أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأبض والأسود في رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش














المزيد.....

الأبض والأسود في رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 08:29
المحور: الادب والفن
    


الأبيض والأسود
اللون الأبيض له رمزيته في عالم الألوان، وأيضا له بعد ديني في ذات الوقت، هو رمز السلام، وهذا اللون يتصف به الناس، فمنهم الأبيض و غير ذلك، وأيضا هناك أعضاء بيضاء مميزة في جسم الإنسان، الأسنان، الشعر، اليد، الوجه، لكن تبقى المرأة البيضاء مميزة في مجتمعنا العربي، وذلك يعود قلة البياض إذا ما قارناها مع السمر، ولا ننسى انبهار العربي بالبياض الغربي، خاصة بعد ما وصل ليه من تقدم وازدهار.
في بداية الرواية هناك ذكر للأبيض بكثافة، لكن بتسميات أو إيحاءات متعددة، "ألفتي ارض طيبة، مصغرة، بيضاء بلون الحليب...، على القفا تنام رمال بملمس الثلج...، ينتابني شعور بتفقد جسدها البض، الجسد المغموس بليقة صبغ مشع ومتفرد يحيل إلى بقع أكثر ابيضاضا تحت الشعر الأسود السائب" ص1، فهنا يجعلنا الكاتب ندخل إلى عالم البياض، من خلال جعل الطبيعة والمرأة تتصفان بهذا البياض، فهو هنا يمثل شيء كثيف، كثير، فعدما تحدث عن الرمال جعلها بيضاء، عندما حول ملمسها إلى شيء ابيض، الثلج، فكأن الكاتب متأثر بهذا اللون، ولا يستطيع التحدث عن الأشياء بعيدا عنه.
جمع اللون مع صفة يعد أمرا استثنائيا، ولا يقوم به إلا الشعراء، لكن سعيد حاشوش يأبى إلا أن يقدم لنا صورة استثنائية في روايته فيقول: "الحب مفروض أولي (هكذا تقول الأديان) شربته ممزوجا بحليب الأم والبقرة الحمراء الوحيدة ثم بقوس قزح الأبيض مثل يد بيضاء طويلة" ص2، اعتقد هنا يعد هذا المزج بين الحب والأبيض وقوس قزح واليد، يعد أمرا فريدا، وكأننا أمام النص نثير يقترب ـ نوعا ما ـ من طريقة ميخائيل نعيمة وجبران، فهذا التألق في الربط والتصوير ينم على القدرة التصويرية التي يتمتع بها الكاتب.
التلاعب بالأبيض، وتقديمه بمعنى غريب، أحيانا يأخذ شكل بشري، "العدو الذي يقرض نفسه باللون الأبيض في الشطرنج" ص9، وأحيانا بشكل لوني، "الأسود يظل اسود مهما تغيرت الألوان لكن الأبيض في الشطرنج قد يزرق حين يجف أو يصفر من الخوف" ص9، التلاعب باللون وجعله كائن حي يتماثل مع الإنسان في تقلباته وتغيرات، وينتقل من حالة إلى أخرى يعد انعكاسا للحالة النفسية التي يمر بها الكاتب، فهو يعيش حالة من البؤس، جعلت من شيء متعارف عليه بالجمال والصفاء إلى شيء آخر، غير صادق، يخون، يقمع، يتبدل حسب الوضع، فهذا التحول في المفهوم سيتطور إلى ما هو أسوء، فيسمي لونا للموت، الاغتصاب، التشرد والضياع، " أنا ابيض محمل ببراءة المسحوقين اقتل منتحرا، من اجل إخوة لا يهمهم إلا تعداد الموتى" ص10، بهذا المعاني المتنوعة والمتناقضة يقدم لنا "سعيد حاشوش" اللون الأبيض.


الكاتب يجعل منه أيضا رمزا ومعنى لتاريخ الدموي، فيقول: "...أبي يرتعش حين يمسك بيده العقيق اليماني الأحمر ويقول إن الأحجار كانت ملونه بلون الورود والغلبها الأبيض الحليبي لكنها احمرت حين انقسم ظهر الإسلام بالقتل الشنيع للإمام الحسن وآل بيته" ص41، استحضار التاريخ، وجعل الحجارة تتأثر بالحدث البشري، ومن ثم تغير لونها يعد تكسيرا للمنطق، لكنه يخدم التخيل والتفكير بحجم المأساة التي حلت، ويدفع بالمتلقي لعدم القبول بتلك الأحداث الدموية، وأيضا بعدم تكرارها. وهنا يكون الكاتب قد خدم الفكرة التي يريد طرحها بطريقة غير مباشرة، وهذا يمثل إبداع وتألق من قبل الكاتب.
فالكاتب انتقى منه مسألة تكفين الميت، وجعل منها أيضا تأخذ هذا المعنى والرمز، "...أهذي، الهذيان وحده يصنع تابوتا جميلا بخشب ابيض لكل قتيل" ص5، إذن الألوان الأبيض يتلاعب به الكاتب كيفما شاء، يجعله ايجابيا، سلبيا، متحركا، متغيرا، فهو ليس لون وحسب بل كائن حي، يمكن أن يكون جميلا ويمكن أن يكون خلاف ذلك.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش
- السادية العربية
- رسالة إلى كتاب الحياة الجديدة
- قصة -أنا أحبه-
- قصص الجيب والقرن الماضي
- رواية -النخلة والجيران- غائب طعمه فورمان
- هكذا يقتلون فلسطين
- بين الرسول محمد (ص) ومهدي عامل
- نهج واحد
- ما أحوجنا إلى الفكر
- التداخلات والتناقضات في المسألة السورية
- الهجوم الشرس
- فلسطين من اللا إلى النعم
- قتل الإبداع الفلسطيني
- موت فلسطين
- رواية -الصوت- غابريل اوكارا
- -الصبي الخادم- فردينا أويونو
- الولد الأسود
- شارلي شبلن في باريس
- الاعتداء على وزير الصحة في نابلس


المزيد.....




- بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ...
- الحلقة 27 من مسلسل صلاح الدين الايوبي مترجمة للعربية عبر ترد ...
- “الآن نزلها” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة جميع أفلا ...
- تردد قناة بانوراما فيلم 2024 حدث جهازك واستمتع بباقة مميزة م ...
- الرد بالترجمة
- بوتين يثير تفاعلا بفيديو تقليد الممثل الأمريكي ستيفن سيغال و ...
- الإعلان 1 ح 163 مترجم.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 163 على قن ...
- ماسك يوضح الأسباب الحقيقية وراء إدانة ترامب في قضية شراء صمت ...
- خيوة التاريخية تضفي عبقها على اجتماع وزراء سياحة العالم الإس ...
- بين الغناء في المطاعم والاتجاه للتدريس.. فنانو سوريا يواجهون ...


المزيد.....

- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأبض والأسود في رواية -درب الفيل- سعيد حاشوش