ).
قول محمد أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ولا يقبل الله من مشرك عملاً بعد ما أسلم حتى يفارق المشركين ومن عاشر قوما اربعين يوما صار مثلهم. هذا القول للنبى تفضح الداخل الأخلاقى الإسلامى المشبع بالكراهية والعداء تجاه الآخر وتوصم الجاليات الإسلامية المغتربة فى الغرب بالإنتهازية والنفاق والعدائية حال تطرقت هذه الأحاديث لمسامعهم وإمتثلوا لها.!!

* عذراً لا يوجد شئ إسمه سلم وسلام .
عندما يشيع البعض أن الإسلام يدعو للسلام ليرددون " وإن جنحوا للسلم فإجنح لها وتوكل على الله " فهو واهم لوجود آية أخرى ترفض السلام " فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأعلون " وإذا تصور أحد أن الآيتان متناقضتان فهو لم يعى الآية الأولى " وإن جنحوا للسلم فإجنح لها وتوكل على الله " لأنه ببساطة شديدة لا يوجد فيها أى دعوة للسلام والتعايش السلمى بين الشعوب , فالآية الأولى تدعو المسلم للجنوح والميل للسلم بناء على مبادرة العدو فهو من يجنح ليأتى قبول المسلم بالسلام والتوكل على الله , ثم تأتى آية " فَلا تَهِنوا وَتدْعوا إِلَى السلمِ وَأَنتم الأعلون " كاشفة ومحددة وليست متناقضة مع سابقتها , فالمسلم لا يدعو للسلم وهو فى الوضعية الأعلى قوة وهيمنة فهو يطلب السحق أما فى حالة كان بوضعية ضعيفة أقل قوة من غريمه فيمكن أن يجنح للمسلم عندما يميل العدو للسلام .! بالطبع نحن أمام آيتان تتعاملان مع حالة سياسية عسكرية لا تعتنى بقضية السلم فلا يوجد دعوة للسلام فهكذا رؤية الإسلام لتتولد ثقافة عدائية متحفزة لا تعرف التعايش السلمى وهكذا هى الأخلاق والفكر والنهج الثقافى ليتغلغل هذا المفهوم فى الثقافة الشعبية فلا سلام فى وضعية القوة أما فى وضعية الضعف فيكون الميل للسلم كوضعية تكتيكية .
يقول القرطبي في تفسير " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " قد اختلف في هذه الآية ، هل هي منسوخة أم لا . فقال قتادة وعكرمة : نسخها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وقاتلوا المشركين كافة وقالا : نسخت " براءة " كل موادعة ، حتى يقولوا لا إله إلا الله وقال ابن عباس : الناسخ لها ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون ) محمد 35 وقيل : ليست بمنسوخة ، بل أراد قبول الجزية من أهل الجزية .
ويقول ابن عربي في أحكام القرآن في تفسيره للنصين في الأنفال ومحمد أعلاه: "فإذا كان المسلمون على عزة ، وفي قوة ومنعة ، ومقانب عديدة ، وعدة شديدة : فلا صلح حتى تطعن الخيل بالقنا ، وتضرب بالبيض الرقاق الجماجم ، وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح لإنتفاع يجلب به ، أو ضر يندفع بسببه فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه ، وأن يجيبوا إذا دعوا إليه." . إنتهازية وبرجماتية .

* المنافقين والمؤلفة قلوبهم .
بعد فتح مكة ظهر مصطلح "المؤلفة قلوبهم" و هم قوم يُجزل لهم العطاء رغم فساد معتقدهم أو كفرهم طمعاً في إسلامهم أو لمكانتهم في قومهم الذين يرجى إسلامهم والمؤلف قلبه كما ورد في تفسير السعدي هو " السيد المطاع في قومه ، ممن يرجى إسلامه ، أو يخشى شره أو يرجى بعطيته ، قوة إيمانه ، أو إسلام نظيره ، أو جبايتها ممن لا يعطيها . فيعطى ، ما يحصل به التأليف والمصلحة ". وقال القرطبي : "وهذا قول علمائنا وغيرهم كما كان يعطي المؤلفة مع علمه بسوء اعتقادهم ."
وأسهب ابن كثير في تعريفهم فقال : " وأما المؤلفة قلوبهم فأقسام منهم من يعطى ليسلم, كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية من غنائم حنين , وقد كان شهدها مشركاً, قال: " فلم يزل يعطيني حتى صار أحب الناس إلي بعد أن كان أبغض الناس إلي " رواه مسلم والترمذي . وقد خصص لهم القرآن نصيب من الزكاة المفروضة :( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) .
قبول الإسلام بالمؤلفة قلوبهم يعنى ممارسة علاقة واضحة وفجة من النفاق والإنتهازية وإعتماد الزيف واللا مصداقية لتسأل أين ذهبت آيات لعن وتقبيح المنافقين التى ذُكرت فى القرآن , وأين الأخلاق والإيمان المرتجى من إنسان يجزل له العطاء لنفاقه وزيفه وانتهازيته ومن هنا نقول أن المسألة لا هى أخلاق ولا معتقد و لا يحزنون إنما سياسى برجماتى يبغى مصلحة ليتحول هذا النهج الإنتهازى إلى معتقد .!
عندما نقرأ آية سورة التوبة 29( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) وجميع آيات القتال والجهاد فماذا نسمى إيمان المُكره تحت السيف والجزية , وأليس إيمان المُكره ماهو إلا نفاق وخوف خالص فلولا تهديده بالقتل أو التلويح بإضطهاده ما كان آمن , وأليس أخذ الجزية من غير المسلمين كشرط لوقف قتالهم هو قهر وإكراه بأخذ شيء منهم بغير طيب نفس , وأليس إيمان المنافق المكره شئ غبى مزيف ولكننا نستطيع الفهم فى سياق الفعل السياسى الذى يدرك أنه لولا الغزو والقهر والغنائم والسبى ماكان إسلام لنغفل عن ذلك ونتوهم أن هناك منظومة أخلاقية ترفض النفاق فى المطلق .
نختم مشهد ترسيخ النفاق وإقراره بسؤال : هل رجوع المرتد إلى الإسلام تحت حد السيف يعتبر إيمان أم نفاق ؟! فالأحكام المتعلقة بعقابه فى الدنيا كثيرة فقتل المرتد إذا لم يتب من ردته، حكم ثابت في أحاديث صحيحة لا مطعن فيها، وعمل بها الصحابة في زمن الخلفاء وحتى الآن متكئين على آية البقرة:217 ( وَمَنْ يَرتدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) . وحديث نبى الإسلام فى صحيح البخاري (6/2521) و صحيح مسلم (3/1302): (عن عبد الله بن مسعود ، قَال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة) .

* التقية .
التقية فقه إسلامى مؤسس لفهم وتأسيس العلاقات والرؤى الإسلامية جاء جوازها من سورة آل عمران ( لَا يَتخِذِ الْمُؤمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) آل عمران/ 28.كما نجد آية سورة النحل 10 تؤكد مبدأ التقية فى قوله: (مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبهُ مُطْمَئِن بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ) .
يقول العلامة الإسلامى الشيخ الطبرى فى شرحه للآية السابقة أن هذه الآية نزلت على محمد بعد أن سمع أن عمار بن ياسر كفر بمحمد لما أخذه بنى المغيرة وأجبروه على ذلك. فقال له محمد " إن عادوا فعُد " ! أى إذا أخذوك مرة أخرى فإكذب مرة أخرى !.
هذه الآيات القرآنية وغيرها توضح أن الله يغفر للمسلم الكذب , فمن حق المسلم أن يكذب بعد القسم وأن ينكر إيمانه بالله طالما يقول ذلك بلسانه فقط بينما يتمسك بالإيمان فى قلبه ,فيقول ابن القيم " التقية أن يقول العبد خلاف ما يعتقده لاتقاء مكروه يقع به لو لم يتكلم بالتقية " - من"أحكام أهل الذمة" (2 /1038) . النفاق هو أن تظهر للناس من حولك وتسايرهم في فكرهم بما لا تبطنه في عقلك.. وهذا بحقيقته تناقض كبير موجود بالإسلام وبعقول من ينتهجون هذا النهج المراوغ المزيف فمحمد جعل من نفاق المسلم أمام الآخرين الغير مسلم أمراً مقبولاً أي عندما يتواجد مسلم بين غير مسلمين وإستشعر خطراً منهم لو أعلن ما في عقله بأنه مسلم يستطيع وبكل حرية أن يحمي نفسه ويسب الله ويشتم محمد وينكر أنه مسلم ويظهر لهم مالا يبطن بعقله بأنه مسلم .وهاهو القرآن يشهد بذلك
مؤلفي الدين الإسلامي يقرون بهذا أي عندما يتعرض مسلم لخطر فلابأس أن ينافق ليتقي شر الغير مسلمين فيقول الإمام الرازي في تفسير قوله (إِلاَّ أَن تتقواْ مِنهُم تُقاة) فظاهر الآية أن التقية تحل مع الكفار الغالبين ,إلا أن مذهب الشافعي يعلن أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والكافرين حلت التقية محاماة عن النفس . وقال القرطبي : قال الحسن : التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة . ثم قال : " أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشى على نفسه القتل إنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بالكفر ، هذا قول مالك والكوفيين والشافعي ."
ولكن كيف يعقل أن يقول المسلم أن هناك خالق للكون يحميه ويساعده وعندما يقع خطر يهدد وجوده بين غير مسلمين نجد هذا الإله لا يحميه ولا يدعمه ليمنح له رخصة شتم الإله ودينه .! وماذا يعنى الإيمان بالله والتوحيد و الرسول إذا كان يتهاوى عند أى حرج أو خوف وهل يوجد هنا قيمة أخلاقية وإيمانية جدير أن نتشبث ولا نرميها فى سلة المهملات طالما مصالحنا فى خطر وبماذا نفسر تشبث أصحاب أديان الضالة والوثنية كالمسيحيين والبوذيين بل أصحاب الأفكار الفلسفية كالشيوعيين الذين لا يتنازلون ولا يتنكرون ولا يفرطون فى عقائدهم وافكارهم أمام أى إضطهاد .
إن فكرة ونهج التقية تفتح الباب واسعاً أمام التفريط والنفاق فإذا كان إنكار الله والإيمان والرسول جائز وسهل , فيكون التفريط فى المبادئ والمواقف من السهولة بمكان , وتأتى الإشكالية الأخرى هو تقدير كل مسلم للضرر الذى يحل به وفق رؤيته وأهواءه ليستثمر التقية فهل بعد ذلك سيكون هناك أى إمكانية أو معنى لإحترام المبادئ والإخلاص لها .

* إنتهازيون .
إن جمهور فقهاء المسلمين يرون العمل بالنصوص المنسوخة باطل تماماً , وأن النص اللاحق يبطل العمل للأبد بالنص السابق , وأن نصوص القتال قد نسخت نصوص البر والقسط وعدم العدوان , لذا تنتج الشعوب الإسلامية الإرهابيون الذين يحملون السلاح ويريدون تطبيق الشريعة بالعنف والإرهاب كما هو حال التنظيمات الجهادية المختلفة. لكن من جهة اخرى هناك من الإسلاميين من لا يرى أن بطلان العمل يشمل كل النصوص المنسوخة بل بعضها فقط , فهم يرون أن من أصناف النصوص المنسوخة ما نسخ حكمه لسبب يتعلق بالقدرة أو الإستطاعة فإن غابت القدرة على العمل بالنص الناسخ جاز العمل عندهم مؤقتا بذلك الصنف من النصوص المنسوخة تحديدا , ويضيف بعضهم وجود مصلحة كمبرر شرعي للعمل بتلك الآيات من النصوص المنسوخة !, وهكذا يرون جواز العمل بنصوص البر والقسط وعدم العدوان بل حتى نصوص العفو والصفح عمن ظلم المسلمين وقت الضعف وتأجيل القتال وإهمال فرض الشريعة بالقوة على الناس , لذا يتظاهرون بالقبول بالوسائل السلمية في بعض الحالات مؤقتا كما نرى من القبول الظاهري بالإحتكام إلى الديمقراطية وصناديق الإقتراع لدى بعض الإسلاميين المعاصرين في حالة توقع فوزهم .. هؤلاء يرون عدم القتال في وقت ضعفهم والعمل مؤقتا بنصوص السلم حتى تقوى شوكتهم فيعلنون عندها القتال ليقيموا الحدود ويفرضوا على غير المسلمين دفع الجزية وهم صاغرون ويقتلون ويسبون النساء .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول ص221:" فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين, وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الذين , وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوه الجزية عن يد وهم صاغرون .!
هل تعلم ان تكون منافقا وانتهازيا من محاسن الأخلاق , فالإسلام يأمر ببراء الكفار كما ذكرنا لذا لا يحق لك التبسم فى وجه الكافر ولكن الدين يُسر وليس عُصر فيمكن التبسم والتلطف معه متى كان هناك حاجة فيقول المفتي الشيخ محمد صالح المنجد فى فتوى التبسم في وجه الكافر لغرض تأليفه ودعوته من سؤال لسائل: بالنظر إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة الكفار من عدم جواز بدئهم بالسلام , ومن عدم إفساح الطريق لهم كما في حديث (اضطروهم إلى أضيقه ) فهل يمكن أن نقيس على ذلك أيضاً عدم جواز التبسم في وجوههم ؟ بمعنى آخر .. هل يجوز الابتسام في وجوه الكفار؟ فإن كان لا يجوز.. فكيف نرد على من يقول إن ذلك من باب الدعوة إلى الله وترغيبهم في الإسلام ؟ .
الفتوي : الحمد لله، دلت نصوص الشريعة المستفيضة على تحريم موالاة الكافر ومودته واتخاذه صديقا وخليلا ، وإكرامه وإظهار الحفاوة والبشر له ، وابتداءه بالسلام والتحية ، ويستثنى من ذلك بعض هذه الأمور إذا دعت مصلحة أو حاجة ، كتحيته بغير السلام عند الحاجة ، والتلطف واللين معه عند دعوته للإسلام ، ويدخل في ذلك التبسم في وجهه .
كما سئل الشيخ ابن عثيمين: ” ما حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم ؟ فأجاب : لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال الله تعالى : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ) الممتحنة4 ، وقال تعالى : ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) المجادلة 22 . وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) الممتحنة 1 . أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به ، لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به .! وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب أحكام أهل الذمة لابن القيم .انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين.
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية : " و قالت طائفة أي من العلماء : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك " . وجاء في الموسوعة الفقهية (25/168) : " ذهب الحنفية إلى أن السلام على أهل الذمة مكروه لما فيه من تعظيمهم , ولا بأس أن يسلم على الذمي إن كانت له عنده حاجة -;- لأن السلام حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه , ويجوز أن يقول : السلام على من اتبع الهدى . ويحرم عند الشافعية بداءة الذمي بالسلام , وله أن يحييه بغير السلام بأن يقول : هداك الله أو أنعم الله صباحك إن كانت له عنده حاجة , وإلا فلا يبتدئه بشيء من الإكرام أصلا -;- لأن ذلك بسط له وإيناس وإظهار ود . وقد قال الله تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) انتهى . والحاصل أن التبسط للكافر ، والتبسم له ، يجوز لغرض دعوته وترغيبه في الإسلام . والله أعلم.

قناعاتى أن شرائح عريضة من المسلمين لا تتحلى بتلك الأخلاق التى عرضتها وذلك إما جهلاً أو تشبعهم بقيم واخلاقيات الحضارة الإنسانية الحديثة ولكن ليس هناك أى ضمانة لبقاءهم على هذا النهج متى حل أصحاب الثقافة الإسلامية فى المجتمع ليسمموا الجماهير وهو حادث بالفعل لتميل المجتمعات الإسلامية إلى التأثر بنهج الكراهية والتعصب والإقصاء والحدة .
عندما يتشوه الوعى وتختل الموازين والقيم وتضيع بوصلة الحق والخير والجمال ويصير القبح جمالاً لتتغلل مفاهيم وسلوكيات فى ثقافة فلا تتحدث عن تحضر وإنسانية ومستقبل لشعوب تتمرغ فى مستنقع القبح والتخلف .

دمتم بخير وعذراً على الإطالة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" – عبارة صغيرة تترجم معنى الاخلاق والإنسانية فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع والخرافة لتتفوق على كل الميراث الدينى الأخلاقى المهلهل .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات فى فكر ونفسية الإعتقاد – لماذا يؤمنون
- أسئلة مُحرجة – مشاغبات فى التراث 5
- زهايمر- تناقضات فى الكتابات المقدسة –جزء12
- الجمعة الحزينة فى تونس والكويت وفرنسا
- كتابات ساخرة ولكن ليست كتاباتى-مشاغبات فى التراث4
- مشاغبات فى التراث3-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- تشويه الحب والجنس على مذبح الأديان
- عن الحب-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- وهم الزمن والإله-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- مصر إلى أين ؟!
- المصارحة والمكاشفة كسبيل لخروج الإسلام من مأزقه
- فى العشوائية والحتمية والسببية-نحو فهم الوجود والحياة والإنس ...
- صفعات – لماذا نحن متخلفون .
- مشاغبات فى التراث2-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- وهم الحرية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- وهم الغائية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- تراثنا وثقافتنا الحلوة-لماذا نحن متخلفون
- خمسون حجة تُفند وجود الإله–جزء سادس41إلى47
- زهايمر-تناقضات فى الكتابات المقدسة –جزء11
- بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته-كاملا


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - لا هى أخلاق ولا يحزنون-الدين عندما ينتهك انسانيتنا