أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية -النخلة والجيران- غائب طعمه فورمان















المزيد.....

رواية -النخلة والجيران- غائب طعمه فورمان


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4725 - 2015 / 2 / 19 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


رواية "النخلة والجيران"
غائب طعمه فورمان
ما يميز هذا العمل الروائي اللغة المحكية التي كتب بها، وكأنها كتبت لتذكير العراقي بأهمية اللغة العراقية المحكية، وكما أنها تتحدث عن أشخاص بسطاء، "حسين وزوجة أبيه سليمة، أم حسين" فهناك وصف دقيق للحياة التي يعيشها العراقي البسيط، الفقر والشقاء، الحلم بحياة كريمة، العمل والكدح للحصول على ابسط متطلبات الحياة، استغلال الجشعين " مصطفى" حالة الفقر لهؤلاء البسطاء، والسطو على مجهود سنين طوال.
رغم صعوبة قراءة الرواية، فاللغة المحكية تشكل شبه حواجز أمام القارئ، وذلك لعدم تكيفه مع هكذا لغة، ومع هذا تبقى الرواية ذات صياغة متقنة وحبكة متماسكة، وهي تقدم لنا حياة العراق في أواخر عهد الانتداب الانجليزي بكل تفاصيلها، فنجد اليهودي والأرمني والانجليزي، وهي تقدم لنا المرأة العراقية بطريقة عظيمة، المرأة التي تعمل "أم حسين"دم لنا المرأة، المرأة المنتجة، التي تتحدى الظروف وتبقى صامدة في كفاحها من أجل أن لا تكون عالة على أحد، وأيضا قدم لنا المرأة التي تحب "تماضر" متحدية الواقع. وهناك "نشمية" التي تأخذ بعض الصفات السلبية، في المجمل يمكننا القول بأن الرواية تقدم المرأة العراقية بشكل طيب وواقعي.
الرواية من منشورات المكتبة العصرية، بيروت، بدون تاريخ نشر، سنورد بعض الجوانب التي حملتها لنا رواية " النخلة والجيران" يبدأ الكاتب بالحديث عن "سلمية أم حسين" بطريقة تحمل الرمز، فيقول عنها: "رأت أمامها نخلتها القميئة تبرك قرب الحائط وسط دائرة سوداء، نخلة مهجورة عاقر مثلها تعيش معها في هذا البيت الكبير خرساء صماء، تتحمل كل المياه القذرة التي تلقى في حوضها، ويمر الصيف والشتاء دون أن تحمل طلعا، أو تحضر لها سعفة" ص7، بهذا الجمع بين العاقرتين، "النخلة وأم حسين" يبدأ غائب حديثه عن حياة المرأة العراقية، فهي مهملة، تتحمل كل الصعاب، وتتلقى الأذية من الكل، ومع هذا تبقى صامدة، لكن بلا ثمر، بلا اخضرار، فهي تعيش، تقاوم الموت، لكنها تحيى بسعادة، بل الشقاء يغمرها، يكبلها، يحد من شعورها بإنسانيتها، بأنوثتها، هي قرب إلى الرجل بعملها الشاق منها إلى المرأة، من هنا هي فاعلة أكثر من الرجل "حسين" الذي يعيش متطفلا عليها.
وبهذا الوصف يقول لنا الكاتب بأن حال المرأة العراقية كحال النخلة، فهما يشتركان في البؤس والشقاء، وكأنما شيء واحد، فالنخلة ـ رمز العراق ـ حالها كحال أ"م حسين" التي تعاني من الشقاء لكنها لا تبدي امتعاضا، تقوم بعملها من عجين إلى خبيز إلى تكسير الحطب، وتتحمل السرقات التي يقوم بها حسين، كما تتحمل النخلة المياه القذرة، ويتحمل العراق قذارة وسرقة الانجليز له.
الأمثال الشعبية
هناك العديد من الأمثال الشعبية قدمها الكاتب لنا في روايته، فهي تجسد بعضا من المفاهيم الشعبية العراقية، فمنها ما يتعلق بالبؤس الذي تعاني منه "أم حسين" التي تقول عن حالها: "كل الناس بالسطوح وآني وحدي الوب" ص8، فهنا توصيف واقعي لحياة البؤس والشقاء التي تعيشها "سليمة"، وها هي تعيد مثل تناقلته عن زوجها أبو حسين يقول فيه "القلب مثل الوردة إذا خش بيه هم ذبل" ص139، بهذه الحال كانت تعيش أم حسين، تعب، هم، شقاء، بلا رجل معين، بلا حبيب يلبي غرزتها، فهي فعلا كانت المرأة تعيش في شطف من العيش، وجفاف عاطفي، فما أصعب حياتها.
وهناك مثل جاء على لسان مصطفى الانتهازي المخادع يقول فيها عن الانجليز "العدو اللي تعرفه أحسن من الصديق اللي متعرفه" ص111، فهنا يستخدم المثل لتمرير عملية خداع سيجني مصطفى منها ثلاثين دينار،
القرآن الكريم والإيمان
حقيقة تفاجأت بتناول الكاتب لهذا الكم من الآيات القرآنية والمفاهيم الدينية الإسلامية، فهو كان واقعيا تماما في رسم صورة العراقي في العقد الرابع من القرن الماضي، فلم يرسمه بنخيل، ولكن بواقعية، "ودفعت بالتي هي أحسن" ص30، "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم" ص61، "وما جزاء الإحسان إلا الإحسان" ص138، "وجاءوا أبوهم عشاء يبكون" ص220، بهذه الآيات كان الكاتب يؤكد حقيقة وجود ثقافة دينية عند المجتمع العراقي، فهو مجتمع مؤمن، من هنا نجد المرأة البسيطة تتحدث مستخدمة الآيات القرآنية، وكذلك الرجل المخادع يستخدمها أيضا.
لم تكن الآيات القرآنية وحدها تؤكد إيمانية المجتمع العراقي، بل هناك كلامات دينية تضاف إلى هذا الإيمان، " يذل من يشاء، ويعز من يشاء" ص12 "قل توكل على الله، فهو حير المتوكلين" ص180، "أن لله وإنا إليه راجعون" ص128، "وجعلنا على المؤمن قلبه حفيضا، المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص" ص143، رغم ميول الكاتب الاشتراكية إلا انه كان أمينا للواقع فقدمه لنا على حقيقته، وهذا يحسب له، فليس من السهل تناول واقع متباين فكريا معنا، وتقديمه بحيادية وموضوعية وبشكل أدبي وفني.
الحكومة
لم يتم ذكر الحكومة إلا بالحمد والتكبير من شأنها، وكأن العراقي في ذلك الزمن كانت الحكومة في مخيلته تعطي مدلولا ايجابيا، أو انه يخاف من الجواسيس فيقولها بسخرية، وتجنبا للملاحقة الأمنية، فعندما يتم ذكرها يقال: "الحكومة الله يسلمها" ص118، فهذه العبارة تكررت كثيرا في الرواية وضمن ومواقف متباينة.
الانجليزي والإيراني واليهودي والأرمني والمسيحي
العراق يضم مجموعة من الطوائف والملل، فعلى مر الزمن كان العراق أرضا لكل الناس، بصرف النظر عن دينهم أو ملتهم، فهو يتسع للكل، لكن هذا لا ينفي وجود تباينات فيما بينهم، لكنها لا تجعل العلاقة الاجتماعية محظورة، بل هناك تواصل وتكامل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، فيقول مصطفى المخادع لأم حسين: "... الانجليز ما يأكلون إلا صمون، واتركينه من النصارى واليهود" ص17، فهذا الكلام ينم على حقيقة وجود التعدد الطائفي في العراق، وعلى أن العراق يتسع للجميع.
وها هو "صاحب" يؤكد على وجود علاقة بين الطوائف في العراق فيقول: ".. عود أنت تدفع لي الكمبيالة لحسقيل والياهو" ص45، ".. البارحة استحقت علي كمبيالة الياهو.. وما هلني آخذ فلس منها" ص93، "قد يرى صاحبا ذاهبا إلى حسقيل الياهو في سوق الشورجة ليسلم له الكمبيالات فلا يستطيع أن يرفع صوته بالتحية له ويقول "أبو مهدي زين رايح؟" ص273، ذكر حسقيل الياهو ثلاث مرات في الرواية وكلها تؤكد حرص "صاحب" على الوفاء بدينه، كل هذا يشير إلى أن العلاقات الاجتماعية الاقتصادية بين العراقيين بصرف النظر عن ديانتهم كانت حاضرة وفاعلة في العراق، فالتذكير بالجانب الأخلاقي عند "صاحب" وعلى حرصه تدفع ما عليه من مستحقات مالية للياهو تشير على أن العراقيين كانوا يحرصون على الوفاء بالتزاماتهم للآخرين، ومهما كانت ملتهم أو ديانتهم.
وهناك وصف للبس اليهود في العراق ".. وخلع سدارته الشبيه بسدائر اليهود، طويلة يبرز طرفيها من أمام ومن الوراء" ص61، وهذا يشير إلى أن هناك لبس خاص كان يميز كل طائفة أو جماعة في العراق، لكن كما قلنا لم تكن هذا التنوع في الثقافة سوى مورد قوة للعراق وليس ضعف.
لكن كانت هناك بعض الأفكار المتخلفة في المجتمع العراقي حول الطوائف، وهذا ما قدمه لنا الكاتب فيقول على لسان "أم حسين" "والفلوس منين .. ومعقولة الارمني يتحنن على مسلم" ص17، "ويعتبرون الصمون أكل النصارى" ص66، إذن هناك جوانب مشرقة في العراقة الاجتماعية الاقتصادية بين العراقيين، وأيضا هناك بعض أفكارا رجعية متخلف، فهذا حال العراق في العقد الرابع من القرن الماضي.
ونجد صورة الزائر الاراني للعراق على هذه الشاكلة، "ارتفعت ذراعاه الطويلتان قليلا إلى الأعلى ثم وضعهما على ركبتيه المطويتين فتصورته مثل إيراني يلطم على الحسين" ص110، وهذه إشارة على انفتاح العراق لكل الطوائف وحتى لو كانوا قادمين من خارجه.
وهناك صورة ساخرة قدمها لنا الكاتب عن العراقي الذي يتحمل الحر فيقول عنه "شلون حر هذا؟ من هذا العراقيين ميخافون من جهنم.. متعلمين" ص109، فهنا كانت السخرية واضحة من حال العراقي الذي لا يخاف من الإقدام على المحرمات مثل "مصطفى" فهو قد تعود على الحر من هنا لن يتأثر بنار جهنم.
قبل الانتهاء من الرواية نختم بقولنا، بأنها عراقية خاصة، تقدم لنا المجتمع العراقي بحيادية وواقعية، تحمل الجوانب الايجابية والسلبية، فهو مجتمع بشري، غير مطلق، ورغم قدم كتابتها إلا أنها تبقى تحمل أهمية للرواية العربية عامة والعراقية خاصة، من خلال اللغة المحكية والواقية التي تصور لنا حال العراق.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يقتلون فلسطين
- بين الرسول محمد (ص) ومهدي عامل
- نهج واحد
- ما أحوجنا إلى الفكر
- التداخلات والتناقضات في المسألة السورية
- الهجوم الشرس
- فلسطين من اللا إلى النعم
- قتل الإبداع الفلسطيني
- موت فلسطين
- رواية -الصوت- غابريل اوكارا
- -الصبي الخادم- فردينا أويونو
- الولد الأسود
- شارلي شبلن في باريس
- الاعتداء على وزير الصحة في نابلس
- الدين والدولة
- الإسلام خارج أرضه
- تركيبة العقل العربي
- القاهرة وبيروت وبغداد ودمشق
- الطبقة الجديدة- ميلوفان دجيلاس
- رواية -بدوي في اوروبا- جمعة حماد


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية -النخلة والجيران- غائب طعمه فورمان