أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بن جبار محمد - إرحموا عقولنا يا دعاة الدين















المزيد.....

إرحموا عقولنا يا دعاة الدين


بن جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 4 - 15:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


1
إرحمـوا عقــولنـا يا دعـاة الدين


تعلمون جيدا أن الدعـوة في سبيلـه أصبحت متيسرة أكثر مما مضى ، بسبب إندحـار التيارات الشيوعيـة و المــاركسيـة و اليسار بأطيافـه التي تقف ندا للنـد فكريا و عقـائديا و بالحجـة الدامغـة في وجـوهكـم ، أصبحت لـكم الطريق معبـدة كالأوتوسترادات لا يعيقـكم عـائق و لا تلتفتـون إلى لـومـة لائم لأنـكم أصبحتم أكثر قـوة بفضل حساباتكم البنكيـة المتضخمـة و البرامج الإعـلاميـة الممونـّة بمـلايين الدولارات العائدة من البترول ، دعـاتكم أكثر من ذلـك يستندون إلى جيوش تحمل السلاح و المدافـع و تقاتـل في الميدان و تتصدرون الواجهـة الدوليـة و الإعـلاميـة من نظم الفســاد و الدول الدينيـة التي لا شغـل لهـا سوى إيجـاد مزيد من الأتباع و العبيـد ، أصبحتم أقـوى و أشرس و أكثر حضـورا بفضل فتـاويكم التي تفـرق الزوج عن زوجـه و صاحبته و أخيـه ، و تخـرجون الفتـاوى إرضاءا للسلطـان و إرضاءا لساديتكـم ، لا تأبهـون لرأي مخــالف و لا تكترثـون لصـوت مقهـور و لا لقلب صـادق ، أفـرغتم السـاحـة من مثقفيهـا و علمــائهـا و نكلّتم بالثقافـة و العلـم و الدين و أزحتم من طريقكـم كل الفرق الصـوفيـة المحبـة للسـلام و العـلم و صحيح الدين و العقيدة ، قتلتم الله في نفـوس البشـر لتتبؤون مكــانـه ، تفسرون على مزاجكم و تشرحون على هـواكم و تقتلون نفـوسا و تحييون الشيطان و أنتم تدرون ، مسختم الدين مسخـا و شـوهتم تعـاليمـه و مثلتم بـه ما لـم يسبق لأحـد أن فعـل ما فعلتم في التاريخ. اللهـم أشهـد أن هـؤلاء كانوا سببا في تخلفنا و في مآسينا و في نفـورنا من الدين و فرارنـا من الله.
2

لستُ ملحدا و لن أكن كذلـك مهمـا طال بي العمر أو قصـر ، ليس بيني و بين الله عتاب أو إختـلاف أو مسألـة ، عـرفت من خـلال الكتب المدرسيـة في مراحل الإبتدائيـة و المتوسطـة أنـه جميل يحب الجمال و أنــه رحيم متسامح و كــريم و يغفـر الذنوب جميعـا ، أنـا لا ألـحد لأجـل أولئـك الذين أغرقـوه في الحروب و في اللصـوصيـة و فســاد في الأرض و يتكلمـون بإسمـه ، أنـا أفرق جيدا بين الله و المدعـي الألوهيـة ،بين الرسـالـة السمـاويـة و الرسالـة الأمويـة ، بين التنزيل و التعليل ، لا ألـحـد لأنني أعــلـم أن الله أدى مهمتـه على أحسن وجـه و أنصرف لشؤونـه ،من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، لا ألحـد بسبب أولئـك أغــرقـوا الله في الظلمـات و زادوا على رسـالته و شـوّهـوا سمعـه و زوّروا تــعاليمـه و أشـاعـوا اليأس بين البشـر ، لا ألحـد !
3

هـل الرب بحــاجـة إلى جيش يؤتمر بأوامره ، يحارب الكفار و الملحدين و الخارجين عن تعـاليمه و المارقين عن طاعتـه ، هــل الرب يبتهج عندما يقطع رأسا أو يبقر بطنـا أو إحـالـة جسد إلى أشـلاء ، هـل الرب مصاب بعـقد نفسيـة مثل أمراض البشر فيتسلى بساديته بتعذيب البشـر و التفرج على مآسيهـم ، أعتقد أن الرب بعيد عن هـذا كــلـه ، أرسـل أنبيائـه و رسـلـه في محــاولـة يائســة لمساعدتهم للتجنب المآسي الإنسانيـة لأنـه يعــلـم أنـه لا يمكن تفادي الحروب و الكوارث التي يتسبب فيها البشر و لايريد التدخــل أكثر مما تدخـل ، شيء الوحيد الذي يغضبـه أن الكــل يحارب بإسمــه ، يقتلون بإسمـه و يغتصبون بإسمــه و يفسدون بإسمـه .
4

داعش ظــاهـرة غير صحيـة بل هـي وبـاء يستعصي مقاومـته مثلهـا كــأي مرض يتجلى في جسـم الإنسان أو الحيوان أو النبات ، هـذا المـرض يظهـر في الأنظمــة غير السـويـة ، الديكتـاتوريـة ، الفاسدة ، الدينيـة ، الشـوفينيـة ، السؤال لمــاذا لـم تظهـر القاعـدة و داعش في الدول الديمقـرطيـة و العلمانيـة و خـريطـة تواجدهـا إلا في المنطقـة العربيـة ، لأن الظرفيـة و الضعف الذي يعتري هــذه الدول و الأنظمـة تتوفـر على كل الشروط لأجـل إنبعـاث داعش و أشباههـا

مما لا يختلف فيـه أثنين أن الجماعـات الإسـلاميـة يمكنهـا أن تسقـط أي حضـارة أو مدنيـة أو تغيّر من مـلامح نظـام سياسي أو كـوني ، يمكنهـا أن تسحق أعــدائهـا بكـل يسـر و تضرب بقـوة أعـدائهـا حتى بأقـل عـدة و أقل تسليحــا ، لكن السـؤال هـل يستطيعـون بنـاء حضارة و مدنيـة و نظام سيـاسي يعتمد على إحترام حقـوق الإنسان و يتكفل بالحريات و العدالـة ،هــل بإمكانهـا بناء دولـة متطــورة و ترقيـة الإنسان الحديث ؟ لكن التـاريخ يقول لنا أن الثورات في العالم قدمت نمــاذج رائعـة لإعادة بعث الحياة و الحضـارات في طريق التقدم و التحضـر إلا الجماعات الإسـلاميـة التي كانت سببا في مآسي من تهـجير السكــان الأصليين و تقتيل و تنكيل و ذبح و إعــادة بعث الحياة الأولى من جــواري و غلمــان و أسـواق العبيـد .
5

الفـرق بين الرايتين ، بين الداعشيـة و الوهـابية هـو اللون إحداهما رايـة خضراء و الأخــرى سوداء و لكن نفس التشكيلـة البشريـة و نفس التعـاليم و نفس البرنـامج الإنبطاحي المخابرتي الأمريكي و نفس النذالـة و الخساسـة الإنسانيـة . هـل هنـاك فـروق أخــرى ؟
6

أصحاب الجرائد الورقيـة و أصحاب دور نشر الكتاب وحدهم يندبـون حظـهم العاثر إلى ما آلت إليـه الأمــور و لـم تعـد لهـم تلك السلطـة التقليديـة في التوجيـه ، ثورة التواصل الإلكتروني قلبت المعايير بل و أفلست العديد منـهم ، و لأن الحياة تتغير بإستمرار و تتطــور و هـي من أكبر سنن الكــون فإن الذي يختار التقاعس و السكـون و التحجر و القيلـولـة ستجـرفـه الحضارة بعيدا إلى حيث لا يرضى ، أصبح الواقـع واقعا آخــرا و أصبحت الكثير من الأسئلـة كإشكالات وجوديـة ، بدايـة من تلك الدول المتخلفـة التي تسيطر على وسائل الدعـايـة التقليدية إلى أولئـك الكتـاب الذين لـم يبرحــوا منــابرهـم العـاجيـة ، أصبح العـالم أكثر تقلصـا و اكثر تفاعليـة و أقـل إثارة و أكثر حزنـا ، أجمـل ذكــرى نحتفظ بـها أنــه كشف بقــوة الزيف الديني و الدعــوي .
7
ذكرى الخــامسـة لوجودي على الفايسبـوك،
في بدايـة شهـر أوت 2010 ، كان لي أول الأصدقـاء ، أصدقــاء تم إختيارهـم عشــوائيا و قبلـوا دعـوتي عشـوائيا ، كان تقليدا في بدايـة الأمــر أن تقبل دون تحفــظ و تبدي نيتك بزر الموافقـة ، كان أنــذاك كثير من الأصدقــاء من مختلف التيارات و العقليات و الديانـات و البلدان و المشارب و الألـون ، كان التعبير عن رأي سياسي أو ديني أو ثقـافي بصعـوبـة الوطن العربي ، ما أن تتكلم في العروبـة حتى يعترضـك أندادهـا ، ما أن تتكلم في السيــاسـة فيعترضك أنصار الربيع العربي أو مناوئيه ، ما ان تتكلم في الدين حتى يحمل أنصار السنـة فـؤوسهـم و يضعــونه على خياشمك ، ما تتكلم عن الوهابيـة حتى ينهـض مـوتى صـفحتك من قبـورهـم يسبونـك و يتهمـونك و يعــودون إلى قبـورهـم ، ما أن تتكلم عن وضـع البلـد فأنـت جاسـوس و قذر وعميل برنار ليفي ، ما أن تتكلـم عن الثقـافـة و الشعـر ، يتحد فـرقـاء الدين و يوكلـون أحدهـم لهـدايتك للطريق المستقيم القـويم ، ما أن تتكلم عن الحب ، لا يأبـه بك أحــد ، ينظرون إلى بروفايـلك و يعتقدون أنـك مراهق من ضحايا العطف و الحنان الإنساني ، فينصحك أحدهـم بالزواج ! في طريقـك إلى معـرفة بالأصدقـاء في هـذه الغابـة التي تعج بالإنسان المفترس ، الشـرس تتصدق باللايكات هنـا و هنـاك فتأتيك دعـوات لدخـول ممرات و أزقـة و صفحات تدعـو إلى الثـورة أو الحرب أو نبذ النوع الإنساني أو الدعـوة إلى الإستمنـاء الجمـاعي أو تعظيم و تبجيل شخصيـة أو ديانــة جديدة لم ينزل الله بها بسلطــان ، كانت تنشب هنـا و هنــاك معـارك عنيفـة لا نـاقـة فيها و لابعير ، قـررت مـرة أن أتبع بعض صفحــات هــادئـة فنيـة موسيقيـة لكن أعضـاؤهـا لـم يقبلوا إنضمامي إليهـم بحجــة أنني مواطن قادم من بلدان الربيـع العربي و يرون في إرهـابي أو مهـاجر غير شرعي ! لا حيلـة لي سـوى الإستمرار مع بني جلدتي يحرقـون بالنـار أو يحترقـون بها ، لاخيار لنا يذلـك ، تابعنا ثورة الياسمين بتفاصيلها و تابعنا الثورة المصريـة منذ نشأتها و ننـام و نتـرك الجهـاز مفتـوحا لتصلنا التحيينات في حينها ونطلع على أدق التفاصيل من ميدان التحرير إلى قصـر الرئاسـة ، كنـا نتسلى بفتـاوى مشايخ بـول البعير وغريب تصرفاتهم و مضت بنا الحياة و نحن نستمع إليهـم بنزول جبريل في ميدان الرابعـة و مقـاتلـة الملائكـة إلى جانب المجاهدين و الشعــوب تهذي هذيانا جنونيا بقرب التخلص من الطغـاة لتنصب طغاة
أكثر طغيانا و جبروتا و ظلما في التاريخ ، أستفقنـا على وقـع الصـواريخ التي تدمر غزة و هـا هي السنـة الخـامسـة وصلت إلى ذكـراهـا و نحن العرب نسير من سيء إلى أسـوأ .
8
إلى صديقي ،
لا تنتظـر أن أحيلـك إلى مراجع تقليديـة أو وثائق عــاديـة ، أنـا أقــرأ الكتب الإستثنائيـة التي لا تتصالح إلا مع الحقيقيـة وحدهـا و لا تضـع في حسبانـها حسابات السلطـة و لاحسابات الجاه و المــال ، الكتابات المتنورة الحرة كثيرا ما تختنق في المهـد ، الله وحده من ينقذهـم من يد الجهــال و من التنكيل و القتل و الحرق و السجن و يستمرون رغـم كل الظروف إلى أن تصل كتاباتهم بين المصطافين المختارين الذين أختارهـم الله

9
أندهش الأصدقــاء لفتـوى أستصدرتها داعش تحظر وضـع الصدريات " السوتيانات " في الرقــة بــإعتبارهـا تحوير لخلق الله ، فيجب على كل فتاة أو إمرأة أن تترك صدرها كما هـو حتى لا يمكن تغليط الشباب المسلـم و أن تظهـر بصدرها الطبيعي .

10

الأمـة التي تفكـر في أحجيـة لحـم الجن حلال أم حرام ، و تعـقد مجالس لمنـاقشـة رضــاعـة الكبير و منـافع بول البعير و تعـقد حــلاقـات حول فـوائد قتل الوزغ و الفـروق بين الضراط و الفســاء لا يمكنهـا تحرير شبر من الأراضي العربيـة المحتـلـة .
11

مجمــوعـة الفتـاوى التي ظهـرت للبعض غريبـة و التي أستصدرتها داعش في سلسلـة فتـاوى لتوطيد دولـة الخلافـة هـي من صلب المذهب الوهــابي ، الذي يتدين بـه غــالبيـة الناس سرا أو جهـرا ، و يفتخرون بـه و يدافعـون عنــه عـلانيـة أو خجلا أو تبريرا ، فجهاد النكاح موجود و هـو ما عمل به النبي في إحدى غــزواتـه و المسمى في التراث الفقهي بزواج المتعـة ، و أيضا عـدم وضـع السوتيانات لدفـع مفسدة تحــوير خلق الله و أيضا دفـع الجزيـة أو الإسـلام و كذا وضــع عــلامـة نون للإشارة على أنـه نصراني و أيضا تحطيم الأوثان و الأثار القديمـة لحضـارة وادي الرافدين و غيرهـا أما القتـل البشـع و الجرائم المرتكبـة من التعزير و الرجم و إقــامة الحدود ضـد الأفـراد من المدخنين و مفطري رمضان و الحـلاقـة غير الشرعيـة فهي واقعـا لا يمكن إنكــاره وقــد تــم تنفيذهـا على المواطنين .



12

الفكــر البدوي يسيطـر على كل مفـاصل الحياة عندنا ، الفكر البدوي المتوغـل في العشائريـة و القبليـة هـو فكر سطحي و ساذج و مــؤقت يقتات من الخرافـة و الوهـم لا يصلح أبدا أن يقــود أمـة إلى مستقبلهـا ، تمـاما مثل ذلـك الراعي الذي يرعـى بغنــمـه و ينتظــر في رحمـة الله عــليـه و قدره و بكثير من الدعــاء دون أن يحاول تغييره ، أقصى ما يمكن فعـلـه هـو تغيير المرعـى بعدما أستنفـذ المرعى القديم ، لـم يأخــذ العرب بأسباب الحضــارة و تبعيتهم جعلتهـم من أسـوأ خلق الله و المصائب توالت عليهـم منهـم من أصبح عميل رخيص للغـرب و منهـم من نكل به و منهم من ينتظر دوره .
13

بعد أن تـم نشـر قائمـة السلـع و الماركات العالميـة التي تدعـم إسرائيل ، اليـوم لـم أشتري دانون و أشتريت بدلها ياوورت من صنـع محلّي و أكتفيت بقارورة ليموناضـة بدلا من كــوكا كولا كــأي مواطن صــالح ، تساءلت هـل يمكن للشعـوب العربيـة أن تستغني عن الطائرات الأمريكيـة و الأوروبيـة وتكنــولوجيتها و مــوادهـا الزراعية و الطبيـة و مخابرهــا و خبرتها في كل مجالات الحياة ، هــل المقاطعـة مجديـة في ظــل أن 95 بالمائـة من حاجيتنا نستوردهـا من الدول التي تساند الكيان الصهيوني نهـارا جهـارا و تحديا ؟
14

لـم أكن أصدق و أنـا أدخــل صفحـة الأصدقـاء العراقيين حيث يتناقشـون في موضـوع داعـش و إحتلالهـا لبعض المدن العراقيـة ، حيث أن هنــاك تبادل للتهـم بين الشيعـة و السنـة و الولاء للميليشيات بدلا من الجيش ، كل واحد يغني بأغنيتـه ! لـم أعـرف لمــاذا الحضارة و أول مدنيات في التاريخ لـم يستطيعـوا أن يتآلـفـوا و يقفـوا صفــا واحدا في وجـه الإرهــاب و في وجـه الغزاة و أصبحوا متمسكين بالعشائريـة و الطائفيـة أكثر مما مضى ، أقـول لـكم أن دولـة الخليفـة ستصل إلى بغداد كما وصلهـا التتار من قبل حينها لا تنفعـكم طائفيـة و لا سنــة و لاشيعـة و لا إيران ، إن لـم تتحدوا و تضعـوا حساباتكم الطائفيـة و العشائريـة و القبليـة خارج مجال تفكيركم الموبوء ، ستنهش دولـة الخلافـة جسدكم الضعيف و تضـع يديها على كل العــراق آجــلا أم عاجلا ، ستوطد حكمهـا و تحــوّل العــراق إلى جسـم ينزف بالدمــاء جراء مفــاهيمكم الضيقـة و نظرتكم القاصرة ، ، ، و الآتي أعــظم ..
15


الثقـافـة و الأدب و الفـن فلا يؤمن بها إطلاقـا ، لأن الأثرياء في بلدي لـم ينحدروا من أصــول أستقراطيـة كتلك الشخصيات التي نجدهــا في الروايات الروسيـة العظيمـة أو الأنجلو ساكسـونيـة ، الأثريـاء في بلدي هـو رديف للطــرابندو و التهــريب و إخـتلاس الأموال العمــوميــة و الصفقات المشبــوهـة ، هــكذا سيدتي الكريمـة تشكل الثراء في بلدي و تشكــل الأثرياء !
16

ألتقيت قبل قليل في بيتنا العائلي بأحـد أفــراد العائلـة سلفي النزعـة و المنشأ و التربيـة مـا أن رآني سلّم عليّ و هـو يقـول مرحبا بأهــل الأهــواء ، قلت لـه مرحبا بأهـل الريــاء ، جلسنا إلى طــاولـة و صمتنـا إلى أن أنتهت المقابلـة ، فأحسّ بالخزي و قد فاته أجــر الدعــوة !
17

البيئة تنتج أشخاصهـا ، ألمانيا أنتجت كارل ماركس وإنكلترا تشارلز داروين وجزيرة العرب أنتجت محمد بن عبد الوهاب.
18

بلغت درجــة خصــومــاتي مع الموظفين في العمل إلى درجــة الفجـور ! تحـوّل الموظفـون إلى نماذج بشريـة بدون عـقـول بمشاعـر ملتهبـة ! أعـاتبهـم على تدينهم الموسمي الكاذب بإستمرار ، أنغص عليهـم هـدوئهـم ، بيننا مجموعـة لا بأس بهــا من المتخـونجين و المتسلفنين ، لاهـم لهـم سـوى تأديـة طقـوس و قــراءة القرآن في أوقــات العمل و الذهـاب إلى الصـلاة في المسجد المحــاذي و الحديث المطــوّل على تفاهـات المسجد و المصلين و أجهــزة التبريد الضخمــة التي أستقدمـوهـا و لكن لـم يتكلموا قـط عن شروط العمل و الإنتصـار للظلم الذي يلحقهـم من الجهــاز الإداري و غيرهــا من شؤون الوظيفـة
19

في صبيحــة اليوم بينما أنـا متوجــه للعمل ، كانت الحافلـة مكتظـة عن آخــرهـا ، إلى درجـة الإختناق و إنتشار روائح الأجسـاد و الإلتصاق الكامل بين النساء و الرجال و رغـم ذلـك أصـرّ صاحب الحافلـة أن يزيد في عدد الركاب ، الأدهـى من ذلـك رفـع صـوت تلاوة القرآن ، فطلبت من صاحب الحافلـة أن يحترمنا كآدميين بدلا من رفــع تلاوة القرآن ، أصــرّ على ذلـك ، فكادت أن ينشب صدام بيني و بينــه و عـراك بالأيدي لــولا تدخــل الركاب ، الغريب في الأمــر أن معظم الركاب أستهجنــوا فكرة توقيف القرآن ! رغـم الميزيريـة التي يعيشونهـا في الحافلـة .تبا لمجتمع جاهــل متخلف ، أنـا متعب من يومياتي
20

منذ صغـري ، أحـلـم بإرتداء بيري أســود مثل أحـد الملحدين في مدينتي ، يسير في وقت محدّد من اليوم في إحدى شـوارع المدينـة ، يسير مـرفـوع الرأس و نظـره مستقيم إلى الأمــام في إتجاه نهـايـة الشارع ، لا يشعـر بوجـود مخـلوقات بجانبـه ، يعـرج على مكتبـة بوردو ، يدفـع ثمن كتاب أو جريدة ، يتأبطهـا و يكمل سيـره في أنـاقـة على الرصيف الأسفلتي بإستقامـة ظاهـرة ، كنت تلميذا في متوسطـة فيكتور هيجو ، كنت أراقبـه و معجب بشخصيتـه بوجهـه المكتنز و شاربـه الضخـم وقد أصفـر جزءا منـه بفعـل الغليـون الفاخـر الذي يضعـه على فمـه ، لم أر غيره بهـذه الأنـاقـة إلا في الأفـلام الأجنبيـة ، كنت أربـط بين هـذا الشخص في مدينتي بمظهـره المتميّز و ثقافتـه الفرنكوفونيـة المتميـزة ، رأيتـه ذات يتكلـم مثل المثقفين رغـم أنني لـم أفهــم شيئا مما يقـول ، إلا أنني كنت أقارن بينـه و بين ســائر الخلق الذين لا يرتدون البيري و لا يضعـون الغليون على افواههم ، غــالبا هــؤلاء تجدهـم يلهثون من وراء الإدارات ، البريد ، يحملون القفف في السـوق ، يتجمعـون في إحدى ساحات المدينـة ، يتسببون غـالبا في تضييق المرور و يعاكسون النساء من خــلال مرورهـن من القرب منهـم . قررت أن أرتدي البيري و التميز ، لكـن جاءت فترة العشريـة السوداء ،فعدلت عن ذلــك ، إلى أن أنقضت الفتـرة و أصبحت رجلا كهــلا ، فكـرت أن أشتري بيري و أضعـه على رأسي و قـد كفرت بالمجتمــع ، لكـن ما رأيت أحدهـم يرتديهــا و هــو من أخمج خلق الله حتى عدلت عنهـا ، خشيت أن يقـارنوا الناس بيني و بينــه .

أنتهـى



#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله في ضيافتي
- أزقة الكتابة
- كيس الخيبات (1)
- كلام آخر عن حرية التعبير
- النظرة الإستعلائية
- حرية التعبير بين جواد بوزيان و حمار بوزيد
- أنا و مول النخالة (2)
- هكذا تكلم مول النخالة
- رسالة لا تنطق عن الهوى
- أتركوا الجزائر لشبابها
- بإسم الدين ، لا خير في أمة أخرجت للناس
- وزارة الثقافة الجزائرية و الغزو الوهابي
- ماذا تنتظرون من الجماعات المتأسلمة ؟
- تونس بخلفية سلفية
- بين الولاء و الكفاءة
- صداع إنتخابي
- الهوية كقضية مؤجلة..
- هل نحن فعلا بحاجة لأعظم و أكبر مسجد في العالم ؟
- نيل أمسترونغ في أبعد من مرأى العين
- المدخل الصحيح للعلمانية


المزيد.....




- سوريا.. -جملة- مطبوعة على أكياس تهريب مخدرات مضبوطة تشعل ضجة ...
- نتنياهو يأمل في استعادة شعبيته بعد التصعيد مع إيران، فإلى ما ...
- اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغرب ...
- مأساة في نهر النيل.. مصرع 4 أشخاص غرقا إثر انقلاب مركبهم
- زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان
- روسيا تشنّ هجمات بمسيّرات على مناطق واسعة من أوكرانيا
- تقرير يكشف تفاصيل تجنيد إسرائيلي لاغتيال كاتس بأوامر إيرانية ...
- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - بن جبار محمد - إرحموا عقولنا يا دعاة الدين