أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - في المرآة














المزيد.....

في المرآة


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 00:24
المحور: الادب والفن
    


في المرآة
محمد الذهبي
لم يكد منذ ثلاثة ايام ان يفارق المرآة، امر غريب، ينظر فقط، ويدير وجهه هنا وهناك، يصرخ بين آونة واخرى لم ارَ شيئا، انجدوني، انا لا ارى شيئا، استبدل المرآة عدة مرات بلا جدوى، ما الذي حصل؟، زاره صديقه رامي، اقسم عليه ان يقول الحقيقة، هل تراني؟، فقال : نعم اراك ، صدقني اراك والمسك، ما الخطب؟ الى اين تريد ان تصل؟ لاشيء، ربما انا الوحيد الذي لا ارى وجهي في المرآة، قال له صديق آخر وكان ساخرا، ربما انت مخلوق اثيري، هل تتوقع ان تكون روحا فقط بلا جسد، اتمنى ان اكون كذلك، لادخل جميع البيوت، وارى كل الاسرار.
هدأ وجلس مع اصدقائه متزنا، بلا قلق، ودون اي تشويش، انهم يرونني ، فلماذا اخاف، ومن ماذا اخاف، لأكن اثيريا، فليكن، سوف اوفر على الحكومة الكثير، لايمكن ان اكون نازحا في يوم ما، ولا فما مفتوحا، ولاموظفا عالة، اتقاضى مرتبا بلا اي عمل يذكر، ولاسياسيا فاسدا، ولانائبا فاشلا، ولاقاتلا مأجورا، ولاعميلا مزدوجا، اتسنم منصبا في بلدي وانا اوالي دولة اخرى وشعبا آخر، اتمنى ان اكون اثيريا، لاتفرج فقط ولا اكون ضمن اللعبة، لا قاتلا ولامقتولا، وربما لا احتك بداعشي، او غيره من القتلة، وربما استطعت ان اكتشف الكثير من الاسرار في الغرف المغلقة.
حاول ثانية علّ الامر يتعلق بعينيه، وحاول ثالثة ورابعة وخامسة، لاشيء ليس هنالك ولاظل بسيط، لماذا يرونني الآخرون ولا ارى نفسي؟، هل حدث هذا الامر من قبل لاحد ما، سأذهب اليوم الى طبيب نفسي، لاعرف مايجري، اصطحب اخاه معه وذهبا الى الطبيب النفسي، كان الطبيب مبتسما واستقبله استقبالا حافلا، وحين عرض مجاهد الامر على الطبيب، رد الطبيب ببساطة، انا ايضا لا ارى نفسي في المرآة، وما الضير في ذلك، تعرف ان الاطباء النفسيين في العراق فقراء، اليس كذلك، في البداية كنت اظن ان احدا لا يراني، ولذا لم يراجع عيادتي احد، لكنني علمت من زملاء المهنة ان الصحة النفسية في العراق غير مهمة.
خرج من عيادة الطبيب متفائلا، وراح يذرع الشارع بحزم وقوة، تضربه بين الحين والآخر نسمات نيسانية رطبة، فيشعر بوجوده اكثر واكثر، نام تلك الليلة مرتاحا وابعد المرآة عن سريره الذي لم يفارقه، سوى بضعة ساعات في اليوم، ربما تكون المرآة خادعة، هي من خدعتني ولم ترسم صورتي بشكل مهني، ربما لم تهبط الى اعماقي وترى سطحي الخارجي الذي ينبي عن الم ومعاناة، ربما هي من اخطأ، انا اشك ان الطبيب لايرى نفسه هو الآخر، قال ذلك ليجاملني، لم يكن صادقا.
خف الجمعة مسرعا الى شارع المتنبي، بعد ان اتفق مع صديقه الشاعر، تعانقا وجلسا يحتسيان الشاي، وبدأ حديثه المعهود: يا اخي لا ارى نفسي، سوف اجن، في المرآة مساحة بيضاء فارغة، هل تراني انت بربك؟ ضحك كاظم وربت على كتفه، انا ايضا لا ارى نفسي في المرآة، مالضير في ذلك، اجعل احدهم مرآة لك، انا جعلت احدهم مرآة لي، يراني كل يوم اكثر من مرة، ابحث لك عن مرآة غير تلك الزجاجة الرعناء، انها كاذبة، انتفض مجاهد، نعم هذه الطريقة الوحيدة التي ساتغلب بها على ما اشعر به، شكرا على النصيحة الرائعة، وراح يجوب الطرقات يبحث عن مرآة.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقعة الحمراء
- شعرة الوطن المقطوعة
- انني احتضر، لكنني لم امت بعد
- اعدام كلب
- الضريح الكبير
- جرغد امي
- بعضي سيقتل بعضي
- يوم عيد الام: ستة اولاد قد دعاهم الله
- اقليم الله
- اعترافات داعشي متمرد
- سيّاف مبتدىء
- سرّ من رأى تعرفني
- السياسي الأخير
- عن نهاية الليل وبدايته
- امرأة اسمها نينوى
- الاموات في احلامي لايتكلمون
- ابصق بدولار
- مدرس ينتظر التقاعد
- الصوت المبحوح
- ارض للبيع


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - في المرآة