|
توبة مول النخالة
بن جبار محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4833 - 2015 / 6 / 10 - 22:07
المحور:
الادب والفن
بعد فترة انقطاع مؤلمة التي رافقتها فترات الشدّ و الجذب و التشنج و البراسيتامول و التحميلات ، غيّر كل منهما اتجاه إلى وجهة ما ، مول النخالة تحوّل تحوّلا جذريا نحو التقوى و الإيمان و مسح آثار الحب غير السوّي ، كان يردّد على مسامعي أنه وجد نفسه أخيرا ! تحدّث إليّ عن علاقته برحمة مشبها تلك المرحلة ب" الهفوة الكبيرة" و الانزلاق الخطير نحو المحرمات إلى جانب الأخطاء الكبرى و الأخطاء الصغرى التي لا تعد و لا تحصى ، أسهب في جلد ذاته دون شفقـة و تحسّر على أمواله التي ذهبت هباءً منثورا ، أقسم أمامي أن دخوله اليومي من تجارة النخالـة كان يقسمه مع رحمة ، استنزفته وقد أضطر في حالات كثيرة إلى الاستدانة من معارفه و أهله مبالغ معتبرة ليغطي نفقاته و هداياه التي يحملها إلى رحمة ، كان يسمي المبالغ التي يستلفها و الهدايا المحمولة و المجرورة ب عرابين المحبة و مبالغ الرضا " . أجزل لها العطاء ، لا لشيء سوى نيل الرضا من حبيبته و تأكيد فحولته مثل الفحول السابقين لرحمة من ذوي النعم و الخيرات و البركات و الكرم ، أعصابه تتوتر عند ذكر على مسامعه رجالها السابقين أو من تشير لهم ضمنيا من روادهـا الذين مروّا على سريرها ، مما تجعله يقترب من جنون الغيرة ، فلماذا لا يكون أكثر فحولة منهم ؟ ! يبذل أقصى جهده لأن يتجاوزهم عطاءً و نبلا، أحيانا بالاستدانة و الاقتراض ، ينتظر منها ضحكة جميلـة أو ضربة خفيفة على صدره و لا تعاتبه بطريقتها الخاصـة أن تستدعي أمامه غرمائه . حينها يشعر بالسعادة القصـوى من أنثى من الصعب كسر قلبها . تنهد مول النخالة حسرة على الأيام التي مضت ، كنت أستمع لـه بمزيد من الشكوك ، شككت في التغيّر الحاصل في سلوك مول النخالة ،رغـم معرفتي المسبقة أن الظروف القاهرة تجعل من الشخص إنسانا آخرا ، أعتبرت في البداية ، أنهـا مجرد تغيّرات مرحلية تستجيب لإفلاس مول النخالة لا أكثر . ما أن سمع نداء صلاة العصر حتى هبّ واقفا و قطع حديثه معي فجأة ، أستأذن و مشى نحو المسجد لحضور صلاة الجماعة ، امتعضت لأنني متقين أنه بمرور الوقت سيفقد الكثير من خصاله الشخصية النبيلة ، مشاعره تجاه رحمة مدفونـة تحت طبقات رخوة و هشة من المشاعر الاصطناعية. مول النخالة يتعمد للحديث عن حسرته تجاه أسرته المقدّسة – التي لم يقدسها يوما – و يلعن الأيام التي تعرّف من خلالها على رحمــة ... حدث أنه في ظهيرة الأحد و هو ذاهب إلى المسجد مهرولا ، مرت بجانبه رحمة و هي تتحدث بالهاتف بصوت مرتفع ، ألتقط مول النخالـة حديثها بما أوتي من انتباه و حرص شديدين ، كانت رحمة تضحك ضحكة مستهترة كعادتها ، ، فشعر مول النخالة بارتباك شديد و ضيق في قلبه و دبيب في أطرافه السفلية ، تزعزع له كيانه و نسي هل دخل المسجد برجله اليمنى أم اليسرى أو كلاهما ؟ لم يتمكن من معرفة عدد الركعات ، قال لي أعتقد أنني أديت قليل من الرياضة في المسجد لا خشوع و لا حضور وعي . قلت لـه يجب إعادة صلاتك و التعوّذ من الشيطان الرجيـم ، قال لي غاضبا : بل هي الشيطان الرجيم و أنفجر في وجهـي ! سكت برهة من الزمن ثم همس لي : ما أن خرجت من المسجد حتى سرت نحو بيت رحمة بغير إرادتي !
#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القطران
-
كول وبلّع فمك
-
كلمة موجهة لأصحاب الشرف
-
سياسة اللاعقاب و إحتلال الشارع
-
منتجات الصحوة الإسلامية
-
هرطقة حانة
-
أمسية بمذاق -كرومباكير-
-
البلوغ بأقل الخسائر
-
على عتبة التقاعد
-
هامش للحياة
-
التحول
-
زوجة الرمال
-
حادثة الشقة
-
ثقافة الموت و أشياء أخرى
-
الشرطة الرومانسية
-
كلمة في حق )الحوار المتمدن(
-
كلمة في حق الحوار المتمدن
-
الذكرى الثالثة لخراب ليبيا
-
من وحي داعش
-
إرحموا عقولنا يا دعاة الدين
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|