|
لماذا نبخل بالكلمة الطيبة الساحرة؟؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4895 - 2015 / 8 / 13 - 17:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا نبخل بالكلمة الطيبة الساحرة ؟؟ يقول جون ديوي :"إن أعمق دافع في طبيعة الإنسان هو الرغبة في أن يكون مهما" ، لأن تقدير الذات ضرورة ملحة في حياة الإنسان ،ولذلك كان أبسط طرق للتأثير على قلوب الناس وضمان محبتهم ، هي أن وتسمعهم ما يحبون من عبارات الإطراء وكلمات الشكر المخلصة ، و تعاملهم بأساليب التقدير الصادقة النابعة من القلب ، التي تشعرهم بالقيمة والاحترام ، وتنشي أرواحهم وتدغدغ مشاعرهم ، كما يفعل صياد السمك الماهر ، الذي لا يضع في صنارته إلا ما يحب السمك من الديدان ، لا ما يحب هو ، من تفاح وموز وخيار ، أو ذهب وفضة وأوراق مالية أو سندات وشيكات بنكية ، فيتمكن في النهاية من اصطياد ما يريد من الأسماك ؟ . وكما هو ملموس عند الغربيين ، الذين عرفوا أثر الكلمة الطيبة اللطيفة الساحرة في النفوس ، وجعلوها شعار تعاملهم الاجتماعي ، الذي ينشر صفاء الود والمحبة بين أفراد مجتمعاتهم ، تجري بها ألسنتهم ، ويُشعرون بعضهم بالقيمة والتقدير ، بما يشيعون بينهم من عبارات التشجيع والإطراء والمديح ، التي تجعل من أي شخص إنسانا مبهرا ومتألقا ، وتنمي فيه خصال المحبة والإخلاص ، لأن الناس كما يقولون ، "معادن تصدأ بالملل ، و تنكمش بالألم ، و تتمدد بالأمل " وتصفو بلطف الكلام وجمال التعامل ، الذي يزرع الفرحة في القلوب ، وينشر السعادة في النفوس ، وحتى في حال الانتقاد ، فإنهم يحسنون تغليفه بالاستحسان ، فلا يجرحون المُنتَقَد ، ولا يمتهنون كرامة المخطئ ، ولا يسخرون من أحلام البسطاء من الناس ، وخاصة الطيبين منهم.. فلماذا لا نتعايش في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بحسن الخلق وطيب الكلام ولطيف الابتسام الذي ينشي الأرواح و يدغدغ المشاعر كما يفعل الغربيون ؟ ، ولماذا لا يكون شعارنا نحن أيضا كل ما يطرب آذن الغير، ويطمئن قلوبهم ، ويشعرهم بالقيمة والاحترام ، و يزرع البهجة بين الأهل والأقارب والأحباب والناس أجمعين ؟ خاصة أن الإسلام قد سبق إلى كل تلك الخصال الحميدة الراقية ، المؤدية إلى صحة المجتمعات وقيام الحضارات الراقية بما حثنا عليه من التعامل الاجتماعي الصحيح ، في العديد من آيات كتابه الحكيم ، كما في قوله سبحانه وتعالى : "ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون" ، وكتلك التي وردت في الأحاديث النبوية الشريفة أمثال : "ثلاث يصفين لك ود أخيك ، تسلم عليه إذا لقيته ، وتوسع له في المجلس ، وتدعوه بأحب الأسماء" ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "الكلمة الطيبة صدقة" ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة" . أنه ليصاب المرء بالحزن والأسى عندما يرى نفسه محاطا بهذا العدد الكبير من الناس الذين يهوون الاستهانة بالنفس البشرية ، وتصر ألسنتهم على البخل بالكلمة الطيبة ، وتضن شفاههم بالابتسامة الساحرة ، وتقحط سلوكياتهم بالخلق الحسن ، رغم أنه لا يشرط في التخلق بها ، أن تكون لا شاعراً بليغاً ، ولا خطيباً مفوهاً ، ولا عالماً عظيماً، ولكنك بحاجة إلى إحساس مرهف ، وتعامل راقي، ومنطق حسن. فهل بعد كل هذا الذي جاء في كتاب الله وحديث نبيه عن مزايا الكلمة الطيبة وفضائل الابتسامة الصادقة وأثرهما في تهدئة النفوس ، وتأليف القلوب ، تبقى ألسنتنا مصرة على بخلها بالكلمة الطيبة ، وتستمر شفاهنا في ضنها بنشر الابتسامة الساحرة ؟ دفعني الحزن والأسى مما رأيت عند الغربيين من التعلق بحسن التعامل ، والذي هو من لب تعاليم ديننا الحنيف ، إلى التساؤل عن السبب في بخلنا في استعمال الكلمة الطيبة ، أهو لجفاف لغتنا وحضارتنا وتراثنا ، أم لجذب في قلوبنا أم لإقفرار نفوسنا ، أم لقلة في مواهبنا وقدراتنا على معاشرة الناس بالخلق الحسن ، وإظهار التقدير الحقيقي لهم ، وأختم بما خاطب به الله سبحانه تعالى رسوله سيدنا محمد :" وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" سورة آل عمران 159،..
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الإتيكيت- او أخلاقيات وذوقيات التعامل
-
آه يا خوفي من آخر المشوار
-
استراحة في الحي اللاتيني ، أقدم أحياء باريس
-
من المستحيل أن أنتخب كذاباً غشاشاَ خداعاً ؟
-
لاتظلموا قلمي !!
-
علة تأخر المجتمع العربي والإسلامي .
-
جلسة ممتعة بأحد مقاهي الحي اللاتيني بباريس
-
مجالس الحشيش الرمضانية. مقهى اسطنبولي بفاس الجديد نموذجا
-
ثقافة الانتماء السياسي !!
-
الكفتة أكثر الأكلات المستهلكة بشراهة
-
آيات القرآن الكريم نغمة للهواتف المحمولة !!
-
الاعتياد على الشيء يفقد الشعور بوجوده !!
-
ذكريات العيد التي لا تبلى ..
-
إنما هي قضية أخلاقية بالمقام الأول !!
-
تشابه الفكر الظلامي واختلاف طرق تصريف المواقف..
-
ليس محض صدفة انتشار المرجعية الفكرية الظلامية على امتداد الب
...
-
مقابرهم ومقابرنا ؟؟ -المقابر المَشَاهد-cimetières paysage نم
...
-
ظاهرة التطوع لنشر حب المطالعة وثقافتها..
-
شياطين الإنس أشد ضررا من مردة الجن ..
-
على هامش تكريم مولاي مسعود
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
-
المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس
...
-
الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف
...
-
الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج
...
-
هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
-
اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة
...
-
خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض
...
-
تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل
...
-
“toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة
...
-
فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|