أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حلا السويدات - ثنائيّة الكلام والصّدى














المزيد.....

ثنائيّة الكلام والصّدى


حلا السويدات

الحوار المتمدن-العدد: 4830 - 2015 / 6 / 7 - 15:51
المحور: الادب والفن
    


إنّ أجزاء الجمل ظلال تلتصق بالآخر رغمًا عن مزاج الحديث، في لحظة ما يستحيل اختزال الهُوية بجملة واحدة، تفترض سيناريوهات غير مأمونة يخرجها الآخر، بكامل الغرور، وبكامل التفشي والانتشار في رؤوس لم تلتقِ بها قطّ، تكون بغيضًا، شريرًا، على الصعيد الإنسانيّ البسيط، أو ربما طيّبًا أكثر مما ينبغي، حدّ أنك تريد أن تنتهي من كلّ شيء حولك، لكي تظلّ تؤنّق دائرتك الخاصّة، في حين أنّك لا تأمنها خارج إطارك، سلطة أكثر ما تكون سلطةً ممتدّة ومختزلة وسريعة، ربّما أسرع من اللحظات التي بقيتَ تفكّر بما يمكن أن يكون معنىً مجديًا؛ أيدولوجيا، نظرية، طريقة علمية للتفكير بالأشياء، معتقد، نوع موسيقيّ، شاعر بديع ولاصق.
إنّ غرور الأوّل يمّحي إذ يدرك أنه تمّ اختزاله بهذا التعسّف، غير المأمون، وغير النّقي، والمقبول أخلاقيًّا، ربما، لقلة التفكير به، ولقلة الرقابة على المعنى المستَقْبَل الخارج منا، مما يؤدّي إلى سوء الفَهْم، وطبيعيّة التجاوز عنه، الكثير ممن يتحدثون بطلاقة عن أهمّ الأشياء لديهم لا يبالون، بغير تلك البسمة المصطنعة والتّقبّل الفسيح عديمِ النكهةِ والجدلِ، إنّ الإنسان بقدر حاجته للتواصل مع الإنسان يبتكر لنفسه قوقعة من صابون، قادرة على تنظيف كمّ الجمل الركيكة التي يرتجلها العابر خجلًا من ضجره وتداركًا لضجرك واعتراضك، ثمّة داعٍ خفي يستجدي هذا العرض الهزيل، منذ هوس المخاطِب الأزليّ بالمخاطَب؛ الذي يؤوّل الكثير من الكلام خطأً على الأغلب، وفي بعض الأحيان يضفي عليه خبرته في التفكير، ويطرحه بأفضل ما كان حين يضيفه إلى سياقه الخاص كمرجع مهم(جاء في قول فلان)، ( ذلك تحديدًا حين تجهّم الرئيس كذا في موقف كذا تعبيرًا عن الموقف الوطنيّ الخالص، وينسى الكلّ الذبابةَ التي مرت من أنفه في ذلك الوقت).
مجرد كلام؛ في النّدوات المهمّة، وفي المحاضرات الجامعيّة، وفي المواقف الكثيرة مع الآخرين، داخل الجماعة، خارج الجماعة، أذكر مرة أخذتُ أبدي رأيي في قضية ما في إحدى المحاضرات، حيثُ بدأتُ كلامي بجملة دعّمها (النبْر والحزْم): "أذكر موقفًا سياسيًا لإحدى الأحزاب السياسيّة وحدث ذلك في عام.."، ثمّ أوقفتني المحاضِرة، وأثنت على هذا الانتماء، رغم أن الفكرة لا تأتي مختزلة هكذا، كنتُ أنوي أن أستدرك نفسي وأقول" إلا أنه.."، وأخذتهم العزة بالجاهزيّة، وبي كمنتمية لهذا الحزب، شعوريًا وفكريًا، كنتُ أودّ لو أكون صافيةً قليلًا، أو مضللةً متماهيةً حيثُ لا أسقط عنوةً في قالب محضّر مسبقًا، إلّا أنّه فخّ يأتيك ضيافةً مع كأس الماء. هل يمكن أن يشبه ذلك خلية نحل، هل القرب والتشابه المفرط والتجيش الحقيقي لهذه الكائنات يعفيها من هوس التطفل؟ يُظنّ أنّ الحيوان غير الناطق عفا نفسه من الخسائر النّاجمة من سوء الفهم وكان أقرب إلى تحقيق هدفه وغايته، بعيدًا عن نقاش ماهية الغاية واختلافها، يبدو العقل النّاقد والمتعطّش للفَهْم الدّقيق قلقًا أكثر من أن ينظر للإنسان الرفيق، من ناحية النّوع والتشابه، حيث يتمرّس في لذّاته أولًا، ونزعاته ثانيًا، يميلُ إلى النوع القريب، الهوية الشعوبية، ثم يدفع بالآخر بعيدًا، يعطف على الحيوانات، يفتك بالرجل المتأمل في بديع السموات والأرض، ومن ناحية ثمة في كل رقعة من الأرض لغة تستوعب كلّ هذا الاتساع في الظنون.
الكلام لغة، مخزون لغوي في كل فرد، لديه انعاكس بسيط عن هذه اللغة، لا يمكننا أن نعدّ اللغة قطعية واحدة تقع بالرنين ذاته والحركة ذاتها في جوف الفرد/ الجماعة، بل تتمايز حسب ذاكرة الجوف، ثم تعاد الصياغة، وتصبح أخرى لديها ظلال من الأصلية. الإنسان في خطرٍ دائم، ويتوقع الدفاع ضد أي هجوم محنّك في أية لحظة، هناك رجل يكسر مرآته في كلّ صباح، دفاعًا عن بصاقه، وآخر دفاعًا عن بضعة قروش عليها صورة ملك قديم جدًا، لظنّه أنها كانت الدولة، وليس بعدها دولة، ثمة رجل قضى بضاعته في الندوات والمحاضرات ووقف في حافلة قاصدا مسقط رأسه الشعبي، ليسمعه مادته الأكاديمة نقاشًا يدور/ حرفيًّا، بين سائق ورجل معثّر، فأمسك كلامهما بسبابته وإبهامه، وأخذ يركض بعد أن قال: "هذه بضاعتي ردّت إليّ صافية بلا اشتباك مرير مع ذاكرة متفذلكة" هذا الرجل تحديدًا نأى بكلامه وهاجر".
الكلام مرارةٌ في الأذن، يطير إن لم يُكتب، وإن لم يوضّح، يحب المرءُ في العادة أن يكون مسموعًا رغم أنه يعرض فقاعته الصابونية لكثير من الجراثيم اللاصقة، الفرد مهووس بصدى الجماعة وإن تعارض معها، والنحل لا وقت لديه للصدى.



#حلا_السويدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاميّة الشنفرى بين اليوتوبيّة والبوهيميّة
- ركاكة في الحديث عن المشهد
- دراويش لأن لهم..
- ذئب بطبيعة الحال
- السقوط في المرايا
- نوارس لا تهاجر
- كذبة الكذبة
- إذ يردُّ الفائتَ الحَزَنُ
- وداع في المينا
- شقاء النبيل الوحيد
- هكذا نسوّغ النكران
- عبثية الخلود
- قصيدة ليست بنكهة غرناظة


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حلا السويدات - ثنائيّة الكلام والصّدى