أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - اليهودي وزورق البازة والشخاط...!














المزيد.....

اليهودي وزورق البازة والشخاط...!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4751 - 2015 / 3 / 17 - 21:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اليهودي وزورق البازة والشخاط...!

نعيم عبد مهلهل

عاش اليهودي كورجي داود ناحوم في مدينتنا منذ أن جاءت عائلته الى المكان عندما وضع الوالي مدحت باشا أسسها وبناها حاضرة مدنية في منخفض قرب ضفة النهر في منطقة تسمى ( الموحية ) حتى يسهل إغراقها عندما تثور عشائرها .
امتهن كورجي كما أبيه داود مهنة بيع الفحم في الخان الذي توارثوه عن أجدادهم، وربما هو الوحيد الذي رفض السفر الى فلسطين وبقي جليس بوابة الخان حتى وفاته وكأنه يسجل وفاءً مستميتا للمكان الذي يسترزق منه ويعيش بألفة ومحبة مع أهله . حيث يرفض صاحب المقهى ( جمعة ) الواقع في رأس قيصرية البزازين أن ( يشطف ) ( أستكان ) الشاي الذي يشرب به كورجي وغيره من المندائيين الذين يحتسون الشاي عنده في استراحتهم بمحلات الصياغة القريبة من المقهى وعكس ما هو دارج في غسل الاناء بعد استعماله من قبل شخص ينتمي الى غير ملة المسلمين ، وهذا الأمر متوارث شعبياً بفتوى أو بدونها.
كنت شابا يافعا عندما كنت أمر في طريقي الى دخول قاعة السينما لمشاهدة الافلام الهندية والكابوي وتلك التي تكون بطلتها ممثلة الاغراء الاول في حياتي ( هند رستم ) في سينما الاندلس الشتوي القريبة من خان كورجي ، وأشاهد هذا اليهودي بنظرة الهادئة المتجهمة ربما بسبب شيخوخته حيث يجلس في بوابة الخان وقربه كانت هناك جدارية من الجص الأبيض رُسمَ عليها صورة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ، وقد شوهتها شفرات وضربات مطارق من بعض الذين لا يحبون الزعيم بعد حركة 8 شباط والتي تم فيها اغتياله بمبنى الإذاعة .
نسيت كورجي وأيامه وأنا اعيش حياتي الجديدة معلما لمادة الجغرافية في الصف الخامس الابتدائي في مدرسة قرية من قرى الأهوار تسمى ( أم شعثه ) ، وفي واحدة من نقاشات الاستراحة بين الدروس حيث كنت اعقب على رواية نشرتها مجلة الموقف الادبي السوري للروائية الإسرائيلية ليائيل دايان بعنوان ( غبار ) وهي ابنة وزير الدفاع الاسرائيلي موشي دايان الذي اشتهر بعصابة القرصان السوداء التي يضعها على أحدى عينيه المصابة بطلق ناري من معارك قديمة ، وهذه الرواية اريتنا وقتها الجيل الجديد من الادب اليهودي ، فعرجنا على اليهود وبعض عوائلهم التي كانت تعيش في الناصرية ليفاجئني شغاتي أن القرية كان لها صديقا يهوديا يزورها كل صيف بزورقه ليبيع عليهم الشخاط والتتن وقماش البازه ويدعى ( كورجي داود ) يأتي من الناصرية والغريب أنه يبيعهم حتى في الآجل ولا يستلم الثمن إلا في عودته الأخرى في الصيف القادم ، لكن سعرها يكون اكثر من سعر البضاعة التي يدفعون ثمنها وقت الشراء.
يقول شغاتي :كان كورجي يضع مبلغا بسيطا وكان يبيع الشخاط فرطا وليس في علب حتى يبدو كثيرا ، وأغلب الوان اقمشته البازة التي يجلبها الوانها خضراء وسوداء لأنه يقول لنا :عيدكم في حزنكم ايها المعدان ، ولهذا أنا اجلب لكم الالوان التي تليق بسمات وجوهكم ، وكأنه يعلم بصدى الجملة التي تسكن ارواحنا والتي تقول : كل يومٍ عاشوراء ، وكل أرضٍ كربلاء.
قلت : يا الهي هذا كورجي بائع الفحم الذي كان يغلق خانه طوال ايام الصيف حيث لا يُباع الفحم ، وكنا نظن انه يسافر الى اسطنبول حيث يقال أن عائلة اجداده الاثرياء تسكن في تركيا ،لكنه لا يذهب الى قصور يلدز بل الى صرائف المعدان.
قال شغاتي :نعم ومثل زهرون المندائي ينام في بيتي .
قلت : وهل تشطف اواني الطعام بعد الأكل .
قال :هو ضيفي ولم افعل هذا في يوم ما لا معه ولا مع زهرون المندائي.
لحظتها ترحمت على ارواح جميع الذي ماتوا وابقوا صور الذكريات تحت اجفاننا ومنهم الحاج جمعة صاحب المقهى ، أول من أمتنع عن شطف قدح الشاي الذي يشرب فيه اليهودي كورجي داود ناحوم .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحتفاء بفخذ الثور المجنح
- ماري العاشقة وشبوط المتيم
- رابطة أصدقاء ماركيز في الجبايش ....!
- فوبرتال ومواليد الأمكنة النائية
- حُزنكَ حُزنْ مِعدانْ..!
- موسيقى تقشير الموز
- توابيت السفر الى أبدية القصب
- لا وقت للوقت في نينوى ...!
- بحيرة البجع والبولشوي في الجبايش
- أركاديا ( الخيال بلون القصب )
- خوليو اجليسياس : شكراً عبادي العماري...`
- أحمد الناصري ، شاكر الناصري ، ( أنا ) الناصري
- الميثولوجيا من سنحاريب الى داعش
- سدخان وشيش خان ومنصور خان....!
- شمعة في نهارٍ مشمس
- حكايات المعدان عن زهرة التوليب
- السنونو وقميصهُ الأسود
- صابئة الاهوار وأهوار الصابئة...!
- أساطير المطرب نسيم عودة
- الظلُ في الظلِ شمسٌ مُستحية................!


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - اليهودي وزورق البازة والشخاط...!