أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - زبيب - قصة قصيرة من الأدب الكردي














المزيد.....

زبيب - قصة قصيرة من الأدب الكردي


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


زبيب
قصة: اسماعيل سليمان هاجاني
ترجمة: ماجد الحيدر

كان يحب الزبيب كثيراً. وتضطرب معدته ويتعكر مزاجه طوال النهار إذا لم يكن إفطاره، خصوصاً في فصول الشتاء، يتضمن دبس الزبيب. كان، في كل خريف، يشتري "مَنّاً" من التين المجفف وأكيالٍ من الزبيب الأسود والأصفر وأصناف المؤن الحلوة، وكان، الى ذلك، يعشق القرع العسلي الأصفر؛ فقد كان يكبُر زوجته بعقدين من السنوات، ولا أعرف من أدخل في رأسه أن هذه المؤن تزيد الفحولة.
لكنه، في هذا الخريف، لم يهنأ بزبيبه: كانت الثورة قد حمي وطيسها، وانتشرت شائعات بأن كل بيت في السهل تعثر فيه الحكومة على زبيب أو أية محاصيل جبلية سيحل عليه غضب الله ويُتهَم بمساندة الثوار، ودليلهم في ذلك أن أصحابه يقايضون حنطتهم بزبيب الجبال وأن من يتاجر مع العصاة ويبيعهم حنطته مذنب مثلهم.
لكنه كان يهزأ من هذه الأقاويل ويهز رأسه قائلاً:
-" يخرب بيوتكم! إن عقولكم لأصغر من عقول العصافير! كيف تدوس الحكومة على كلام الله؟ ألم يقل في القرآن الكريم (والتين والزيتون)؟ ثم ينظر الى الملا ويسأل: أليس كذلك يا مولانا؟"
ويجيبه الملا:
-" نعم يا عزيز، أنت على حق. لقد ورد ذكر التين والزيتون، والأعناب أيضا في آيات أخرى. لكن الزبيب والدبس لم يرد ذكرهما!"
-"هل يعني هذا أنك تحرّم بيع الزبيب وشرائه؟"
-"أنا لم أفعل ذلك يا فلان، لكن الحكومة قررت ذلك"
-"قسما بهذا القرآن الذي تتلوه سأظل آكل الزبيب سواء كان ممنوعاً أم لا. والله كريم عندما تأتي قوات الحكومة!"
...
لم يمض أسبوع حتى نزل نمور جبل (بيخير) وهجموا بثلاثمائة مقاتل بيشمركه على عين زاله ليشعلوا النار تحت أقدام السلطة الحاكمة. ولفّت قريتهم عاصفةٌ هوجاء. لم يسمحوا للعيال والصغار ولا للأغنام والحيوانات بالخروج من القرية. وقلّبوا بيوتها واحداً واحداً عابثين مفتشين. وأرتفع عويل العجائز والأطفال الى عنان السماء. وعندما شبت النار في سقف بيت عزيز غطى صراخ صغاره على كل الأصوا، فيما أمسكه أحد الضباط من ذراعه بشدة وراح يهوي بالخيزرانات على أردافه وهو يصرخ به:
-"ها.. أنت لم ترَ البيشمركه؟ من أين جاءت إذن أعواد الزبيب التي على سُفرتكم؟ هل ستنكر أنكم تأكلون الزبيب؟!"
كان عزير يرتعش كالطير بين يدي الضابط، وكاد أن يجيبه بأن الله نفسه قد تحدث عن العنب وأنه ليس محرَّما، وأن أسواق الموصل وبغداد مليئة بالزبيب وغيره من المؤن الجبلية، لكن الخيزرانات قطعت عليه الدرب فلبث كالأخرس ولم يستطع أن يصل شفته العليا بالسفلى.
وبينما هو في هذا الحال، حانت منه التفاتة فوقعت عينه على اللهيب الذي يتصاعد من بيته كالزوبعة فابتلع ريقه بصعوبة وقال في نفسه:
-"حسنٌ أن الزبيب المدفون تحت الأرض لا تلوحه النار!"
وركله الضابط ثانيةً على صدره فألقاه أرضاً وصاح بمن حوله:
-"إذهبوا واجلبوا لي واحداً يعرف العربية كي يسأل هذا الناشف الدماغ من أين جاء بالزبيب"
وجاء الملا وهو يكاد يسبق الجنود مهرولا وقد أمسك قرآنه بيده عازماً أن يقول للضابط:
-"أقسم بهذا القرآن بأن هذه العائلة لا علاقة لها بالعصاة."
لكنه وصل متأخراً الى بيت عزير، ربما لأن الأخير كان يقسم زكاته نصفين: نصف يعطيه للملا والنصف الآخر لزمّار القرية! غير أنه عندما رآه على هذا الحال احترق قلبه عليه فطفق يقول بعربية طليقة:
-"لماذا يا سيدي تفعل هذا بالمسلمين؟ نحن في هذه القرية أصدقاء لحكومتنا وها أنت ترى أن كل بيت فيها يرفع علماً أبيض على سطحه. حتى الطائرات تعرف ذلك"
-"إسأله من أين جاء بالزبيب، وكيف وصل الى بيته إن لم يكن متعاوناً معهم؟"
-"أنا على استعداد لأن أحضر لك أكثر من شاهد بأن هذا المسكين اشتراه من الموصل. أسواق بغداد والموصل مليئة بهذه المنتجات الجبلية، فلماذا هي حلال ويسمح بها القانون على أهل العراق كلهم وممنوعة ومحرمة علينا في قرانا، علماً أن سنة كاملة مضت منذ أن مُنِع عنا الشاي والسكر والأرزاق. لا أعرف ما ذنبنا؟ لم لا تجمعنا كلنا وتحرقنا عن بكرة أبينا؟"
وأطرق الضابط قليلا حين سمع حديث الملا، ثم مد يده الى ساعد عزير ورفعه عن الأرض ونفضه وقال:
-"لا تتناول زبيباً بعد اليوم. هل فهمت؟ استعيضوا عنه بالتمر فكل تمرة أكبر وأطيب من الزبيبة بعشر مرات"
وهمهم عزير بصوت منكسر :
"قل له يا مولانا أنني لا أحب التمر، فهو يسبب لي الإسهال!"

عن مجلة (به يف) الصادرة عن اتحاد الأدباء الكورد-دهوك- العدد 63-2013



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوي ماكنيس - قصيدة شمس الحديقة
- ثمة دائماً حرب قبل أخيرة - شعر ماجد الحيدر
- من الأدب الكردي- مكالمة هاتفية - قصة قصيرة
- انفلونزا المسلسلات التركية - القسم الثاني
- تيد هيوز - الغراب تخونه أعصابه
- تيد هيوز - قصيدة خط النسب
- يهودا عميخاي - قصيدة قطر القنبلة
- قبل النهاية - شعر مارك بيري - نيوزيلاندا
- أمة تضحك الأمم - انفلونزا المسلسلات التركية أعراضها، علاجها ...
- من الشعر النيوزيلندي المعاصر - مارك بيري - تاريخ الكذبة
- أمة تضحك الأمم - بالعباس مو آني
- بمناسبة ذكرى مذابح الأرمن - لا أكبر من جرحكم الله - شعر مؤيد ...
- المدرسة الميتا-عشائرية في النقد العراقي الحديث
- من روائع الشعر الغنائي الإيراني المعاصر - انسان - داريوش -مع ...
- في هذه الدنيا - للشاعر الفرنسي رينيه سوللي برودوم
- على جرف الماء - قصيدة للشاعر الفرنسي رينيه سوللي برودوم
- مجرد عابرِ سبيل - أوزوالد متشالي - جنوب أفريقيا
- الكاتبة - للشاعر الأمريكي رتشارد ولبر
- أوزوالد متشالي - مشبوه على الدوام - ترجمة ماجد الحيدر
- طفل عند النافذة - للشاعر الأمريكي رتشارد ولبر - ترجمة ماجد ا ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - زبيب - قصة قصيرة من الأدب الكردي