|
ذئب بطبيعة الحال
حلا السويدات
الحوار المتمدن-العدد: 4447 - 2014 / 5 / 8 - 23:34
المحور:
الادب والفن
وقد تدركُ تلكَ الغضةُ يوماً أنَّ الحالةَ الانتمائيةَ للمثقّفِ ضروريةٌ ، وطقسها قاب قوسين من مزيجِ الحريةِ الذي لا يتحدد بمفهومٍ معيّن ، والذي رغْمَ ذلك ينادي به بنشاطه الثقافيّ كلّه ، ثمةَ مسوّغات كثيرة يلتصق بها ، ومحددات شرعية تحوي مفاهيمَ غير محددةٍ بالرغبة والشغف نحوها ، ولغة اصطلاحية مكنية غير متمكنة من ذاتها ، ولهذا ، قد يكون الحوارُ ضيّقاً على غير ما قد تعهدُ فتاةٌ قروءة منطلقة ، أليسَ من الجدير أن يخطر لها خاطر ناقلٌ لصورة منبّأة لما ستكون عليه إن أخذتها العزةُ بالعرف الثقافي العربي ؟ ، قد يحدث ذلك ، وقد تختلط عليها الصور ؛ مقهى ، سجائر ، أمسيات شعريّة شارعيّة ، آلات موسيقية ، أسطر شعرية ثنائية لشعراء عالميين ، أسماء كثيرة مفرطة بالطول وتتداخل فيها المقاطع الصوتية ، أبستمولوجيا ذات طرق كثيرة وعرة ، أفكار جريئة حول الوجود ، أنداد الله الكثر . لكن ، ماذا إذا كانت تجهل كلّ هذا ، ولم تلتمس وقتاً سيمياء النص الفلسفي المشترك والذي يحدد شكلاً أكثر من مضمون ، قد تحفظ بعض الأغاني المعروفة فيما بينهم وقد تقع في حبّ بعض المثقّفين الأقحاح دفعة واحدة ، لكنها ستجهل السبب الذي سيجعلهم كلّهم يهدونها ذات الأغنية " يا إختي القصة كبرت ، ما عاد فيني حب ، قصة وعي سياسي مش قادر إني حب ، حبي هو الجماهير وغرامي القضية ، صيري إنتي الجماهير والفئات الشعبية، تإكتبلك غنية ، غنية عاطفية " ، وقد تواجه صعوبة في تأليف خطاب عاطفيّ جماعيّ ، ولن يقف الأمر عند هذا الحد ، بل ستتوانى وستقنع نفسها ، بأن لا ضرورة حقاً لعاطفة قوية إذا كان الطريق إلى الحرية والأبستمولوجيا طريقاً شعبياً بحتاً ، وإن كان للحب رغبة في الوجود ، فعليه أن يكون شعبياً . لكنه وإن كان ذئباً بطبيعة الحال ، ثمة في خاطره أراجيح يهزها اللا شيء بفوضوية عالية ، وعليه لتدارك ذلك أن يجيد الوقوف في جميع الجهات ، فوقاً ، تحتاً ، يمنة ، ويسرة ، وأن يكون مرناً لفعل العبث ، وألّا يتزن بتاتاً ، ففي الاتزان رسوخ عند حد معيّن ، وهذا تماماً ، ما يستنزفه ويحوّله إلى آلة خادمة للأيدولوجيا ، لكن ألم توجد كل الانتماءات الإنسانية الأخرى كي يحملها حاملٌ على عاتق صوته وقلمه وعوده وفرشاته ؟ ، لمرحلة ما ، قد يكون من الحتميّ أن يبشّر المثقف بانتمائه ، فصواب الشيء يتحدد بسعة انتشاره في أكبر قاعدة فكرية ،و بكونه قائما وصلبا ومقنعا وهدفاً لأكبر مجموعة إنسانية ، فلا ضير أن يبحث المثقف عن هوية ، ولأنه ذئب ، تحديداً ذئب نبيل ، عليه أن لا ينتهي من طقس البحث الدائم ، وأن يسقط في الأعلى وينقسم في نفسه ، دون أن يمتلئ بضجيج الألقاب والمصطلحات الثلاثية الأبعاد . كانت ستعي ذلك لو لم تبذل كثيراً من الشغف في لحظة العزف الأولى ، لو لم تقطع الوتر ، وتر الكِبَرِ . ولربما كان للانتماء ذلك الوقع الفعّال لعلاج الخيبة العاطفية ، كأن ينتقل الوجع من الأنا لل" نحن " ، ومن الفرد للشعب ، هي صرخة فتاة تعلّق قدميها على رقبة رفيق مناصر وذا صوت جهوريّ في مظاهرة ما ، أيّ مظاهرة ، لا يهم ، هي لم تعرف لماذا تهتف يوماً ، لكنه بالتأكيد أجدى بذلاً . وأخيراً تقول : من عاشر الذئب أربعين يوماً .. وأخيراً أقول : أكل الذئب وأغلق عليه باب الجبل كي لا يأتي من يعاشره ..
#حلا_السويدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السقوط في المرايا
-
نوارس لا تهاجر
-
كذبة الكذبة
-
إذ يردُّ الفائتَ الحَزَنُ
-
وداع في المينا
-
شقاء النبيل الوحيد
-
هكذا نسوّغ النكران
-
عبثية الخلود
-
قصيدة ليست بنكهة غرناظة
المزيد.....
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
-
ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|