أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - أبو بحر














المزيد.....

أبو بحر


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1319 - 2005 / 9 / 16 - 08:10
المحور: الادب والفن
    


كيف أبدأ رثائي لك يا كمال؟ وأنا الذي اعتاد على مخاطبتك في جميع الرسائل التي كنا نتبادلها بعبارة (صديقي الحبيب)؟
بماذا أخاطبك بعد الآن؟ هل أقول الفقيد الراحل!!!
لا يمكنني ذلك, فأنت باقٍ في قلوبنا وأرواحنا وعقولنا..
صديقي الحبيب كمال!
أيها الغائب, الحاضر أبداً... يا توأم أفراحي الكسيحة وأوجاعي المزمنة..
نصف قرن من التعب والألم والكفاح مرّ على وجودك ولم تنده بالآهة مرة واحدة!
تحمّلت كل ألوان العسف والظلم حتى من بعض أقرب المقرّبين إليك من أقارب ورفاق, ولم يزدك ذلك إلا تصميماً وصلابةً وعلمانيةً وتمسكاً بالفكر الذي تنتمي إليه.
أيها الحبيب! أدرك أن البعض سيفركون راحاتهم فرحاً, ويهنؤون بعضهم عناقاً وتقبيلاً, وسيضعون بالخط الأحمر إشارة x إلى جانب اسمك في أرشيفهم ويقولون: واخخ..! لقد ارتحنا من أحد أهمّ المنغصين...
وأدرك أن البعض سيهتبل هذه الفرصة ليستعرض عضلاته الثقافية والبلاغية, ويتحفنا بقصيدة ربما يكررها في كل مناسبة مماثلة..
لكنني أدرك تماماً وأنا على يقين تام, بأن الكثير الكثير من الفقراء والشرفاء في هذا الوطن سيقولون: لقد كان كمال مراد رفيقاً مخلصاً لنا..
اعذرني يا صديقي فأنا لا أجيد الفصاحة والكلام في حضرة الموت, بل لا أجيده حتى في الأحوال العادية. وربما يعود هذا إلى تراثنا القمعي, بدءاً من ديكتاتورية رب الأسرة وانتهاءً بقانون الطوارئ والأحكام العرفية وما يتفرع عنهما...
كمال! لن أنسى جسدك الصغير الذي كنتَ تتنقل بواسطته بين الأرياف والبلدان... في الصيف الحار والشتاء القارس.. اجتماعٌ هنا, وندوةٌ هناك. احتفالٌ في تلك الضيعة النائية.. واستعدادٌ لتوزيع "بيان" في ذاك الحيّ الممرغ بالفقر والتعب والآه .. سهرٌ حتى الصباح من أجل صحيفة (نضال الشعب) وبعدها من أجل (قاسيون) دون أن يعتريك أيّ كللٍ أو مللٍ أو شكوى..
كنت على الدوام إلى جانبي في مقالاتي الساخنة والتي تلامس بعضها الخطوط الحمر. تدافع عنها بكل ضراوة وكأنك أنت كاتبها.. وكلما زعلتُ من أسرة التحرير وحردتُ بسبب رفضها لبعض المواد التي أرسلها, كنتَ تتكفل بمواساتي ومراضاتي.. وكم كنت بارعاً في ذلك.
لن أنسى زغردة صوتك عبر الهاتف وأنت تنقل لي في كل مرة, خبر قبول زاويتي في صحيفة قاسيون بعد الموافقة على نشرها.. تحدثني بلهفةٍ وفرحٍ, كطفلٍ لاقى ذويه بعد ضياعٍ في زحمة المدينة..!
أيّ رجلٍ أنت ؟!
أيّ شيوعيٍّ نظيفٍ أنت؟!
أذكر أنه كان شغلك الشاغل في الآونة الأخيرة, الاستفسار اليومي هاتفياً عن صحة صديقك (مفيد) المقيم في الغربة.. وأذكر أنني كنت أتمشى وإياك على شاطئ البحر في آخر زيارة لك إلى اللاذقية. عندما عاتبتك على إفراطك الشديد في محبتك لذاك الصديق, وتكبّدك المصاريف الباهظة في متابعة صحته. أجبتني وقتها: هذا مفيد يا عزيزي! لقد حملتُ لقبَ (أبا مفيد) تيمّناً به. صدقني لا أستطيع النوم إذا لم أسمع صوته!
نعم هذا هو كمال مراد الإنسان .. الذي تسامى إلى درجة القداسة في هذا الزمن الرديء!
آخ يا أبا بحر! كم كان غيابك صاعقاً وموجعاً!
لقد رحلْتَ باكراً!
رحلْتَ وما زالت الرؤوس النتنة لم تحطّم بعد!
رحلْتَ وما زالت رائحة الفساد تخنق الوطن..
نمْ هنيئاً يا حبيب!
لن تحمرّ عيناك الحزينتان بعد الآن من رؤية القهر والألم في عيون المستضعفين..
ولن تكظم وجعك وأنت تحاور الرفاق بضرورة تطوير أساليب النضال, بدءاً من جريدة (قاسيون) وانتهاءً باعتماد نهجٍ أكثر قرباً والتصاقاً بهموم الفقراء وتطلعاتهم..
كمال!
أيها البعيد كالحرية, القريب كالهمسة..
أيها الصادق كدمعة طفلٍ, الواضح كالفقر في بلادي..
المجد لك..
الخلود لك..
سلامٌ لك وعليك.. والصبر والسلوان لنا ولذويك..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على وشك الإحباط
- عمل ثانٍ
- الحلاّف
- سلحفاة المعلم
- !كان ... وما زال
- هايل أبو زيد
- السياسة والأسطورة
- الشغل... مو عيب
- هل أنا على صواب..؟
- حتى في الصحراء...؟
- ملح الحياة
- الرهان
- استراتيجيا... ديماغوجيا
- يوميات معتقل سياسي بعد الإفراج عنه
- الكوز والجرّة
- إلى معلمتي... سابقًا
- إلى من يهمه الأمر
- أنا أسعد منه
- جمهورية الفرح الشعبية
- عزاء مُعتبر


المزيد.....




- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - أبو بحر