أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية -الكابوس- أمين شنار















المزيد.....

رواية -الكابوس- أمين شنار


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 22:37
المحور: الادب والفن
    


رواية "الكابوس"
أمين شنار
رواية تأخذ شكل الفانتازيا، وتحمل الرمز، وتتناول حدثا يمكن إسقاطه على والواقع الفلسطيني، هناك تداخل بين الحلم والواقع، يحدثنا الكاتب عن كيفية تفكير المجتمع، وكيف انه يكون كالطفل، يتقبل كل شيء دون تمحيص، والناس فيه متقلبون، ويسيرون حسب ما يتطلبه الظرف، يمكن إن يكونوا الآن معك، وبعد قليل ينقلبوا ضدك، وقد قال عنهم جد فرحان "درويش" أبو محمود "... واحتقر أهل القرية، لماذا أنكر؟ فأبو ناجي لا يريد إلا مصلحته، وأهل قريتي منافقون، جبناء، يشتمون موسى في العلن ويعجبون به في السر" ص14، فالبيئة الاجتماعية كانت تشكل حالة من الصراع بين الأنا والمجتمع، وكأن هناك صراع بينهما، ولا يلتقيان أبدا، الفرد في اتجاه والمجتمع في آخر اتجاه آخر، وها هو فرحان يؤكد نظرة جده عن المجتمع فيقول : "أنا أعمل تحت أمرة الخوجا رئيس الخفراء، الذي يطأكم جميعا بنعليه، ونعلاي من نعله، فقدمي على جباهكم! أفعلوا شيئا يا عبيد الخوجات! أرفعوا رؤوسكم يا بقر!" ص 34، بعد هذه الإهانة لم يرد عليه سوى رجلا عجوز، والبقية كانت مجرد أحجار، لا تسمع ولا تتكلم. فجموع الناس تكون كقطيع الأغنام، يساق أينما يريد الراعي، من هنا يكمل فر حان فكرته عن هؤلاء فيقول: "ماذا يريد هؤلاء؟ ماذا ينتظرون؟ لماذا لا يتحركون؟ هل يتوقعون أن تنشق السماء، ذات صباح، عن قطع من نار تحرق الخوجات وتظهر البيت الكبير؟" ص34، ضمن هذه الرؤية كان هناك شرخ كبير بين طريقة تفكير الفرد وبين المجتمع، فنجد الفرد أكثر ديناميكية، ومقدرة على فهم وتحليل الواقع، بينما المجتمع كأنه في سبات، ليس له من الأمر شيء، الفرد يسعى بتفكيره للخلاص من حالة البؤس، ويفكر بطريقة واقعية، لكن المجتمع بليدا، خاملا، يعيش على أفكار بالية، لا تصلح لأي عمل يمكن أن يقدمهم إلى الأمام.
فالفكر بالنسبة للمجتمع شيء جامد من الصعب أن يتبدل، وأن تبدل، يكون متأخرا جدا، الكاتب يوضح لنا بعض الأفكار التي تعيق تقدم المجتمع فيقول عن فكرة الزعيم /القائد / الأب / المعلم/ الحامي/ المقدس : "فهذا الشيخ بالنسبة إليكم هو وهمكم الكبير الذي لا يعني فقدكم إياه إلا انتهاء الحياة، حياتكم العجيبة" ص41، إحدى مشاكل التفكير عند المجتمع العربي ربط المجتمع ومستقبله بحياة شخص واحد، فإذا ذهب هذا الشخص ذهب المجتمع في خبر كان، فهو يكون الباني والمعمر والمفكر والمعلم والحامي والمخلص والقائد والمقدس، فكأنه شبه إله، مقدس، عظيم، محبوب ويتفاءل به المجتمع، من هنا نجد صور هؤلاء تعلوا المكان، إن كان خاصا أو عاما.
من مشاهد انحطاط التفكير الاجتماعي ما يقوله إمام الجامع عن عالم القرية والعالم الخارجي: "أن ليس على الأرض بعد قريتنا إلا عدد قليل من البشر، الذين ينبغي أن نهديهم إلى الطريق" ص10، إذن الظلام دامس، وكبير، وهناك من يعمل لإطفاء أي بصيص نور يصدر من هنا أو هناك، فكيف للفرد الحر أن يتخلص من هذا الواقع؟
كطرح بديل ومناقض لما يفكر فيه المجتمع كان طرح "علي" يعد واقعيا، فيقول : "إنه ميت. وقريتنا ستموت إذا ظلت متشبثة بالموت" ص66، لو مثلنا حركة التفكير بين المجتمع و"علي" سنجد الاتجاه الأول يهبط إلى الأسفل والثاني يعلو، فالتخلص من الحمل الزائد ـ الأفكار البالية ـ يجعل عملية التحليق أسهل وأسرع.
أمين شنار يدعوا إلى التخلص من كل ما يعيق حركة التفكير ويحد من انطلاقتها، من هنا قدم لنا الصورة السلبية لهذا المجتمع.
المحرمات الاجتماعية
مجتمعنا يضع محذورات لا يمكن إن تمس، وإذا تم تناولها بغير المديح والاحترام /الخوف، يكون العقاب حاض0را وسريعا، احد هذه المحرمات السياسة وما يتعلق بالحاكم، "السهرجي أبي خليل وولده وزوجته، كانوا يسهرون، ذات ليلة، حول كانون النار، سأل خليل أباه: لماذا لا يكون لنا، كما للشيخ الكبير، بيت كبير وله قرميد احمر؟ وغطى السهرجي من فوره فم الغلام براحة يده، لكنه ما كاد يرفعها حتى هتف الشيطان الصغير : ألست رجلا مثله؟ ألسنا جميعا أبناء آدم وحواء؟" وما جاء صباح اليوم التالي، كما ترون، حتى كان كوخ السهرجي قد تهدم ولم يبق من اسرته احد. هل كان الحادث قضاء وقدرا؟ أم كان عقابا مدبرا" ص8، يعلمنا هذا المشهد بعدم تناول أولي الأمر إلا بالحسنى والمديح، فهم ذو فضل كبير علينا، ويجب إطاعتهم وتقديرهم، أو سنكون كأسرة السهرجي، في عالم مجهول، لا احد أن يحدد مكاننا.
المحرم الثاني هو العلاقة مع الجنس الآخر، فإذا أقدم أي نوع بشري بالاتصال بالنوع الآخر يكون الفرد قد اقترف جرما يجب أن يعاقب عليه، من هنا كانت النساء على هذه الشاكلة، "النساء في قريتنا محجبات، لا يغادرن الأكواخ إلا إلى عين الماء قرب المسجد، يملان جرارهن ويعدن مستورات لا يجرؤ على محادثتهن رجل. إلا ما كان يوما، قبل خمسين سنة فيما يرون من تهور عليان، الذي اعترض طريق بنت عمه وهي راجعه من العين وقال لها: "أنا عطشان، دخلك اسقني" فكسرت الجرة فوق رأسه، وصباح اليوم التالي كان والدها قد كسر جمجمته، وأعلن الشيخ الكبير يومها في الناس أن والد البنت أنقذ سمعه القرية" ص12، مجتمع يعيش تحت الأرض، بأفكار حجرية، كل من يحاول إن يتجاوزها تكون آخرته قد حانت وآن أوانها، وهنا كان "أمن شنار" يضرب على الوجع، يذكرنا بما نحن فيه من قهر وكبت وتخلف وقمع، يذكرنا بالمو0ت الذي ينظر كل من يتجاوز المحرمات، من هنا علينا إن نكون محافظين، حامين الحمى من أولئك المجرمين الأشرار!.
صورة الأم والأب
بشكل شبه دائم تكون الأم قريبة من الشخصيات الأدبية، والأب يكون في متاهة سوداء، لا يذكر، ويتم إماتته في الرواية أو القصة، وأن كان حيا يأخذ دور سلبي، الأم في رواية "الكابوس" كانت تمثل الناحية الايجابية، فهي من سلم "فرحان" وصية جده، وهي من فتح عليه باب الوعي والتفكير، ولها مقولة تكررت كثيرا في الرواية : "ـ لا تكن مثل أبيك، واحترم ذكرى جدك" ص32 من هنا كان الأب سلبي بطبيعة الحال والأم ايجابية، وفي الصفحة 55، يقول "أمي يرحمها الله" ثلاثة مرات، وهذا مؤشر إلى العلاقة الحميمة التي تربطه بها.
الفانتازيا
ما يميز هذه الرواية أنها تنقلنا إلى عالم الخيال، تبعدنا عن قذارة الواقع إلى الجحيم، فتجعلنا نعيش كابوس جهنم، الأموات، الظلام السرمدي، الاعتماد على الحواس الشم، السمع، اللمس، مكان خارج الوعي، يمكن إن يكون الجحيم، ويمكن إن يكون في الأرض أو السماء، لكنه كمان لا يمكن لأحد إن يتمناه بالمطلق.
"وامتدت كف لزجة إلى فمي فاغلقته. وهبط بي الأقزام الأربعة درجا جانبيا شديد الانحدار، ثم بانت بوابة ثقيلة، ثم فغر ظلام دامس فاه، وصرت البوابة مرة أخرى، ثم وجدتني طريح ارض رطبة غير مستوية تنث رائحة كريهة.... لم يرى احدنا وجه صاحبه. لكننا أتقنا بمرور الزمن لغة اللمس، وكنا نصمت أياما فلا يسمع في البئر إلا صوت احد النزلاء وهو يتبول أو يتبرز، فإذا عدنا إلى الكلام من جديد، فلكي نمرن ألسنتنا فلا تنسى أنها خلقت لشيء آخر غير لحس الجدران الطحلبية، من فرط الظمأ في حر البئر القاتل... حتى أزكمت أنوفنا رائحة الجثث البشرية النتنة" ص30و31، صورة لجحيم تم إعداده للكفرة والخارجين عن الصراط المستقيم، في الجحيم الرباني لا يوجد أموات، بل خلود، وهنا كان الموتى يعدوا عذابا أضافا للأحياء، يشكلون عبئا عليهم، أن كان ماديا محسوسا، أم نفسيا، يذكرهم بنهايتهم في ألا مكان، فالبئر خارج الكون، لا يمكن لمن يدخله أن يكون حيا أو ميتا.
الرواية من منشورات وزارة الثقافة، عمان، 2208، وتقع في 104 صفحة حجم متوسط، وهي تمتاز بلغة أدبية شيقة، الخيال والترميز يبحر بالقارئ بعيدا، مقدرة فائقة على رسم المشاهد، حتى أنها تأخذ شيئا من الجحيم الرباني وتضيف عليه شيئا من الجحيم الأرض، فيخرج لنا شيء جديد، يرعبنا بواقعه الأدبي، ويدهشنا بقدرة الكاتب على خلق عالم جديد، حتى لو كان جحيما .
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -القرمية- سميحة خريس
- رواية -وقع الأحذية الخشنة- واسيني الأعرج
- رواية -حوض الموت- سليمان القوابعة
- رواية -العودة من الشمال- فؤاد قسوس
- رواية -وجه الزمان- طاهر العدوان
- رواية -الجذور- حليمة جوهر
- الانتقائية
- -مدن وغريب واحد- علي حسين خلف
- -الصهيل- علي حسين خلف
- -الغربال- علي حسين خلف
- -مرسوم لاصدار هوية- محمد عبد الله البيتاوي
- -طيور المحبة- يحيى رباح
- الحوار والإثارة
- -سامي لبيب- وخداع القارئ
- فكرة
- فكر القبيلة هو الأساس
- رواية -الأنفس الميتة- نيقولاي غوغول
- -المسكوبية- اسامة العيسة
- هجوم غير عقلاني على مؤسسة ابن رشد
- -ذات مساء في المدينة- مجمد خليل


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية -الكابوس- أمين شنار