أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن جبار محمد - كيس الخيبات (1)














المزيد.....

كيس الخيبات (1)


بن جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4452 - 2014 / 5 / 13 - 19:07
المحور: الادب والفن
    


أردت ان أجرّب حظي في الكتـابـة ، محاولـة أخرى بعد خيبــات متواليـة ، أعتبرهــا خيبـاتي الشخصيـة ، سجــلّي الكتـابي أو كما يسميهـا البعض السجل الإبداعي ، مجموعــة أوراق مسوّدة لا شرف لهــا ، مئات الأوراق المخططـة ، المخربشـة ، المتناثرة ، لا موضوع لهــا سوى وجهــي المتعب من خيبـة أخرى ، أضيفـهـا إلى كيس الخيبات ، كنت عندما أسير أو أركب باص أو أجلس في مقــهــى ، كيس الخيبـة لا يفارقني ، قريب مني على مرمى العين أو لا عبد بعـد خطــوات ، أراه في كل مكان ، يتتبعني كاللعنــة ، كقريني ، كشبـح ، يأخــذ نفس الوضعيـات التي أكــون فيها ، عندما أركب حافـلـة لتقلني إلى مكان ما ، أجــد كيس الخيبــة أخذ مكانا ما ، يسترق إليّ النظـر خلسـة ، يتلصص عــليّ ، يحاول ان يقـرأ أفكـاري ، يتحسّس أنفاسي ،الهــواجس التي تدور في رأسي ، قلت في نفسي وقـد آلفته بعد محاولات ذهبت ســدى لإجتنابـه وإنهـاء متابعته لي ، أنهـكني و لا سبيل للتخلص منـه ، قلت في نفسي لو أنــه يعـرف المزيد ، سيوقـع بي في خيبــة أخــرى و يزداد تحــرشــه بي ، فتحت قصـاصـة ورقـة و بدأت أخــط عــليها الحروف الأولـى ،في تـلـك اللحظــة بدأ يراقب خطـوطي و تعـرجات القلم في يدي ،بدأ يضـايقني بإهتمــامـه الزائد الفضـولي المقرف و يتتبع تشنجـاتي و زفيري و شهيقي على الورقـة -;- كتبت مجموعـة قصصيـة على عجــالـة و ذيّلتها بخطاب مــطوّل كتلك الخطـابات البكائية للجهات الرسميـة فيهـا كم هــائل من الشعــور بالظلــم ،رسـالتي ترجيت فيها مديرنشر #الإختلاف# أن يقرأ المجموعة القصصيـة بإهتمام زائد ! لأنني أعلم جيدا ، أن دار الإختلاف لا تختلف عن الرداءة العربيـة ، حتى القراءة بالمحسوبيـة و الكتاف العراض و التوصيات من الجهات النافذة ، أنـا أعـرف مسبقا أن كلمة الإختـلاف المسروقـة من دور نشـر فرنسيــة ليزينــوا بها محالهـم المشبوه ،مجرد كلمـة مكتوبـة في كتبهـم الصادرة أو الواجهة ، حتى التركيبـة البشريـة لتلك الدار مقرفـة ، فيها خليط من الإنتهــازيين ، الفاسدين ، من مافيا صندوق دعـم الكتاب ، مهمتهم إقتناص الملايين تحت غطاء الثقافـة ، أعــضـاء دار الإختلاف لا يختلفون عن المؤسسات الأخرى في إقتراف الجرائم ، بقتل هــذا أو سحق ذاك أو التآمــر على آخــر لأجل الحصول على مزايا ثقــافيـة أو شخصيـة من وراء عـلاقات معقدة لا يعلمها الكتّاب المبتدئون مثلي، ليس لي خيارا آخــرا سوى التضـرع إلى أولاد القحبــة ومن بينهــم ذلك الرجل الوسخ ، الممسوخ ، القذر الذي يقف عند عتبـة باب #الإختـلاف # يجهـز على كــل بادرة جميلـة تحمل في طياتها الإختـلاف الحقيقي ، يجهـض على كل مولود لـه الحق الطبيعي في حياة الكتابة و الثقافة و الأدب . ما أن وصلني الخطـاب ، قرأت الكلمة الأولى يؤسفني أن ..كنت أتفرس في تلك الكلمـة بخيبـة كبيرة ، كلمـة مطبوعـة على الستانسيل ، كُتبت قبل أن أكتب مجموعتي القصصيـة ، كحبّة رصاص قابعـة في داخل المسدس جاهـزة للإطلاق على كــل أجنبي خارج الطائفــة الفاسدة .
وضعت تلـك الرســالـة في كيس الخيبات مثلها مثل عشرات الرسائل و التذكارات التي رسمت مسافـة العمر ، أتذكـر جيدا أن الورقـة الأولى التي أدخلتها في ذلـك الكيس هي ورقـة أرسلتـهـا حبيبتي (عـودة) و هي تبكي و تتأسف لأن والدهـا أختار لها رجلا آخـرا ، زوجا آخـرا ، مستقبلا آخـرا ، أختار لها حياة أخرى ، كنت حينئذ شاب في العشرينيات من العمر ، غضا ، طريا ، لينا ، رومانسيا ،يافعـا ، أنتظر المعجزات ، أحمقـا . أحلم أن أخطفهـا من يدي زوجهـا الذي يتبخثر في مشيته مزهـوا ببطنـه المملوءة بالخراء و يستشيط غيظا كلما صادفني في طريقــه ، تمنيت أن أخنق هــذا الرجل الشرير الذي خطف أحــلامي و شبابي و عشقي و مبررّ وجــودي ، أكتب لهـا بإستمرار رسائل الحب التي تثير العواطف المعطرة بالبراءة والنقاء ، أرسم لهـا الفرحة ، أصف لهـا مدن العشق و مدائن الحب و دروب السعـادة . كنت أجري من وراء موكب العرس و أبكي..جريت لألاف الأمتار ، أنهكني التعب ، توقف قلبي ، لم أعـر أهميـة لهـذا القلب إن توقف أو توعـك أو أحترق .الأمـور سيــان عندي .
بعد تلك الخيبــة الكبيرة ،أعترف أنني عشت بدون قلب، حتى وصلت تلك السنوات و انـا تلك الجثت مترامية هنـا وهنـاك في تلك السنوات المظلمــة ، كنت لا أسأل عنـهـا و لا تدهشني و لا أصاب برهـاب أو بذعــر لأنني أجــد فرقـا بين تلك الجثث و بيني !
كنت أسير في شوارع المدينـة مهــزوما ، مهـزوزا ، بخطوات متردّدة ، متأثرة ، متذبذبـة ، متشنجـة ، بقيت على هــذه الحالــة إلى أن ظهـر ذلك الكيس اللعين لأول مــرة في مقـهـى بن ساولة التي تحوّلت بعد التطهير الإسلامي من حانـة غابرييل إلى مقهى حــلال ،يجذب مرتاديـه بنوع خدماتـه الرديئة و إهداره المتعمــد للكرامة الإنسانيـة ، أحبّ في ذلك المقهــى ، هــو إذاعـتـه للأغاني الرخيصــة لمغنين هامشيين ، رخيصين ، متمردين ، يكفرون بالحب علنــا ويحتقرون الإنسان ، تستمــر تلك الأغــاني في أسوأ أيام القيظ ، الحارة المشتعــلـة ، القائظـة ، و نحـن نرتشف عرقنــا الذي يسيل من كل أنحاء مسامات الجسم ، تلك المقهــى تجذبني كما تجذب غيري و عندما تغــادرها تكون فكرة الإنتحار قد سيطرت عـليّ تماما ، لأول أرى كيس الخيبـات يسير متوازيا معي ، في الجانب المقابل للرصيف ، بدأت أخطــو بسرعــة ، ثم أجري ، أتوقف ، أدخل في الشوارع الخلفيــة ، أعرج في الممرات الضيقــة ، لكن لا مفــر من كيس الخيبات الذي يتتبعني كالظل من مكان إلى آخــر ، لم أتمكن من التخلص منـه و لــكن عــرفت بعد ذلــك ، أن الأمــر ليس بهــذه السهــولـة



#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام آخر عن حرية التعبير
- النظرة الإستعلائية
- حرية التعبير بين جواد بوزيان و حمار بوزيد
- أنا و مول النخالة (2)
- هكذا تكلم مول النخالة
- رسالة لا تنطق عن الهوى
- أتركوا الجزائر لشبابها
- بإسم الدين ، لا خير في أمة أخرجت للناس
- وزارة الثقافة الجزائرية و الغزو الوهابي
- ماذا تنتظرون من الجماعات المتأسلمة ؟
- تونس بخلفية سلفية
- بين الولاء و الكفاءة
- صداع إنتخابي
- الهوية كقضية مؤجلة..
- هل نحن فعلا بحاجة لأعظم و أكبر مسجد في العالم ؟
- نيل أمسترونغ في أبعد من مرأى العين
- المدخل الصحيح للعلمانية
- فلاسفة الأنوار الوهابيين
- فرحت فرحتان
- عندما يصبح الإلتجاء الى القضاء مضيعة للوقت


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن جبار محمد - كيس الخيبات (1)