أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - -الإتيكيت- او أخلاقيات وذوقيات التعامل














المزيد.....

-الإتيكيت- او أخلاقيات وذوقيات التعامل


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4893 - 2015 / 8 / 11 - 02:51
المحور: المجتمع المدني
    


لكل مُجتمع من المجتمعات البشريّة - بغضّ النظر عن تقدّم ذلك المجتمع البشري أو تخلّفه- تنظيمه الحياتي وصيغه السلوكية الخاصة ، التي يتخذها أفراده ، كنظام عام للتعامل به فيما بينهم ، والذي هو حصيلة تراكمات ووقائع تاريخيّة تركت بصماتها على حركة المجتمع وتراثه وما يحمله من معانٍ وصور ثابتة في أذهان الناس ، من مورثات شعبية ، وأساطير خياليّة ، وعقائد وآداب ورسوم وعادات وتقاليد وفنون ، تمنحه قيماً دافعة باتّجاه الصورة الجامعة ، التي تُلقي بظلالها على النظام الاجتماعي السائد في حياة ذلك المجتمع ، والتي تميزه عن باقي المجتمعات الأخرى ، من حيث العادات والتقاليد والملابس والقيم الدينية والأخلاقية وأساليب المعيشة ، التي يصطلح على تسميتها بـ"أدبيات التعامل وذوقياته وأخلاقياته" -أساس الحضارة بمفهومها الشامل – المنظمة لمجموع السلوكيات البشرية التي تفرضها رغبات الناس الذاتيّة وأذواقهم المتعارف عليها في مجتمع ما ، و والتي يفرض على أفراده السير عليها ، في كل مجالات الحياة ونطاقاتها ، وفق عرف تلقائي غير مكتوب ، أو تشريعات وقوانين صاغها الحكماء والفلاسفة والأنبياء والرسل ورجال القانون ، لتنظيم التعامل الاجتماعي حسب مختلف المناسبات ، والتي أسماها الفرنسيون "الإتيكيت Etiquette " المصطلح المستوحى من كلمة " Etiquette " بمعني البطاقة ، التي كان يكتب عليها خطوات التصرف الجماعي في المناسبات الرسمية ، وتوزع على الحاضرين ليعم النظام بين الحضور، المصطلح "الإتيكيت Etiquette " الذي تحول مند عام 1750 ليقابل معنى التصرف الصحيح بالسلوك الأصح ، أي أنه لا يكفي أن تقوم بالعمل بالطريقة الصحيحة بل يجب أن تكون سلوكياتك وعاداتك وتقاليدك رفيعة ترقى إلى مستوى الكمال ، وتظهر معالم الثقافة العالية ، ومستوى التحضر والرقي لديك ..
ومن الطبيعي ألا تروم هذه النظم الاجتماعية والقواعد السلوكية ، التي أوجدها حكماء المجتمع وعقلاؤه ، إلا لما فيه خير الإنسان ورشاده إلى منتهى الصواب ، وتنظيم حياته وتطويعها لتنسجم مع طبيعته الإنسية وفطرته الإنسانية المطبوعة على النظام والسلام والتعايش ، بغض النظر عن الدين والمعتقد والجنس ، كما هو الحال بالنسبة للإنسان الأوربي المتشبع بأدبيات التعامل المجتمعي وذوقياته وأخلاقياته الـ"إيتيكيت " التي يتفانى في احترامها وتطبيقها بحزم وجدية في تعامله اليومي مع الغير ، الذي يحرص على ملاقاته بالابتسامة والتحية ورقة العبارات الموحية بالمحبة والتسامح والاهتمام ، فلا تسمع إلا عبارات : من فضلك ، أسعد الله صباحك ، لو سمحت ، شكرا ، أعتذر ، وغيرها من العبارات ذات التأثير السحري في الإنسان ، بعيدا عن أساليب الإحباط والانتقاد اللاذع الذي يقتل الطموحات ، خلافا لما هو شائع بيننا نحن أمة الإسلام ، الدين الذي كان سباقا لمثل هذه النظم والقيم وغيرها كثير من والأخلاقيات التي جاءت بها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، والتي تدفع جميعها باتجاه التخلق بما ينظم التعامل بين الناس ، وينشر الود والمحبة والإخاء بينهم ، كالابتسامة في وجه الأخ صدقة ، وإفشاء السلام و... وغيرها كثير جدا ، كثرة مجالات "المعاملة" التي اهتم بها الإسلام أكثر من غيرها من الأمور الأخرى -حتى قيل الدين المعاملة - والتي قدم لنا القرآن الكريم فيها كمسلمين دروسا قيمة في ثقافة التعامل ، وحثنا خلالها على التخلق بكل ما ينفع الإنسان والإنسانية من آداب وأخلاقيات وثقافة تسعد النفس وتريح الغير في كل المجالات حتى أبسطها ، كالمشي مثلا وحركة السير وذلك في قوله: "وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً. كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً. ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ" (الإسراء: 38-39) ، وذلك لأن الحركة الواعية والاتزان في المشي ، على بساطتها ، ليست دالة على نوعية الثقافة وقيمومتها وحسب ، بل هي من أهم السلوكيات الناشرة للسلام والوئام في الشارع العام ، حيث تظهر هيئة السائر رقيه أو قلة تمدنه ، ويدل نمط مشيته ، على ثقافة احترام الآخر وقبوله أو رفضه ، خاصة إذا كانت المشية مقرونة ببشاشة الوجه وإشاعة الابتسامة وإفشاء التحية .
ومما لا شك فيه أن ثقافة السير وآدابها لا تقتصر على المشي أو السير راجلا ، كما يوحي المنطوق العام للآيات الكريمات ، لكنها تشمل كل ما ينطبق عليه من مفاهيم حركة المشي والتنقل سيرا على الأقدام أو ركوبا على متن وسائل النقل القديمة أو الحديثة ، لأن ثقافة وآداب السير وسلوكياته تبقى واحدة لا تختلف في جميع الحالات ، فما يفترض منها في الراجل من آداب المشي ، هي نفس الثقافة والآداب التي تفترض في الراكب ، سواء كان مستقلا لوسيلة نقل خصوصية أو عمومية ، أو كان قائدا لبهيمة أو دراجة أو السيارة ، فالغاية واحدة في الحالين ولهما حتما نفس الأثر في تغيير حياة الإنسان وسلوكه الاجتماعي ، كما أبان ذلك القرآن الكريم على لسان لقمان الحكيم وهو يوصي ابنه بالتخلق بأدب الطريق وثقافة معاشرة الآخرين في قوله :" لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" (سورة لقمان: 18-19.



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آه يا خوفي من آخر المشوار
- استراحة في الحي اللاتيني ، أقدم أحياء باريس
- من المستحيل أن أنتخب كذاباً غشاشاَ خداعاً ؟
- لاتظلموا قلمي !!
- علة تأخر المجتمع العربي والإسلامي .
- جلسة ممتعة بأحد مقاهي الحي اللاتيني بباريس
- مجالس الحشيش الرمضانية. مقهى اسطنبولي بفاس الجديد نموذجا
- ثقافة الانتماء السياسي !!
- الكفتة أكثر الأكلات المستهلكة بشراهة
- آيات القرآن الكريم نغمة للهواتف المحمولة !!
- الاعتياد على الشيء يفقد الشعور بوجوده !!
- ذكريات العيد التي لا تبلى ..
- إنما هي قضية أخلاقية بالمقام الأول !!
- تشابه الفكر الظلامي واختلاف طرق تصريف المواقف..
- ليس محض صدفة انتشار المرجعية الفكرية الظلامية على امتداد الب ...
- مقابرهم ومقابرنا ؟؟ -المقابر المَشَاهد-cimetières paysage نم ...
- ظاهرة التطوع لنشر حب المطالعة وثقافتها..
- شياطين الإنس أشد ضررا من مردة الجن ..
- على هامش تكريم مولاي مسعود
- رحيل نقابي متميز ..


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - -الإتيكيت- او أخلاقيات وذوقيات التعامل