|
انتهاك حقوق الطفولة
احمد جبار غرب
الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 03:26
المحور:
حقوق الانسان
انتشرت في الاونة الاخيرة مقاطع فيدوية في وسائل التواصل الاجتماعي قيام اباء ومعلمين بضرب وتعذيب التلاميذ بكل قسوة وهستيرية بعيدة عن الطبيعة البشرية فما هو المغزى الحقيقي لتلك الظاهرة ؟طبعا السؤال فيه ارتباك من حيث الدلالة والمعنى كيف لأب يحمل مشاعرواحاسيس وقلب ان يعذب ابنه؟... هو ما نراه حقيقة امامنا الان... لكن لا يمكن للعقل ان يتصوره او يستوعبه لفظاعته .. لأنه ما من اب حقيقي ويشعر بأبوته ان يعذب ابنه بهذا الشكل المريع والخالي من الرحمة فهو فلذة كبده وكلنا مررنا بتلك المرحلة الزمنية ونعرف احاسيسنا عندما نتعرض للضرب او الاساءة ..هذه المشاهد الباذخة في القسوة والبشاعة تجعلنا نرجعها الى مفهوم السادية وهو الانسان الذي يستمتع بتعذيب ضحاياه واية ضحايا هم الابناء وكما كان يفعل الماركيز دي ساد والذي اشتقت منه التسمية ... وقطعا ان تلك المشاهد المروعة لم تأت من فراغ انما نشأت بفعل التركيب السوسيولوجي للفرد عبر الحاضنة الاجتماعية في طقوس من السلوكيات المتوارثة والتي بدت وكأنها هي الفعل الحقيقي الموهوم .. وهنا اقول ان هذه الافعال ناتجة عن ممارسات مريضة بحاجة الى معالجة والى اخضاع شخوصها تحت المجهر لكشف ما تخبئه تلك الافعال من ظلم وهلع للأبناء وتسلط الضوء على تلك الشخصيات والنفوس المريضة ... وواقع الحال ان عملية تقويم الطفل وتربيته يجب ان تعتمد على اسس سليمة خاضعة لمنطق الحب والسلام وفهم عقلية الطفل وان يكون التوجيه نابعا من القلب ليستشعر الطفل بكم الاهتمام والرعاية التي يتلقاها من ابيه او امه لأنه لازال تفكيره طري او بسيط ومشاعره بريئة وهو دائما يرتكب اخطاء لا يقصدها طبعا وحسب تركيبة عمره الزمني فإذا ارتكب خطا ما ..علينا اولا ان نصبر على أخطائه وان لا نغضب لأنه امر طبيعي جدا يخطأ حتى يتعلم ..الانسان البالغ يخطأ وليس الامر حصرا على الطفل من هنا علينا ان نكون بمستوى وعيه وإدراكه لكي يتقبل منا ما نطرحه عليه ونقول له هذا خطأ لا يجوز لان ابعاده سلبية عليك وممكن تؤذيك وإحنا انحبك ولا نريد لك الاذى طبعا مع هذا الكلام لا بأس من المداعبة والضحك معه وإثارة التودد للطفل حتى تكون الثقة متبادلة ..وأنا اتكلم ضمن المقياس والمنطق الطبيعي للأشياء هذا هو الذي يفترض ان نعمله لصالح الطفل في مجتمعاتنا وما تعمله المجتمعات المتقدمة والتي لديها برامج تربوية متطورة ..وكل ذلك ايضا مرتبط بالاستقرار السياسي والعافية الاقتصادية لتلك البلدان ..اما محاولة ضرب الطفل ومحاولة تعذيبه فهذا خارج السياق الانساني بل هو حالة شاذة خارج حدود قواعد السلوك البشري المتبعة في التربية العامة واعتقد ان اغلب البلدان النامية والتي تعاني من الفقر والمستوى الاقتصادي السيئ تكثر فيها مثل هذه الحالات بسبب الضغط النفسي المتراكم والبيئة السكانية المزدحمة ..نحن في مجتمعاتنا نحاول ن ننجب اكثر عدد من الاولاد والبنات تبعا لموروثات وتقاليد ورثناها ونسير عليها ، طبعا لم نفكر ان هذه الاعداد تحتاج الى رعاية الى تنشئة صحيحة الى تعليم جيد لكن هذه الاعداد تتكاثر وتصبح بلا رعاية ولا اهتمام فتسوء العلاقة التربوية بين الاب وابنه بين التلميذ والمعلم وبين المنظومة التربوية والطلبة عموما وأنا لا اعتبر ان بعض الحالات الفردية هي مقياس لكل المجتمع فالتعميم في هذه الحالة خطا جسيم لكن قطعا وجود مثل تلك الحالات يعني ان هناك خللا اجتماعيا كبيرا علينا معالجته وإصلاحه ..والطفل هذا الكائن البريء الجميل الذي يدخل الى قلوبنا البهجة والسرور ويجعلنا نكافح ونناضل في حياتنا من اجله من اجل ان يكون في احسن مستوى من الرعاية والاهتمام ومن اجل ان يصبح عنصرا نافعا في المجتمع فكيف بنا نضربه ونعذبه ونهينه بكلمات قاسية وتوبيخ تنال من كرامته وإحساسه الطفو لي المرهف.. وحقيقة هناك اساليب فرضتها التقاليد لازال البعض يستخدمها مثل (العصى لمن عصى ) هذا الاسلوب كان ضمن الماضي اوجدته ظروف اجتماعية خاصة ونحن في زمن متحرك وسريع وهناك تطور في كل مفاصل الحياة فحري بنا ان نعامل اطفالنا بكل حب وجدية ووئام حتى يكونوا رجالا اصحاء بلا عقد مركبة وجيل يعاني من انتكاسات متلاحقة تجعله عاجزا عن تلبية متطلبات حياته وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع برمته
#احمد_جبار_غرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفصلية ..عرف العشيرة يحجم دور القانون
-
تجمع الفرق المسرحية الاهلية بين الواقع والطموح
-
الفن التشكيلي ثقافة وضرورة
-
محنة اهلنا الايزيديون
-
قليل من الضمير ياسيادة الوزير
-
اياكم ايها السياسيين
-
وطني ..حبيبي
-
الفلوجة وعاء الدم
-
من اجل حرية صحفي
-
صباحنا الجديد ليس جديدا
-
الكتابة عشق
-
الارهاب تحت المطرقة العراقية
-
سيد بغداد
-
الاصوات النشاز
-
العيون السود..خذوني
-
السادية في الشعر
-
في حظرة الامريكي القبيح
-
الأسلوبية النقدية رؤية جماليه بمنظور أكاديمي
-
احباطات الواقع وخيار الرؤيا
-
في عشية التظاهرة
المزيد.....
-
سلطات غزة: 30 قتيلا في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئي
...
-
مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تكشف عدد المهاجرين السو
...
-
مصر.. إعدام المتهم بارتكاب جريمة جنسية مروعة
-
بن غفير يتباهى باعتقال معلمة اتهمت بالاحتفاء بطوفان الأقصى
-
الأمم المتحدة تنتقد الهجمات على مراكز الرعاية الصحية بلبنان
...
-
في خضم المجاعة.. قوات الدعم السريع تهاجم المطابخ الخيرية وت
...
-
متحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان: نرى في لبنان
...
-
رايتس ووتش: الضربات الإسرائيلية في لبنان تعرقل هروب المدنيين
...
-
وقفة في رام الله للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحت
...
-
هل يستطيع لبنان مواجهة أزمة النازحين؟
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|