|
هل السُّنة وحي كالقرآن ؟ [ج2]
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 00:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
°°°هيمنة السنة
°°المتصفح لكتب التراث ، يجد صعوبة كبرى في الوصول إلى دقة المعلومة وصوابها لغياب الوثيقة التي تعد الدليل الأكبر للخبر ، فمعظم الأحداث الإسلامية الكبرى لا نجد لها نصا أصليا ، فأين [ وثيقة صلح الحديبية ] ، وأين وثيقة [دستور المدينة ] وأين الوثيقة الأصلية [ للعهدة العمرية ] ........ الخ .
°°فكتبنا التراثية تستند بالأساس على الإسناد الخبري والعنعنة ، بما فيها من عيوب ، وما يدور حولها من شكوك ، وكل ما ينبني على ظن مآله التصدع والإنهيار لأنه مبني على أسس واهية مظنونة ، فتقليب الصفحات بين الكتب يبين أن اختلافات كبرى شابت الفكر الإسلامي وقلما يجمعون على شيء واحد ، فعلم ( الجرح والتعديل) ، له هفوات ، فهو يركز على عدالة الرجال وإهمال متن ما قاله الرجال ، والصواب هو وزن المتون قبل وزن الرجال ، لأن القاعدة الفقهية تقول [ أعرف الحق تعرف أهله
°° بدأ تدوين السنة متأخرا جدا على تدوين القرآن ، فإن كان القرن الثالث الهجري هو زمن التهافت الحديثي ، فإن القرن الأول والثاني الهجريين كانا فيه التهافت القرآني الذي ملأ الأفاق الإسلامية ، فلم يكن للحديث النبوي سوى البينة والسند المعرفي لتوضيح أبعاد الآيات القرآنية ومضامينها البعيدة ، غير أن انقلابا برز في الأفق بعد بروز اجتهادات أولت عناية فائقة للحديث[ القولي ] و[الفعلي] و[التقريري] فتضخمت المنظومة وأنتجت متونا عرفت بالصحاح والمسانيد .
°°°التمكين للسنة .
التمكين للسنة تشريعا أنتهج سلوكا متناميا في الإستقلال والهيمنة ، فقد كانت في الأول [ مهادنة ] مسايرة للنص القرآني تشرحه وتوضحه وتبرز مبهمه ، ثم تطورت لتكون [مساوية ] للقرآن في المنزلة ، وسرعان ما حدثت طفرة نوعية ونزق ظاهر في محاولة الفوز بمرتبة أعلى من القرآن في التشريع ، وهي ما يمكن تسميته بطفرة [السنة قاضية على الكتاب ؟] .
وقد أورد ابن القيم أن علاقة السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:
أحدها : أن تكون موافقة له من كل وجه ، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتظافرها .
الثاني : أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرا له .
الثالث : أن تكون موجبةً لحكم سكت القرآن عن إيجابه، أو محرمةً لما سكت عن تحريمه.
1) توافق السنة مع القرآن . فهو تطابق وتوافق في المعنى والمبنى بين القرآن الرباني والسنة النبوية ، فالآية ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ترجمتها السنة الحديثية عن رسول الله قال : (اتـقوا الله فى النـساء فإنـهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) .
2) أن تفسر القرآن وتبينه :
فالسنة هنا تلعب دور التفسير والإفهام للنص القرآني ، فهي تبين تفاصيل الأحكام التعبدية (صلاة ، زكاة ، صوم ، حج) ، وتزيل الإبهام عن بعض التعابير القرآنية مثل الظلم الذي استشكله الصحابة في الآية ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ) وبينه الرسول بأنه [الشرك]، أو انها تقيد المطلق كما في حكم قطع يد السارق اليمنى من الكوع لا المرفق، ...... الخ .
3) أما النوع الثالث فهو زيغ واضح وتعد مفرط على صلاحيات المشرع [الله] ، فقد سار هذا الرأي عكس التوجه القرآني ، فإن كان الوفاق ظاهرا في نوعي التطابق والتوافق والإفهام والتفسير ، فإن غلوا برز في تكشير السنة لأنيابها ليس تساويا مع القرآن ، وإنما استقلالا بالتشريع ، وجعل السنة قاضية على القرآن مثل ماورد عن أبي إسحق الفزاري عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال :السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة (أنظرمسند الصحابة في الكتب التسعة ـ جزء52 الصفحة 206) ، والسنة ناسخة لإحكام القرآن مثل [ومذهبنا أن السنة قد تنسخ القرآن ؛ لأن كل واحد منهما من عند الله ينسخ ما شاء منهما بما شاء منهما ولأنا قد وجدنا كتاب الله قد دلنا على ذلك ، وهو قوله فيه : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم (النساء 15) ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك( خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) أنظر مشكل الآثار للطحاوي ــ جزء1 الصفحة 256
، وبلغ الإستقلال مبلغه حتى صارت أحاديث الأحاد الظنية ناسخة لكلام الله ، والسنة مستقلة بالتشريع ، وبلغ الشطط أن قيل بأن من لم يتبع السنة فقد كفر .
النتيجة : السنة التي حاربها الجيل الأول من الصحابة حتى لا تختلط بالقرأن وتنافسه ، استرجعت أنفاسها في العهدين( الأموي والعباسي ) لأنها سبيلهم لتمرير أمانيهم التي عجزوا عن تمريرها أما م صلابة القرآن الذي تكفل الله بحمايته من عبث العابثين ، فضربوه بالسنة لتمرير فكرهم البشري السياسي ، فتطورت السنة من مواكبة للقرآن وشارحة لمضامينه إلى مساوية له ، ثم قاضية وناسخة له .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل السُّنة وحي كالقرآن ؟ [ج3]
-
المستشرقون و الإساءة للقرآن .
-
آية الرجم التي أكلها العنز ؟!
-
الصدام بين الإسلام والغرب [2]
-
الصدام بين الإسلام والغرب [1]
-
كيف الرد على المسيئين لديننا ونبينا ؟ .
-
بأي ذنب سيُعدم ( ولد امخيطير ) .
-
محمد الشيخ وخطر الإعدام .
-
كمال داود ودواعش الجزائر .
-
كمال داود والهوية الجزائرية .
-
يناير الأمازيغي ، بين الترسيخ والتفسيخ .
-
مالم يقله القرآن .
-
الإسلام بنظرتين…. تقليدية وحديثة .
-
حول الأمازيغية…. وترسيمها القاتل ؟
-
هل اكتشف الأمازيغ أمريكا قبل كريستوف كولمبس ! ؟
-
لماذا التضييق على خبر انتكاساتنا ؟
-
الحرب على طوبونيميا (Toponymie )الأمازيغ .
-
ما ستخسره العربية بعد ترسيم الأمازيغية ؟ .
-
ترسيم الأمازيغية لن يكون غدا .
-
مخاطر [ تجذير ] الهوية العربية الإسلامية في تونس .
المزيد.....
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
-
“عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي
...
-
شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه
...
-
الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|