أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - فلورينا المقعدة وكلبتها -بالا-















المزيد.....

فلورينا المقعدة وكلبتها -بالا-


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4773 - 2015 / 4 / 10 - 21:27
المحور: الادب والفن
    


فلورينا المقعدة وكلبتها "بالا"
سعد محمد موسى
قرب موقف الترامات في شارع "سميث ستريت" حدقت بيّ سيدة كانت مقعدة فوق كرسي متحرك ثم بادرتني بسؤال كان ينم عن شيء من الفضول !!
-مرحبا ايها الرسام عادة ماكنت اشاهد لوحاتك وهي معلقة في مقاهي كولنك وود وفيتزروي ...
-هل انت يوناني الاصل: سألتني المقعدة الايطالية فلورينا!!
-كلا انا عراقي من الشرق الاوسط : اجبتها
-ثم ردت قائلتاً: لقد سمعت عن العراق في نشرات الاخبار..انه بلد مبتلى بالمشاكل منذ عقود طويلة والناس تموت فيه بشكل مجاني ويومي هذا شيء محزن ... لكن لم هناك الناس يكرهون الحياة الى هذا الحد!!!؟؟
نبحت كلبتها الصغيرة ذات الفروة البنية فيبدو انها لاتحب ان تشاهد سيدتها تتحدث مع الغرباء في الشارع.
-اهدئي حبيبتي (بالا) سوف نذهب قريبا .. قالت المقعدة لكلبتها وهي تمسد بخصلة شعرها المربوطة بشريط وردي.
-اهلا بالا المدللة اسم ايطالي يليق بها .. واعتقد اسم بالا يعني الجميلة اليس كذلك: سألت فلورينا ؟؟
-اومأت برأسها مبتسمة..
وقبل ان تغادر الفتاة المقعدة مع كلبتها التي عادة ماكانت تجلس في سلتها الصغيرة في مقدمة الكرسي المتحرك .. شعرت ان الفتاة كانت متعلقة بشكل غريب بالكلبة وتعاملها وكأنها ابنتها أو اختها الصغرى..
ثم تغيرت ملامح فلوريا وهي تخبرني بان الكلب هو حيوان مقدس .. وليس الجميع يعرف بذلك .. ثم اردفت قائلتاً...
DOG ....هواسم الكلب
يتكون من ثلاث حروف .. ولكن حين نقرأ اسمه معكوساً يصبح..
...GOD
ويعني الرب.
-التفاتة مثيرة لم اسمع بها من قبل: اجبتها مازحاً
ثم ذكرت فلورينا كيف بدات علاقتها مع بالا .. فحين ذهبت قبل اربعة سنوات الى مؤوسسة كانت تابعة الى منظمة الرعاية بالحيوانات ومهمة المنظمة تلك هي البحث عن الحيوانات الضائعة والسائبة بدون مأوى في مدينة ملبورن.. فشاهدت فلورينا كلبة صغيرة قريبة الشبه من فصيلة الثعالب..وكان من المقرر في يومها الاخير هذا ان تزرق بحقنة تخدير لغرض ان تنام وتسلم روحها الى السماء.
هذا هو القانون في استراليا في منظمة كانت تجمع الحيوانات السائبة والمشردة والتي ليس لها عناوين .. يضعوها في اقفاص كبيرة عدة اسابيع في انتظار مجيء اصحابها او اي شخص يود اقتناء كلب او قطة مقابل اسعار بسيطة تغطي كلفة تثبيت رخصتها وفحوصاتها الطبية.. واذا لم تجد تلك الحيوانات .. من يقوم بشراءها حينها تحقن بامصال تحتوي على مخدر فتترك لتموت ببطيء وبهدوء دون شعور بالالم .
فتوقفت فلورينا امام القفص الذي كان يضم الكلبة مع كلاب اخرى فتقدمت كلبة دون سواها واخذت تنظر بعينيها الحزينتين المغطاة بخصلات من شعرها البني الفاتح وكأنها تتوسل للسيدة ان تأخذها معها وتنقذها ..
فشعرت فلورينا بتعاطف مع الكلبة ثم عرضت على الممرضة البيطرية رغبتها باقتناء تلك الكلبة ... فاخذتها للبيت واهتمت بها واطلقت عليها تسمية بالا فيما بعد .
ثم اخبرتني فلوريا ايضا كيف قامت بالا بموقف نبيل وكأنها ترد الاحسان باحسان آخر.. حين انقذت حياتها بالمقابل .
ففي احدى الليالي كانت فلورينا تغط بنوم عميق بعد ان نسيت اطفاء الشموع .. فسقطت احدى الشموع لتحرق طرف ستارة حريرية كانت منسدلة من احدى النوافذ..
شمت الكلبة رائحة دخان فنبحت بشدة وبتواصل حتى ايقظت سيدتها التي زحفت مفزوعة من هول ماشاهدت فسحبت بطانيتها بعد ان بللتها بالماء واخمدت نيران الستارة فأدركت الحريق قبل نشوبه واتساعه في انحاء الغرفة.
...
في احدى المساءات التعيسة في بيت المقعدة فلورينا الواقع وسط المجمعات السكنية الحكومية في منطقة كولنك وود . سمع الجيران عويلها وتوسلاتها وهي تصرخ بالا .. بالا.. اين انت ... فعرف الجيران ان بالا مفقودة وهذة اول مرة تغيب بها الكلبة عن الدار .. ذهب البعض الى فلورينا لتهدئتها وبعض الجيران تفرقوا قاصدين البحث عن الكلبة مجموعة قصدت الحديقة العامة ومجموعة اخرى بحثت قرب سياج المدرسة وبين الدور . واستمر البحث اكثر من ساعتين لكن دون جدوى .. لايوجد اثرا للكلبة بالا .. فرجعوا الى المجمع السكني وهم يهدئون من روع فلورينا..
اما رد الفعل الغريب الذي قامت به المقعدة .. والذي لم يتفق معها الاغلبية حين حامت شكوكها بالجار الفيتنامي "فونك" وداهمتها الظنون بان جارها الفيتنامي ربما ذبح الكلبة وطبخها .. وهي تولول انا اعرف ان الكثير من الفيتناميين مازالو يأكلون لحوم القطط والكلاب .. شعر الفيتنامي بالاهانة والغبن .. على اثر اتهامات الايطالية له ، بعد ان سمع هذا الكلام المهين من احد جيرانه .. ولم يتفق احد مع اتهامات فلوريا . لاسيما ان فونك كان المتعارف عليه انه رجل خلوق ولطيف المعشر ثم الاغلبية في المجمع كانت تعرف عن الجار الفيتنامي انه بوذي ونباتي .. جاء فونك حين كان طفلاً مع امه واخته الصغرى بواسطة القوارب كلاجيء الى استراليا بعد ان قتل افراد عائلته واحرقت قريتهم اثناء حرب فيتنام.
ثم شعرت المقعدة فيما بعد بتسرعها وحماقة كلامها الذي اباحت به اثناء ارتباكها وغضبها لفقدان كلبتها.
ثم طلبت فلورينا من جارتها سونيا ان تستنسخ مجموعة اعلانات ورقية مرفقة مع صورة الكلبة ورقم الهاتف... وان تلصق فوق جدران البيوت وواجهات المحال وبقية المناطق المحاذية لكولنك وود.. وقد رصدت مكافئة مادية ايضاً لمن يعثر على بالا.
مر الليل موحشاً في بيت فلورينا والجيران مازالوا يسمعون نحيبها المتقطع..
شعر البعض بالياس من العثور على بالا .. فمن المحتمل انها سرقت لاسيما وانها صغيرة ومن الكلاب المفضلة للاحتفاظ بها داخل البيوت.
...
في المساء الثاني .. تفاجأ جيران فلورينا وهم يتطلعون الى مشهد مؤثر حين تراءى من بعيد الجار الفيتنامي فونك وهو يقطع الحديقة باتجاه المجمع السكني ويحتضن الكلبة بالا .. بعد ان عثر عليها وهي كانت محتمية وراء حاوية قمامة بجانب محطة قطار كولنك وود.. فكانت ترتعد خائفة وجائعة ومبللة .. فقد القوا بها مجموعة صبيان نزقين بعد ان سرقوها من حديقة سيدتها خلسة .
شعر الجيران بتعاطف كبير مع فونك.. تطلعت فلورينا الى كلبتها وجارها الفيتنامي وهي غير مصدقه بما تراه .. قفزت الكلبة الى احضان سيدتها عانقتها واجهشت بالبكاء .. ثم نظرت الى فونك بنظرة يشوبها الشعور بالذنب وعانقته متوسلتاً ان يسامحها بسبب بذاءة تفكيرها ونزق كلماتها ... ربت فونك على كتف فلورينا وابتسم لها بمودة كانت تنم عن طيبة وتسامح.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحارس واسرار الليل
- الدهشة الاولى
- السرقات النبيلة
- حفلة في غابة
- الغراب وشجرة الصمغ الاحمر
- تجليات الفانوس
- يوميات الارصفة والمقاهي
- حكايات البخلاء
- قراءة الكاتب رضا الاعرجي حول تجاربي الفنية
- ليس للمقامر مايخسره
- جار وحديقة
- مكالمات هاتفية عابرة في هذا الصباح
- مابيني وبينك كان أكثر من عناق
- ليس للمزاميرِ مواسمُ للرقصِ
- تأملات في أبجديات الحرف والطين واللون
- مرثية الرماد والرصيف
- قارب الموت
- نهاية شرهان وقدره المأساوي
- وكأنك ليس سوى أنا
- ثلاثية العشق والجنون


المزيد.....




- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - فلورينا المقعدة وكلبتها -بالا-