أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - الطيب آيت حمودة - الحرب على طوبونيميا (Toponymie )الأمازيغ .















المزيد.....

الحرب على طوبونيميا (Toponymie )الأمازيغ .


الطيب آيت حمودة

الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 13:47
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الطوبونيميا هي علم ، وفرع من الألسنة ، يهتم بدراسة أصل المكان وعلاقته باللغة الحالية أو اللغات الأقدم التي كانت سائدة ، وهو القاعدة الخرسانية لعلم الجغرافيا .
وهي من الأدوات الكبرى لحفظ اللغة والتاريخ والحضارة، إنها الذاكرة الجماعية في صورتها الحية والناطقة . والبحث في المجال الطوبونيمي هو نافدة جديدة تطل على التاريخ بمختلف تجلياته اللغوية والسياسية والحضارية .
والطبونيميا وإن كانت في جوهرها علما محايدا ، إلا أنها تأدلجت بدورها وأصبحت أداة للهيمنة فهي لا تخلوا من (الدفء الإديولوجي) أو (التأويل السياسي) ببعد إستراتيجي ، مثل المقاربة السياسية الرسمية عندنا ذات البعد العروبي الذي يقضي بعروبة الفضاء المغاربي وانتمائه اللامشروط للأمة العربية ..

أنا لا أريد الخوض في علم الطبونيميا وتفرعاته ودراسته لمختلف أوجه التسميات ذات العلاقة بالمكان ، وإنما أريد أن أوضح علاقة (الطوبونيميا ) بالهيمنة الوافدة على بلاد الشمال الإفريقي من القديم إلى الحديث .

فالإستخراب أو الإستدمار ليس له وجه واحد في الهيمنة وطمس الذات المحلية ، وإنما هو بأوجه متعددة وأسلحة متفرعة ، وإن كان له وجه ظاهر في الهيمنة على مقدرات المكان وقتل ساكنته بمبررات مختلفة (كما هو الشأن في ( تغردايت) أي (غرداية )، أو استعبادهم بأبشع الإستغلال الممكن والمتاح ، فهناك وجه آخر تدميري أخطر لكل ما هو أصيل للأمة الأمازيغية عبر تفاعلها مع الوافدين .

°°°صراع الطوبونيميا :

كل الأمم تسعى للحفاظ على مكونها الحضاري والثقافي واللساني بما فيه الطوبونيمي، فتلك أسس إبانة الأمة ، وروموز مجدها وأثالتها في التاريخ ، فكثيرا ما تحدث الأزمات بين الدول بشأن التسميات الطوبونيمية ، كما هو الشأن في صراع ( العرب) و(الفرس) على تسمية الخليج بينهما، أهو خليج عربي؟ أم خليج فارسي ؟ أو الحزازات الواقعة بين فرنسا و بريطانيا على تسمية البحر الفاصل بينهما أهو: البحر الأنجليزي؟ أم هو بحر المانش؟ ،

°°°الطوبونيميا الأمازيغية المُستهدفة .

تعرضت أسماء الأمكنة في بلاد ( تامزغا الكبرى ) إلى هجمات شرسة مفترسة لكل مقوم محلي ، بدأ من عهد الرومان....... وصولا للفرنسيين ، فقانون المنتصر لا يرحم المنهزم أبد ا ...... في حياته ... وبدنه ... ولقمة عيشه .... ورموزه وذاكرته ، ووجدانه . فما أن تمكن الرومان من بلادنا قديما حتى استبدلوا أسماء الأماكن بأسماء لاتينية ، ومثلهم فعل العرب والفرنسيس ( لغايات إديولوجية ) مفادها امتلاك الفضاء المكاني ، ليس العيب في تسمية (الأمكنة المستحدثة ) في عهدهم وبمجهودهم ، وإنما الخطأ في محو التسميات القديمة للمكان واستبدالها بأسماء أخرى أرادها المتمكن المهيمن كإستراتيجية إثبات ملكية المكان ، وسأحاول تبيان الأسلوب التدميري للأمكنة المغاربية الأصيلة عبر مقاربتين هما ، الفرنسة والعربنة .

°°° الإستدمار الفرنسي وتدمير الطوبونيميا الأمازيغية :

التواجد الفرنسي بشمال افريقيا كان بدافع استرجاع الممتلكات الرومانية ، وسياسته الإحيائية للتراث الروماني (أموقادي ، كويكويل ، لامبيز ، ....) يدخل في هذه الإستراتيجية التي تريد أن تقول بأن فرنسا هي وريث طبيعي وشرعي للمتلكات الروم والبزنط ، وهي قد سعت مثلا منذ نجاح غزوها للجزائر 1830 إلى جعل البلاد قطعة من فرنسا مثلها مثل (الغوادلوب ، والرونيون ، وكاليدونيا الجديدة ، المارتنيك ، غويانا ..... ) فالجزائر بمنظورهم هي [ جزائر فرنسية ] وطبيعي أن يغرسوا فيها طوبونيميا فرنسية ، فانقلبت التسميات بقرارات إدراية تعسفية إلى أسماء فرنسية ، فمدينة (الشلف) الحالية على سبيل المثال أطلقوا عليها إسم ORLEANSVILLE وعنابة .وُشحت باسم : Bône و بقايت أصبحت . . BOUGIE....... الخ[1] ، فمسخت الطوبوناميا الأصلية لبلادنا التي أصبحت أوروبية فرنسية في تسميات المكان ، وهي سياسة الإلحاق بغرس جذور الثقافة الفرنسية ، فجميع المدن والقرى الجزائرية أصبحت بأسماء فرنسية ( قادة عسكريون ، رجال سياسة ، رجال دين ، رجالات الفكر ) وكأن السكان الأصليون الذين لقبوهم ( بالأندجينا) بلا هوية ولا تاريخ ولا ثقافة ، وما إن استرجعت الجزائر سيادتها بعد كفاح طويل خلدته دماء الشهداء العظام حتى بدأ محو الذاكرة الفرنسية ، فاسترجعت الكثير من مدننا وقرانا تسمياتها لكن ليس الأصلية وإنما في صيغتها المعربة .

°°° الشوفينية العروبية [2] ومحاولات طمس ( طوبونيميا) الأمازيغ .

التواجد الفرنسي في الجزائر سبقته تواجدات سابقة مهيمنة ( تركية وقبلها عربية) ، باسم الإسلام ، وقد وظف الدين الإسلامي بامتياز في تعريب الأمكنة والإنسان ، وحتى فرنسا الإستدمارية ساهمت في ذلك عبر تأسيسها للمكاتب العربية التي أوكلت لها مهام إعداد سجلات الحالة المدنية في العشرية الأخيرة من القرن التاسع عشر ، فاستبدلوا ( ايث ) الإمازيغية التي تعني أبناء باللفظ العربي ( أولاد) ، فأصبح ايث يحي ، أولاد يحي ، و ايث مليكش ، بني مليكش ، ايث عبد الله بني عبدالله .... في محاولة لجعل الناس كلهم عروبية ؟ [3] ، وما أن استقلت البلاد حتى أطل علينا [بعبع العروبة] الذي غذته طلائع القومية العربية من أمثال عبد الرحمن عزام [4] ، و ساطع الحصري [5] و شكيب ارسلان [6] ، وجسده في دنيا الواقع جمال عبد الناصر في ستينات القرن الماضي .
وبدل أن يحس أصلاء هذا البلد بحقهم الهوياتي ، ارتفعت عصا القوة في كبح جماح الحق ، ففعل الجزائري بالجزائري ما فعلته فرنسا بهما معا ، فأغلقت أبواب الحريات ، فاستمر طمس طوبونيميا البلاد بشكل أفدح وباسم (العروبة والإسلام ) فحملت عديد المدن تسميات عربية بدل المحافظة على اسمها الأصلي ، فالقيروان مثلا كانت تسمى بالأمازيغية ( تيكروان ) ، وبويرة كانت تسمى (ثوبيرت ) و بجاية كانت باسم بجايث ( الجيم المصرية ) ، وتمنراست أسمها الحقيقي تمنغست ، وأذرار أنجرجر ، غدا جبال جرجرة ،...... فالكثير من التسميات الأصلية حورت لتصبح عربية لتوحي لعوام الناس بأن هذه البلاد عربية أصيلة وما هي في الحقيقة كذلك ، فلو فتحنا تحقيقا عن مسخ طوبونوميا المغارب من سيوا مصر شرقا ، إلى الكناري غربا لوجدنا العجب العجاب ، ولوجدنا أن العروبة فعلت فينا ما فعلت الفرنسة بالتمام والكمال أو أزيد لآنها توشحت برداء الإسلام . .


خلاصة الكلام أن الثقافة الدخيلة المهيمنة تسعى دائما إلى إغراق و طمس هويات الشعوب المهزومة ، فصراع اللغات والثقافات والهويات هو وجه من الوجوه الخفية للحرب ، وطمس التسميات الأصيلة التي دونها التاريخ في ( معاجم البلدان ) يكشف حقائق مروعة عن دناءة المحتلين في حق المكان الذي أوَاهم من حيف الزمان ، فتعريب المكان ما هو إلا استنساخ لما فعله الأوربيون في انسياحهم على العوالم الجديدة ( بالنسبة لهم) ، في افريقيا واستراليا وأمريكا ، فتصفح بسيط لأطلس العالم يوضح وكأن العالم الجديد هو موطن [ للجنس الآري ] وليس للهنود الحمر من الأزتيك والأنكا والأباش ، وأن بلاد تامزغا هي موطن أصيل[ للجنس العربي] فأسماء مُدنه وأوديته وأنهاره وجباله وترعه .... كلها أسماء عربية من قحطان وعدنان ، صدق من قال بأن اللغة هي قلب الهوية .



-----------------------------------------------------------------------------------------
[1] أنظر كتاب QUAND L HISTOIRE CHANGE LES NOMS DE LIEUX ، Michel Malherbe

[2 ] ليس المقصود بها العرب وإنما المقصود بها ه النزعة الإديولوجية القومية التي حاولت تلوين الأمم غير العربية بلون العروبة استقواء بهم لبناء وهم زائف اسمه ( البعث العربي) وأكثر الناشطين فيه للأسف أمازيغ منهم محمد عابد الجابري ، وعثمان سعدي ، أحمد بن نعمان ... الخ .

[3] شاهد الفيدو : كيف تكون عروبيا ، https://www.youtube.com/watch?v=QXnH9SRiYzk
[4] عبد الرحمن عزام أول رئيس للجامعة العربية ، له تاثير كبير في عروبة الشمال الإفريقي عبر ثلاث شخصيات مغاربية نافذة مصالي الحاج ، عبد الكريم الخطابي ، علال الفاسي .
[5] منظر القومية العربية .
[6] شكيب ارسلان كان لا يؤمن بعروبة الشمال الإفريقي ، لكنه ساير المد العروبي فيه لغاية مد جسور التقارب بين المشرق والمغرب الإسلاميين .






#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما ستخسره العربية بعد ترسيم الأمازيغية ؟ .
- ترسيم الأمازيغية لن يكون غدا .
- مخاطر [ تجذير ] الهوية العربية الإسلامية في تونس .
- تجذير [الناشئة ] في هويتها العربية الإسلامية بتونس؟ ! .
- العرب أصلهم أعراب ، والأمازيغ أمة بجميع مقوماتها .
- مخطوطات مكتبة الشيخ [ الموهوب أولحبيب ] بتلا وزرار ، بني ورث ...
- الإخوان في طريقهم إلى إجهاض ثورة 25 يناير .
- الحضارة الإسلامية ... سكونٌ أم إقلاع ٌ ؟
- الفيلم المسيء للرسول ، أهو صراع بين (الطورو ، والطوريرو) ؟ .
- علمية الباحث الإسلامي في الميزان .
- عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ الجزء الثاني ]
- عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ ج1]
- عندما يكون البلهً هم أكثر أهل الجنة ؟
- [بابا مرزوق ] المدفع الذي أكل كبد فرنسا .
- لبلويت ( الزرق )BLOITE
- لماذا أنا مؤيد عرض مسلسل عمر الفاروق ؟
- عملية الطائر الأزرق .( Opération oiseau bleu )
- أهو مغرب عربي ...؟ أم مغرب كبير .
- البردُ قاتلُنا ، وحولَنا حقول الغاز تفورُ .
- حديث(الأئمة من قريش) الذي مزق أمة الإسلام .


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - الطيب آيت حمودة - الحرب على طوبونيميا (Toponymie )الأمازيغ .