دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4751 - 2015 / 3 / 17 - 21:56
المحور:
الادب والفن
استعدتُ اسمَ المطربة " داليدا "، على غير توقع، أثناء زيارتي الثانية لباريس في ربيع عام 2005. كنتُ مساءً في حيّ " مونمارتر " القديم؛ وهوَ المكان الأثير للرسامين والأدباء والفنانين منذ بداية القرن الماضي، ويقع على هضبة عالية تطلّ على عاصمة النور. ولجتُ في ساحة صغيرة، مزدحمة بالسيّاح وأغلبهم من الشبان. ثمّة، لحظت أن بعضهم متجلقٌ حول نصب نصفي لإمرأة ما، لم أتمكن بطبيعة الحال من تمييز ملامحها بسبب الصوء الخافت في المكان.
" آآآه، داليدا..! "، هكذا ندّت عني حينما صرتُ بمواجه التمثال النصفي ورؤيتي بوضوح لاسم صاحبته. حقاً، لم أرَ من قبل وجهاً تنطق ملامحه بالحزن، مثلما كانه وجه داليدا، الحجريّ. ما أن عدتُ أدراجي، منحدراً في الطريق الى الأسفل، حيث الجادة الموجود فيها المطاعم الشعبية، حتى طرأتْ مفاجأة أخرى. إذ مررتُ بفيللا منيفة، من ثلاثة أدوار، قد خبَتْ أنوارها على غير المألوف في مثل تلك الساعة غير المتأخرة من الليل. وما زاد من وحشة البناء، ذلك اللون الأسود، المُجلل به جميعاً؛ وكأنما هوَ لون الحِداد. على البوابة، كانت ثمّة كتابة على لوحة معدنية، كبيرة نوعاً، شدتني إليها للفور: اسمُ داليدا نفسه!
هذه المغنية، والفنانة الاستعراضية، هي من مواليد الإسكندرية ومن أسرة إيطاليّة هاجرَ أسلافها إلى مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر. قدرُ الترحال، تلبّسَ أيضاً أبنة الأسرة؛ التي ظهرَ نبوغها الفنيّ مذ صغرها، فلما لم تجدَ فرصتها في مصر فإنها قررت السفر إلى عاصمة الفن؛ باريس. هناك، تعرّفت على شاب في مثل عمرها، كان أيضاً يسعى لإثبات نفسه كممثل، ألا وهو " آلان ديلون ". معاً، استطاع هذا الثنائي أن يجتاز الصعاب وأن يحقق لاحقاً الشهرة والمجد.
في فترة المراهقة، كم أسعدتا أن نرى داليدا وهيَ تغني بالعربية " سلمى يا سلامة " وغيرها من الأغاني المصرية، الشعبية، التي راجت كثيراً حينئذٍ بفضل التلفاز. في 1985، أي قبل انتحارها بعام واحد، أنهت فنانتنا تصوير فيلم " اليوم السادس " للمخرج يوسف شاهين؛ وهو الفيلم، الذي لم يحقق النجاح، مما زاد من حالة الكآبة والاحباط عندها.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟