أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن جبار محمد - على عتبة التقاعد














المزيد.....

على عتبة التقاعد


بن جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 25 - 22:10
المحور: الادب والفن
    


بينما أنـا رفقـة أحد الأصدقـاء الذي لا تستهـويـه سـوى الجعـة الألمـانيـة الفاخـرة ، قضى سنـوات في قيادة القطارات ولايزال يذرع المسافات الحديديـة منذ الأزل و لـم يتمـكن حتى من تأسيس أسـرة ، متذوق صنديد لكل أنواع البيرة في العـالـم ، كلما حصل على "فاردو" ينـادينـي لجلسـة مسائيـة على أضـواء خافتـة تشعـهـا أنوار المدينـة من بعيد ، و نادرا ما كنت أرفض لـه طلب ، قلت لمحدثي أنظـر لتلك الهضبـة الصغيرة ، اعـرفهـا . لا تعـرف فيهـا شيئا صديقي ، أنـا قضيت فيهـا أربعـة و عشرين سنـة و لـم أتمكـن من معـرفـة أسرارها ، أجهل كل شيء ، تـاريخ المدن مثل الوديان الأرضيـة التي تستقـر تحت قشرة الأرض ، إن لـم تسبر أغـوارهـا لن تشرب ماءهـا ، تمـاما يا صديقي لا يمكن الحكـم على جودة النبيذ حتى تتذوق كل أنواع النبيذ الموجودة ، نـ..عـم نعـم ، شعـرت أن صديقي تحت وطـأة السكـر و يمط شفتيه بصعـوبة . قفلنـا عـائدين و هـو يجري في ذهنـه حسابات التقاعد و أوراقـه و عدد السنين التي قضاهـا ، قلت لـه لا تأبـه يا صديقي لساعات العمر الآتيـة ، أنتبه لنفسـك ، أسّس أسرة تقيك غذر الزمن ، لم يكن واعيا لمـا أقـولـه ، صديقي سائق القطـارات الثمل على الدوام ، كنت أسير و ألتفت من ورائي و أقـول لـه أنظر إلى تلك الهضبـة ، هنـاك ورديـة بوجهها القمري و هنـاك خديجـة الجميلـة و هنـاك عمي الجيلالـي الذي لـم يفسـح عـلى مذكراته التي تحكي سيرة حياته و هنـاك تفاصيل حكايـة الحب و العشق من زمن الطرابندو ، لم يقل صديقي شيئا ، لأنـه ربما مشغـولا بحكـاية التقاعـد و الملفات و فتح حسابات جديدة ليغـادر السكـة الحديديـة إلى سكـة أخـرى قد تكون مرمريـة او حجريـة أو فخذ إمرأة يجلس عليهـا للإنتظــار فجأة ألتفت إليّ و نظر في طويلا : يا عـواد بعد الحصول على التقاعـد بإمكاني الحديث عن الحب ، عمري قارب الستين سنـة ، أتهيأ للعمر الثاني ، سوف أعتزل قيادة اللعينة و أنهـي كل عـلاقـة عمل بالمواعيد و الصفارات و المحطات و الوجبات الباردة ، سوف أتخلص من مفردات العمل التي تجري على لساني المصاب بلوثـة السنين ، تلك المفردات التي درجت على تداولهـا، ميكانيكيـة في صلابـة السكك ، لامشاعـر فيها و لا أحاسيس بذوق الشحوم المعدنية ، كلمـاتي كانت و لاتزال تنساب إنسياب القطـار على البراري الصحراويـة دون ان تصل إلى محطتها إلا بجهـد جهيد ، تتخلص مني النساء بسرعـة ، لأنهـا لا يعشقن المواعيد البطيئـة ، دفعت بنفسي إلى عتبـة التقاعـد ، أنهـي بعض المتـاعب النفسيـة و العاطفيـة و أخلّصهـا من سخام القطارات و الخذلان الفائض عن الحاجـة ، حديثي مع حبيبتي عن كل شيء إلا الحب ، لا تتتصـورني إلا غـريب في أرض غريبـة يرحل مع الغرباء ، أبتسـم لها إلا في مواعيد معينــة ، سرعــان ما تنطفيء تلك الإبتسامـة ، التقاعـد هـو الإستقرار الذي يبحث عنـه الأشقيـاء للتخلص من شقاء التشرد و الضياع بين المحطــات .



#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هامش للحياة
- التحول
- زوجة الرمال
- حادثة الشقة
- ثقافة الموت و أشياء أخرى
- الشرطة الرومانسية
- كلمة في حق )الحوار المتمدن(
- كلمة في حق الحوار المتمدن
- الذكرى الثالثة لخراب ليبيا
- من وحي داعش
- إرحموا عقولنا يا دعاة الدين
- الله في ضيافتي
- أزقة الكتابة
- كيس الخيبات (1)
- كلام آخر عن حرية التعبير
- النظرة الإستعلائية
- حرية التعبير بين جواد بوزيان و حمار بوزيد
- أنا و مول النخالة (2)
- هكذا تكلم مول النخالة
- رسالة لا تنطق عن الهوى


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن جبار محمد - على عتبة التقاعد