أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بابلو سعيدة - جمهورية المبدعات : الروائيّة أحلام مستغانمي. رواية (ذاكرة الجسد)















المزيد.....

جمهورية المبدعات : الروائيّة أحلام مستغانمي. رواية (ذاكرة الجسد)


بابلو سعيدة

الحوار المتمدن-العدد: 4786 - 2015 / 4 / 24 - 07:33
المحور: الادب والفن
    


جمهورية المبدعات : الروائيّة أحـــلام مسـتغانمي. روايــــــة (ذاكرة الجسد) بدأت أحلامشاعرة . وانتهت روائية وناقدة . ولا تميل مطلقاً إلى الغزل السلطوي والاجتماعي . وأحلام في حياتها اليومية، تبدو امرأة عادية متواضعة، ومحبة للآخرين . وفي نصوصها تبدو شخصية مركبة في تركيب وصناعة أبطالها
أحبت والدها، والشاعر نزار قباني، والسيد جمال عبد الناصر . وأحبت دمشق التي احتضنت الأمير عبد القادر الجزائري . ودخلت دمشق امرأة عادية، وخرجت منها طاووساً. وتطمح أحــلام في نصوصها وحياتها إلى تحويل الوجـع العربي إلى عافية ونقل الإنسان العربي وغيره من التقزّم إلى التعملق ، ومن التضامن السلبي إلى التضامن الإيجابي .تقول أحلام: (( حفنة من الكلمات ترفعك أو تودي بك إلى القاع، وقد تحتضنك القصور أو السجون. وأنا انتمي إلى جغرافية يعيش فيها الكتاب إذلالاً يومياً، ربما كان التشرد أقلها إهانة، ويعودون إليه كي يدفنوا أقاربهم، أو ليتفقدوا من بقي منهم على قيد الحياة . ويعودون متنكرين مرعوبين مختبئين كالفئران في بيوت أقارب آخرين، مذهولين من أمرهم، أكل هذا، لأن في حوزتهم أوراقاً وأقلاماً ؟! )) وتهاجم حرّاس الوطن، قائلة : (( كنا نريد وطناً نموت من أجله، فأصبح لنا وطنٌ نموت على يديه )) .لم تكن أحلام في بداياتها الأدبية ، مهتمة بالثورة الجزائرية، وبثورة المليون شهيد، ولا بالمجاهدين الجزائريين ، ولا بجميلة الجزائرية.كانت مهتمة بذاتها ، وبوالدها .وكتبت الروايات الثلاث "رواية الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير" حباً في والدها الذي عانقه الموت قبل أن تنجز رواية ذاكرة الجسد، لأن والدها هو الذي شجعها على عشق ومحبة اللغة العربية رغم أنه كان يجهل أبجديتها.
تقول أحلام: " البكاء على الأديب هو نوع من المهزلة التاريخية . وتكريم الكاتب هو في السماح لروايته أن تجتاز الحدود " . هل ذاكرة الجسد رواية ؟ أم مقالة ؟ أم خواطر وذكريات وانفعالات ؟ أم خطاب سياسي ؟ أم قراءة نقدية ؟ أم رؤية فلسفية ؟ إنها هذه المواد كلها في لحظة تاريخية واحدة .بداية الرواية : ملك استملك الجزائر . وأمم المال والبشر .ونهايتها : كاتب امتلك ذاكرة ، ورؤوس أقلام ، ورؤوس أحلام .وبين البداية والنهاية قامت أحلام مستغانمي بصناعة أبطالها من الذاكرة الشعبوية والمتخيلة التاريخية ، والواقع المعاش وتجربتها الذاتية . وشكلتهم من طقسها ، الممثل لذاتها ولروحها ولنفسيتها ولمزاجها .نقرأ في الرواية ، وطناَ يطلب من مواطنيه تأدية واجباتهم .ويهمل حقوق المواطنة وطناً معطوباً ، ترك في المعارك ذراعيه ، وفي المدن المعلّبة ترك قلبه . وطناً من الورق ، ينتج مبررات الموت . وطناً يطلب تأشيرة خروج سفر جماعية .وطناً يتماهى في امرأة ، وامرأة تتماهى في وطن ، فهل الوطن هو امرأة ؟ أم هل المرأة هي الوطن ؟.
في الوطنين ، وطـن الطفـولة ووطـن المنفى ، يعيش الأنا الجماعي الاغتراب والاســتلاب .والرجل المحارب القديم المعطوب في المعارك، لاقى احتراماً خلال ســنوات الاستقلال الأولى ، ولكنه لم يعد محترماً في السنوات اللاحقة .
في رواية " ذاكرة الجسد " سيطرت المواقف الانفعالية، انفعالية المؤلف والقارئ وشخوص الرواية . تكلمت أحلام بصوت الذكر ونيابة عنـه ، وفهمته أكثر مما فهم ذاتـه وواقعه .ونرى أبطال ذاكرة الجسد ، راكدين وديناميين ، أحراراً ومقعدين ، شريرين وخيرين متســامحين ومتشــددين ، جسورين وجبناء ، ملتزمين ومنفلشين ، عســكريين ومدنيين متفائلين ومتشائمين ، وصوليين وعلمانيين ، ملائكة وشياطين . وهم أبطال كالشعوب (( نهبتهم الأوهام والأحلام المعلّبة من السعادة المؤجّلة )). وأبطال الرواية ، لهم ذاكرة حب وكراهية وانتقام .يمارسون نشـاطاً اقتصادياً مركباً ,ويـأخذون الناتج الفائض ، وفائض القيمة ، ولا رادع يردعهم عن تخمتهم السلطوية والمالية . الوطن في الرواية يدخل سن اليأس الجماعي . ويعيش مواطنوه الملل والضياع والرتابة .وأبطال رواية ذاكرة الجسد هم واقعيّون ، يصعدون ويهبطون .ويعشقون الوطن على شكل صبية ، وصفقة ، ومزرعة خاصّة بهم .وهم متهورون وعقلاء ، ساديون ومعافون ، بسطاء ومركبون .ويمثلون حماقة الشباب والثورات ..وهم أبطال ملهاة ومأساة ، ولهم ذاكرة ، وبعضهم بلا ذاكرة . ويتكلمون العربية والفرنسية .ويصنعون أفكارهم وأحلامهم من الذاكرة والمتخيلة التاريخية وخلقوا للحياة وللشهادة .وهم جبابرة وأقزام ، أخلاقيون ومكافيلليون ، طيور حرّة ومدجّنة في ذاكرة الجسد ، تحترم المرأة كوعاء للجسد لا كوعاء للفكر .تقول أحلام : (( هات امرأة، وخذ ما تشاء ، إنهن مناضلات ، ولكن بأي عضو على التحديد ناضلن ؟.هذا زمن حقير وإذا لم ننحاز إلى القيم سنجد أنفسنا في خانة القاذورات ومزابل التاريخ)). أبطال الرواية سعداء بالوهم وبالحقيقة . ويموتون مخيرين أو مكرهين . وبعد سنوات الاستقلال بقليل ، بدأ وطن الاستقلال يقرّب المعطوبين في وطنيتهم لاستلام مناصب قيادية . ويبعد المعافين في وطنتيهم عن مراكز السلطة والاحترام . تقول أحلام : (( المرأة التي هي على شاكلة الوطن أحبّها السّرّاق والقراصنة وقاطعوا الطريق ، ولم تقطع أيديهم . ولهم كل شيء ، وحدهم الذين أحبوك دون مقابل أصبحوا ذوي عاهات )) .وفي الرواية يمتزج التخييل بالواقع ، ويصعب الفصل بينهما . وتشكلت البورجوازية المحلية السلطوية (( من العمولات والصفقات .وتناوب على السلطة السّرّاق كباراً وصغاراً ، على مرأى من الشهداء الذين شاء لهم سوء حظهم أن يكون مقامهم مقابلاً لتلك الخيانة )) . ومدينة قسنطينة في ذاكرة الجسد ، هي رمز للوطن وللسلطة . وتتعامل مع أبنائها بالوعود والوعيد . وتتصرف بحرية مطلقة تقول أحلام على لسان بطلتها حياة : (( لا نجــد فرقــاً بين لعنتها ورحمتها ، ولا حاجــزاً بين حبهــا وكراهيتها ولا مقاييس معروفة لمنطقها ، تمنح الخلود لمن تشاء وتنزل العقاب بمن تشاء . فمن عساه يحاسبها على جنونها ؟ ومن عســـاه يحسم موقعه منها حباً أو كراهية إجراماً أو براءة ؟ )) .ومدينة قسنطينة تعيش وحيدة ، ومنغلقة على ذاتها وســط ثالوث " سياسة - جنس - دين" يُحظّر اختراقه .وأصبح البؤس الثقافي والمادي ظاهـرة عامة ومألوفة في وطن يزحف مبكراً نحو شيخوخته . في الرواية (( نجد انتصارات فردية وهمية نحن متعبون . ولقد تحولنا إلى أمة من النمل ، تبحث عن قوْتِها . وماذا يفعل الناس ؟ لا شيء ، والبعض ينتظر ، والبعض يسرق ، والبعض الآخر ينتحر .هذه المدينة قسنطينة ، تقدم لك الاختبارات الثلاثة، المبررات نفسها والحجة نفسها )) .وفي رواية ذاكرة الجسد ، نجد وطناً ضائعاً ، وهدفاً غائباً ومغيّباً ، في زمن تفضّل فيه البطاقات الحزبيّة على الكفاءات والخبرات وأخلاقيات العمل .تقول أحلام: (( نحن شـعب نصفه مختلّ ، لا أحـد فينا يدري ما يريد بالضبط ، ولا ماذا ينتظر بالتحديد . وهذا الإحباط العام يفقدك شهية المبادرة والحلم والتخطيط لأي مشروع ، فلا المثقفون سعداء ولا البسطاء ولا الأغنياء . وماذا يمكن أن تفعل بعملك إذا كنت ستنتهي موظفاً يعمل تحت إشراف مدير جاهل ؟ )) إن أمّة لا تحترم مواطنيها ومبدعيها ، هي أمة تعيش العطالة ، وسـائرة نحو شيخوختها المبكرة .
في الرواية ، نجد شــخصيات غريبة وبعيدة عن الواقع والمعقول والتصديق . وفي نفس اللحظة تبدو واقعية وموجودة . ومن الصعب أن نجد بشراً يسلكون مسلكهم في ارتقائهم أو في دونيتهم ، ومع ذلك ينتابك شعوراً بأنك ستجدهم الآن أو غداً .
ونجحت الرواية لأنها مثلت الحلم العربي . واعتبرت الإنسان غاية الغايات وهي حب حقيقي للوطن الحر، وللأم المتحررة الواثقة من ذاتها ، ورفض للسلطة الفردية الاستبدادية ولمخزون التضامن السلبي في الذاكرة الشعبوية . وتظهر الرواية وجـع الجـزائر وفرحهــا . ويتعانق فيهــا الموت بالحياة ، والإحباط بالتفاؤل والخيال بالتصديق ، والرصانة بالتهور، والنمط القديم المتحجّر بالنمط الحديث المتفتح . لأن أبطال الرواية ، عاشوا في أماكن جغرافية متباعدة وأزمنة متباينة .ووظفت أحلام العلوم الإنسانية لإنجاح منتوجها الروائي الذي صنع على مزاجه أبطالاً أكثر جرأة واقتحاماً من أبطال أحلام في حياة الواقع المعاش واستطاعت أحلام مستغانمي من خلال أبطالها ، أن تولّف الأنا الفردي بالأنا الجمعي والشخصيات الثانوية بالأساسية ، والهم الفردي بالهم الوطني والقومي ، ،والنثر الروائي بالشعر .. ورواية ذاكرة الجسد مكتوبة على كل أنواع البحور في أدبيات نزار قباني . واستطاع أبطال الرواية ، خالد الرساّم ، وحياة الكاتبة الروائية ، وزياد أن يعتمدوا حوارات ثقافية / سياسية/ وطنية / اجتماعية رفيعة المستوى ، مما جعل القارئ يحمــل في جعبته الفكرية شــحنات من العواطف والانفعالات والتوترات ، وكأنه يعيش سيكولوجية الحدث والهدف معاً . ولا ترى البطلة حياة فارقاً بين السلطات الثلاث القاتلة : الفرنسّيون قتلوا "حسان" الجزائريون قتلوا سي " طاهر" . الإسرائيليون قتلوا " زياد " . .وفي الخاتمة ، تعتمد حياة ، بطلة الرواية المركزية : زوارق الغربة ، والصمت . وتهجر الوطن ، حاملة معها ذاكرتها .... وأحلامها .



#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائية والقاصة غادة احمد السّمان
- الاديبة صفيّة فاضل
- الروائيّة : د . هيفاء بيطار
- الشاعرة : احلام مصطفى
- الروائية والقاصة والشاعرة هدى وسّوف
- الروائية والثاصة والشاعرة هدى وسّوف
- الشاعرة رولا حين
- الشاعرة رولا حسن
- أدبيات ملك حاج غبيد
- لقة 65 :حوار مباشر مع الروائية faeza daud2
- حلقة 64 حوار مباشر مع الروائية والقاصة faeza dau
- حلقة 63رواية : ريح شرقيّة . فائزة الداوود
- حلقة 62 قراءات متعددة لانتاج الروائية فائزة الداوود
- لقة 61 النجمة الساحليّة فائزة الداوود بين الحياة والنصوص
- حلقة 61 النجمة الساحليّة فائزة الداوود بين الحياة والنصوص :
- حلفة 60 أبطال فائزة الداوود
- مقدمة , الروائية فائزة الداوود . حلقة 59
- الروائية السورية فائزة الداوود حلقة 58
- الروائية والقاصة السورية فائزة الداوود حلقة 56
- الروائية والقاصة السورية فائزة الداوود حلقة 57


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بابلو سعيدة - جمهورية المبدعات : الروائيّة أحلام مستغانمي. رواية (ذاكرة الجسد)