أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - تمهيد ثانٍ/ قالت لنا القدس














المزيد.....

تمهيد ثانٍ/ قالت لنا القدس


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 12:28
المحور: الادب والفن
    


أعود إليها بعد طول غياب، ألتقي الأهل والأصدقاء والناس الذين لم أرهم منذ ثماني عشرة سنة.
أعود رغم الصلف الذي تبدّى في لهجة ذلك الضابط الإسرائيلي، الذي سلّمني قرار الإبعاد على حدود لبنان. قلت له حينما سلّمني القرار: القدس مدينتي وإليها سوف أعود. قال: القدس ليست لك ولن تعود. لكنّني عدت، والفضل في ذلك، يعود إلى صمود شعبنا في وطنه، وإلى تضحيات الانتفاضة، وإلى تضامن قوى الخير والديمقراطية والسلام، في كلّ بقاع الدنيا، مع شعبنا.
وأعود بعد سنوات طويلة قضيتها في بيروت وعمّان وبراغ. في بيروت عايشت الحرب الأهليّة اللبنانية بضعة شهور، كتبت أثناءها عدداً من القصص تبدّى فيها اثر الحرب والإبعاد. ثم غادرت بيروت الى عمّان، التي غمرتني بعطفها وحبّها، وكانت لي فيها أروع الصداقات، وكانت لي فيها نشاطات متنوّعة جمعت بين السياسة والثقافة، وبين العمل النقابي والإبداع. ثم غادرت عمّان الى براغ، ممثّلاً للحزب في مجلة قضايا السلم والاشتراكية. كانت براغ من أهمّ المحطّات في حياتي، تعرّفت فيها على الكثيرين من القادة السياسيين، من شتى بقاع الدنيا، وتعرّفت فيها –عن قرب- على أخطاء البيروقراطيّين في الحزب الشيوعي، تلك الأخطاء التي أودت، مع غيرها من العوامل الداخلية والخارجية، بالتجربة التي كانت تسمّي نفسها "اشتراكية"، فانهار النظام، الذي كنّا نعتقد أنّه البديل لكلّ التجارب الاجتماعيّة، التي لم تحقّق العدل للناس. ثم أيقنّا بعد الانهيار أنّ هذا النظام لم يكن هو النظام الأمثل، وأنّ الاشتراكيّة الصحيحة لم تجد طريقها بعد إلى حيّز التنفيذ، في أيّ بلد، حتى الآن.
أعود مع فوج من الإخوة المبعدين، تعبر بنا الحافلة جسر الأردنّ الى فلسطين، يحيط بنا الألوف من أبناء الشعب الذين تجمّعوا طوال النهار في استراحة أريحا، ووسط الزغاريد والهتافات نمضي، ويسألني مراسلو الصحافة والتلفزيون: ما هو شعورك وأنت تعود الى الوطن؟ بالله عليكم، هل هذا سؤال؟ هل يُسأل العائد إلى مكانه الأوّل مثل هذا السؤال؟
أتأمّل التلال التي تجثم في ثبات على جنبات الطريق، أتأمّل الأشجار والبيوت والقرى، أتأمّل القدس وأنا أطلّ عليها من على قمّة جبل قريب، فأراها محاطة بالمستوطنات من كلّ الجهات، وأرى قبّة الصخرة التي تنتظر الخلاص منذ سنوات، وأتذكّر تلك الأيّام الحزينة، أيام حزيران 1967 وما تلاها من أيام، وأتابع، من ثمّ، الجيل الجديد الذي زادته الانتفاضة قوّة وبأساً وصلابة وقدرة على الصمود.
وأعود، لأنام في حضن أمّي القدس بعد سنوات من التشرّد والنفي والترحال والغربة والقلق، سأروي لها كلّ ليلة شيئاً ممّا كابدت طوال تلك السنوات، سأحدّثها عن ليالي الشوق والحنين، وسأصغي إليها، بكلّ حواسي، وهي تحدّثني عمّا كابدت هي الأخرى من عذاب على أيدي الجنود الغرباء وقطعان المستوطنين الطامعين في مجدها وبهائها وتاريخها. ولن أفارقها بعد الآن، أو هذا ما أصبو إليه وأتمنّاه.
أعود لأرى المدينة على حقيقتها دون تزويق أو أوهام، ولأرى كيف كانت المدينة وكيف أصبحت بعد سنوات من العسف والمعاناة.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمهيد أول/ قالت لنا القدس
- رقص/ قصة قصيرة جداً
- فراغ/ قصة قصيرة جداً
- لو/ قصة قصيرة جداً
- مفاجأة/ قصة قصيرة جداً
- غبش/ قصة قصيرة جداً
- الخالة/ قصة قصيرة جداً
- نبيذ/ قصة قصيرة جداً
- قطار/ قصة قصيرة جداً
- الطفل/ قصة قصيرة جداً
- عشاء/ قصة
- متجر/ قصة قصيرة جداً
- عري/ قصة قصيرة جداً
- مرور خاطف
- كهوف/ قصة قصيرة جداً
- الطائرة/ قصة قصيرة جداً
- الأم/ قصة قصيرة جداً
- الفتى/ قصة قصيرة جداً
- الغرفة/ قصة قصيرة جداً
- عيون/ قصة قصيرة جداً


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - تمهيد ثانٍ/ قالت لنا القدس