أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حلا السويدات - كذبة الكذبة














المزيد.....

كذبة الكذبة


حلا السويدات

الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 17:29
المحور: الادب والفن
    


في لحظة ما ، عندما تحتدم الأفكار في رأسك ، وتجد أنه من العسير إيجاد نقطة ما تبتدئ منها ، تفكر في شيء يستحق الكتابة عنه ، خيبة حب ، قصة فاشلة ، حياة بلا لون .
أتساءل هل كنا نعرف حقاً ما الذي يمكن أن يلزمنا باستعاراتنا فعليا ؟،"حياة بلا لون "، " ستعتم الدنيا " ، بل إنها "تضيء بوجودك "، " أنت مشكاة في جسدي " ، الكثير من الاستعارت التي تضعنا في حالة ذهنية لغوية تجعلنا أكثر قيمة وتأثيراً ، وما من بد أنها تجعلنا أوفياء لها ، حيث نرفض أي شيء قد يلغي تأثيرها ، كأن يبذل "الفتى " مجهوداً واسعاً في تشبيه القهوة من بعد فراق " الفتاة " ، ك"فنجان نظيف وفاخر من طراز فرنسي يملأ نصفه السكر ، والقليل من القهوة ، أنا أعاني بدونك من الشوق إلى القهوة والامتعاض بسبب كثرة السكر ، فلطالما كنتِ دمشق ، عودي " وبأمل خافت ، " لا تعودي " ، لا بدّ أن يتمنى عدم عودتها أو ربما انصرافها إلى آخر ، ليس شاعراً ، ولم يقرأ رسالة انتحار فان جوخ ، ليغرق في السكر ، وينسى القهوة ، لكن الفتى لم يكن يشرب القهوة أساساً ، فأي وسيط للرغبة هذا ؟ هباءً ؟
كشف " رينيه جيرار " من قراءته لعدة روايات عن نظرية " مثلث الرغبة " في كتابه " الكذبة الرومنسية " ، أي أن الخط المستقيم الموجود في رغبة أحد الشخوص ليس هو الأساس ، فأعلى هذا الخط هناك الوسيط الذي يضيء الشخص الراغب ، والغرض المرغوب في آنٍ معاً ،والاستعارة المكانية التي تعبّر عن هذه العلاقة الثلاثية هي المثلث بطبيعة الحال ، لكن الفتى يزمجر " ما كان انفكاكي عنها طلباً لرغبة ، وما الرغبة التي سأطلبها من فراقها ؟ من المستحيل أن أكون راغبا في الاستعارة " ، وينظر في المرآة ، ويراني ، يمعن النظر ويحملق ، " وما رغبتكِ أنتِ فينا ، أنا والفتاة ؟ ، لماذا تصرّين على جعلنا مهتمين جدا بفرضياتك الميتافيزيقية " ، لا يمكن أن يكون الفتى محقاً وأكون الركن الشفاف من المثلث ، ولا يعقل أن يكون مربعاً أصلاً ، لكن الخلق الموجدين لانعكاس الانعكاس كانوا وسيطاً بذاتهم لرغبة عليا ، تحتاج لأن تثبت شيئاً من خلالهم ، هل يعقل أن يكون الصوفيون محقين؛ أننا نحمل في ذواتنا الذات العليا ، وأن الشيء الوحيد الذي يثبت للوجود وجوده ، اللغة !.
حدث ذلك قبل شهرين ، عندما رأيتُ صدفةً صديقة قديمة جدا ، وكعادتي بنسيان الأسماء كنت على حرج تام من أن تعرف ذلك ، إذ إن لقاءها بي كان حميماً جداً ، فبحثتُ عما يمكن أن يجعلني أتذكرها وأتذكر تفاصيلاً يمكن أن تنقذني من الموقف ، نعم ، كانت تلك الفتاة مفرطة السمنة التي تنام في حوض الاستحمام المليء بالأعشاب والتي تضع رأسها داخله حتى الاختناق ، تلك التي قالت لي في زمن ما ، أنا في كل مرة أموت ميتة لا تنسى ، إذن هي الفتاة ذات الميتة التي لا تنسى .
لكن الفتى لا يفتأ يهاجمني ، لمّا أقول إن الاستعارة التي ترن في باله ، عند نزوله الدرج ، وعند ركوبه الحافلة وفي الاجتماعات مفرطة الضجر ، هي الذريعة الوحيدة التي جعلته ينسى عينيّ الفتاة الفاتنتين والحاذقتين ، واللاتي لم يمكنهما أن يكونا بحد ذاتهما استعارة ، منجىً ذهنياً ، بل تصيرا ثقبين يجب الهروب من السقوط فيهما .
ولأجل كل هذا ، ولأجل الكثير مما أضمره ، سأبخل برواية على إحداهن ، لثقتي أنها ستقلب حياتها ، لربما كانت ستفعل الكثير ، وستنظر إلى حزنها من منظور آخر ، بفرطٍ من الأنانية، لن أسمح للاستعارة بأن تتسربل إليها ، فما زالت قناعتي أن العمل الفني الوسيلة الأجدى لأن يقلب المرء كل شيء ، أذكر مرة عندما زرت منزل فنانة تشكيلية فلسطينية في عمان ، أني صفنت في إحدى لوحاتها التي قابلت لوحة زوجها الراحل ، وأمضيت السهرة كاملةً وأنا أفكر بما يمكنني إسقاطه من أعلى الشلال ، ربما كان للّوحتين أن تمتزجا ، فبعد طول تفكير ، استطعتُ تخيل زوجها يقف أسفل الشلال ويرسم زوجته وهي تفكر بإسقاط شيء من أعلاه ، لكنه تفاجأ بنفسه يسقط ، ويمتزج بها ، بمنتهى الاستعارة ، وبعد مغادرتي بأيام أسقطتُ أحداً من الشلال ، شخصاً مسالماً أكثر من اللازم.!!
نعود للفتى ، أظنه ما زال ينكر تلك النشوة التي تعتريه عندما يفكر بالفراق ذا الوقع الحُلو قليل القهوة ، وأظنه امتنع عن شربها " بلا سكّر " كعادته ، ونعود للمرآة أيضاً ، ولتتمة قوله " كيف تدعين أن العمل الفني قد يغير نظرتنا بالضرورة ، أتذكرين عندما حدثتك إحدى رفيقاتك عن فلم "liberal arts " ، قائلة لولا هذا الفلم لما عرفت ما أريد ، وما كنتِ فاعلة ؟ شاهدتيه وبدلاً من أن تعرفي ما تريدين ابتكرتِ الكثير من الاستعارات التي تجعلك تتورطين بعبثية أكبر ، أي جدوى ترجين من هذا ؟
كان الشلال من كلمات ، وكانت فتاة الميتة التي لا تنسى تشعر بالحنق أكثر من حب الامتزاج بذهن من نسي اسمها وكل شيء متعلق بها .
الاستعارة عطش للوجود ، والوجود لا يطلب التواجد إلا بها .



#حلا_السويدات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذ يردُّ الفائتَ الحَزَنُ
- وداع في المينا
- شقاء النبيل الوحيد
- هكذا نسوّغ النكران
- عبثية الخلود
- قصيدة ليست بنكهة غرناظة


المزيد.....




- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حلا السويدات - كذبة الكذبة