أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - السيد شبل - إعلام خاص غير مؤهل، وحكومي بلا رؤية أو تخطيط (دراسة).. بقلم السيد شبل















المزيد.....


إعلام خاص غير مؤهل، وحكومي بلا رؤية أو تخطيط (دراسة).. بقلم السيد شبل


السيد شبل

الحوار المتمدن-العدد: 4729 - 2015 / 2 / 23 - 13:05
المحور: الصحافة والاعلام
    


لا نعرف إن كان أركان ومستشارو النظام الحالي يتابعون ما نكتب ويكتب غيرنا أم لا !. وإن كانوا متابعين فهل هم مهتمون ومتفاعلون بإيجابية معه، أم أن الأمر لا يعدو كونه مرورًا عابرًا، لإبراء الذمة، على ما يُنشر عبر المواقع والصحف الإليكترونية منها والورقية، من مقالات ودراسات !. وأيًا ما كان الأمر فعلينا أن نتابع ما نفعل بإلقاء الضوء على مواطن القصور، والإشارة إلى ما يستحق مزيدًا من الجهد، عسى أن نصل إلى واقع أفضل.

ولأن المرحلة حساسة للغاية، ولا تسمح برفاهية التردد أو المماطلة أو التباطؤ، فجدير بنا لفت الانتباه إلى ما يُتوجب العمل عليه بجد واهتمام أكثر، وليس هناك أولى بالاهتمام من ملف "الإعلام". والإعلام بالنظر إلى دوره الذي يتجاوز وظيفة الإخبار إلى الرقابة والتثقيف والتوجيه والإرشاد والحفاظ على الروابط بين أفراد الجماعة الوطنية في صورتها المثلى مع الدفاع عن مصالحهم العليا وإلخ..، يطرح العديد من التساؤلات حول الآلية والكيفية التي يرى من خلالها صانعو القرار والتوجه المصري حاليًا، إمكانية تحقيق تلك الوظائف. وما يجعل تلك التساؤلات تحلّق كثيرًا بحثًا عن إجابة فلا تجد، هي الأغلال التي يكبّلون بها أنفسهم - أي قادة النظام - حين يجعلون إصلاح أعطاب الخطاب الإعلامي رهن بأهواء ذمرة من رجال الأعمال يملكون فضائيات ذات مضامين متنوعة، ويعوّلون على أنهم سيتكفلون بعبء الإصلاح المطلوب عبر توجيه رسائل الاستعطاف حينًا، والترهيب - بطريقة غير مباشرة - حينًا آخر،.. ولكن هيهات!.

واستبعاد تحقيق إصلاح أعطاب الإعلام، والتي أحالته في عمومه إلى إعلام دجالي، ومتشعوذ، ومنبطح، وعشوائي بلا توجه ولا مراد، وتابع لأساليب المعالجة الخبرية التي تحددها وكالات الأخبار الدولية، على أيديهم (أي رجال الأعمال) ليس مرجعه إلى نواياهم، وإن كان لها اعتبار في بعض الحالات، أو لنقص في الكفاءات الفنية والأموال اللازمة لعملية الإنتاج ولكن مرجعه إلى: ((منطلقاتهم ومبادئهم التي حتمًا لا تضع مصلحة الجماعة الوطنية من حيث ما هي بتجرد تام، في المقام الأول. وإن بثت فضائياتهم برنامجًا أو أكثر يوحي بذلك، فهي بالتأكيد ستكون أضعف من أن تضع خريطة برامجية متكاملة، تنهض بالوظائف الإخبارية والتثقيفية والتوجيهية.. وإلخ بطريقة متناغمة وسليمة ومعتدلة، إذن فالسبب بوضوح هو غياب الرؤية الفكرية الشاملة التي ستحدد لتلك المواد الإعلامية خطوطها العريضة، وأطرها العامة، والدوائر التي تتحرك فيها، فلا يمكن لرجل أعمال من حيث هو صاحب تجارة أن يؤسس لفكرة استرتيجية عامة، وتوجه سياسي واضح يحكم آلية عمل مؤسسته الإعلامية، وهذا أمر طبيعي وليس فيه ثمة مفاجأة أو اتهام، فرجل الأعمال بالأصالة معني بمصالحه الخاصة وتماسه مع الشؤون العامة له حدود، بل ومن غير المقبول أن يمتد لأكثر من تلك الحدود، وإلا اختلط الخاص بالعام، ونشأت كيانات رأسمالية سلطتها أقوى من سلطة الدولة ذاتها، ومن ثم تجد السبل للنفاذ إليها وتوظيفها لخدمتها.))

ورجال الأعمال المصريين حين اقتحموا عالم الإعلام مع بدايات العقد الماضي، كانت أغراضهم متعددة، ويمكن أن نحصرها في التالي:

أ- الدفاع عن المصالح التجارية، وإيجاد نوافذ تحظى بنسب متابعة معقولة يبثون من خلالها موادهم الإعلانية.

ب- إحاطة مؤسساتهم الضخمة بأسوار ناعمة، تضمن لهم تحصينًا من نوع ما، عبر رسم صورة ذهنية إيجابية لهم في عقول متابعي محطاتهم الفضائية، أو عبر إنتاج برامج لمذيعين ذوي شهرة فيتحقق جراء ذلك ارتباط من نوع خاص بين البرنامج والقناة ومالكها.

ج- استغلال البرامج - السياسية منها - في لعبة التوازنات والمصالح والتنويع بين الحبال المسموح بالرقص عليها.

د- دوافع نفسية لدى أصحاب الثروات الضخمة جعلتهم يرون أن اكتمال الوجاهة لا يتم إلا باختراق الساحة الإعلامية وامتلاك فضائية أو أكثر.

هـ- العائد مادي ونشر أيدولوجية فكرية:
أما عن دافع تحقيق ثروة أو عائد مادي ملموس من وراء إنشاء الفضائيات، فإن كان متحقق للبعض، فإنه لا يصلح تعميمه كدافع. أما عن نشر أديولوجية ما فمن بين سائر رجال الأعمال المصريين الذين أقدموا على الإعلام الخاص لا نجد إلا واحدًا أقدم على الأمر في محاولة منه لنشر أيدولوجية -ليبرالية من نوع ما-.

وبناء على تلك النقاط الخمس والفقرة التي سبقتها، فإن أهلية ذوي الثروات، ملاك الفضائيات الخاصة، للقيام بالمهام التي يعول عليها رأس الدولة في هذه المرحلة، أمر مشكوك فيه إلى حد بعيد، وأن دورهم الإيجابي يجب أن ينحصر في أمرين الأول: التنويع والإثراء الإعلامي من خلال قوالب برامجية ترفيهية أو اجتماعية، الثاني: لعب أدوار تكميلية في سبيل تحقيق الوظائف المرحلية للإعلام (الإخبار- الرقابة – التوجيه – الإرشاد – الدفاع- الحفاظ على اللحمة الوطنية -...).

سببان آخران للقول بعدم أهلية الإعلام الخاص:

بقي سببان للقول بعدمية تلك الأهلية، وإن أعتبرا ثانويين لارتباطهما بفنيات العمل الإعلامي وتنويعاته وليس بالخطوط العامة التي تحكمه.

الأول: أن أكثر من نصف الفضائيات المملوكة لرجال أعمال متخصصة في بث الأعمال الدرامية أو السينمائية أو الغنائية أو مباريات كرة القدم ومتابعة النشاط الكروي، وأن العدد الباقي هي فضائيات منوعات (الفضائية ذاتها تبث موادًا إعلامية متنوعة)، وإذا قاربت نسبة الأعمال الدرامية التي تبث عبر هذا الصنف من الفضائيات لوجدتها بين 25 إلى 30 %، والنسبة الباقية تنقسم بين البرامج الرياضية، وبرامج المسابقات، وبرامج المطبخ، وبرامج الصحة (وهي في حقيقتها مواد إعلانية بصور مقنعة)، والمواد الإخبارية، وبرامج "التوك شوز"، ولا يحجبنك مواعيد بث برامج "التوك شوز" المُعتنى بها، والإعلانات المكثفة التي تدعو لمتابعتها، عن إدراك المدة الزمنية التي تحتلها في خريطة العرض. وإذا ما اعتبر هذا النوع من البرامج هو قطب رحى الفضائيات الخاصة في القيام بوظائفها الخبرية والتثقيفية والتوجيهية وإلخ -على اعتبار أن الوظيفة الترفيهية فرضًا تتكفل بها برامج المسابقات أو بعض الأعمال الدرامية-، فإننا، فوق ما نرصده من نقص في كفاءة وخبرة وثقافة بعض مقدمي تلك البرامج وتحلّيهم بسلوكيات مرفوضة بهدف جذب المشاهين إلى نافذتهم للحفاظ على الإعلانات، أمام واقع يصرخ بضآلة ومحدودية الوقت المخصص للإعلام الخاص للقيام بوظائفه المطلوبة منه.

الثاني: أنه لا توجد فضائية خاصة واحدة مملوكة لمصريين متخصصة بشكل كامل في الأخبار، وأن أغلب ما يمكن وصفه بالإعلام الخارجي الموجه الذي يستهدف أمن الوطن واستقراره، هو آتٍ من قنوات إخبارية متخصصة، وهذا سبب بالغ الأهمية، لا نلحظ أحد من المهتمين بالشأن الإعلامي يشير إليه بالقدر الكافي.

ومما سبق نخلص إلى أن الإعلام الخاص مادام لم يتسبب في أضرار مباشرة، فيكفيه ما يصنع من تنوع، لكن الوظائف الأصلية للإعلام، خاصة في مرحلة خطيرة كالتي نمر بها، ليست له بالأصالة، وليس هو لها، وإن كان من الوارد أن يقوم ببعضها بالتبعية. وأي سعي من جانب السلطة في هذا السبيل هو وضع للأمر في غير يد أهله، وليس في هذا طعن في وطنية أحد أو ما شابه، بقدر ما هو تشكيك في الأهلية، لأسباب موضوعية عددنا أكثرها.

وهذا بدوره يسوقنا للبحث عن السبل المطروحة كعلاجات لقصور المحطات الفضائية الخاصة عن القيام بالوظائف المطلوبة على وجه الضرورة مرحليًا، وعلى الوجوه العادية دائمًا. وإن كان البحث لا يصح من كونه يسعى لنيل علاج لقصور الفضائيات الخاصة عن القيام بوظائف، وهي بالأصالة ليست لها!. إلا أن الطرح يتماشى مع النغمة السائدة اليوم، ويحاول أن يبحث عن حل نهائي تبعًا لترتيب المسائل من وجهة نظر أصحابها. والعلاج بشكل عام للتساؤلات التي طُرحت من البداية لن يكون سوى الإعلام القومي، المملوك للدولة. والذي لا نعتقد في أهلية أي جهة أخرى للقيام بمهامه عوضًا عنه. ولكن هذا العلاج لا يصلح للتماهي معه، والترويج له، كشعار يدغدغ عواطف الناس المتشوقة لعودة التليفزيون المصري ليملأ فراغًا لم يقو غيره على سده، منذ أن شرعت أحواله في التقهقر على مراحل بداية من أوائل التسعينات. إذن فالأمر يحتاج إلى بحث عن الأسباب التي أدت إلى تراجع دور الإعلام الحكومي، ويمكن أن نجملها في الآتي، مع التنبيه على أن المسألة تحتاج إلى تفصيل، سيأتي دوره لا حقًا:

أ- تراجع دور الدولة بشكل عام، تكيفًا مع سياسات وإملاءات دول غربية، ترى في نفسها قائدة تسوق العالم نحو العولمة. وكان انبطاح الإعلام المصري وفقدانه خصوصيته صورة لانبطاح قيادة الدولة وتقهقرها نحو الدور الوظيفي الخادم لمصالح قوى الاستكبار العالمي في المنطقة.

ب- تخبط السياسة المصرية داخليًا وخارجيًا، وعدم وضوح المصالح والسياسات الاجتماعية والاقتصادية والإقليمية والدولية التي يجب للإعلام الدفاع عنها، وهذا جعل بدوره الإعلام الحكومي تابع وناقل دون تفسير أو تعليق لما تبثه الفضائيات الإخبارية الغربية، فيخدم عن عمد أو بدون السياسات التي تتبناها دول خارجية، خاصة مع تكبيل وتحجيم دور مكاتب المراسلات الخاصة بوكالات كالشرق الأوسط أو بصحف كالأهرام بزعم توفير النفقات.

ج- البدانة والترهل الوظيفي، وغياب التخطيط والتدريب والعدالة في تبوء المناصب، مما ساق بدوره لهجرة الكفاءات، وغياب الروح وانعدام الرغبة في الإبداع. ( سبب رئيسي ومحوري).

د- تعمّد بعض الجهات والأفراد من الداخل والخارج، في إفشال منظومة الإعلام الحكومي، استنادًا إلى أفكار ليبرالية، تسوق الإعلام في اتجاه الاهتمام بالصورة على حساب الجوهر والمضمون، وتحارب أي محاولة للحكومات المحلية في تطوير الإعلام المملوك للشعب والمعبر عنه ومصالحه وخصائصه الثقافية والقومية، بعيدًا عن الإعلام الوافد - المدعوم من حكومات غربية -. وكذلك استغلال حالة الإعلام الحكومي المتردية لأسباب بعضها خارجي وأغلبها داخلي، في خلق صورة ذهنية سلبية عن هذا النمط من الإعلام والتشكيك وفي كفاءته وفي ضرورة وجوده.

وإذا عرفنا السبب فقد بطل العجب من جهة، وقد شخصنا المرض الذي يجب علاجه واستئصال شأفته من جهة أخرى.. وعلاج الأمراض التي أصابت الإعلام الحكومي، والتي يحول بينه وبين القيام بأدواره -التي لا يقوم بها غيره -، يتطلب اليوم من السلطة وعيًا بأهميته وضرورته، وهو أمر يتشكك البعض فيه أحيانًا، حينما يتوجه الخطاب الرسمي في أغلبه إلى الإعلام الخاص، في الوقت الذي لا يُرصد فيه خطاب مماثل للإعلام الحكومي، ولا شك أن الأمر في الأخير لا يحتاج إلى خطابات وأحاديث بل إلى إجراءات وتكاليف، وهو ما لا يُرصد بدوره أيضًا، ويرجع السبب في الغالب إلى:

- عدم دراية بما يمتلكه الإعلام الحكومي من كفاءات وإمكانيات مادية وفنية -شرط إعادة الهيكلة والتأهيل- يمكن بها، الصمود أمام الغزو الإعلامي الخارجي بشتى أشكاله دون الحاجة لاستعطاف الإعلام الخاص.

- أن نهضة الإعلام القومي تتطلب تحديد الرؤية الاستراتيجية العامة، التي يجب أن يتحرك الإعلام في ظلها ومن أجلها، وهو ما تفقده السلطة الحالية أو تؤجل الإفصاح عنه، والرؤية هي التي تحكم العمل الإعلامي بداية من الخبر القصير مرورًا بالتحقيق والتقرير المطوّل وانتهاءًا بالبرامج الحوارية المطوّلة. فأي الأخبار سيتم التركيز عليها ؟، وأيها سيكتفى بعرضها باقتضاب؟، وما هو ترتيب الأخبار داخل النشرة؟، وما هي المصادر المعتمدة للنقل عنها؟، ومن هم الضيوف الذين يتناولون الأخبار بالشرح والتفسير؟، وما هي الثوابت الوطنية التي لا يصح بأي حال تخطيها؟، وما هي السياسية التحريرية التي يجب الالتزام بها عند صياغة الأخبار فمثلًا متى يكون المتوفى قتيلًا ومتى يكون ضحية ومتى يكون شهيدًا؟. ولا حظ أن كل ماسبق ليس فيه مفارقة للمهنية، أو إهداراً لحق المشاهد في المعرفة، لأنه كله يدور حول أسلوب معالجة الأخبار وتناولها لا بتزييفها أو إخفائها. وأي عارف بعلوم وفنون الاتصال والإعلام يوقن أن مختلف الفضائيات الخبرية الدولية تعالج الأخبار بحسب رؤيتها، وبعضها يزيف ويقلب الحقائق. ولا أحد يرجو للإعلام المصري القومي سوى أن يكون ذا هوية وتوجه ورؤية، بغير تزييف أو تضليل، فالأمر بوضوح تام: إن لم تكن صاحب توجه ما يحكم إعلامك وتوظف إمكانياتك البشرية والمادية لدعم استقلاليتك، فبالضرورة ستصير تابعًا للجهة التي ستنقل عنها، وهي حتمًا ذات توجه يخصها ويدافع عن مصالح حكوماتها.

- أن شعارات الليبرالية الحديثة وما تحدده من أطر ومسالك، قد استفحلت في المجتمع (أفرادً وقادة) للدرجة التي عطّلت بها رؤية أي سبل للخروج من المآزق العارضة والمتأصلة إلا من خلالها.
وربما يعود السبب إلى كل هذا مجتمعًا أو لغيره مما خفي عنّا.

كثيرٌ ما يسأل متخصصون بالشأن الإعلامي، في مقالاتهم ودراساتهم، عن مدى متابعة قادة النظام للإعلام بشكل عام، خاص وحكومي، خارجي وداخلي، وعن حجم الوقت الذي يخصصونه في يومهم للمتابعة ومن ثم التعليق والتفاعل. ويعتقد آخرون في وجود ارتباط شرطي بين متابعة القائد السياسي للإعلام وأهليته للقيام بمهام منصبه من الأساس، فهو من جهة عليه أن يكون متعرفًا على ما يوجهه إليه خصومه من تهم، وما يبثونه من دعايات مضاده لسياساته وإجراءته، ومن جهة أخرى عليه أن يكون ملمًا بما يعرضه إعلاميون محسوبون عليه كأنصار، أو معروفون في الوسط عامة كأصحاب رأي معتدل وجاد، ومن جهة ثالثة عليه أن يكون متابعًا ومحيطًا على وجه التمام لما يبثه الإعلام المملوك للدولة التي هو مُكلف بإدراة أمورها. وإن شئنا ترتيب الجهات السابقة من حيث الأولى بالمتابعة والعناية، فهي من أسفل لأعلى، فيكفي الرئيس مثلًأ قراءة تقارير عن إعلام خصومه، ومتابعة ما للإعلام (معارض ومؤيد) يتعرف من خلاله على نقاط ضعفه ومصادر قوته، أما إعلام الدولة فهو الأجدر بالعناية لأن ما فيه يخصه ويُعبر عنه، وهو مسؤول عنه مسؤولية مباشرة، على الأقل من حيث التمويل الذي يُقتطع له من الميزانية العامة للدولة. وهل بالفعل يحقق القطاع المصالح التي طمح الشعب في تحقيقها عندما خصص له من ضرائبه وثرواته العامة ما يفترض أنها تكفيه، أم أنه يدخل ضمن دوائر إهدار المال العام، بشكل أو بآخر ؟!.

وانطلاقًا من الفقرة السابقة، يليق بنا طرح عدة تساؤلات مرتبطة بالواقع المصري اليوم، وهي:

- هل جديًا يمكن لدولة يخطب قادتها صباح مساء عن حالة حرب تعيشها، مطالبين بأن تحتشد كل القوى لمجابهتها، أن تنفق كل تلك الملايين على قوى بشرية وميكنية شبه معطلة بالنظر إلى تأثيرها ؟!.

- ألا ينتبه المخططون للحملات الإعلامية التي يفترض بها التصدي، للدعاوي القطرية والتركية (مثلًا)، أن ما يواجهونه في هذه الدولة أو تلك لا يزيد عن فضائية واحدة، يمكن مواجهتها - فقط - عبر تقوية شوكة (النيل للأخبار)، وتحديد الأطر والرؤى العامة التي تعمل من خلالها، ودعمها بالعناصر البشرية والإمكانات الفنية اللازمة، ولا نظنها تفتقدهما، بقدر ما تفتقد التخطيط والتوجيه ؟!.

- هل يكون من المقبول، والطموحات تزداد يومًا بعد يوم، أن تكون مصر بلا إخبارية قوية تعكس رؤيتها للقضايا الإقليمية والدولية وتدافع عن مصالح شعبها، وتفنّد دعاوى خصومها، إلى جانب القيام بالدور الرقابي والتفسيري ؟!.

- هل يمكن أن نتقبل حديثًا عن ضرورة ترشيد الإنفاق ورفع الدعم، في ظل وجود نحو ست قنوات إقليمية (قنوات المحروسة)، وسبع قنوات متخصصة (قنوات النيل)، تخصص لها ميزانيات ضخمة، وأستديوهات حديثة، ومبان تكلفت عملية إنشائها الملايين، دون أن تحظى أغلبها بنسبة متابعة تذكر. وليس ثمة مبالغة عند القول بأن تسعين بالمئة من المشاهدين المصريين لا يعرفون أن أغلب تلك القنوات مستمرة في البث حتى اليوم، بل وانتقلت للبث فضائيًا ؟!.

وكحل لهذا نقترح الآتي:
أن تندمج هذه القنوات الثلاث عشرة مضافًا إليها (الفضائية المصرية والأولى والثانية والنيل ني تي في) في عدد محدود من القنوات ولتكن منها ثلاث للأخبار (واحدة خبرية عامة، وأخرى خاصة بالشؤون المحلية، وثالثة موجهة بلغات غير العربية)، وأن تظل قنوات النيل (الثقافية، والمنوعات، والرياضة، والدرما، والسينما) كما هي شرط أن تُنقح بالعناصر البشرية المتميزة من القنوات الأخرى التي سينتهي العمل بها، وأن توضع خطة عمل لتطوير تلك المحطات الفضائية، وإعادة هيكلتها، وتنظيم آليات العمل بها، للخروج بنتيجة تراعي بعدي الصورة والمضمون. على أن يكون إنشاء فضائيات أخرى أمرًا مرتبطًا بما تفرضه الضرورة لعدم تشتيت الجهد والإنفاق. ومن المتوقع أن هذا الإجراء سيكون له آثارًا سلبية (مؤقتة) على العاملين بقطاع الإعلام، فهو قطاع معروف بالبدانة الوظيفية، وكثيرون حتمًا من سيتم الاستغناء عنهم في حالة إعادة تقييم مستواهم المهني والمعرفي ومؤهلاتهم الذاتية على أيدى خبراء ومتخصصين (وهي الخطوة الأهم) أو إعادة تقييم حاجة العمل إليهم، وهنا لا بد أن يتحمل المسؤول عبء قراراته، وأن يواجه الرأي العام بخطته وأهدافه، ما دام يعتقد بصحتها، ولا شيء أصح من إصلاح فساد دام لأعوام أتخم دولاب الدولة بأفراد غير مؤهلين تم تعيينهم في وظائف مضافة لا ضرورة لها، وأغلبهم سلك طرق الوساطة والرشوة والمحسوبية ليحتل موقعه الوظيفي. وعلى الدولة أن تلتزم في هذه العملية بشروط منها:
- الالتزام بإعادة تأهيل وتدريب وتنمية قدرات ذوي الاستعداد منهم، ليتم توظيفهم لاحقًا في وظائف تتناسب وإمكاناتهم ومواهبهم
- مراعاة أحوال الموظفين الذين لا تسمح لهم ظروفهم الخاصة (كالإعاقة، أو الإعالة مثلًا) بإيجاد مصدر دخل آخر، وهؤلاء على الدولة أن تضمن لهم وظائف بديلة تناسب إمكاناتهم على وجه السرعة
- أن لا تتم هذه العملية في معزل عن خطة تنمية عامة تضمن ثبات نسبي في أسعار السلع والخدمات، ومشاريع جديدة تستوعب الطاقات البشرية، وأجهزة رقابية قوية تضمن التزام المؤسسات الرأسمالية بالتأمين على العمال وعدم الفصل التعسفي وما إلى ذلك...، والحديث في هذا يطول!.

خاتمة:

لأن "الإعلام" يلعب دورًا شديد الأهمية، حيث يُعد عامودًا من أعمدة الدولة، به تقوم وبخلل فيه تنهدم وتفسد، وجب الانتباه إليه، وإلى الآليات التي يمكن بها إخراجه من كبوته. ومن هذا المنطلق كانت تلك الدراسة التي أشرنا فيها عبر نقاط وتساؤلات وأطروحات، إلى الوظائف التي يفترض بالإعلام القيام بها، ومن هي الجهة المؤهلة بالأصالة للقيام بها؟ وما الذي ينقصها أو يحول بينها وبين القيام بتلك الوظائف؟. مدركين تمام الإدراك أن أي تقصير في الاعتناء بالإعلام أو متابعة أحواله وشؤونه بجدية واهتمام، يثمر ما لا تُحمد نتائجه، خاصة في مثل تلك الأوقات، وهي أوقات حروب ولا جدال.



#السيد_شبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الحوثيين وديماجوجية خصومهم !
- تسقط الحرية!.. بقلم: السيد شبل
- فخ مدة الرئاسة في دساتير (الربيع العربي) ! ..
- إعلام خبري بلا توجه يساوي صفر في المحصلة .. بقلم: السيد شبل
- السينما بين الابتذال والتغريب
- بيزنس الساحات الشعبية وإهدار الطاقات الشبابية
- هل يمكن بشكل واقعي الانتصار على الإخوان.. وكيف؟ (دراسة)
- أسماء القرى والمدن، ورُخص الباحثين!
- وعود السيسي، وأحلام البسطاء
- -السقا- الذي ارتدى ملابس رئيس الوزراء
- فؤادة أكثر -فرعنة- من عتريس!
- القضية الفلسطينية.. الحل في تبنيها لا الفرار منها
- بعيدًا عن فوضى الشعارات.. ماذا نريد من النظام القادم ؟
- -فلسطنة- الطابور الخامس !
- الانتخابات والإخوان ورجال الأعمال
- الإخوان وأمريكا (الشياطين الصغار في خدمة شيطانهم الأكبر)
- -صربيا- كلمة السر المنسية في أحداث العالم العربي
- قراءة في فرية دعم الفلول للسيسي..
- أربع سنوات مضت.. وأربع قادمة
- -نابوكو- والشرق الأوسط الجديد.. ما خفي كان عظيم !.. بقلم: ال ...


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - السيد شبل - إعلام خاص غير مؤهل، وحكومي بلا رؤية أو تخطيط (دراسة).. بقلم السيد شبل