أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - كابوس ليلة في بغداد















المزيد.....

كابوس ليلة في بغداد


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4742 - 2015 / 3 / 8 - 14:20
المحور: الادب والفن
    



كابوس ليلة بغداد
محمد الأحمد



1.
قال تولستوي العظيم ذات مرة؛ "التاريخ مثل رجل أصمّ يجيب عن اسئلة لم يلقها عليه أحد"، ويبدو ان كوابيسنا سوف تبقى تطارد حيواتنا كنصوص حاضرة بقوة لتقمع سطورنا، بلا ادنى شك بتنا في عصرٍ لن يحتاج الى تفاسير "ابن سيرين"، لأجل ان يعلمنا الانفتاح نحو التأويل.
كل ما حدث على الواقع، امام العين، كان الاكثر بشاعةً مما ذكرته الآداب العالمية قاطبة. اذ فتك الانسان المتخلف بالإنسان المتحضر بأشدّ الأقواس فتكاً من الفتك السابق، حيث لم يلحق التأويل السابق تقنيات عصرنا الراهن. ولم يستطع ان يستشرف المستقبل (عبر الماضي).
بات ذلك التأويل الماضي مرفوضاً – كون ابن سرين من الماضي، وكل نصّ من الماضي لن يقدر على تفسير ما سوف يحدث في المستقبل. مثلما نستخدم قاموس "بن سيرين" القديم في الأحلام المعاصرة لن نحصل بيقين على اي معنى معاصر. بات علينا ان نستند على حداثة نصوص لها قيّم المستقبل، وترفض "العتيق من ذي الافكار البالية".. كأنما محدودة الخيال في مجمل المفردات، فلم يعد لدينا قاموسا يتسع الا لمفردات تعاصر عصرنا الراهن ابن التقنية التكنولوجية، (ليس بيننا من يكون الواجد لقاموس "كوابيس التقنية" في نص بن سيرين، او غيره ل"قانون العصف المأكول بالمفخخات، والقنابل الحارقة").
يستنتج مما اسلفت ان عصرنا يؤول الحلم كانعكاس لما مرّ من اليوم، وليس بمقدوره التوقع لاحتواء كل ذلك الحقد الإقليمي على ابن الرافدين..

2.
صغتُ اسطري قبل الشروع والاشارة الى كتاب "كوابيس بغداد" صرت لا ادري كيف غزتني الاحالة الى الكاتبة العظيمة: "غادة السمّان" يوم اغرقني في بحر كتاب "كوابيس بيروت" يومها لم اشأ الا ان اقرأها قراءة القلب العاشق، والذي كان يبحث في ترائب الحروف عن جرأة المرآة العجيبة، للمرأة البديعة، الانيقة الفكر، المتحررة من الاقواس الجائرة، والتي انزلت علينا دفقا عجيبا، من المطر الطيّب الذي بلل لنا تلك الذاكرة، بمجمله الجريء، فجعلنا المطر نمشي مع ايقاعه السحري، بخطوات العابر الى شاعرية تلك الكلمات، ودقة تلك الصور.. بشاعرية مقاصد تلك المرأة التي هزّتنا كرجال.. فالكلمة التي تكتبها اية (انثى) لها مذاق جندري طازج، ولحدّتها القاطعة ايغالاً في العروق، وقوتها الوصفية الباهرة خيال يأخذ بنا أخذاً، وما في الصورة من ذوق واصالة...
ذلك المطر ما زالت رطوبته في خباءِ ثيابنا، لأنه مطر جيل اعطى الحرب هزائمه، واخذ منها خيباته المتلاحقة... مطر مازال يكشف لنا بالمقارنة الواعية بان الحرب التي دخلتها "بيروت" الغربية مع "بيروت" الشرقية بكل طوائفها الدينية، والاثنية، والعرقية، قد واصلتها "بغداد" الغربية مع "بغداد" الشرقية، تلك العاصمة التي انتمت اليها اقلامنا الوديعة، اليافعة، الحيّية، بكل خفرها.. لتكون بغداد/ بيروت..

3.
هل اذكركم ايها الاصدقاء بـ"بلقيس قباني" البغدادية، ام اقول عنها بانها من أجمل قصائد الرثاء، والاحتجاج.. فهي تعاتب التاريخ الخائب الذي ورثته الضحية البشرية المغدورة.. تؤشر نحو الفاعلين بأصابع واثقة، وبحروف جلية.. انها "قصيدة رثاء "بلقيس" التي كتبها "نزار قباني" كشاعر من لبنان جارت عليه الحرب برفيقة دربه، الشريكة العميقة المتجذرة فيه، "كانت اجمل الكلمات في تاريخ بابل، بلقيس، كانت اطول النخلات في ارض العراق"، وهو "سوري" الجنسية، وهذا المزج كأنما اشير بتلك الكوابيس المشابهة ل"كوابيس بغداد ولياليها" كأنما هي ذات الحرب على كل الجنسيات، لتوقف انسانية الانسان عن مواصلة حقه في العيش، وان الحرب التي تسعر اوارها اليوم هي حرب البارحة، وحرب التاريخ كما يقول الروائي اللبناني "ربيع جابر" حينما كتب روايته العظيمة "طيور الهوليداي ان" عن تفاصيل بشاعة الحرب الاهلية اللبنانية.. يومها جردت الاحداث الخسيسة التي قام بها "المحارب الأجير" ضد "المواطن المغدور".. هي ذاتها، ووجدت حدثها الأدهى متكررا في "بغداد"..

4.
تلك الحرب البغيضة تفننت بإظهار مفاتنها، طرائق التعبير الاخرى، فكلما اذهب لاستمع الى العظيم "زياد رحباني"، واصغي اليه، (يمكنكم سمعاها عبر النت "ابو علي"، دعوني اشوقكم لسماعها وأختصرها).. يرنّ عودي وترتعد أوصالي..
"اكتشف زياد رحباني بان سيارته التي يذهب بها الى استديو التسجيل، تحمل عبوة لاصقة شديدة التفجير، وطلب الحضور من الخبراء، لكن احد لم يستجب له، فقرر ان يبعدها بنفسه عن المكان الآهل بالسكان، ولكن "ابو علي" الجنايني، اجبره ان يذهب بالسيارة دونه، وبقي "زياد" ليسمع دويها بعد دقائق، وتوزعت اشلاء الجنايني متناثرة على ورد الحدائق".. قصة اخرى عن "عامل النظافة "صبحي الجيز" الذي التقطه القناص امام مسكن السيدة فيروز"/ سقط مكوما في الصبح الباكر فوق مكنسته، (كل ذلك بقي مكتوبا عبر اغنية خالدة غنتها بصوتها)..
تلك الكوابيس، المتشابهة، المتوائمة مع كوابيسنا بقيت تصوغ الرعب فينا وعلينا، اكثر، واكثر، وتفوز علينا كل يوم، بأكثر من فوز, ولعل في الغد الكاتب، المدون، الاديب، الفنان، وحده من يبقى يستمتع بفوزه الابدي..

5.
انا هنا كي اثني على كل اجتهاد، والوّح بالزهو، بل احتفي بكل جهد اراه يقطع المسافات الهائلة بالجرأة، حيث لم تكن الكلمة حكراً على احد، ولم يكن التعبير مقصورا على شريحة من الناس، قد خاضت غمار القول بطرق فنية عبرت بها عما احتدم به قلب عاشق، او صرخة احتجاج..
ساعة اقرأ على اسماعكم سطوري ينتابني شعورا بالزهو اكثر مما لو كنت احدثكم، فانا ما تعودت على ان اقول قولي الى جهة واحدة، تستقبله الورقة مني، وكأنها الحبيبة التي تعودت مناجاتها، وحين انظر صوبكم تأخذني الرجفة، والارتباك، فثمة اختلاف بين هذه الصحبة المصغية، والورقة التي تحملني بفعل اصغائها، وثقافتها وهي تزايد يوما بعد يوم. حيث حملت لي تاريخا من التفسير والتأويل، غير اسماعكم، فأرى تشظي. يريدني ان افهمه كما افهمت الورقة البيضاء رسالتي هذه.. (التشظي اعني به ثقافات متعددة، تتطلب التلاقح).. كل منكم بفكرة، وكل فكرة تطير لها حفيف اجنحة، بموسيقى خاصة..

6.
سأوجز كابوسي بقول أدونيس: "المفكر يعنى بتفنيدِ ما قاله غيره من المفكرين، ويدحضه اكثر مما يعنى بالكشفِ عن عوالم جديدة للفكرة، وعن آفاقِ جديدة. اما الشاعر يعنى بنبذِ غيره من الشعراء، اكثر مما يعنى بالتأسيس لتجربة متميزة، وشعرية متميزةٍ"..
يمكنني بعجالة حول بعض التي جاءت في الكابوس كونها عموما تشترك بالاعتماد على الحوار الاخباري، ولم تعتمد التصوير السردي، وتلك سمة جلية اعتزم الكاتب كأداة لتعبيره؛ من بعد أن تَمسْرِحَتْ عبرها الافكار، وتقوّضت خلالها المخاوف، راسماً ما حضر على مساحة مِخْيّاله، مُخترِقاً الأحداثُ الضاغطةُ علينا. كل ذلك حسب ظني طريقة تعبير قوية كانت تريد ازاحته همّ اعترى ذهن المبدع..
March 4, 2015



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصابع من السر المثير
- كتاب الحندل وابوابه
- غايات اخرى لوردة المحب
- ما قاله الغاوي للرواي
- حكاية النظرية اليعفورية في الاستبدال
- براءة
- مهرجان الجثث المعلقة
- السحر الاباحي
- حاجتنا الى برنامج صريح
- زياد رحباني
- سايمون الممثلة الجميلة
- أغلبهمُ صورة نرسيسهم العميق
- للرواية ابواب الرواية
- عودة مكابيوس
- انا وانت كل العالم يجتمع فينا
- انا وانت التاريخ كله
- الصور في الصور صور
- حصان في دست خاسر
- جثتي / قصة قصيرة جداً
- بهرز تحترق أما من مغيث محمد الأحمد


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - كابوس ليلة في بغداد