أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - بس تعالوا














المزيد.....

بس تعالوا


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4777 - 2015 / 4 / 14 - 23:05
المحور: الادب والفن
    


(بس تعالوا)
محمد الذهبي
اعلنت الساعة وقتها المعهود، خرجت الى باب الدار مع المغرب وبيدها( طاسة الماء)، هي واغنية كريم منصور بس تعالوا معا لم يفترقا منذ زمان بعيد، لاتفتأ الشمس ان تفارق السماء وتختفي حتى تبدأ ليلها السرمدي، انه المغرب يا اولادي كم هو ثقيل، لقد انتزعت الشمس ذاتها انتزاعا، وهي تعلم انها ستعود ثانية، فكيف بي وانا وحيدة وسط بيت كبير، هذا الليل الذي يعلن عن بدايته يسرق مني فؤادي، واظل ادور معه الى ساعات الفجر، عندها يهدأ كل شيء، توقد الشموع كل يوم بانتظار الفجر، وتدعي بانها ترى من خلف نور الشموع صور الاحباب، امرأة غادرها الشباب، وايقنت ان ذاك الغروب لن يشمل الشمس بمفردها.
لم تقرأ شيئا عن غودو وانتظار عودته، لكنها تنتظر منذ اكثر من عشرين عاما ، لم تكل ولم تتعب، ذهبت للحفر الباطن، فتشت الارض باصابعها، انهم ثلاثة اولاد، من المستحيل ان لا احد قد رآهم( اشلون غنّه بس تعالوا... اشفارك وغنّه كريم)، هكذا هي مع الليل، ربما يسرقني النهار في السوق وانا ابيع البخور والشموع، لكن هذا الليل القاسي تركني كبومة الخرائب، لم يبق الا القليل، تهرع الى الصور بين حين وآخر، انا الوحيدة التي اعرف كم يكبر احدهما الآخر والآخر، كل الذين يرون الصور لايستطيعون التمييز بين اعمارهم.
انا التي اميز بين اعمارهم، انا من وضعهم على هذه الارض، كم طلبت من الله، وكم حاولت ، وكم بكيت، وتوسلت حتى اتى ابني البكر، لو اعلم انه سيغادرني لما تعمدت هذا الالم، لو كنت اعلم انهم سيغادرون، طعاما لحروب الطغاة والمرضى، لما طلبت شيئا وبقيت بلا اولاد، ابوهم اكثر مني حنانا، لم يتحمل وغادر مسرعا خلفهم، لكنني بقيت انازع الغروب وابعث الآهات، بس تعالوا، وهل سيأتي ثانية من غادر منذ اكثر من عشرين، عددتها على اصابعي.
المغرب يحمل رائحة مختلفة، ربما رائحة الموتى، او رائحة الغائبين، نداء متواصل من السماء، وهي التي تجوس الديار بمفردها، تخفق بين الباب وبين الباب وتسمي الغرف باسماء ابنائها، تزوجهم كل يوم وترى ابناءهم، وتصحو على صوت اذان المغرب فتحمل كاسة الماء وتدلقها عند الباب الرئيس للدار، وتصرخ بصوت عال: بس تعالوا، اصبحت هذه الكلمات لاتفارقها، في السوق والشارع والبيت، وربما صارت محطة تندر لبعضهم، حين يطلب منها (ام علي ماتقرينه بس تعالوا)، فتجيب برحابة صدر غير عابئة بالمارة، ( بس تعالوا... ولو اجيتوا اجفوفنه انحنيها... وكلوبنه الماتنسه ودكم... هلبت انسيها) وتصل الى ( هلبت بختنه ايجيبكم ) وتبكي بكاء مراً.
كان زملاؤها يفتقدونها يوميا، يخشون عليها فهي مفردة في البيت، كم طلبوا منها ان تؤجر نصف الدار، لكنها ترفض في كل مرة، تقول وبكامل وعيها: لا اريد ان اضايق ابنائي بالنزل، منذ الامس وبسطتها خالية، سأل عنها الشباب الذين يتجمعون في السوق من اصحاب المحال التجارية، لا احد يعرف شيئا، اليوم الثاني وهي غائبة، تطوع مجموعة منهم للذهاب الى دارها، واقتحموا الدار، فوجدوها قد تمددت على الاريكة واسلمت الروح، وضع احدهم آلة تسجيل في محل بسطتها، واشعل الشموع، وكانت بس تعالوا تصدح في ارجاء السوق حدادا عليها.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المرآة
- البقعة الحمراء
- شعرة الوطن المقطوعة
- انني احتضر، لكنني لم امت بعد
- اعدام كلب
- الضريح الكبير
- جرغد امي
- بعضي سيقتل بعضي
- يوم عيد الام: ستة اولاد قد دعاهم الله
- اقليم الله
- اعترافات داعشي متمرد
- سيّاف مبتدىء
- سرّ من رأى تعرفني
- السياسي الأخير
- عن نهاية الليل وبدايته
- امرأة اسمها نينوى
- الاموات في احلامي لايتكلمون
- ابصق بدولار
- مدرس ينتظر التقاعد
- الصوت المبحوح


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - بس تعالوا