أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء الشكرجي - من «عصفورة حريتي» - لقائي ونفسي















المزيد.....

من «عصفورة حريتي» - لقائي ونفسي


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4692 - 2015 / 1 / 15 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


من «عصفورة حريتي» - لقائي ونفسي
ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org

بغداد 18/12/2004 (دينيا: تأصيل مرجعية العقل | سياسيا: الإسلامية الديمقراطية)

عندما تنبهني الصدفة
عن ذهولي وغفلتي عن نفسي
لألتفت إليها
وأعي حضورها
فألتفتُ إليها
وتلتفت إلي
فتحدثني وأحدثها
بعدما نكون
سرعان ما نتعرف على بعضينا
بمجرد التفات كل منا إلى الآخر
ثم وعيه
بأنه ليس آخر
بل هو الذات
فتكتشف نفسي
أني لست إلا هي ذاتها
وأكتشف أنا
أنها ليست إلا أنا ذاتي
فتكونني وأكونها
لا أجدها إلاي
ولا تجدني إلاها
وتغيب الاثنينية
لتحضر الواحدية
عندما ننصهر في بعضينا
بعدما نكون قد انتزعنا
أنا وإياها نفسينا من المحيط الخارجي
الذي هو عالم غفلتنا عن بعضينا
أي ذاتينا التي هي ذات واحدة
فنغور في داخلَينا
الذي هو داخل واحد
في خلوة أختلي فيها خلسة من الواقع بنفسي
وتختلي نفسي في تلك الخلوة خلسة بي
ثم نتحاور
ونتساءل
فأسألها وتسألني
أسألها عنها وعني
وتسألني عني وعنها
ثم نقف كلانا نحن الواحد الثنائي
أو الثنائية الواحدة
عند سؤال
لا أدري أأنا الذي طرحته عليها
أم هي التي طرحته علي
أم هو الذي طرح نفسه علينا الواحدين
ألا هو لو دُوِّرت عجلة الزمن
إلى ما قبل الآن
وقبل أن يكون شيء
اسمه خلف أو أمام زمني
حيث يكون الآن المعيش
فعلا لمّا يكن بعد
بحيث تكون الفرصة ما زالت
أن نصنعه قبل أن يصنعنا
أو يصنع نفسه
أو تصنعه الصدفة
فنملك أن نصنعه
أن نصوغه من جديد
قبل أن تصوغه الصدفة
أو يصوغه الزمن
أو يصوغ هو نفسه
ونحن الاثنان الواحدان
غافلان عن صيرورته
فما الذي سنخطط عندها له؟
وما الذي كنا سنجري عليه
من تبدّل أو تحوّل أو تغيّر سابق لصيرورته
كي يكون كما نحب أن يكون
لا كما كان
وإذا ما سألتني عندئذ
كيف كنتُ لو خيرتُ سأصوغ كينونتي
لكان على الفور وبمحض التلقائية جوابي
كنت سأصنع من نفسي
وأصوغ من ذاتي
ثلاث كينونات لم أكنهن
ولكن من كل منهن شيء ما فيّ في العمق
كنت سأكون فيلسوفا
وشاعرا
وفقيها
كنت سأصنع مني كينونة الفيلسوف
لأن الفيلسوف
هو الكائن الكامن الدفين
في أعماق دواخل ذاتي
والذي لم أكتشفه
إلا بعدما اكتشفني في وقت متأخر
شاخت فيه
ملكات الذكاء
والإبداع والصناعة الفلسفية
ولذا بقي الفيلسوف فيّ يحبو
بل هو دون سن الحبو
إنما هو لمّا يزل يرضع
من ثدي الفلسفة المحجوبة عن الوعي
في عمق كوامن اللاوعي
يرضع لبنها
ولما يُفطَم
ليتذوّق النكهات المتنوعة
لصيروراتها وتماهياتها وتلاوينها
وكنت سأكون شاعرا
لأن الشاعر هو الآخر
كامن في كوامني ودواخلي وخوالجي
ولأن الشعر هو ذلك الكؤون
الذي يختزن في مكنونه ماهية الإنسان
في بعديه الداخليين
إذ الشعر يختزن الفكرة في تأملاتها
كما يختزن الخلجة العاطفية
في اعتمالاتها
يختزن الفكرة ويختزلها
في صياغة لغوية بديعة
امتزجت فيها الحكمة بالجمال
امتزجت الأفكار نتاجات العقل
بالجماليات الجذابة المرسومة
بريشة النفس الشاعرية
بكل آيات الدفء للإحساس الإنساني
بكل حالات سكينة الهيجان العاطفي
وعنفوان الهدوء والسكون النفسي
لأن الشعر ما هو إلا قلب نابض بالفكرة
وعقل معتمل بالعاطفة
فتكون العاطفة
هي العقل المفكر
وتكون الفكرة
هي القلب النابض بدفء العواطف الجياشة
نعم في الشعر يتمازج القلب مع العقل
والفكر مع العاطفة
حتى لا يدري العقل
أهو القلب النابض دفءً عاطفيا
أم العقل المبدع أفكارا وعبرا حكيمة
كما لا يدري القلب
أهو الغائر في عمق تأملات الأفكار
أم هو المتدفق بدماء الإحساس
في عروق وشرايين الوجدان العاطفي
وكنت سأكون فقيها
لأحرر الفقه من سجن الموروثات
وأفكه من أغلال المألوفات
وأطلق سراحه من زنزانة المشهورات
ولأشرعن تمردي المشروع
على الخرافة والغلو
والتطرف والخدر والتسطيح
والقوالبيات المدمرة للإيمان
والإنسان
والمعاني القدسية المتسامية
والسلام
ولأعيد صياغة الفقه
في بوتقة روح الإيمان والعقل وقيم الله
رب الخير والجمال
ثم لو استدارت عجلة العمر بعكس اتجاه سيرها
لتحط رحالها عند بدايات طفولتي
لقلت لطفولتي
ثم لصباي
فمراهقتي
فبدايات شبابي
ألزموا مكانكم الزمنيّ
حتى أعجل
بسرعة لمحة من لمحات البصر
أو ومضة من ومضات النور
إلى المستقبل
الذي هو حاضر هذه الكلمات
لأقطف سريعا ثمار رشد الشيخوخة
وفي طريق رحلتي الخاطفة عبر الزمن
أقطف من كل ثمرة
من ثمرات كل الراشدين قبلي وبعدي
ثم ها أنا ذا عائد التو إليكم
من فوري هذا
معلما ومربيا لنفسي
فأكون أنا المعلِّم والمتعلِّم المعلَّم
على يدي معلِّمه
وأنا المربي والمتربي المربَّى
على يدي مربيه
اللذين كل منهما هو هو
أي أناي أنا
لأن ليس من له أن يعلمني
ويربيني
من بعد الله ربي
إلاي
لأني وحدي
أعرف نفسي ودواخلها
بعقدها وأمراضها
وعناصر ضعفها وانحدارها
وبعناصر قوتها وألقها وملكاتها
وليس من معلم ومرب
خير من معلم ومرب
يعلم قوة وضعف معلَّمِه ومُربّاه
أو متعلمِه ومتربيه
إذن لو كانت طفولتي اليوم
شاخصة أمامي
أو كنت شاخصا أمامها
بحضور أمسي في لحظة آني
أو حضور يومي ولحظة آني في أمسي
وهكذا لو شخصتْ أمامي مراهقتي
أو شخصتُ أمامها
وكذا مطلع شبابي
لربّيتُني على غير ما رُبّيت
وعلمتُني على غير ما عُلمت وتعلمت
ووجهتُني في بعض ما وُجِّهت وتوجهت
لغير الوجهة التي توجهت
ولاكتشفت عناصر قوتي
لأوظفها حيث ينبغي لها أن توظف
ولسيرتها في المسار الذي ينبغي لها
ولتعرفت على عناصر ضعفي
فعالجتها وجبرتها
إلم يكن على نحو المعالجة
والجبر الكليين
فبمقدار أقصى الميسور والممكن والمتاح
وبقدر ما تقدر عليه ملكاتي
التي وهبها لي الله
خالقي وفاطري وربي وهادِيَ ومربِّيَ ومعلمي
ولكن مات الفيلسوف فيّ
ومات الشاعر والفقيه*
ولم يبق من كل منهم
إلا صورة الفيلسوف
وظل الشاعر
وشبح الفقيه
نعم بقي من الفيلسوف
بعض من تأملات العقل الغائر تارة
والمحلق أخرى
والقاصر العاجز ثالثة
والمعزّي نفسه بوعيه بقصوره وعجزه
وبقي من الفقيه
بعضٌ من ملكات الاستنباط
الفاقدة للكثير من ركائز القاعدة
وقلقُ المعرفة عن أسرار اللامفهومات
وبقي من الشاعر
أو لعلي أقول الفنان
روحه وبعض من شفافيته
وعشقه لكل معاني وتجليات الجمال
وبقي لي من ذا وذا
ازدواجيتي
أو لعلي أقول ثنائيتي
من خلال روح الحرية المسؤولة
الكامنة في دواخلي
والطافحة أحيانا نفحات إلى خارجي
حيث تريدني حرية الشاعر والفنان
أن أحلق وأحلق
في فضاءات الانعتاق اللامحدود
وتشدني
مسؤولية الملتزم الرسالي العقلاني
إلى الأرض
إلى الواقع
فتكبلني
بل أكبلني نفسي بنفسي
بقيود المسؤولية
وقيود الأخلاق وقيود العقل
وأحيانا قليلة بقيود الورع والتقوى
فكيف أجمع بين التوق للطيران
محلقا في أعالي الآفاق والفضاءات
المفتوحة أبدا إلى أعلى بلا حدود
وبين الانشداد إلى أنواع الالتزامات
في واقع الإنسان
الذي لا أملك أن أنفصل عنه
لأني سأفقد إنسانيتي
وأضيّع وجودي
إذا ما انفصلت عنه
وعن دموعه وجراحاته
وتساؤلاته اللامجاب عليها
إلا بمحاولات إجابة تائهة
بين تأملات العقل ونفحات الروح
التي نفخ الخالق فينا منها
بعد أن سوانا طينا
ناطقا سائلا شاعرا عاقلا
لطالما غفل عن نفحة الروح
فكان ظلوما
وعن تأملة العقل
فكان جهولا
إنها الازدواجية
أو لا أدري لعلها الزوجية أو الثنائية
بين قيد المسؤولية قاتل الإبداع
وتحليق الشاعرية والفنانية
قاتل مسؤولية وتبعات الرسالة والأمانة
ولكن حيث لا زمن يعود
ولا فرصة
إلا ما بقي من مجهول الفرصة
ولا حلم ولا خيال ولا مثال في الواقع
ولا إمكانية انفصال عن هذا الواقع
إلا بلحظة الأجل المحتوم
ولا جمع بين لابدية التحليق
وحتمية الانشداد إلى واقع حياة الناس
كما لا تفكيك بينهما
وحيث الضعف والعجز
والقصور الأبدي
إلا أن يشاء رب القوة والقدرة والإبداع
سبحانه من جميل مبدع للجمال
حيث كل هذا لا حل له إذن
إلا باستحضار الحاضر الذي لا يغيب
ليسكن القلب أبدا
وليملأه وحده
ولكن هل لي إلى تحقيق ذلك من سبيل؟
إن كان الجواب لا
وهي لا بلا شك
فما هي بـ (لا) مطلقة
إذن علي إلى ذلك ما استطعت
وما توفيقي
إلا بمن كنت ميتا فأحياني
وجعل لي نورا أمشي به في الناس
ولم يدعني كمن هو غارق في الظلمات
ليس بخارج منها**
إلا من بقايا ظلمات النفس
الأمارة بالسوء
والتي لا تتبدد إلا بالرجاء
وما الرجاء
إلا هو وبه ومنه وإليه وفيه ومعه
سبحانه من جليل جميل
ألق علي سمي

*: وهو وحده الذي لا أريد تلقي التعازي على موته.
**: عندما انتقلت من الإلحاد الذي بقيت عليه لخمسة عشر عاما، وبعدما مررت لما يقارب السنتين باللاأدرية، ثم تحولت في شباط 1977 إلى الإيمان بالله وبالدين الإسلامي، متأثرا بكتاب لمصطفى محمود، كنت أشعر أن النص القرآني "أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها"، ينطبق عليّ وكأنه نازل فيّ.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من «عصفورة حريتي» - تأنسنيات
- من «عصفورة حريتي» - حقيقة الكؤون الإنساني
- من «عصفورة حريتي» - تعنيف للذات
- من «عصفورة حريتي» - تشكيلات أخرى للحرف
- عاصمة الحرية پاريس تهتز لجريمة الجهاديين
- من «عصفورة حريتي» - تشكيلات الحرف على لوحة الوجود
- من «عصفورة حريتي» - ستة أعمار لو يهبُنيها الله
- من «عصفورة حريتي» - هذيانات القلم
- من «عصفورة حريتي» - التمزق في مركز تجاذب القوى
- من «عصفورة حريتي» - ضجيج القلم
- من «عصفورة حريتي» - تعريف بقلم جديد
- من «عصفورة حريتي» - كلماتي تأبى تنتظم شعرا
- عصفورة حريتي - مقدمة المؤلف
- سؤال: «سني أنت أم شيعي؟»
- عصفورة حريتي ... وقلق الزقزقة
- عصفورة حريتي - إهداء
- في ألمانيا تظاهرات ضد الإسلام وأخرى تستنكرها
- درس للعراقيين: أول رئيس وزراء من حزب اليسار في ألمانيا
- الإسلاموي أردوغان يرفض المساواة للمرأة
- أثر التعاطي الثقافي في تقويم سلوك السياسيين


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء الشكرجي - من «عصفورة حريتي» - لقائي ونفسي