أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الفيمتو ينافس حليب الجاموسة














المزيد.....

الفيمتو ينافس حليب الجاموسة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4759 - 2015 / 3 / 26 - 19:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



وأنا أرى صورة الحليب أينما يكون ، يأتي وجه أمي يمسكُ دمعة من شوق أزرق ويتمنى عليَّ كتابة قصيدة حب إليها. وحين انزلقت مرة على رصيف يكسوه الثلج قرب بيتي وانكسر وركي ، عرفت هي ذلك من أختي .نحبت بصمتٍ وقالت : اكتبوا له ليشرب حليب الجاموس حتى يلتئم كسره بسرعةٍ ، لا يذهب لطبيب ، حليب الجاموس فقط .
وحين أخبرت الطبيب الألماني الذي يعالجني بوصية أمي ، ضحك وقال :عليك أن تذهب الى الهند أو أفريقيا .
ضحكت وقلت له : دكتور ، كنت معلما لثلاثين عاما في وطني وكل صباح تمر عشرات من قطعان الجواميس على بعد خمسة امتار من الصف الذي أعلم فيه التلاميذ.
قال متعجبا : وهل كانت مدرستك في غابة ؟!
قلت :بل كانت في حضن الله.
لم يزل طعم ذاك الحليب الذي لم اشاهد بياضا في نظارته حين تعكس الشمس ضياءها على (طاسة الفافون ) التي نشرب منها وبالدور حين يجيء شغاتي بها في كل مساء بعد أن تُحلبْ الجواميس . لهذا لم يتخيل أي واحد منا أن تتعرض عظامه لكسر ، لكننا تعرضنا ، زميل لي ذهب الى جبهة الحرب فاخترقت شظية ساقه وكسرته ، وعاد الى مدينته ليفتش عن بائعات القيمر ليوصيهم بحليب الجاموس من ( ديس ) أمه حتى يشفى.
والثاني حين انزلقت انا امام شقتي في ظهيرة ثلج ، فلم اجد حليب الجاموس بل وجدت الجبس والتمارين الرياضية . ومع حليب الجاموس على هامش سحر تلك الذكريات الجميلة عليَّ أن أتذكر حليب ( الفيمتو ) الذي كان يجلب من الكويت في السبعينات وبطعم لذيذ حيث اشتهر هو وعصير ( النادر ) كأفضل انواع العصائر ، وكانا هما من ابرز واكثر الهدايا التي يقدمها الزائرون الى نزلاء المشافي ، والى الحجاج في عودتهم من مكة.
طوال خدمتي في قرية ( ام شعثه ) لم أرَ قنينة عصير ، ولم اشاهد احدا يتناول العصير فقد كان حليب الجاموس يتفوق في الشرب على الماء ، لان ماء الهور ملوثا فيما الحليب يخرج صافيا ومعقما ويشفي عللا جسدية لا تحصى.
في احدى الاعوام توجه من قريتنا ثلاثة رجال ذاهبين لأداء فريضة الحج ، وعندما عادوا كان على الهيئة التعليمية زيارتهم وكان علينا أن نصحب معنا هدايا الزيارة للحجاج ، وكان الشائع حينها ( القند ) وهو نوع من السكر المتحجر على شكل مخروط بوزن كيلو أو أكثر ، وعصير النادر أو الفيمتو.
قررت أنا ان اجلب الفيمتو لي ولرفاقي من المعلمين بعد أن كنت ذاهب بالصدفة الى الناصرية بمأمورية يوم واحد .
وهكذا دخل الفيمتو عالم القرية وبيوتها ، وكان لعطره وحلاوته وأغراء لونه الاسود المائل الى الاحمر المعتم سببا في ميل أهل القرية له بعد أن استطابوه واستلذوا بطعمه ، ولهذا صاروا يوصون البائع المتجول على جلبه وشراءه .
شعرت بأن الفيمتو بدأ ينافس حليب الجاموس ، وحتى شغاتي صار يجلبه لنا بدل الحليب في بعض المناسبات ، كالأعراس والختان والتسريح من الجندية وغيرها .
مرة قلت لشغاتي :يا أخي لقد هملتم حليب الجواميس.
قال : خبئناه للعوز.
قلت :متى ؟
قال :متى تتكسر عظامنا من عناق ليلي أو في معركة تواثي.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشحوف وحصان دون كيشوت
- الرقصة الغجرية في حرب نجم والي
- مدافع نافارون وصرائف أم شعثه ..!
- أيتاليو كالفينو في الكحلاء
- العربانةُ من جلجامش الى هادي ماهود
- الشامُ بعيدةٌ يا سورية دشر...!
- رامبو وزمن العزلة
- الأذربيجاني يشتري الخِشالة
- اليهودي وزورق البازة والشخاط...!
- الأحتفاء بفخذ الثور المجنح
- ماري العاشقة وشبوط المتيم
- رابطة أصدقاء ماركيز في الجبايش ....!
- فوبرتال ومواليد الأمكنة النائية
- حُزنكَ حُزنْ مِعدانْ..!
- موسيقى تقشير الموز
- توابيت السفر الى أبدية القصب
- لا وقت للوقت في نينوى ...!
- بحيرة البجع والبولشوي في الجبايش
- أركاديا ( الخيال بلون القصب )
- خوليو اجليسياس : شكراً عبادي العماري...`


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الفيمتو ينافس حليب الجاموسة