|
الله في ضيافتي
بن جبار محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 18:42
المحور:
كتابات ساخرة
لي مملكتي ولك مملكتك ، مملكتي لا تتسع سوى لبعض الأصدقاء وبعض الأقارب فضلا عن زوجتي وأولادي وبتي الصغير المتواضع الذي لا يتسع لأكثر من ستة أشخاص ، بيت شُيد بأموال القرض الربوية بنسب مرتفعة جدا ، يقتطع منها جزءا هاما من مرتبي الشهري البائس الذي لا يكفي احتياجاتي الأساسية ، جاءتني دعوة من أصدقائي من مدينة بجاية الشقراء ولم أتمكن من الذهاب لها ، تحججت بالإلتزامات المهنية ولكن في حقيقة الأمر أنه لا يوجد عندي دينارا فائضا عن مصروفي الشهري ، حتى ألبي الدعوة مثل المواطنين السعداء الذين يهبون عند كل نداء أخوي ، لا أتحسر بسبب عدم تمكني من السياحة في الأرض ، لا يهم مادمت لا أستطيع أن أتحرك في المكان و في الزمان ، أنا أسير الزمان والمكان والوجود ، لا أحد يستطيع فك قيودي المختلفة ، المختلَقة ، الموروثة ، المزمنة ، الدائمة والزائفة ، وجودي في هذا الحيز الذي حدد لي ، مسبق ، مسور ، مرسوم ومقدر، كل المحاولات للخروج من الأسوار المسيجة الشائكة ، محاولات باطلة شرعا وقانونا وعبثا لا أمل في الانفكاك منها و عنها. بيتي لا يتجاوز مساحة السبعين مترا مربعا ، غرفتين و مطبخ تقليدي ودورة مياه وعندما يطرأ ضيف ما ابيت عند أمي أو أضطر أن أنام في المطبخ ، الحوش مساحته صغيرة لا نرى فيها الشمس إلا لساعة واحدة في أغلب فصول السنة ، تحيط بي منازل واطئة يحمدون الله صباحا مساءا خشية من فيضانات مفاجئة ، مزبلة الحي قريبة مني على بعد أربعين مترا ومصاريف قذرة مفتوحة طول السنة ، أما مملكتك يا الله واسعة ، لا تحدها حدود ولا يعترضها سياج ولا يابسة ، لا بحر ولا محيط ولا أرخبيل ولا برزخ ولا خليج ، مملكتك تتوسع والكون يتمدد بإذنك أو بدون إذنك و في الحالتين أنت مالكها ، أفضل ان تنزل من مملكتك المبجلة المحروسة المدججة بجيوش الملائكة الغلاظ العمالقة الذين عهدت لهم بتسيير السحاب والرياح والأمطار والرعود و سحب الأرواح من الأجساد متى شئت و أنى شئت ، إنزل في ضيافتي في عالمي وشاركني مائدتي المتواضعة ، لأتقاسم معك رغيف الخبز وحفنة زيتون شرط أن تبقي موكبك العظيم خارج البيت ، لأن بيتي الصغير لا يتسع لهذه الجيوش الجرارة ، سأتجاذي معك الحديث عن أصل العالم والوجود ، المظالم التي اقترفها جنودك في الأرض باسمك ، سأسألك عن حواء و عن سوريا سأسألك عن انبيائك وكل المرسلين، سأسمع منك باهتمام شديد عن كتبك السماوية او ما نسميها نحن بالإبراهيمية وعن فقه الفقهاء والأمم والصحف التي اندثرت ، أطرح الأسئلة عن الذين قالوا أنك أرسلتهم وتكلموا بإسمك عن أمور في غاية الغرابة : حد الردة و سبي النساء والأطفال واستعباد البشر والجهاد في سبيلك ، هذه أسئلة حضرتها بعناية ، أنا مبتهج بالحظ والفرصة النادرتين و أنت في حضرتي ، لأنه لم يحدث قط ، أن نزل الله او تنازل عن مملكته وزار الفقراء والمساكين مثلما يفعل الوزراء والرؤساء الذين يفاجئون الفقراء في بيوتهم القصديرية أثناء حملاتهم الانتخابية فيسلمون لهم الهدايا ويعدونهم بمساكن لائقة ، أريدك أن تذهب معي إلى جناح مرضى السرطان بمستشفى الأطفال و أن تشفيهم جميعا وتعيد لهم البسمة التي افتقدوها منذ مرضهم ، سأعرج بك إلى دار الأيتام ، فثمة أيتام فقدوا إلى الأبد أمهاتم جراء الحرب المقدسة الجهادية وبإسمك ، سآخذك معي إلى المسجد الكبير لتتعرف على جموع المصلين الذين لا علاقة لهم بك ، ونعرج على بيت الشيخ الوهابي الذي غرر بمئات الشباب في الحرب المقدسة وأبنائه يتنعمون في أروبا بأموال البترول و يدرسون في أفخم الجامعات هناك ببركاتك ورعايتك العظيمة .
#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزقة الكتابة
-
كيس الخيبات (1)
-
كلام آخر عن حرية التعبير
-
النظرة الإستعلائية
-
حرية التعبير بين جواد بوزيان و حمار بوزيد
-
أنا و مول النخالة (2)
-
هكذا تكلم مول النخالة
-
رسالة لا تنطق عن الهوى
-
أتركوا الجزائر لشبابها
-
بإسم الدين ، لا خير في أمة أخرجت للناس
-
وزارة الثقافة الجزائرية و الغزو الوهابي
-
ماذا تنتظرون من الجماعات المتأسلمة ؟
-
تونس بخلفية سلفية
-
بين الولاء و الكفاءة
-
صداع إنتخابي
-
الهوية كقضية مؤجلة..
-
هل نحن فعلا بحاجة لأعظم و أكبر مسجد في العالم ؟
-
نيل أمسترونغ في أبعد من مرأى العين
-
المدخل الصحيح للعلمانية
-
فلاسفة الأنوار الوهابيين
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|