أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الولد الأسود















المزيد.....

الولد الأسود


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4696 - 2015 / 1 / 21 - 04:22
المحور: الادب والفن
    


الولد الأسود
كامارا لاي
رواية من منشورات مؤسسة الأبحاث الغربية بيروت، طبعة أولى عام 982، وترجمة ضياء المحجوب، الملفت للنظر أن سلسلة "ذاكرة الشعوب" التي تبنتها المؤسسة تعد رافدا أدبيا ومعرفيا لأدباء الأفارقة تحديدا، فهناك أكثر من رواية افريقية ضمن هذه السلسلة، مما يجعل القارة السوداء مفتوحة لنا، ونستطيع التعرف على أدبها وكتابها، وإذا استثنينا "ذاكرة الشعوب" وبعض إصدارات الكويت من سلسلة المسرح العالمي سنجد أنفسنا جهلة بالأدب الإفريقي، فنحن في المشرق العربي قبل صدور هذه السلسة لم تتجاوز معرفتنا الأدبية سوى بضعة أعمال روائية افريقية وجلها لكتاب عرب وعلى رأسهم الطيب صالح.
الأم
الرواية تماثل السيرة الذاتية، لكن صياغتها للأحدث وتناولها لتفاصيل الحياة الاجتماعية، تجعلها تأخذ مكانتها في عالم الرواية، فالعلاقة الحمية بين بطل الرواية وأمه يعد احد أهم الأفكار التي تؤكد ارتباط الأم بابنها، فهو بالسبة لها كالروح، ولا يمكنها تحمل الابتعاد عنه، ففي الرواية كانت الأم حاضرة وبقوة، وكأن الكاتب يؤكد نظرية فرويد، لكن الأم هنا كانت مترعة بالعاطفة والحنان والعطاء والحب، أم شرقية تماما، نقية وكأنها تمثل كل أمهات العالم.
يحدثنا الكاتب عنها وكيف كانت تخصه بالطعام، حيث كان بطيئا في الأكل فيقول عنها "فإني كانت أكاد أبقى على جوعي لو لم تحتاط أمي للأمر بان تحجز لي حصتي، وتقول لي:
ـ اجلس هنا، وكل، لان أباك مجنون" ص5، هذا المشهد يمثل العناية التي تبديها الأم اتجاه ابنها، فهي لم تكن لتهتم بضيوفها على حساب ابنها، من هنا كانت تحجز له كمية من الطعام تكفيه.
وقد خصها الكاتب بفصل خاص سماه "قدرات أمي" وكيف أنها كانت تستضيف مجموعة من المتدربين عند زوجها وتقدم لهم الخدمة ألائقة لهم " وأضن أنها كانت تصبر على المتدربين أكثر من صبرها علينا، فهؤلاء المتدربون الذين كانوا بعيدين عن أهلهم ... يعاملون معاملة أولاد يحتاجون إلى مزيد من الحنان" ص39و40، الأم والأب هنا لم تكن عاطفتهما وتعاملهما مقتصرا على أولادهما وحسب بل طال الأولاد الآخرين، وهذا يشير إلى الحنان والعاطفة الكبيرة التي يمتاز بها كلا من الأب والأم، فقد كانا يغدقان عاطفة وحنان على الآخرين فما بالنا بأولادهما!
وهناك حدث شبه خرافي يحدثنا الكاتب عنه، حيث نام حصان ورفض أن ينهض، رغم استخدام صاحبه كل الطرق والوسائل لإنهاضه لكنها باءت بالفشل، لكن أمه استطاعت أن تقوم بما لم يستطع احد القيام به، فمن خلال كلماتها التالية: "ـ إذا كان صحيحا، أني، منذ ولدت، لم اعرف على الإطلاق رجلا قبل زوجي، إذا كان صحيا كذلك أنني من منذ زواجي، لم اعرف رجلا غير زوجي، فانهض أيها الحصان.
ورأينا الحصان ينتصب حالا ويتبع صاحبه" ص43، إعطاء الأم قدرات خارقة يمثل ذروة الاحترام لها، وهذا ما أكده الكاتب، فأمه لم تكن شيئا عابرا في حياته بل حاضرة وفاعلة ومؤثرة، من هنا يكن لها كل الحب والاحترام، فهي بالنسبة له الرئة التي يتنفس بها.
وفي نهاية الرواية يحدثنا عن موقفها من سفره إلى فرنسا، فكانت عاطفتها بهذا الشكل، "... يجب أن تبعثه إلى فرنسه! هل أنت مجنون؟ أم تريدني أن اجن! وأنت قالتها متوجهة إلي، ما أنت إلا ناكر جميل! كل هذه الحجج لا تنفعك لكي تهرب من أمك! ولكن هذه المرة، لن يحدث شيء مما تخطط له: ستبقى هنا! مكانك هنا!.. هل يتصورون أن أعيش حياتي كلها بعيدة عن ابني؟ أن أموت بعيدة عن ابني؟ أفليس عندهم أم هؤلاء الناس؟ لو كانت لهم أم لما كانوا يذهبون كل هذه المسافة بعيدا عن بلادهم.
.. اقتربت منها وضممتها، فصاحت بي:
ـ ابتعد! أنت لم تعد ولدي
لكنها لم تكن تبعدني: كانت تبكي وتضمني بشدة نحوها.
ـ لن تتركني، أليس كذلك؟ قل لي إنك لن تتركني" ص128و129، المشهد السابق يوضح لنا طبيعة الأم، الكلمات تشرح لنا كل شيء عن طبيعة الأم، تغضب وتحب في ذات الوقت، تبكي حزنا، وتصرخ محتجة لكنها تحتضن من يسبب لها الغضب. أنها كائن فريد في حياتنا، ليس هناك شبيه أو مثيل لها.

علاقة المجتمع الإفريقي بالحيوانات
هناك ثلاثة مشاهد تحدث فيها الكاتب عن علاقة الأفارقة بالحيوانات، فهي جزء من الحياة الطبيعية التي يعيشونها، فكانت الحية السوداء تمثل "جنية الأب" فتقدم له موهبة الإتقان في عمليه وأيضا حاسة فريدة تجعله يعرف ما يجول في خواطر القادمين إليه، "ـ قدمت نفسها أولا بشكل حلم، كانت تظهر لي مرارا،... وفي الليلة التالية، رأيت الحية مجددا في الحلم حيث قالت : "أتيت كما أشرت لك، وأنت لم تبد أي ترحيب بي؟ حتى إنني كنت أراك تكاد أن تنسى استقبالي، قرأت ذلك في عينيكن لماذا تصدني؟ أنا جنية جنسك، ... إنني مدين بكل شيء لهذه الحية، هي التي تنبهني على كل شيء، وهكذا لا أتعجب عندما استيقظ لرؤية فلان أو فليان أمام المشغل، فكل شيء يكون قد أملي علي خلال الليل" ص8 و9، فهنا الحية كأن حيوي يقدم عملا نبيلا للأب، فهي الملهمة له، وهي من تقدم له الحلول الفنية للتألق أكثر، كما أننا نجدها جزءا من الفكرة الشعبية عن طبيعة التآلف بين الإنسان والكائنات الأخرى.
أما الأم فكانت التماسيح لا تؤذها مطلقا، وكأن هناك هدنة بينها وبين التماسيح، أو أن لها قدرة السيطرة عليها فلا تستطع التماسيح الاقتراب منها، "ولكن التماسيح لم تكن تستطيع أن تسيء إلى أمي، ويمكن فهم هذا الامتياز: هناك تماثل بين الطوطم وصاحب الطوطم" ص46، فكرة الإلهام أو التوحد بين الكائنات البشرية والحيوانية جزء من الفكر الإفريقي، فهو يربط الإنسان بحيوان معين ويوحدهما معا، بحيث تفقد تلك الحيوانات خاصتها المؤذية تماما، وتكون مسالمة ومساعدة للإنسان على القيام بأعماله.
رائد الحواري
والحديث السابق عن قدرة الأم على جعل الحصان ينهضن تؤكد الفكرة الإفريقية الخاصة عن الحيوانات، فهي علاقة استثنائية.
يقدم لنا الكاتب صور عن طبيعة المجتمع الإفريقي، فهو مجتمع متجانس ومتكامل، والعلاقات الاجتماعية والأسرية علاقات حميمة، فالناس كلهم يشتركون في الفرح والاحتفاء بالقادم الجديد، "م كل مكان كن يتراكضن، من كل مكان يجئن لاستقبالي، أجل، كأنما رئيس الكانتون بذاته قد دخل تنديكان، وجدتي كانت تشع فرحا" ص24 و25، أما الخال والعم فكانوا يعاملون بان الأخ وابن الأخت وكأنه ابنا لهم، "أما بالنسبة إلى الأولاد، وهم اصغر مني بكثير، فلم يخبرهم احد إنني كنت ابن عمهم، وقد ظنوا إنني أخاهم البكر، وعاملوني على هذا الأساس منذ البدء،
... ـ لقد مر أسبوع لم تروا فيه أخاكم الأكبر، أنتم لا تركضون لتقولوا له صباح الخير" ص102 الصور التي قدمت لنا في الرواية صور زاهية جميلة، وكأنها رسمت لواقع مثالي وليس واقعي، من هنا تكمن أهمية الرواية فحدثتنا عن مجتمع بكر، لم تلوثه "الحضارة" المعاصرة، فكانت المحبة الصافية، التي لا تحمل أي شوائب، من مصلحة أو رغبات شخصية، هي من تجعل هؤلاء الناس بهذا الصفاء والنقاء، فليتنا نجد أمثالهم.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارلي شبلن في باريس
- الاعتداء على وزير الصحة في نابلس
- الدين والدولة
- الإسلام خارج أرضه
- تركيبة العقل العربي
- القاهرة وبيروت وبغداد ودمشق
- الطبقة الجديدة- ميلوفان دجيلاس
- رواية -بدوي في اوروبا- جمعة حماد
- رواية -تراب الغريب- هزاع البراري
- التضليل
- الكم والنوع
- الكاتب التقليدي
- رواية -الكابوس- أمين شنار
- رواية -القرمية- سميحة خريس
- رواية -وقع الأحذية الخشنة- واسيني الأعرج
- رواية -حوض الموت- سليمان القوابعة
- رواية -العودة من الشمال- فؤاد قسوس
- رواية -وجه الزمان- طاهر العدوان
- رواية -الجذور- حليمة جوهر
- الانتقائية


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الولد الأسود