أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية -تراب الغريب- هزاع البراري















المزيد.....



رواية -تراب الغريب- هزاع البراري


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 22:00
المحور: الادب والفن
    



رواية "تراب الغريب"
هزاع البراري

يعيدنا هزاع البراري إلى أدب السبعينيات من القرن الماضي، حيث قدم لنا بطل الرواية بذات الصورة لأبطال السبعينيات، فكان مطلقة الحرية في علاقته بالمرأة، من هنا قدم مشاهد مثيرة بين الراوي ونسرين.
وكان الموت الذي يطارد العديد من الشخصيات احد أهم الأحداث التي تناولتها الرواية، وكأنه السلطة المطلقة على رقاب العباد، ولم يقتصر الأمر على الموت بصورته المجردة، بل هناك فلسفة الموت، وأيضا صور عديدة ومتنوعة للبكاء، وكأن حالة الاحتقان عند شخصيات الرواية، يتم تفرغها من خلال البكاء.
المكان كان شاسعا ومتنوعا، فمن بيروت إلى عمان إلى الكويت والعراق والقدس ونابلس إلى السلط، كما نجد تفاصيل دقيقة لبعض الأماكن كما هو الحال لمدينة عمان، من هنا كان استخدام اللهجة المحكية لكل منطقة جغرافية يعطي مساحة أوسع للشخصيات لكي تعبر عن ذاتها، فنجد اللهجة البدوية الأردنية، واللهجة للبنانية، والعراقية والكويتية والفلسطينية، فالكاتب يقدم لنا لهجة كل منطقة، وكأنه يقول لنا رغم اختلاف هذه اللهجات إلا أن همهما واحد، وكلها تعاني حالة الاغتراب والموت الذي يلاحقها.
المعتقدات الدينية الإسلام والمسيحية كانت حاضرة، حتى أن الكاتب استخدم أسلوب الجمع بينهما، كإشارة إلى الوحدة الاجتماعية التي يعيشها الناس في المنطقة العربية.
الشخصيات كانت عديدة وفيها الرجل والمرأة والمتدين والمهمل للدين، والمدني والبدوي، لكن في مجملها كانت تعاني من حالة الإحباط واليأس، وكل ما كانت تقوم به من أفعال لا يعد أكثر من انتقام أو ردات فعل لما مرت به تلك الشخصيات.
الرواية من منشورات وزارة الثقافة، عمان، 2007، وتقع في مائتين وعشرين صفحة حجم متوسط، وبشكل حيادي نقول بأننا أمام عمل روائي مترع بالحكمة وفلسفة الموت، كما نجد السرد لم يقتصر على شخصية واحدة، فكافة الشخصيات أخذت دورها في الحديث باستثناء ـ نسبي ـ شخصية جابر الثعالبي، التي بقية مستترة، وتم تقديمها من خلال الشخصيات الأخرى، الكاتب أعطا الكل حرية الحديث لكنه جعل من الأبطل/ الروي الرئيسي مجهول الاسم، والشخصية المختلفة بطرحها منهجها كانت شخصية الثعالبي، الذي تم تناوله باقتضاب وبإيجابية في ذات الوقت.
سنتناول الرواية محاولين تبيان الروعة والجمالية الأدبية والفنية فيها، فهي تمثل نقلة أدبية في عالم الرواية، لما تملكه من متعة وأسلوب شيق.

الموت
حضور الموت بهذا الزخم، كان من المفترض إن يجعل المتلقي يعزف عن الرواية، أو يمل منها، لكن الموت هنا لم يكن مجرد ذكر وحسب ، بل أفكار عن الموت، من هنا جعلنا "هزاع البراري" نمعن النظر ونتوقف عنده متفكرين فيه، فشخصية "نسرين" التي واجهت الموت بكل تسامح، جعلته حدثا غير مرعب أو مخيف، ونجد في مقتل ثريا وابنها بشاعة الانتقام وحجم الجهل المستشري في المجتمعات البدوية والقبلية. وليلى التي دفنت حية ليوم وليلة تمثل كيف أن الرواسب الفكرية التي يمر بها الإنسان وهو طفل تعلب دورا حيويا في حياته، رغم عدم وعيه للتفاصيل، لكن في العقل الباطن يكون هناك شيء قد حدث ولا بد أن يؤثر على الإنسان. وكما أن مقتل والد "نسرين" جعلها وأمها في حالة من الصراع مع الواقع والذات والمجتمع، ولكلا منهما طريقتها في ردت الفعل.
أول تناول لفكرة الموت كانت بهذا الطرح، "ـ القسوة ليست في الموت ... الموت شهوة لا بد أن تأخذنا ... القسوة أن تسجن روحك في مدفن قصي موحش" ص14، توضيح بان الموت مسالة عادية وطبيعية، فهو شيء عادي في الحياة، لكن الصعوبة تكمن في جعل الذات أسيرة لفكرة الموت، وأيضا عزلها عن الحياة وما فيها من بهجة، هنا يكون الموت للأحياء أكثر مما هو للأموات.
مشاهدة القبور توحي بشيء من الرهبة، فهي تذكرنا بما سنكون عليه في المستقبل، ففي حالة البؤس والحزن واليأس لا بد إن يكون ما يضايق الإنسان يرتبط بالقبر لما له من رهبة مفزعة، "أضواء المدينة مثل مئات الأعين التي تترقبني، إنها وحشة الاكتظاظ تماما كوحشة قبر في قفر خال وناء" ص19، جعل الإضاءة كأحد العناصر المزعجة يمثل ذروة الاغتراب التي يعاني منها الإنسان، فهنا حتى عناصر الإيجاب قد أمست سلبا، فكيف يمكن الإنسان إن يتعايش في حالات أخرى؟
فكرة الموت تلاحق الشعراء والكتاب، فهم يجعلون من كل شيء موت، "ـ يا صديقي ... أنا مت كثيرا... ألم تقرأ قصائدي، إنها نعوشي، لكن هذا الموت الذي تكتبه عن ثريا يشبهني" ص20، انتقال فكرة الموت إلى نصوص الأدب، يعد امرأ مهما، لما له من أثر على نفسية الشاعر أو الأديب، فجعل القصائد، والتي من المفترض أن تحمل شيئا من الفرح وتحقيق الذات للشاعر، نجدها مجرد نعوش، تذكر بالشؤم، الموت، وهذا يعد حالة اغتراب ليس للإنسان العادي، بل للشاعر، والشاعر كائن فوق العادي، لما يملكه من مشاعر وأحاسيس مرهفة.
من هنا أصبح الموت مسألة لا تتعلق بالموتى، فهم لم يعدوا يتأثروا بشيء، لكن الأثر يكمن في الأحياء، "الموت لا يخص الموتى وحدهم، إنه جزء من حياتنا، كما هي الحياة جزء من موتنا" ص39، هنا كانت الحياة تحمل شيئا من الموت، وهذا التداخل بينهما يجعل منهما حالة واحدة، فالحياة هي موت، ولم تعد حياة، وهذا يجعل الإنسان يتقبل الموت بدون هلع أو خوف.
فيما سبق كان الكلام عن فكرة الموت، أحيانا كان موت معنوي غير حقيقي، فكيف يكون الحال مع الموت الحقيقي؟ "... سندفنه في حديقة المنزل بلا جنازة... لن نتمكن من إلباس هذه الأشلاء شيئا... سنصلي عليه في هذه الغرفة ثم نخرج لنحفر له قبرا خلف المنزل، جلسنا أمام الكيس نقرأ الصلاة... ثم حملنا الكيس الذي لم يكن بوزن رجل ميت، ووضعناه في حفرة بحجم مقدرتنا على الحفر في الحديقة المهملة" ص43، بهذا المشهد تم وصف حالة الموت، الصلاة، الدفن، فلم يكن الموت يتعلق بالميت بقدر تعلقه بالأحياء، "نسرين" وأمها يقومان بدفن الأب الذي أمسى أشلاء جمعت في كيس، فالموت غير عادي هنا، اخذ شكل جديد، لم تكن هناك جثة، مما جعل الميت مجرد كوم من اللحم، وهذا يعد تعديا وتجاوزا للحالة العادية والطبيعية للموت، وكأن الموت هنا موت مركب، موت وشيء زائد عليه.
من هنا كان أثر هذا المشهد على الزوجة والابنة كما يلي، "بدا البيت خاليا لكثرة ما زرعناه بالصمت، لم يكن ثمة عزاء أو ملابس حداد، لكن الحزن الذي داهمنا كان فوق احتمال امرأتين جعلتهما الحرب بعمر واحد، غير أن السكوت الذي نما بيننا كالأعشاب التي تنمو بين حجارة المنازل المدمرة وفي المقابر المخيفة، جعل المسافة التي تفصل بيننا تبتلع في اتساعها ما بقى لنا من أيام مشتركة" ص43، إذن اثر الموت على الأحياء كبير، فجعل من الألفة اغتراب، ومن الكلام صمت، ومن الحيوية سكون، ومن الحياة موت، كل هذا لم يكن بين أشخاص بعيدين عن بعضهم، بل بين أم وابنتها، ويعيشان في نفس المنزل، لكن حجم المأساة، وشكلها، قلب كل ما هو طبيعي إلى ما هو غير طبيعي.
وصف عملية الاحتضار وموت ثريا، تدل على التسليم لأمر الله، وأيضا الاطمئنان الروحي والنفسي، فثريا التي هربت من بيت زوجها العاق، وحملها من عشيقها الذي أحبها، ومن ثم ولادتها لابن حرام، غسلت كل خطاياها في الدير، كانت تصلي بكل خشوع، عرفت أن أرادة الله فوق كل الإرادات، من هنا عندما وضع لها اسكندر السم في الطعام كانت تتألم جسديا، أما روحها فكانت هادئة، "بدأت معدتي تنتفض، شعرت بسيف بتار يلهو بتمزيق أحشائي... ارتميت على الأرض، صرت أصرخ بصوت فتت هدوء المكان، ... تجمعن حولي كطيور الجنة، حاولن حملي لكن الراهبة العجوز أوقفتهن بإشارة من يدها، فتجمدن:
ـ أتركنها... لا فائدة... إنها الساعة...
بدأت تصلي فتبعنها بكل شيء، أنا كنت أتلوى كعنزة مذبوحة، احفر الأرض بأظافري من شدة الألم، وفمي التي سربت بعض نزف الدم لم تعد تقوى على الصراخ، دقائق لا يمكن وصفها ووصف وجعها الذي يجعل الموت ملجأ وملاذ، دقائق أطول من عمري كله، بعدها بدأت الروح تخرج من أطراف أصابعي، من أطرافي... انطفأ قلبي، انقطعت الأصوات، لم اعد اسمع شيئا ثم عم الظلام، آلامي سكتت وهدأ كل شيء، جاء طفل ببياض مشع كطائر بجناحين أبيضين، كان يقود أسرابا من الحمام الأبيض، جسدي قطعة غيم تسبح في القضاء، دار حولي وهو يبتسم، فدارت الحمائم حولي وهي تلمع كسرب من الكواكب، شعرت بقشعريرة تلتهم جسدي، تأملت يدي التي نبت عليهن الريش الأبيض، جسدي يغطيه ريش ناصع وكثيف، فجأة كنت أطير... احلق بفرح طفلة تلهو، أطير وخلفي يحلق طفل تتبعه أسراب الحمام" ص 205 و 206، اعتقد بأننا أمام حالة استثنائية، شخص في حالة الاحتضار يئن من الألم، ويصرخ من الوجع، ويحدثنا عن حالته، وهنا نطرح سؤال لماذا جعل الكاتب عملية وصف موت "ثريا" تتم على لسانها؟، أليس من المنطق أن يكون الراوي أو الراهبة هي من تحدثنا عن موتها؟ هل ذلك يغير في فكرة الحدث/ المشهد بالنسبة لنا نحن المتلقين؟، لماذا جعل من قدوم الموت بالصراخ والألم كحالة الولادة للأم التي في حالة مخاض، تنتظر مولدوها؟، وما السير في الهدوء بعد أن بدأت الأطراف تفقد حيويتها؟، لماذا كان فقدان السمع قبل فقدان النظر؟، وهل قدوم الطفل وأسراب الحمام بعد الانتقال إلى العالم الآخر له صلة بمولد السيد المسيح؟ أم أن هذا اقتباس من الفكر الديني الإسلامي، وهل أرد الكاتب أن يحموا الفوارق الدينية، فثريا كانت مسيحية؟.
اعتقد الإجابة على هذه الأسئلة تكمن في المشهد السابق، فالكاتب أردنا أن نخرج من وصف حالة موت إلى ما هو بعد الموت، إلى شيء ابعد وأعمق من الاحتضار، إلى فكرة أن الموت والحياة يمران بذات الألم، وما نشاهده نحن الأحياء من تألم ظاهري للمحتضر لا يعد أكثر من الأم المرأة في حالة المخاض، وبعدها ستكون الراحة، والراحة الأبدية، التي لا الم أو وجع بعدها.
تحليق ثريا مع السرب، وشعورها بالفرح كان تأكيد على رضا الله عنها، وأيضا محو خطيئتها.
عملية مقتل ابن ثريا جاءت بشكل وحشي، جريمة بحق إنسان كانت لم يقم بأية جريرة، لكن العقل القبلي المتحجر لم يكن له أن يفكر، فتم قتل شاب في مقتبل العمر، متدين، تربى تربية الرهبان، جاء ليتعرف على أهله، فما كان منهم سوى.. "يستل خنجره بسرعة البرق ويغززه في صدر الخوري، فيطلق صرخة تمزق ظلمة الليل المبتل، ثم ينهال عليه اسكندر بالقضيب فيفتت رأسه بضربات بالغة القوة، خمدت الصرخات، الدماء تناثرت على الجدار فنهار الجسد المغدور وتكوم على الأرض الفسيفسائية قرب النار، شق برق كبير السماء إلى شطرين، فأضاء البلدة الناعسة قرب الواقد، ثم ضرب رعد مدوي حتى صم الآذان، الرجل الخمسيني التصق بالجدار مذعورا والخوري ينتفض كالديك المذبوح، دماء تسيل منه ملونة كل شيء بالأحمر، كانوا يلهثون وقد اسودت وجوههم" ص213 و 217، وصف جريمة القتل بتفاصيلها، وكيفية القيام بالضربة الأولى، التي كانت من الممكن إن تنهي عملية القتل دون الحاجة إلى ضرب الرأس بذاك القضيب المعدني الذي شوه الرأس وجعله مهشما، لكن يراد منه تصوير بشاعة القتلة والهمجية التي تسيطر عليهم، وكشف طبيعة العقل القبلي المتخلف.
أما مواكبة الطبيعية لعملية القتل، وإصدارها البرق والرعد كان يشير إلى احتجاجها ونقمتها على مقترفيها، وأيضا أيضا كتأكيد على أن هناك نفسا عظيمة تم قتلها، ويضاف إلى ذلك ربط حادثة الجريمة بالنص الأسطوري الكنعاني "البعل" الذي تغضب السماء وتزمجر على مقتله.
ثلاثة مشاهد تم ذكرها في الرواية لعملية الموت/ القتل، أب "نسرين" و"ثريا وابنها" وكلها تمت بيد الأهل، أب نسرين كان يريد الوصول إلى أهله الأقرب عليه، فأرجعه الرجال على الحاجز الأمني، وفي طريق عودته جاءت قذيفة وجعلته أشلاء، ثريا وابنها قتلا بيت اسكندر ومسلم، فهل أرد الكاتب من وراء هذا إن يقول لنا بأننا نقتل بيد أقاربنا؟ هل يراد من ذاك القول بان بلادنا بلاد الموت؟ علما بان هناك إشارة في الرواية تقول أننا منتجي وزارعي الموت.
اعتقد بان حجم وشكل الموت عندنا فيه أفكار شيطانية، مجنونة، لا يمكن للإنسان أن يتحملها، من هنا يعدونا الكاتب إلى إعادة النظر بطريقة تفكيرنا، لعل وعسى أن نكون إنسانيين وليس وحوشا برية.
بعد هذا المشهد تحدثنا ليلى عن دفنها وهي حية فتقول لنا: "ـ ... إدراكي للحياة بدأ من هنا، من هذا القبر المتسع... عندما تدفن وأنت ترى كل شيء، تصرخ مستنجدا، فيعجلون بوضع اللوح والتراب كي لا يتراجعوا، ما معنى العمر عندها؟ ... كيف لي وأنا بذاك العمر أن أدرك موتي المتعمد وبعثي المتعمد؟ ... موتي هو الذي وهبني الحياة" ص51، تنبثق الحياة من رحم الموت، وكأنها نتاج للموت، فهي وليدته، من هنا لم تكن العودة إلى الانبثاق الأول ـ الموت ـ شيء غريب أو مؤلم، الموت والحياة شيء واحد عند ليلى، لم تعد تأبه لأيا منهما، فكرة الحياة والموت بذات التأثير على الإنسان، يتساويان في كل شيء هذا أمر غير عادي طبعا.
لا بد أن يكون لهذه المشاهد من أثر على الإنسان، خاص إذا كان هذا الإنسان مرهف الحس، هذا ما تركه الموت من أفكار، "... الموت متوفر حتى الكساد ... فقط أغمض عينيك...لا توجد امة أتقنت الموت مثل هذه القبائل التي نثرتها ريح القوافل ما بين محيط يحمل الغزاة، وخليج يشعل النار والدخان" ص 64، إذن نحن في المنطقة العربية نتقن فعل الموت، وليس لنا من أمور الحياة الأخرى شيء، وفي هذا القول يكون الكاتب قد تنبئ بما سيكون عليه حال المنطقة العربية التي ينموا فيها الموت كما ينموا العشب بعد المطر، وهذا الاستنتاج/التنبؤ يحسب للكاتب الذي تماهى مع فكرة الموت إلى إن وصل لمثل هذا الوصف.
كتأكيد على ملازمة الموت لنا، وعلى أننا نحن من نربيه ونخدمه لكي ينمو ويترعرع، ومن ثم ينقض علينا، "عندما نولد والموت في أعماقنا فعلينا نحن الشرقيين أن نربيه ونألفه كصغارنا، فمتى ترعرع أخذ باجتثاثنا محاولا شكرنا" ص79، توسع الموت أفقيا وعموديا حالة طبيعية في منطقتنا، فنحن من يزرعه لكي ينبت وينموا ومن ثم يتكاثر، فهو كائن أليف بالنسبة لنا، من هنا نربيه ونخدمه بكل حرص وبعناية، لكن هذه التربية لها وجه آخر، حيث سيتغذى علينا ومنا هذا الربيب، فلن يحفظ الجميل لم رباه، سيخونه وينقض عليه، ويمكننا أخذ وجه آخر في هذه المسالة، يتمثل بان هذا الربيب يحب وأبويه، من هنا يأخذهم لعنده لكي لا يفقدهما.

البكاء
طبيعة الإنسان يجعله يتبع عملية الموت بالبكاء، من هنا كانت كافة شخصيات الرواية قد بكت، كما نجد حالة الحزن والاغتراب سمة واضحة في لتلك الشخصيات، فها هي نسرين تبكي لفراق الراوي، وتجعل المشهد برمته حزينا، "... ندرك عجزنا عن فعل شيء في هذا المكان، فتحول أهاتها المحتبسة إلى بكاء منكسر، تملكني حزن وشعور بالأسى والضعف" ص29، هناك أكثر من ثلاثين مشهد للبكاء في الرواية، وهذا يجعلها رواية الموت والبكاء والحزن والاغتراب، لكن كما قلنا كافة الشخصيات كانت تبكي، من هنا ليس صدفة أو شاذ إن نجد الراوي بهذا الشكل، " نظرت نسرين فجأة في عيني، فشاهدت غيوما داكنة تكاد تمطر" ص43، إذن فعل البكاء لم يقتصر على النساء وحسب بل طال الرجال أيضا.
وبعد موت نسرين في بلاد الغربية ـ استراليا ـ يعلم الراوي حجم المأساة التي أوقعها بمن تحبه، فيصاب بحالة من العصبة، وفقدان التوازن فكان بهذه الحالة المزرية، "عيناي تتفجران بالينابيع الحارة، كنت كعجوز سقط في ماء متجمد أضرب بيدي على رأسي كالممسوس، حملت جهاز الكمبيوتر وطرحته أرضا، فتهشم بشكل بشع، درت على الجداران اضربها بقبضة يدي وأنا اصرخ: لماذا؟ ... لماذا....؟ ثم سقط على الأرض مضرجا ببكاء مجروح ومخنوق، ولا ينفع في شيء" ص196، بهذا المشهد قدم لنا الراوي نفسه، فهو لا يبكي وحسب، بل يصرخ، يضرب، يعاني من حالة انهيار عصبي، وكأن كل البؤس والموت والحزن في الرواية تجمع في نفسه، فأثر عليه بصورة لم يعد يتحملها، من هنا كان في حالة الانهيار.
بكاء نسرين كان الأكثر غزارة، فهي فقد أباها، وأمها رحلت، وحبيبها يتركها دون الاهتمام المطلوب، فكانت من خلال البكاء الذي لم يكن مقرونا بزمن محدد، أو مكان معين، جعلها بكاءة فتقول بعد أن زارت بيتها الذي هجرته بعد سفرها إلى الكويت: "كان البيت مهجورا وغائصا بين الأشواك والقذارة، جلست ابكي حتى غابت الشمس" ص47، كأن البكاء هنا طقس يلازم الشخصيات، كلنا يعلم روعة غروب الشمس، فهو مشهد يدعو للتأمل والفرح والهدوء، لكن نسرين كانت تتجاهل كل هذا وتبكي.
سعدي الفلسطيني الذي ذهب إلى الكويت تاركا أبواه في فلسطين، عندما وجد المرأة الكويتية التي تبكي أولادها تذكر حالته، مستحضرا غياب الأم والأب والوطن، "سعدي تمسك بي وكأنه يلوذ بذراعي، وجدت الدمعة تنزلق من إحدى عينيه" ص61، الإنسان دائما ابن بيئته ، ما يمر به يؤثر عليه، حتى إن تراكمات معينة يمكن إن تجله مصاب وأسير لسلوك معين، أن كان يعي ذلك أم لا، من هنا نجد كلاما رائعا يخرج من الإنسان يمثل حالة الانعكاس لسلوكه، "أشياء كثرة ماتت في داخلي.. وها أنا أقتل ما تبقى من قلبي... عندما تدفن أعزاء عليك لا بد أن تبكي عليهم كثيرا حتى تتمكن من نسيانهم... اطمئن يا صاحبي أنا الآن فارغ... تتجول في الريح كما يحلو لها" ص115، فلسفة البكاء والحزن تكمن بهذا القول البليغ، فالكاتب أوصل شخصيات روايته إلى الذروة، إلى التوحد مع البؤس والحزن والموت، فأخرجت لنا حكما في الحزن، فلسفة خاصة بالموت والحزن والاغتراب.
ومن الأقوال البليغة عن البكاء ما قاله سعدي : "ـ يا إلهي... لم يعد لدي دموع أعود بها إلى قبر أبي..." ص32، اعتقد هنا يتوقف كل منطق عن القول، فنحن أمام حالة من التعاطي مع البكاء يعجز عنها أي إنسان، فصورة نفاذ الدموع من عيني الإنسان إشارة إلى حجم المأساة وزمانها وطبيعتها، فهنا يبدو لنا صاحب هذا القول كحدث مأساوي يأخذ شكل إنسان/ رجل.
كتأكيد على حالة الحزن التي تتحكم في الشخصيات، اخذ هذا الحزن يسيطر على الشخصيات حتى وهي تفكر/ تحلم/ تتخيل المستقبل، فها هو مهدي عزيز يحلم أحلام يقظة عندما فكر في اللجوء إلى احد العسكريين الذين أنقذهم في المعركة فيقول " احتضنني ... قبلني وبكى، وبعد ذلك تأملني وهز رأسه بتفهم ثم أشار لابنته قائلا:
ـ هاي بنتي ... بعدها تستناك" ص136، البكاء يأخذ هنا تخيلي، مما يشير إلى رسوخه في ألا شعور عن أبطال الرواية، وكأن البكاء أصبح فعل طبيعي ويومي للشخصيات، من هنا أصبحت تفكر فيه.

المكان واللهجة
إحدى ميزات الرواية أن أحداثها تجري في أكثر من منطقة جغرافية/ سياسية، فنجد الحديث عن الأردن والعراق والكويت ولبنان وفلسطين واستراليا، وقد أسهب الكاتب أحيانا في وصف المكان كما هو الحال بالنسبة لمدينة عمان، ورغم أهمية الجغرافيا في الأدب، إلا إن اللهجة المحكية واكبت ولازمت المكان، فكانت نسرين تتحدث باللهجة اللبنانية، وثريا واسكندر ومسلم والشيخ صادق باللهجة البدوية، وإلام الكويتية بلهجة الكويت، ومهدي عزيز باللهجة العراقية، وهذا ينم على تمكن الكاتب من النص الروائي وقدرته على إقناع المتلقي بالطرح /بالفكرة /بالحدث الذي يريد، لكن المكان هنا يعطي إشارة، أحيانا سلبية وأحيانا ايجابية، فبيروت كانت قبل الحرب بهذا الشكل، " إذا ذهبنا إلى بيروت سنأخذ قاربا ونجدف حتى صخرة الروشة، سنتسلقها معا، ونشرب على قمتها حتى تفرغ زجاجاتنا.. عندها سأرقص حتى الشمس، وإذا احتجب القمر سأفترش لك جسدي لتحلق فوقي كنسر جائع" ص27 و28، من خلال هذا الكلام كانت بيروت مرتع للحب والفرح والحرية، وعامرة بكل أنوع السعادة، فهي لم تكون لتقف عائقا أمام أي فرح يمكن إن يحصل عليه الإنسان، على النقيض من الأماكن الأخرى، ففي الكويت لم يكن للراوي ونسرين إن يقوموا بأقل من هذا الفعل بكثير، فهناك كان الممنوع يحجب العديد من سلوك الأفراد، " نقضي النصف الأول من الليل نفتش عن مكان نأمن فيه عن الأعين والخوف تصر دائما على وجود البحر والصحراء، والسماء من حولنا وتخشى ابتعادنا عن أضواء المدينة" ص28، هناك مفارقة كبيرة بين المكانين، بيروت أوسع بكثير من الكويت، رغم غناها المادي، لكنها فقيرة بالحرية، على النقيض من بيروت الرحبة والمرحة، والواسعة فهي تتسع الجميع ولا غريبا فيها.
وعندما تحدث عن جنوب الأردن، المكان الرئيسي الذي انطلقت من أحداث الرواية ـ هروب ثريا ـ قال عنه: "في البعيد تتوالد الخيام على عرض السهل، هربا من مشقة منازل حجرية تمسك بأعلى جبال مؤاب، حيث تنفرد القلعة عباءتها كشيخ من حوله الناس فتعاظم شأنه، وساد على كل شيء" ص33، بهذا الوصف لجغرافيا كانت الكاتب يرسم طبيعة العلاقة الاجتماعية، طبيعة القبيلة وما تحويه من عادات وتقاليد بالية، فكأن المكان والناس يظهرون لنا بعين الشكل، فهناك شيخ جغرافيا ـ القلعة، وشيخ بشري، شيخ القبيلة.
من أشكال تأثر الكاتب بما يكتب كان عندما تحدث على لسان الراوي عن حضور ندوة في أمانة عمان حول "المكان في الرواية الأردنية" فبعد هذا الكلام نجد هناك وصف مفصل لعمان والسقف السيل تحديد، فيقول: "تجاوزنا (مطعم أبو موسى) المنفتح على الرصيف مباشرة، ويكتظ بالزبائن المغرمين بأكل رؤوس الماشية والأحشاء الداخلية... سرنا بمحاذاة سوق الحرامية أو (الجورة) " ص99، فهنا كان الكاتب يتأثر بما كتب، وكأن وقع المحاضرة انعكس على نفسيته فاخذ يحدثنا بتفاصيل دقيقة عن المكان، وهذا الأمر يحسب للكاتب الذي جعل شخصيات الرواية تتأثر وتستجيب لما تسمع، ردت الفعل على الندوة كان من خلال التركيز على المكان.
وكتأكيد على حالة الوحدة الجغرافية والسكانية بين ضفتي النهر يقول الشيخ صادق: "ـ نرسل لكاهن الرعية في نابلس يتوسط عند حاكم الأستانة، حتى يعطينا خربة مهجورة بأرض البلقاء... أنا شفت الموقع لما كنت ازور القدس والسلط" ص152، بهذا الكلام يؤكد الكاتب الوحدة التي كانت، ويفند كل الاتفاقيات السياسية من سيس بيكو إلى وعد بلفور مرورا بالاستقلال، فكل هذا لا يلغي حقيقة وحدة الجغرافيا والسكان، والمتميز في هذا القول أنه جاء على لسان شيخ قبلي من شرق النهر، ويدن بالدين المسيحي، و يضاف إلى الوحدة الحقيقة والواقع الاجتماعي المتسامح، الذي كان الكل فيه مشتركين في الوطن، فلا فرق بين طائفة و أخرى.
الفلسطيني
سعدي يمثل الشخصية الفلسطيني الذي امتهن الترحال والهجرة، حامل معه الحزن والحنين والحب للأرض والإنسان، لكنه في ذات الوقت عيش الحزن والتشرد والقمع والمعاملة غير الإنسانية من النظام الرسمي العربي، فيحدثنا عنه الراوي قائلا: "لجأ مع عائلته من يافا إلى نابلس بعد النكبة ... ولم يكد يتفتق وعيه حتى بنت نكسة ال67 خياما جديدة شرقي النهر، ليشرع ألاجئون في نزوح آخر.."ص32، فهناك هجرتان اجبر الفلسطيني عليهما، وهما ما شكلا عنده عقدة من الترحال والتنقل وفقدان الأرض والوطن وتشتيت الأهل، من هنا كان قول أبو سعدي يمثل حقيقة الترحال والهجرة للفلسطيني، "قال لي: أبي رفض النزوح ... أسكت أمي بصوته الغليظ وهو يردد: الرحيل مسلسل إذا بدأناه لن ينتهي أبدا... وعندما أموت أريد أن أكون هنا، ليذهب سعدي من اجل أيامه القادمة، فان استعصت عليه العودة سيجد قبورنا تشده إليها، مهما باعدت بيننا وبينه الأرض والأيام" ص32، الاستفادة من التجربة شيء مفيد، ويحفظنا بأقل الخسائر، الهجرة الأولى التي كان فيها شيء من الغبن للفلسطيني، استفاد منها في عام 67، واظهر وعيا ناضجا حول ما يحاك له.
لكن ما قاله الأب لم يكن إلا عامل ضغط إضافي على الأبن، الذي اجبر على ترك بلاد الخير في الكويت لكي يعيش حالة جديدة من الترحال، وهنا كان هذا الابن يظهر مشاعر الحنين ويحمل عاطفة جياشة اتجاه ما فقده، إن كانت ارض أم الأهل: "ـ أنا يتيم ... نعم... ما هو اليتم ... ما معنى أن يكون لك أم وأب لا تستطيع رؤيتهم... ما جدوى أن يكون لك وطن لا تملك أن تعفر وجهك بترابه... أنا بلا عائلة .. أبي لم اشهد موته ولا دفنه .. ابن عمي استجاب لطلبي وكتب لي كيف مات، وكيف قبر من خلال أناس اعتادوا الموت ... كان موته حدثا روتينيا، أما أنا فأدركت إن الجسر بيني وبين فلسطين أنهدم مرة واحدة ... أمي الآن لا تسمع ولا ترى أشباح ألاشيا، وكلما أحست بحركة نادت : سعدي .. رجعت يمه... وتعود للصمت" ص87، أقول جازما بان هذا الكلام يوضح حالة الفلسطيني بكل جلاء، إن كان على صعيد التشتت الجغرافي، أم على صعيد السكاني، فالجغرافيا غير متصلة بالنسبة للفلسطيني وهناك الحواجز السياسية تحول دون تواصل الأهل.
اهتمام الكاتب بالناحية الإنسانية، أب وأم وابن، الجميع يعاني من حالة التشتت، الابن لا يستطيع حضور دفن الأب، الأم هرمت ولا تسمع ولا ترى، لكنها تحمل شيئا من الأمل بعودة ابنها الغائب قسرا، من هنا نجدها عندما تسمع شيئا تقول: "رجعت يمه" .
كل هذا لا بد إن يولد حالة من الفعل، فلا مجال للبقاء ساكنا، يجب اتخاذ موقف عملي من المأساة، من هنا كان هذا أمر، "ـ سأعود ... نعم .. أريد أن اقرأ الفاتحة على قبر أبي .. أموت هناك.. لا أريد قبرا في المنفى." ص158، الرد فعل على واقع الترحال ولهجرات القسرية، فلا مجال للبقاء بدون فعل.
... لم ينتهي المسلسل الفلسطيني، من هنا الراوي يكمله بهذا القول: "سمحوا له بعودة مؤقتة، لكنه عازم على البقاء هناك كزيتونة أزلية، هكذا قال، وهكذا حملت السيارة أحلامه ومضت، سعدي الآن بعيد... نعم بعيد مثل حلم غامض، بعد أن أبعدوه قسرا ذهب إلى جزر القمر، مر بي مثل قائد خاسر وسافر في رحلة انتحارية، يجلد فيها كل شيء... يعاقب حتى المنافي... كتب لي مرتين من جزر الطاعنة بالبؤس، ثم توقف، قال : لا تغضب ... فقدت المقدرة على الكتابة ... لا أريد أن افعل شيئا غير الاستغراق في التفكير وتحنيط الأحلام الميتة" ص158، بهذه النهاية يختم الراوي مسلسل الفلسطيني، فلم تحل أيا من مشاكل الفلسطيني وما زالت المعاناة تسير معه وبه أينما كان.

الجمع بين الإسلام والمسيحية
ما يحسب للرواية أنها قدمتنا من مفهوم الوحدة واللقاء فيما بيننا ، فهي تلغي الفوارق الدينية بين الشخصيات، ويشعر المتلقي بأنها تعيش حالة القبول والتعاطي مع الإسلام والمسيحية معا، فكأنها شخصيات تحمل العقيدتين، كما نجد شيء من التغريب للحدث الديني، فما يقوله الراوي لثريا يعد طرحا تغريبا للحدث الديني :
" ـ أنت مريم؟
ـ مريم!!
ـ أولم تتهم بالخطيئة...؟
ـ لا اعرف ... أضن ذلك...
ـ كيف أكون (مريم) وقد أخذواه مني قبل أن أراه... لمرة واحدة امتزج صراخي بصراخه كما امتزج دمي بدمه، هربوا به من تحتي كما هربوا بي من بينهم ، لم أرى وجهه ، لم ألمس دفء حاجته إلي، ولم يسمع بكائي عليه..." ص15، هناك تشابه بين حال العذراء مريم وحال ثريا، كلتاهما ولدت ذكرا، وتم قتله من قبل أهله، واتهمتا بالخطيئة، وعاشتا حالة من التشرد والخوف، لكن التشابه بينهما أن ثريا أنجبت ابنها بالخطيئة، ولم تراه أو تعامله كأم، لكن كلا الحدثين ـ الروائي والديني ـ يحملا فكرة خطيئة المجتمع بحق البناء ولبنات.
الراوي يدفع بالمتلقي للتوقف عند العديد من الأفكار الدينية التي يطرحها، فكما قلنا يردنا إن نفكر، وثم ثم نحلل، حقيقة الدين، "ـ مريم لم تحمل صليبا ... حملت آية...
ـ لست مريم... احمل بين يدي صليبي وفي قلبي ترتيل الفاتحة
ـ لم افهم ... كيف ...؟" ص15، بهذه الخطاب كان يدعونا الراوي إلى التفكر فيما تفكر فيه ثريا، هي تجمع بين الصليب وسورة الفاتحة، فهل هناك علاقة بين الصليب والفاتحة؟ هل لهما نفس المفهوم في كلتا الديانتين؟ الصليب افهمه على انه العذاب في سبيل خلاص الناس من الخطيئة، والفاتحة تحمل معنى تسليم الأمر لله عز وجل، من هنا نستنتج بان ثريا كانت قد ضحت بنفسها ـ كأم، وبابنها ـ حتى لا يقترف الآخرين عين الجريمة التي أوقعوها بها وبابنها، وهي أيضا تطلب من الله أن يحفظها والآخرين وان يجعلهم ممن يسلمون أمرهم الله، بهذا المعنى نفهم قول ثريا.
هناك مشهد يجمع بين فكرة قيامة السيد المسيح من القبر وفكرة الرواية، "... وجدنا حصانه يحفر بحافر قدمه قرب الطريق العام ... وحين اقتربنا وجدنا جحرا حفر من وقت قريب فدخلناه ... وجدنا كهفا والأبيض ميت فيه، أغلقنا عليه التابوت وقرأنا الفاتحة عليه، ومن ثم ردمنا الحجر ... إنه غريب لا بواكي له ... مسكين يرحمه الله.
... في تلك الليلة والثلاثة ليالي متتالية جاءني والنور يحيط به... أيقظني وشدني من فراشي، يده تمسك بيدي وأنا أراها لكني لا اشعر بها، نظرت إلى نفسي فوجدت جسدي يضيء كالشمعة الكبيرة جاء بي إلى هذا المكان ... أشار إلى هذه الكومة وقال: "لا تصدقهم أنا هنا حيث جلسنا ذات متسع " ص124و125، هنا حدث قبر السيد المسيح وقيامته من القبر، المشهد السابق يحمل الفكرة الدينية المسيحية عن موت المسيح وخروجه من القبر، فهناك النور الذي يتحدث عنه العهد الجديد كان مماثلا لما جاء في النص الروائي، لكن هناك حدث تغريبي هو انتقال النور من المسيح إلى الراوي.
كما نجد عملية الجمع بين الديانتين من خلال قرأت الفاتحة على القبر، فالأبيض هو خوري، ابن ثريا، الذي قتله مسلم واسكندر، فقد استطاع إن الكاتب إن يوظف الفكرة الدينية، إن كانت مسيحية أم إسلامية لصالح الحدث الروائي، وهذا الأمر لا بد للمتلقي إن يتوقف عنده بتأمل وإعجاب.
الأب وإلام

كما تحدثنا في موضع آخر هناك العديد من الكتاب تناولوا الأب بصورة سلبية أو بتغيبه، بينما الأم في الغالبية كانت تأخذ الدور الايجابي، في هذه الرواية كان هناك تغيب للأب، أبو سعدي قسرا ، أبو نسرين قتلا، ابن ثريا "الأبيض" حرم من أمه، أبو ثريا كان بصورة العاجز وأحيانا يبدي امتعاضه دون فاعلية على ارض الواقع، لكن الأم رغم اقترافها الخطيئة ـ ثريا وأم نسرين ـ كنتا تحمل الصورة الايجابية والتأثير الإنساني في الشخصيات الروائية، فها هو الراوي يحدثنا عن أمه بعد إن رأى حلما غريبا فقال عنها: "رأيت الذعر يستوطن تجاعيد وجهها، وهي تستجدي تفاصيل من جاءني في منامي... شاهدت صدرها يضطرب بالأنفاس المتلاحقة، فاحتضنتني فجأة وكأنها تلتجئ من مخاوفها في تلك الساعة الضارية في أعماق الليل الصيفي" ص26، الحنان الممزوج بالخوف من الآخر، والحب الظاهر في كلاماتها واحتضانها، كان يتجسد في الأم، فمثل هذه المشاعر والكلمات والأفعال لابد لها أن تؤثر على الابن، فنجده يبادلها الحب والحنان.
ولم تكن الأم فقط وهي سليمة معافاة تتعامل مع ابنها بهذا الشكل الناعم، بل وهي في حالة المرض كانت تهتم به وبمشاعره، الأم وهي في حالة الاحتضار تراعي مشاعر ابنها، "... نادتني لاقترب من فراشها وقبلتني بمشقة، لم تدمع غيناها كالعادة منذ تمسك بها الفراش، طلبت مني أن اخرج لأصدقائي، لان كآبتي تنغرس في وجهي كالوشم، خرجت مثل هارب، لأني أدرك بوعي غير مفهوم أنها تريد أن تموت بعيدا عني، عندما انتصف النهار كنت انتحب قرب رجال يحفرون قبرا على أطراف القرية" ص27، اعتقد مثل هذا المشهد لا يمكن إلا أن يصدر عن أم عظيمة، وكل الأمهات عظماء، فهي تجلد نفسها، وتتحامل عليها، وتغيب عاطفتها ـ وهي أم وفي ساعات الاحتضار ـ فقط من اجل أن يبقى ابنها سليم نفسيا ولا يؤثر به مشهد الموت سلبيا، أنها فعلا تستحق الاحترام والحب.
وها هي أم نسرين تتعامل مع ابنتها بقسوة وحب في آنا واحد بعد أن واجهتها نسرين بقذارة عملها في الليل، " صفعتني على وجهي بعنف وهي تصرخ:
ـ اخرسي ... أنت ما بتعرفي شي ... بعدك زغيرة ... عم بنموت من الجوع ... أنا تعبت ... فقر ووحدة ... أترملت وأنا صبية ... شو بدك اعمل...؟
حضنتني بقوة وبدأت تنتحب" صص45 و46، قسوة الظرف وبشاعة الحرب دفعت بالأم لتبيع جسدها مقابل أن تؤمن متطلبات الحياة لابنتها، فهي من تتحمل كل شيء مقابل أن تكون ابنتها في أمان، وبعد أن تكبر نسرين وتذهب للعمل في الكويت تتذكر أمها التي هاجرة مع رجل إلى كندا لتعيش حياتها هناك فتقال عنها: "... اكتشفت أن حبي لامي اكبر من غربتها وغربتي... تمنيتها بجانبي وأنا أموت بتمهل لعين" ص195، إذن الأم تبقى رغم كل شيء اقرب المخلوقات علينا، فلا يمكنها أو يمكنا أن نتجاهلها، مهما كانت أو كنا أصحاب خطايا وجرائر.
الحكم
ما يميز هذه الرواية تناولها لفلسفة الموت والحزن، فهي تكاد تكون كتاب مفتوح في موضوع الموت وما يتعلق به، حزن، غضب، بكاء، يأس، حمية، ونعتقد بان اسم الرواية "تراب الغريب" الذي مات مقتولا وسماه الراوي بالأبيض، له علاقة بموضوع الرواية، فكل أحداث الراوية تدور في فلك الأبيض، الذي حلم به الراوي في بداية الأحداث ومن ثم تم إعطاء شكل الموت وما يتعلق به لكافة شخصيات الرواية، فهي إما ماتت أو مات شخص قريب منها.
سنحاول جمع ما جاء في "تراب الغريب" من حكم رغم كثافة وغزارة تلك الأقوال .
"أنا لا أخاف موتي صدقيني ... لكن فقدان من أحبهم يفوق مقدرتي على الاحتمال" ص36
"الموت إرادة" ص38
"أجمل ما في هذه الحياة قدرتنا العجيبة على اعتياد الأشياء" ص52
"لا توجد امة أتقنت الموت مثل هذه القبائل التي نثرتها ريح القوافل ما بين محيط يحمل الغزاة وخليج يشعل النار والدخان" ص64
"الموت ليس واحدا ... لا تصدق الكتب، فمن الأفضل إن نختار نهايتنا ما دمنا لم نختر بدايتنا" ص74
"لم أكن أقرأ شعرك... كنت أقرؤك أنت، اعتقدت أن لا فرق... كان الفارق كبيرا ... هذا خطأي" ص82
الموت لم يكن هنا داخل هذه القبور، بل في الأماكن التي يخلونها ويتركونها مشرعة للوحدة والذكريات المؤلمة" ص90
"عندما نموت وقد نفقت أعمارنا بلا جدوى ... لا يبقى منا سوى هذه الكتابات غير المفهومة في زمن لا قراءة فيه" ص105
"الضعف أسوء ما في الإنسان" ص114
"ولآن أنت ... الميناء الأخير، إن غبت من حياتي سأغرق في البرودة والظلام" ص117
"هذا المكان يخنقني بصمته ... لا يتكلم معي... أتعمد ترك الفوضى تجتاح كل شيء ... الفوضى لغة عندما نعجز عن فعل شيء" ص132
"الحياة يا صديقي كذبة نستمتع بتصديقها" ص138
"لان عمان تحبسنا في أقفاص من تعقل تفوح منه روائح مواد التحنيط" ص141
" يقولون إذا بكيت شخصا فأنت تستعد لنسيانه" ص143
"الألم لا يفزعني... لم أتذوق غيره في حياتي، ... لكن هذا نذير شؤم، إننا نشيخ بلا ثمن، نهرم سريعا، أحس أن هذا الجسد لم يعد يلائمني... أصبح سريع العطب... أريد أن انزعه وارتدي غيره... جسد بال لا يناسب ثورات روحي ... روحي لم تهزم ... لم تنهزم .. لكن هذه الأعضاء اهترت، إنها لعنة أن تذيب الجسم كالشمعة وتبقى الروح تحترق برغبة الحياة" ص169 و170
"انك تعطي من تحب حتى ينسى هو أن يعطيك شيئا واحدا مما أنت بحاجة لهط ص182
"هل تعرف أن أعمرنا تبدو علينا كالملابس الضيقة، لا تكفينا ولا نملك تغيرها"ص194
"أنا أرشح ألما عندما اكتب وانشر ثم لا يقرأ لي احد" ص201
"كلما كبرنا تشيخ قدرتنا على الاحتمال، أنا الآن مثل جدول محاصر بالجفاف ومضمحل" ص207
"تخنقنا الذكريات أكثر من أي شيء آخر" ص206
مثل هذا الكلمات توجب على متلقيها أن يتوقف عندها متأملا، مفكرا، فهي تحمل خلاصة تجربة الشخصيات عن الحياة، وهي تتعلق بأكثر من جانب في حياتنا.

المفاتيح
الرواية غير تقليدية، تجمع ما بين الحدث الواقعي والحدث الأسطوري، تتناول أفكارا متداخلة بين المسيحية والإسلام، شخصياتها تتحدث عن نفسها كثيرا، فكلها تشترك بسرد الأحداث، حتى ثريا حدثتنا وهي تحتضر، وأخبرتنا شيئا عن الحياة بعد الموت، وأنا شخصيا لا يهمني كثيرا الدخول في تفاصيل الأحداث والشخصيات، فاكتفي بالاستمتاع والإثارة الفكرية التي طرحتها الرواية، لكن بما أنها رواية استثنائية في العديد من القضايا، وبما أن الراوي أكثر من مرة تحدث عن المكر والثعلبة في الرواية، ارتأينا أن نوضح بعض ما جاء فيها من مكر وزوغان.
"أنت أفاق ... فيك مكر الرواية وخبث الروائيين... أنت لا تكتب عن ثريا ... أنت تكتب موتي" ص 19 و20، كلام جاء على لسان عماد الجناني موجها إيه للراوي الرئيسي، وهو يشير إلى مكر الكاتب ومحاولة إخفاء ما يريد من خلال تناوله لمقتل ثريا، لكن "عماد" يؤكد بان المقصود من ذلك الحديث عن موته هو، وليس عن حادثة شبه أسطورية عفا عليها الزمن.
"الرواية غير الحكاية... الزمن مرتبك هنا... ثريا تأتيني من بعد مئتي سنة وأكثر ... الزمن عندي كألواح الصفيح ... الحياة التي تشبه المدن تخلط كل شيء" ص35، هذا من المفاتيح المهمة للدخول إلى النص الروائي، فيه اعتراف بالحواجز الزمن وأيضا بتداخله، وعلينا نحن اكتشاف أي زمن يريد الراوي إن نأخذ منه الحكمة.
"... كتبت في كل شيء وعن كل شيء، ... كتبت بعض المسرحيات، ورواية لم تظفر بانتباه احد... وعزيت أحلامي بأنني ذات يوم سأكتب رواية ليست كأي رواية" ص42، إعادة بتذكيرنا بأننا أمام عمل روائي نافذ إلى الوجدان، لكنها ليست تقليدية، هي رواية الطفرة، التي لم يكتبها احد من قبل، هي شيء خارق بالنسبة للروايات، فما علينا إلا أن نتأملها وسنخرج بأفكار إنسانية تصلح لمساعدتنا على مواكبة الحياة.
"عندما نموت وقد نفقت أعمارنا بلا جدوى ... لا يبقى منا سوى هذه الكتابات غير المفهومة في زمن لا قراءة فيه" ص105، هنا توضيح بان عدم الفهم يلازم عدم القراءة، لكن في حالة القراءة يكون النص مفهوم، وهي مشروع يسعى الراوي إلى تثبيت نفسه بعد عمرا طويل.
"أنا اكتب ... ولن أفسر شيئا" ص200، عودة للغموض والتداخل وعدم السرد العادي،
"أنت تكتب نفسك... هذه المرة لا تتحدث عن موتهم ... أنت هنا تصف موتك.. ترسم معالم قبرك كأنك تراه... كأنك بداخله" ص208، هذا ما قالته صفاء للراوي، فالراوي يريدنا أن نعرف نهايته، نهاية الإنسان الذي سيقبع في نهايته تحت التراب، فالموت مسألة حتمية، لكن هذا أمر متعارف عليه ويعلمه كل إنسان في الجديد في الحديث عن الموت؟
اعتقد بان أشكال الموت التي وصفها لنا هي المهمة، الحديث عن حالة الاحتضار وما يلازمها من الأم ووجع، حقيقة وجود عالم آخر بعد الموت، وليس العدم، اعتقد كل هذه المسائل مهمة، حديث الراوي عن الجسد التي تضيق به الروح، أهمية العلاقة الإنسانية، إن كانت بين الرجل والرجل أو المرأة والرجل، أهمية أن يكون الإنسان قارئ، ويبحث عن المعرفة، دعوة غير مباشرة إلى احترام الأم والأب، مهما تكلمنا عن النص يبقى كلامنا ناقص.

الثعاليي والدخول الرواية
كافة شخصيات الرواية تحدثت بحرية، لكن الشخصية الوحيدة التي بقية مستترة هي شخصية الثعالبي، فهو لم يظهر لنا إلا من خلال حديث الراوي عنه، أما هو فلم يأخذ تلك المساحة التي أعطيت للآخرين، يقول عن رؤيته للواقع الذي عاشه: "ـ الحرب أنثى ... لا تستغرب ... أنثى تحسن التكاثر لكنها لا تحسن تغير النسل... أما الثورة فهي الكذبة الوحيدة التي نؤلفها ونصر على تصديقها، لأننا نعجز عن فعل شيء آخر، أي شيء،... أنا ابن الثورة أقول لك الثورة شكل من أشكال الحرب والرغبة في السلطة" ص56، رؤية متشائمة عن الحياة، وكان البشر وجدوا للحرب والقتال ليس أكثر، حتى أن الفعل النبيل ـ الثورة ـ لا يختلف بمضمونه عن القذارة وبشاعة الحياة، فهي تسعى للسلطة كما أنها شكل من أشكال الحرب، وهي فعلا حرب وحرب مدمرة.
شخصية الثعالبي تتباين مع خط الرواية، فكانت كافة الشخصيات الروائية تبكي إلا الثعالبي، لم يبكي قط، كما أن الموت لم يقد أن ينال منه، رغم خوضه العديد من الحروب، من هنا يعد شخصية تثير التساؤل، "ـ أن أعود من الحروب كلها بهذا الجسد وهذه الروح هي الخيانة إلي لا تمحى، هم استشهدوا لأنهم أكثر طهرا مني... أن الأفكار التي تأكل أصحابها لوثتني.. والسجون التي تقاسمني بعد كل حرب جعلتني لا أموت بحرب...
ـ كيف نجوت بينما هم تساقطوا كورق خريفي...
ـ لأنهم يحبون الحياة... أما أنا فلا" ص76، إنسان يختلف عن الآخرين يذهب إلى الموت فلا يجده، فهو ليس معني بالحياة، فقد شبع منها وملها، يرد عالم آخر.
وصف قبر الثعالبي وقبر الأبيض ابن ثريا كنا يقدمها الراوي بنفس الوصف، فهما بلا شواهد واضحة والإهمال واضح عليهما، مما يجعلنا نربط شخصية الأبيض الأسطورية ـ الحكاية ـ بشخصية واقعية معاصرة، عاشت ويلات الحرب وقمع الأنظمة، "... ما دام الرجل قد مات بعيدا عنا ... كلما عاد إلى وطنه سجنوه... هذه المرة تركوه بلا سؤال، أهملوه... أدركوا انه جاء ليموت حيث ولد... ثورته اضمحلت، ورفاقه نفقوا عبر أعوام الخذلان التي لا تكف عنا ..,. من السهل تخيل كل ذلك... قبر فقير موضوع على استحياء بقرب مقبرة شواهدها من حجارة مهشمة... لا كتابة ولا نقش ولا حتى ما يومئ بصاحب القبر...
ـ مشكلتي أني لا أرى ذلك... الموت جزء من شيء متواصل... أنا احمل ميتات لا حدود لها، لكنها لا تفارقني قط... تمتد في، أطيافهم تبقى لتكمل ما ضاق به الحياة وما وسعه أي موت... الثعالبي مات ... لكنه ما زال يكمل مفاصل لا نعلمها ... أنهم ينادونني لأدون سيرة ما بعد الدفن" ص84، اعتقد بان هذا التوضيح من الراوي يكشف لنا ما أراده من خلال تناول شخصية الأبيض الأسطورية، فهو استخدمها كمبرر للحديث عن شيء واقعي، نعيشه كشعوب وأفراد في المنطقة العربية يوميا، الحاجة إلى التغير، تغير سلوك المجتمع القبلي، سلوك الثورات التي تخون نفسها قبل إن يخونها الناس، سلوك النظام الرسمي الذي يلاحق كل من يسعى لتغير.
رائد الحواري






#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضليل
- الكم والنوع
- الكاتب التقليدي
- رواية -الكابوس- أمين شنار
- رواية -القرمية- سميحة خريس
- رواية -وقع الأحذية الخشنة- واسيني الأعرج
- رواية -حوض الموت- سليمان القوابعة
- رواية -العودة من الشمال- فؤاد قسوس
- رواية -وجه الزمان- طاهر العدوان
- رواية -الجذور- حليمة جوهر
- الانتقائية
- -مدن وغريب واحد- علي حسين خلف
- -الصهيل- علي حسين خلف
- -الغربال- علي حسين خلف
- -مرسوم لاصدار هوية- محمد عبد الله البيتاوي
- -طيور المحبة- يحيى رباح
- الحوار والإثارة
- -سامي لبيب- وخداع القارئ
- فكرة
- فكر القبيلة هو الأساس


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية -تراب الغريب- هزاع البراري