أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - عن الحب-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان















المزيد.....


عن الحب-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4834 - 2015 / 6 / 11 - 10:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (32) .

ينتابنى شعور مزدوج ما بين شغفى بالمعرفة والبحث والتفتيش فى أعماق الإنسان كمحاولة جادة لفهم الوجود والحياة إلا أننى أرى تناول قضية الحب فلسفياً وعلمياً قد تفسد الشعور الجميل بالحب عندما ينال التشريح والبحث فى أعماقه لأتفهم هنا شعور الزهاد الذين يؤمنون بخرافاتهم ويتماهون فيها ويسعدون بها .. أنا أعيش الحب مستمتعاً بهذه الحالة الرائعة وكفى , ولكن يبقى التأمل والفلسفة أمراً لا غنى عنه للتحليل وتشخيص الحالة وتبديد الأوهام والخيالات المُفتعلة ومحاصرة العلل النفسية والإنحرافات والتشوهات التى تنتاب الحب حتى نعيش الحب فى أجواء صحية ونضعه بقوة على الطريق .

# الحب كيمياء الجسد .
- المشاعر والأحاسيس والإنفعالات هى كيمياء فى الدماغ , فالحزن والخوف والفرح والكآبة كيمياء , كذلك الحب ينتج عن كيمياء يفرزها المخ نتيجه إستقبال معلومات من الطرف الآخر عن طريق الحواس , ولا يكون جمال الجسد وحده الكافى لإحداث الكيمياء حتى تحدث تلك التفاعلات الحيوية بالرغم أن هذا هو الشائع فى المجتمعات المكبوتة جنسياً ولكننا نجد لجمال السلوك العام والعقل وعلو الثقافه والفن والجاذبية دوراً كبيراً أيضا فى بدء عملية الإعجاب، فالإعجاب يحدث نتيجه إفراز موصلات عصبيه كـ"النورأدرينالين" لتجعل القلب يزداد طرباً عند رؤية الحبيب مثلاً ليزداد عدد ضربات القلب فنحن لا نشعر بالانجذاب إلا عندما يفرز المخ كيمياء الحب حيث يفرز "الدوبامين" وهو موصل عصبي له علاقه بالنشوة والسعادة.
الرغبة والغريزة الجنسية التي تجتاح الإنسان نحو محبوبه نتاج هرمون "الأوكسيتوسين" المختص بالعناق وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب راغبا فى الممارسة ليطلب الجنس فى حالة من الشبق والرغبة.
كيمياء الارتباط تنشأ من إفراز المخ لمجموعة من المواد شبيهة بالمورفين التي تسبب الإحساس بالسعادة في الارتباط بشخص ما, وهذه المواد تجعل العلاقة تدوم وتحول الحبيبين إلى حالة فرح وذوبان ليذوب كل منهما فى الآخر لا يقدر على فراقه، وإذا حرم منه سواء بالموت أو بالانفصال تتعرض حياته للمتاعب .
- الحب الدائم والمستمر يمر بمراحل الرغبة والإعجاب والتعلق , وجميع هذه المراحل يمكن أن تُفسر وفق رؤية علمية كيميائية ,فالرغبة هى نتاج الدور الفاعل لهرمونات التستوستيرون والأستروجين, فهرمون التستوستيرون يمثّل القوة الدافعة الرئيسية لكل من الرجال والنساء لذا تستخدم العقاقير الطبية فى تنشيطه كعلاج للأشخاص الذين يعانون من الإنخفاض في الرغبة الجنسية.
سحر و غرابة مشاعر الحب تجد لها تفسير علمي فيزيولوجي فترتبط حالة التفكير والحلم الرومانسى بإرتفاع نسبة السيروتونين , أما إزدياد دقات القلب التى تنتاب العشاق فتسببه الإدرينالين كذا إضطراب النوم والغذاء مرتبطٌ بالدوبامين لذا يمكننا أن نمتن لدماغنا وليس لإله الحب الجميل كيوبيد فيما يعترينا من حالة تحليق وتوهج فى حالة الحب ومن هنا تتبدد رؤيتنا الرومانسية عن الحب كحالة نصنفها فى إطار عالم الروح ليحل مكانها التغييرات الفزيولوجية ,فالأمور تسير وفق كيمياء الجسد فى سبيل تحقيق الحميمية والتكاثر .
- تتعزز العلاقات التي تكونت خلال مراحل الرغبة والإعجاب عبر التفاعلات الكيميائية الحاصلة في جسدنا , فالأوكسيتوسين هي المادة الكيميائية الرئيسية التي تفرز في جسد الإنسان أثناء النشوة الجنسية , وقد أُثبت أن زيادة مشاركة النشوة الجنسية بين الطرفين تقوي أسس العلاقة بينهما وتعزز أواصر الألفة وينطبق الشيء نفسه فيما يتعلق بالرضاعة الطبيعية والعلاقة بين الأم وإبنها , ولهذا السبب يطلق على هذا الهرمون هرمون "العناق".. ولكن يجدر الإشارة لنقطة فى غاية الأهمية أن الجنس فى الحب يتوج ويكلل العلاقة بالإكتمال والتوحد بينما الجنس فى حد ذاته ليس محققا للحب والحميمية , فالعلاقة مع عاهرة لن يحقق الإكتمال والحميمية والتوحد بل تفريغ الشهوة وإفراغ الخصيتين , لذا العلاقات الجنسية ما لم تكن مبنية على حب فهى بوهيمية سواء أكانت فى علاقات حرة أو مع عاهرات أو فى ظل مؤسسة الزواج .
بفضل الكيمياء يمكن إزالة الغموض عن عاطفة الحب من خلال فهم فعل وتأثير الهرمونات والناقلات العصبية , ليبقى فى النهاية نقطة جوهرية جديرة بالإهتمام فالتأثير الكيميائى للحب يفسر الحدوث والآلية ولا يفسر البدء أى لماذا يعطى الدماغ الأمر للكيمياء أن تعمل , ولماذا هذه المرأة بالذات وليست أخرى قد يكون الجانب البيولوجى له تأثير فى مشاهده الصارخة كالأنوثة المتفجرة مثلا لتنطلق الكيمياء ولكن هذا غير كاف كبدء لكل مشاهد الحب ليبقى للحاجات النفسية العامل الرئيسى البادئ والمُحفز وهذا ما سنتناوله فى فلسفة الحب .

# فلسفة الحب .
أتصور أن إختزال الحب فى الكيمياء يفسد مشاعر وأحاسيس البعض ليزعجه أن تختزل الأمور فى فعل مادى يُفقد الإنسان الإحساس بالرومانسية الجميلة التى تتسم بها عملية الحب و التى يتغنى بها المحبون كشئ جميل راقى يحلق فى سماء الفرح وصفاء الروح لذا سأتناول الحب وفق رؤيتى وتحليلى النفسى ومن زوايا مختلفة وأرى أنها تقدم تفسير حقيقى للحب على الجانب الذهنى السيكولوجى لن تتعارض مع الجانب البيولوجى الكيميائى , فالحالة الذهنية النفسية ستكون الآمرة للكيمياء أن تتحرك وبذا سنُطفى على الحب هالة من العظمة والتقدير لوجوده وفق ما يمثله لنا من أهمية عظيمة غير مُدركة .

* رؤية أولى : الحب توازن الحياة .
- الحب فلسفة الحياة أو قل معادلة وتوازن الحياة فلولا الحب مابقت حياة أو إنسان ولا أصيغ قولى هذا فى إطار رومانسى شاعرى يطلب المبالغة والتعظيم لقيمة الحب بل وفق حضور الحب فى الحياة , فالحياة صراع الضدين ولا وجود لضد منفرداً وعليه يكون الحب هو الضد المقاوم لنزعة التوحش والقسوة والعنف والكراهية داخل الإنسان لإيجاد التوازن ومحاولة الحد من جموحه ,ليكون تحضر الإنسان بتصعيد الحب على نهج العنف والكراهية ومن هنا يكون نضالنا فى سبيل التحضر ضد الافكار والأيدلوجيات العنصرية التى ترفع العنف والقسوة والكراهية وذلك بتجذير الحب والتعايش السلمى بين البشر .

* رؤية ثانية : الحب ايجاد معنى لحياة بلا معنى .
- أرى الحب فى جوهره بحث الإنسان عن حالة من الصفاء والسلام لذا ينجذب البشر سواء رجال أو نساء إلي تجديد المشاعر الرومانسية وجعلها مثل الطاقة المتجددة فى مواجهة صرامة الحياة ومنطقيتها الشديدة بخلق معنى فى وجود بلا معنى وإيجاد غاية للحياة من خلال تدشين مشروع حب تجاه الآخرين والتماهى فى هذا المشروع ليكون محور الحياة للإنصراف عن عدميتها بوجود قضية حيوية تستوعبنا وتستهلكنا ..فبالفعل يكفينا الإحساس بوجودنا من خلال الحب كقضية ذات معنى تخلص الحياة من عدم جدواها..أى أن الحب فكر بشرى ذكى لإعطاء معنى وحيوية للحياة .
- يخفى الحب وراءه غائية مُفترضة تريد إثبات الوجود وتحقيق معنى للحياة فنحن متواجدون وهناك من يقبلنا فى هذا العالم المادى .. هناك من نحبه ويحبنا .. هناك من يترفق بنا ويولينا أهمية .. هناك من نستهلك وجودنا وحراكنا من أجله لنتلهى فى قضية من إنتاجنا ونجد هذا الأمر فى المرأة بشكل واضح وجلىّ فهى تستهلك حياتها فى قضية حب من أجل الآخرين تتمثل فى أولادها وحبيبها وأهلها كما تنشد الإهتمام والحنان والعيون التى تنشد مودتها وتحنو عليها فهى مرغوبة وليست قيمة مهملة وقد يرجع هذا إلى حجم التهمييش الذى يسحقها ويتناولها كسلعة للإعتلاء.

* رؤية ثالثة : الحب إحساس بالوجود من خلال مرايا نرى فيها أنفسنا .
- نحن ندرك وجودنا من عدة مرايا تتمثل فى بشر مثلنا أو حيوانات نألفها أو موجودات لتعطى كل مرآة مَلمح من ملامح وجودنا وكلما زادت المرايا كماً وقرباً كلما إبتعدنا عن إغترابنا وأحسسنا بإنسجام وأمان مع الحياة , وكلما كانت المرايا كبيرة متمثلة فى علاقات حميمية دافئة كلما أصبح لوجودنا معنى كبير لذا تكون خسارة أى مرآة هو إنتقاص لوجودنا الذى إعتدناه وبمثابة هزة عنيفة لوجداننا بخسارة مرآة من مكونات وجودنا .
- هناك عامل آخر أكثر عمقاً لمشاعر الحزن التى تصاحبنا عند فراق موتانا ,ليس هو ذلك الإحساس بلوعة فراقهم أو كوننا نحمل رصيد من الذكريات والمشاعر تجاههم فهذا بالفعل ما يطفو على سطح وعينا لتحجب مايدور فى العمق الإنسانى من أسباب , فنحن نحزن ونفجع فى فقد أحبائنا لأننا نفقد مرآة من مرايا إثبات وتحقيق وجودنا .
- وجودنا هو علاقتنا بمجمل الوجود المادى من بشر وحيوان ونبات وجماد فلا وجود لنا من غير محيط مادى يحتوينا سواء أكان حى أو جامد ,وكلما كانت العلاقة ذات تفاعل قوى كلما أدركنا وأحسسنا بوجودنا لنودع الإحساس بالإغتراب من وجود مادى صارم يقذف صوره بلا معنى , فالعلاقات الإنسانية ذات أهمية كبيرة فى الإحساس بوجودنا فهى تفاعل حىّ متبادل يمنح الكثير من الزخم لذا يميل البشر للتجمع فى جماعات بشرية ,كذلك علاقتنا مع الحيوان يمنحنا إحساس بالوجود وإن كان أقل فاعلية من علاقة الإنسان بالإنسان لتكون تربية الحيوانات والطيور والنباتات والتعلق بها مرايا أخرى تحقق وجودنا .
- لا تكتفى مرايا وجودنا على الكائنات الحية فكما ذكرنا تفاعل الإنسان مع الوجود المادى بأكمله لذا تتكون علاقة شعورية ما مع الجماد تقتصر على مشاعرنا وإنطباعاتنا فقط والتى نخلقها ونسقطها على الأشياء لذا نجد إرتباط وشعور وذكريات حب تجاه بعض الموجودات الجامدة كالوطن والدار والشارع .. هذه العلاقات والمشاعر هى صور وجودنا أو مرايا تعكس وجودنا الحي ليكون فقد أى مرآة من عشرات المرايا التى تحقق وجودنا بمثابة هزة عنيفة لكياننا ترتد بنا لمربع الإغتراب .
- يمكن إثبات فكرة المرايا كسبب جوهرى لاواعى لإحساسنا بالحزن على أمواتنا فنحن لا نحزن على أى ميت , فليس كل الموتى أصحاب تأثير فى صالة مرايانا ولكن قد يفسرها البعض كوننا لا تجمعنا معهم تاريخ من الذكريات والمشاعر وهذا صحيح لا يتناقض مع رؤيتنا المطروحة بل يُفسر المشهد من الخارج فقط ,فيمكن صياغة مقولة لا تجمعنا تاريخ ذكريات ومشاعر بمدى قرب الميت من مرآة إحساسنا بوجودنا , فمقولة تاريخ الذكريات والمشاعر ليست ذات كينونة مستقلة بل تعبير عن إسقاط لكينونتنا وذاتنا على الأشياء .
- لو سألنا ما معنى تاريخ الذكريات والمشاعر ستكون الإجابة أنها حالة من التفاعل الوجودى الذاتى مع الآخر لتحفر ذكريات على مرآة الوعى , ولو سألنا ماذا يعنى التفاعل الوجودى فهو يعنى وجودى الذى يتحقق بالتفاعل مع الآخر ,لذا كلما كان التفاعل قريباً وحميمياً فيعنى أننى أمام مرآة كبيرة أنظر فيها إلى وجودى لتمنحنى الأمان , ويكون تحطم هذه المرآة هزة قوية لوجودى , لذا نجد مواساة البشر لبعضهم البعض كإعلان لهم أن هناك مرايا أخرى بديلة ستعوض خسارة المرآة التى تحطمت .
- الحب هو صقل ولمعان مرآة وجودنا ليزداد إحساسنا بوجودنا وضوحاً وبريقاً لنرى أنفسنا فى الحبيب أكثر ونحظى على أكبر درجة من التحقق والتوازن والسلام لذا تكون خسارة الحبيب فادحة فقد تحطمت مرآة مهمة من مرايا شعورنا بالحياة .. الحب يبدو لنا مشاعر جميلة وهو كذلك بالفعل ولكن الحب ليس شئ هائم فى الهواء فجذوره فى عمق الإنسان ككائن باحث عن علاقة دافئة حية تعطى أمان وسلام وترفق فى وجود مادى جامد غير معتنى .
- إن حبنا وعلاقاتنا مع الآخرين تتأسس على فكرة المرايا كإنعكاس لوجودنا أو بالأحرى تكوين ملامح وجودنا وكلما كانت المرايا قريبة زادت مشاعرنا وخوفنا وقلقنا كإحساس لا واعى .. لذا موت الحبيب يعنى هزة شديدة لوجودنا وكينونتنا ومن هنا يمكن تفهم مشاعر الأباء والأمهات تجاه الأبناء ومشاعر الأبناء تجاه ذويهم الذى يُعبر عنه بكلمة الغريزة فتكون المرايا التفسير النفسى للغريزة الإنسانية .
- في وعينا المُدرك نظن أننا نبحث عن أصدقاء وأحباء لكن في عمقنا اللاوعي نبحث عن ذواتنا الأكثر شبهاً بنا لنرى أنفسنا من الخارج من خلال مرآة الآخر .. ليتحقق بهم ومنهم وجودنا ليكون تعلق الأم بولدها كجزء من وجودها وإمتداد له وكأكبر مرآة ترى فيها ذاتها .
- الحب هو المرآة القوية الصافية التى نرى بها وجودنا لذا يكون حزننا شديد على فقد الحبيب ليصل لحد الإنكسار النفسى لنلحظ هذا الإنكسار يتحقق بقوة فى فقد الأم لإبنها والأب لولده عن فقد المرأة لرجلها والزوج لزوجته لأن علاقة الحب فى الأولى حقيقية ترتبط بإمتداد وجودى أما الثانية المتمثلة فى الزوج والزوجة فهى فى الغالب مرآة وجودية إصطناعية تحركت تجاه الجسد والصفقة وكراسة المواصفات ليفقد الجسد بريقه وحيويته مع الأيام وتفقد المرآة الإصطناعية بريقها .

* رؤية رابعة : الحب كمعادل للموت .
- يشكل الموت معضلة الإنسان الكبرى منذ أن خطى على الأرض حتى الآن وذلك من إدراكه لحالة موت أقرباءه وأحباءه لنستطيع القول بأن تأثير الموت على فكر ونفسية الإنسان جعله يخلق خرافاته وأساطيره وفكرة الإله الذى سيستقبله فى عالم أخروى ولا بأس من المتعة المفرطة بل العقاب المُفرط مطلوب ليس لردع وترهيب الخارجين عن المنظومة الإجتماعية فقط بل لوجود حياة بعد الموت بغض النظر عن طبيعتها لتكسر قسوة العدمية فلا يكون الإنسان دودة أو حيوان نفق .
- يأتى الحب كمعادل لفكرة الموت وتمرير كآبتها وتخفيف وطأتها لأتذكر قول أخى عند دفن أختى "سلميلى على بابا وماما وأخى " , كما أتذكر مقولة لأمى قبل وفاتها " أريد أن أموت حتى ألتقى بأخيك فى السماء وأأخذه فى حضنى " فليست أقوالهم هذه تعبيرات عاطفية عفوية مفعمة بمشاعر الشوق ولكنها تعبر عن عمق نفسي داخلي يرغب فى إسترداد المرايا الوجودية القديمة .. لقد آمنت أمى بالعالم الآخر ليس رغبة فى كسر الموت والبقاء فى النعيم مع القديسين فحسب بل كمكان للقاء أخى وإسترداد مرآة كبيرة لامعة شكلت وجودها لذا تكون فكرة الله محققة لمكان اللقاء وتمديد وجودنا وإثباته فهو الذى يمنح الحديقة الخلفية التى نلتقى فيها مع أحباءنا , ويالها من عبقرية إنسانية عفوية خلقت فكرة الإله من رحم الموت لتحقق حلها الوجودى فى وجود غير معتنى ولا مَعْنى .
- تفتنى عبارة الجميلة ميادة الحناوى فى أغنيتها الحب اللى كان "حبيبي جيت انا في الدنيا ديه إلا علشان احبك" كذلك عبارة أغنية الحب كله لأم كلثوم " حبيبي ده أنا مخلوق علشانك يادوب عشانك عشانك انت " لأحس بقوة وجماليات ورحابة معناها بالرغم أننى متحرر من خرافة قصة الخالق و الخلق والإنسحاق هذه ولكن أجد فيها إحساس كإحساسى الغريب بالإنجذاب للبحر لأجتهد أن أجد لها تفسير يتفق مع فكرى المادى لأقول أننا كبشر كنا ذرات هيدروجين فى سديم فضائى فهل يمكن ان تكون حبيبتى ذرة هيدروجين ملتصقة بذرتى فى السديم الأول لتشاء الظروف أن ألتقيها فتكون هى التى أبحث عنها والذرة التى جئت فى هذا العالم لكى أعيش بجوارها .!
ليس أصحاب الفكر المادى فاقدى الاحساس والخيال ولكن يمكنهم أن يفسروا الحالة الوجودية وإن كنت أفضل أن نترك فى بعض الأحيان الأمور لغموضها وسحرها و" حبيبي جيت انا في الدنيا ديه إلا علشان احبك"
https://www.youtube.com/watch?v=tDyqb0xNHTE

*رؤية خامسة : الحب ممارسة لذة المازوخية والسادية معا .!
لى رؤية قد تكون صادمة وهى أن الحب يعتبر لذة تعبر عن رغبة عميقة غير واعية لممارسة المازوخية والسادية معاً أى التمتع بشكل طوعى غير واعى بالإنسحاق أمام الحبيب مهما قدم من ألم لتبقى اللذة فى الإستسلام لهذه المازوخية كما لا تخلو الأمور من حالة إزدواجية تستحضر لذة السادية والتحكم والهيمنة على الحبيب فى مشهد إزدواجى غريب يجد متعته فى التأرجح بين اللذة والألم وهذا نراه بوضوح فى مشاعر الغيرة والهجر لدرجة أننا نعتبر الغيرة نار الحب أو حباً مفرطاً لا يخلو من نزعة الإمتلاك لنستسلم له , كما نتلمس بوضوح حالة التماهى فى مشاعر الهجر لتكون أكثر أغانينا العاطفية إنجذاباً ومتعة هى التى تتعاطى مع الهجر لتخلق متعة من الألم .!
بالفعل يزداد منسوب هذه المشاعر المختلطة وتتفاوت تبعا لثقافة المجتمع ولكن تبقى لذة التأرجح بين اللذة والألم كمشاعر مُبتغاة من الحب كحال الإستمتاع بالبرودة ولذة تجرع المياة بعد يوم حار جاف بل لدينا أحاسيس مطموسة غير واعية عندما نفقد أشياء أو فى بعض الأحيان نتعمد فقدها بفكر غير واعى لننال لذة العثور عليها وإستردادها فكثير من يمارسون الهجر لا يريدون القطيعة النهائية بل إختبار حبهم وإسترداده بعد عناء الألم ليكون نيله متعة فائقة .

* رؤية سادسة : الحب مشروع للتوحد يضل طريقه كثيرا .
أرى الحب رغبة الإنسان فى مشروع للتوحد مع كيان آخر بغية الأمان والسلام الداخلى وكعضد للإنسان فى مواجهة الحياة فهناك سند ودعم ومشروع للتوحد وقلب يعتنى ويترفق عند الفشل والاحباط ليمنح الحبيب طاقة فى مواجهة الإنكسار والإحباط والفشل ولكن للأسف هذه الرغبة والطاقة الداخلية تفقد بريقها ومعناها عندما يكون الحب صفقة تعتنى بالمال والجنس فقط , فالملاذ للمال وليس لمشاعر سيلغى التوحد , كذا الرغبات الجنسية عندما تتفرد فى ساحة الشعور فهى غير مضمونة أن تحافظ على الحب , فالرغبات تفقد بريقها وشبقها مع الإعتياد على الجسد أو فقدان بريقه مع الزمن لذا تجد معظم الزيجات فقدت حماسها وحميميتها من تلك النظرة التى إختزلت الحب فى الجسد والأمان بالدخل المادى لينصرف مشروع التوحد والأمان .
عنما نرى حزن المرأة على زوجها فهذا يتوقف على مقدار ما قدمه لها من وجود وأمان وجودى وليس على ذكريات الحب فهذه الذكريات والصور تخفى العمق النفسى الوجودى ,فمرآة المرأة تستمد من الزوج الدعم والأمان الإجتماعى لذا لا تتحقق علاقات حب حقيقية فى ظل علاقات زواج تقليدية يسمونها حب العشرة وماهى إلا إعتزاز بأمان وجودى فقط .

* رؤية سابعة : الحب بحث عن إنتماء .
جذور الحب تكمن في حاجة الإنسان الى الإنتماء للمجموع فبهذا الإنتماء والهوية يستمد حضوره ووجوده الفاعل لذا يبحث الإنسان خلق علاقاته الخاصة به، وأكثرها تحقيقاً للاشباع القائمة على الحب الخلاق ., هذه الرغبة للإندماج مع شخص آخر عن طريق الحب أكبر توق لدى الانسان وأعظم عواطفه الجوهريةً فهى القوة التي تبقي الجنس البشري متماسكاً من خلال الأسرة والعائلة والقبيلة والمجتمع ,لتكون الإنعزالية والتقوقع والفشل في تحقيق هذا الاندماج يعني الدمار للذات وللآخرين , فبدون حب لا يمكن للإنسانية أن توجد يوماً واحداً .
الحب موقف من الإنسان تجاه شخص أو أشخاص ليحدد منهم علاقته بالعالم ككل ليشعر بالدفء الحياتى ليكون تماهى الإنسان فى الحب كقضية إنتماء وهوية باحث عن أمانه وتأكيداً لوجوده ومن هنا ننتقد الأديان كمشاريع متشرنقة ضيقة للإنتماء والهوية فلا تندمج فى المشروع الإنسانى العام .

دمتم بخير وإلى لقاء مع الجزء الثانى عن : تشويه الحب على مذبح الملكية والأديان .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الزمن والإله-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- مصر إلى أين ؟!
- المصارحة والمكاشفة كسبيل لخروج الإسلام من مأزقه
- فى العشوائية والحتمية والسببية-نحو فهم الوجود والحياة والإنس ...
- صفعات – لماذا نحن متخلفون .
- مشاغبات فى التراث2-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- وهم الحرية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- وهم الغائية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- تراثنا وثقافتنا الحلوة-لماذا نحن متخلفون
- خمسون حجة تُفند وجود الإله–جزء سادس41إلى47
- زهايمر-تناقضات فى الكتابات المقدسة –جزء11
- بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته-كاملا
- الطبيعة ملحدة..العشوائية تنتج النظام
- منطق الله الغريب-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- أخلاقنا وأخلاقهم-فى فلسفة الخير والشر
- الإسلام السياسى هو التناقض الرئيسى فى كل صراعاتنا
- مشاغبات فى التراث-الأديان بشرية الفكر والهوى
- فى ماهية الإنسان والحياة والوجود .
- علم الله بين لعل وعسى وفليعلم
- الدين عندما يُفقد المرء محتواه الإنسانى


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - عن الحب-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان