أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الواجدي - الذي لم يصل ........ قصة قصيرة















المزيد.....

الذي لم يصل ........ قصة قصيرة


عقيل الواجدي

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 19:35
المحور: الادب والفن
    


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قصة قصيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عقيل فاخر الواجدي
ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي لم يَصِـــــلْ
اِرتباكُ الخطوات المسرعة وهي تتعثرُ ببعضها ألزمهُ ان يستند على يديه كثيرا لينهض من جديد ، كل ما حوله كان يسبقه ، الاّ خطواته يكاد يجزم انها لم تتحرك خطوة واحدة ، احساسٌ بالخيبة انْ تركضَ نحو المجهول ، انْ تسابقَ الموتَ الى الموت ، التقاطاتُ عينيه لمحيط المكان يزيد من خيبته ، واسعة هذه الارض وهي من ضاقت على ان تَسَعَهُ وامَّهُ ببضعة امتار ، شحَّت عليه ، لكنها الان ما اوسعها !!!
صوتُ لهاثهِ وارتفاعُ انفاسهِ يغطي على كل صوتٍ من حوله حتى اصواتِ الرصاصِ الذي يلاحقه ، الركضُ ، حِرْفَةٌ متوارثة لم تنفك عن ايامه او عما سبقه ، الركض خلف الايام لكسب القوت لم ينتهِ مضماره كما توقع ، التحاقه بالخدمة العسكرية التي يؤمن سلفاً ان ثمنها اكبر حتى من الرِشوة التي دفعها كي يحظى بمكان في هذا الجيش لم تُنهِ فصول التعب من حياته .
البيوتُ التي يسعى نحوها لتلافي الرصاص تَنداحُ بعيدا كأنما تمنح الموت فرصة الانقضاض عليه ، كل ما حوله اصبح بعيدا الا الموت ، عاهرةٌ هذه الارض ، فلطالما فتحت فخذيها للقادمين من خلف الحدود يُعَمّدون انوثتها بفحولة الحقد ، ويقيئون على مفاتنها مَنِيِّ الوهم ليتناسلَ التاريخُ مجدداً هاهنا ، هم البقايا من سِفاحِ القصورِ وفتاوى الانحراف ، الراكضون معه ابتلعتهم الابواب التي اشرعتْ فكيها لتلقيهم جثثاً يتراقصُ من حولها الغادرون وهم يفصلون الرؤوسَ عن الاجساد لمن استجار بهم ..
هُمْ نِتاجُ الارض ، وهذه الارض حتى نباتاتها تمدُّ سويقاتها لتُعَثّره ، موغلة بالحقد ، تقيء حتى رفاتِ الميتين ، عارية تلوّحُ للراكضين خلفه انه هاهنا ، يَحِسُّ نباتاتها تنحني حتى لا تمنحهُ مساحة للاختباء ، كم انت عاهرة ايتها الارض ، هي الارض التي تطلب ثأر الجرذِ الذي اطاح به الغزاة فتمكن المتشبثون بالقشة – على غير موعد - ان يعتلوا ظهر السفينة التي ما ان صعدوها حتى خرقوها لتغرق من جديد ، هم الطالبون بثأر المآذن التي اسكتها ( حي على خير العمل ) ..
بحجم هذا الفراغ تساءل مالذي يحدث !! أهي غيبوبة سيفيق منها ! ام حقيقة مايجري !!
اجتهد كثيرا في ان لايتخلى عن بندقيته رغم شواجيرها الفارغة ، ربما لانها شرفه كما اخبروه ! او ربما انه خشي ان يُغَرَّمَ ثمنها – الذي لايستطيع دفعه - اِنْ نجى ويعرِّضُ نفسه للعقوبة !! كثيرة هي التصورات التي مرَّت به ، وكثيرة هي المواقف التي تسلقت الى مخيلته ، كأنما زمن من الركض مرَّ لم يدرك بدايته ، ويقيناً لايعلمُ ختامه ، ضابطُ السيطرة بنجمتيه لم تُفلِحْ معه التوسلاتُ في ان يصوّبوا نيران بنادقهم نحو حاملي الراياتِ السود ، وهم يدركون سلفا انه – الضابط - اقل قدرا من ان يواجه عدوا او ان تذهب به الحمية لحماية وطن ، هو من الذين تبرعموا من خاصرة المصالحة الوطنية وتسوَّروا اسيجة الخنوع التي احاط بها السياسيون كراسيهم خوف الانهيار ..
نهرهم بشدة : الاوامر تُوجبُ ان نعود نحو القاعدة ونخلي المكان ،
- لكنهم الان قريبون ، والانسحاب سيمكنهم من اللحاق بنا ومحاصرة القاعدة !!
كان شديداً هذه المرة : ومن انتم حتى تقولوا هذا !! ما انتم الا جنود وعليكم تنفيذ الاوامر ...
انصاعوا على غير رغبة منهم لتنفيذ امر الضابط الذي اوهمهم انه سيسبقهم بالعودة للقاعدة ، لكنه غادر الى جهة مجهولة ... ، تاركهم يلتمسون العودة بافئدة صفعها التوجس ، فالسواد يقترب كما غيمة ممطرة ستحيل الارض الى وحل .
عن كثب لاح لهم الدخان وهو يغطي ابراج المراقبة التي تحيط بالقاعدة فادركوا حينها ان جميع السيطرات غادرت اماكنها لتمارس نفس الدور في ان تفسح الطريق للمسلحين للاحاطة بها .... هي ( نَجْماتٌ ) أُخرَ بلاشك ، تمارس خيانتها ، معلومات مُسَرّبة ، اسماء مزورة ، ارزاق مقطوعة واسلحة لاتصلح حتى للصيد ...
ماكان على موعد مع حفرة الجِراءِ التي غادرت مكانها تحت وقع صوت الرصاص لولا تعثر رجليه ببعضهما ، تكوَّر فيها كطفل يلفُّ نفسه ابتغاء الدفء ، انحشر فيها بما لم يبقِ اثراً من جسمه خارجها ، الاصواتُ تقتربُ منه وثقلُ الخطواتِ على الارض حتى خالَهم انهم سيسمعون صوت دقات قلبه واضطراب جسده ، اغمض عينيه وهو يهمس لله ان يدفع عنه ما به ، الباحثون عنه يسالون الله ذاته في ان يحظوا به ويجدوه ...
يسمعهم وهم يحثون بعضهم على ان لا يتركوا منهم احدا ، ان يطهروا الارض من رجس الرافضين لحكم الرب ، الربُّ الذي انحازَ الى جانبهم على عادته ، هو ربهم وحسب .
اختلطت الاصوات ببعضها بالقرب منه ، كأنما اجتمع العالم كله هنا وبكل لغاته ، زاد من التصاقه بالارض حتى خُيِّلَ له انه اخترقها فما عاد يسمع صوتا الا همهماتٍ تخفتُ رويداً رويداً ،
هل غادروا ؟ ام انهم يخدعونه بهذا الصمت ليظهر فيقبضون عليه ؟
اصطفافُ اطفال الصفيح على طرفي الشارع وهم يلوّحون للرتلِ المتوجهِ من اقصى الجنوب حيث البصرة الغافية على بحارٍ من العوز وتلال من الاعين المهتضمة ، على بطون تطوي جوعها وتتوسد احلامها التي لم تتخلَ عنها اَثارَ النشوة بداخله فبدأ يلوّح لهم ويوزع القبلات كأنما بطل يتوجه لمنصة التتويج ، العباءاتُ المُتْرَبَةُ التي تطلّ برؤوسها من خلف جدران الصفيح اَخْفَتْ وجوهاً بلونِ التعبِ وهي تلوّح لهم بأذيال عباءاتها لتمنحهم العزيمة وربما هي تلويحات الوداع ، راى الوطن في كل هذه الاعين التي تحدق بهم ، راى امه فيهن فكانت اولَ الوجوه التي حطّت امامه في ظلام اغماضته ، تفرَّس في عينيها المغرورقتين بالدمع وخدّيها المخدشتين وهي تسمع انباء ما حدث لهم في ( سبايكر ) ، ايّ حزنٍ سيجلد روحها ! اي موتٍ سيأكلها تباعا فلا يُبقي منها شيئا ، اُمّه التي آثَرَتْهُ على روحها فاكتفت به بعد ان اَوْدَعَتْ اباه التراب ، التحفتِ العوز في كل شيء من اجله ، هل ستغفرُ له ذهابه عنها وهي من اخبرته انها ستقنع من التراب فراشاً ومن المعاش فتاته ، يكفيها ان تراه امامها دائما ....
اتستحقُ امّه ان يمنحها حزناً ابدياً ووحدة قاتلة !!!
مِنْ اجلِ مَنْ ؟؟
كم تمنى لو انه لم يُسَلّمْ تلفونه النقال لينصت لصوت امّه ، ليعتذر لها ، لتهدأ روحه التي تشتت مِلأ المكان ، امُّه وحدها مَنْ بوسعها انْ تُضْفي الطمأنينة على روحه ، لكنه الان سيتركها في مهبِّ الحزن تدفعها رياحُ الفقْدِ نحو سواحلِ الموت البطيء ، لَكَمْ انتَ خؤونٌ ايها الضابط حتى صوت امّي تصادره ، اغلقتَ ملفَّ اِدانتكَ مبكراً بمصادرتك اجهزة الهاتف ، كم انت عبقري في خيانة الوطن !
اَفزعهُ المشهدُ كثيرا ، حين خُيّلَ انه سيتم فصل راسه عن جسده حال القاء القبض عليه ، مؤلم بلاشك ، رغم يقينه ببراعتهم في قطعها ، هم بارعون في زراعة الموت ، المشاهد التي رآها كفيلة ان تثيرَ القيء وتوهنَ جسده ، ليته احتفظ بطلقةٍ واحدة ليتخلص من كل هذا الوجع ، وهل كان بوسعه ان يفعل هذا لو امتلكها !! انصافُ الشواجير هي كل ما منحوه اياه في مواجهة عدو يتناسل كخيبات هذا الوطن ،
الوطن الذي لا يُبقى في ذاكرته الا المنتفعون وما سواهم الى نسيان ،
يُحْكى انه بعد سنين عُثِرَ هاهنا على بندقية صدئة وبقايا عظام .....


الناصرية 15/11/2014



#عقيل_الواجدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهها آخر المارين / قصة قصيرة
- قراءة في ( فلسفة الطين ) للناقد وجدان عبدالعزيز
- قصة قصيرة / لحظةُ لقاءِ السكّين
- الصفعة / قصة قصيرة
- عربة الليل
- الوقت لايكفي لبناء حلم آخر
- ذاكرة الدخان / قصة قصيرة
- الشاعرة دادة عبيد والتداخل اللوني
- جمالية النص عند عامر عواد
- الاطر الفنية في حوار مسلح
- اتعفو وفي الارض نزفُ !!!
- حينما اشتقت لك
- وجع الأثداء
- فلسفة الطين / قراءة للناقدة عزة الخزرجي
- ميار
- فلسفة الطين
- مدن التشظّي
- سلال النارنج
- هناك حيث لا انا
- أُهدْهدُ سكينكَ التي طوَّحت بأحلامي !!!!


المزيد.....




- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الواجدي - الذي لم يصل ........ قصة قصيرة