الرموز المشعة

شعوب محمود علي

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 21:12
المحور: الادب والفن
    

في تاريخ البشريّة تألّقت بعض النجوم
شقّت طريقها في المدار الفلكي
كانت أكثر لمعاناً
غطّت مساحات شاسعة من ظلام الأفق البشري
انفرد النجم الأوّل في الأفق
لقشط طبقة الرماد المتحجّر
فوق جدار البصيرة البشريّة
بقوّة أمسك مقبض السيف
لفك عنق العبد المستباح ..
في الملعب الروماني
كلّ زاوية من زوايا ذلك العصر المنحط , والمتخلّف
تصبغها دماء ضحايا الأعراق
الهذيان..
الهلوسة ..,
تهريج الأقزام البشريّة..
يغمره فرح حيواني موروث
عن الغاب الأبكم
لأبجديّة حيوانات غير مدجّنة
شرسة ومتوحّشة
بعيدة عن سواحل الأنهار الحضاريّة
و ضفاف التمدن
حيث لا شرعة إلّا شرعة القتل
ولا رقصة إلّا رقصة الموت
أفق موغل في الظلام
الضحيّة تتشبّث ..
خطوة فخطوة
من السفح لسلّم الارتقاء
لتقف على قاعدتها التي تليق بجوهرها
حيث يشاء لها الله
سبار تاكوس
أوّل من تمرّد على النظم الوثنيّة السائدة
رضع الحليب الأسود
لم يغرس ذباب سيفه
في نحر عبد ملوّن..
لدفع نسغ الحبور
لعروق المتغطرسين الأباطرة
الإمبراطوريّة الرومانيّة
رماحها مسدّدة إلى السماء
وهي تقطر دماً
تضيق بها الأرض
سبارتاكوس نكّسها للوحل..
حقّق ثورة العبيد على الأسياد
مرّغ تاريخ الجبابرة
من همجيّي عصر الفوضى
بدمهم الفاسد
حفر على الرخام الأبيض
وعلى لحاء الاشجار المعمّرة
سيرة الإنسان الأسود
حقّق الدورة الفلكيّة
في زمن تجهل القبائل المتوحّشة
القواعد الراسخة في الأعماق
ليقفوا عند حدودهم
لكي لا يدوسوا بأعقابهم جبهة الملوّن
ظلّه..
قيم الأسود
مجد الأسود
الفلك الأسود
دار دورته غير المعهودة
سخر من هيبة الإمبراطوريّة..
من أبجديّتها المختلقة
وقوانينها الجافة
الساقطة كورق الأـشجار في الخريف
الرؤوس المغطّاة بالتيجان
تنزّ منها دماء العبيد
كانت متخمة بالقش..
حاولوا تغطية أشعاع ثورته
في بانوراما الجنس البشري
مع تعاقب الليل والنهار
ابارك غاليلوغاليلي
حين خرج من قاعة إحدى محاكم التفتيش الكنسي.
وهو يردّد
ولكنّ الأرض :
ما زالت تدور..
خيط الزمن يمتد
من سبارتاكوس
(لعلي بن محمّد العلوي)
رحم التاريخ لم يعقم
لم يشح بظهور نجم في سماء البصرة
فضّي الهالة
عربي التكوين
قاد قافلة زنج يجهلون لغة العرب
يتحرّكون بالإشارة
كان علي بن محمّد العلوي
يكظم غيظه
طغى المد
فجّر قلب الصخر
تصدّى لجور مالكي الأراضي البور
أجّج في الملح النار
لزرع الحرائق في محيط البصرة
كان السباخ
ساحة الكرة
لملعب الثورة
الإعصار هزّ الدوحة العبّاسيّة
كاد يطيح بثمارها الفجّة
وقناديلها الآيلة إلى السقوط
إلّا أنّ تيّار يمين المتغطرس
وثعبانها الملتف على النخلة العوجاء
كان يبعث صفيره المدوّي ..
إلى جانب الأبواق الكريهة
الأقلام استمدت حبرها
من سموم الأفاعي وهيبتها
من غدر الذئاب
حاضنة الخلافة ..
كانت تنتزع السنابل السوداء
من حقل أفريقي
لاستنباتها في البصرة المشتعلة بالملح
من فوق ترابهم
يخلعون قسراً
لخارج حدودهم..
خارطتهم ..
يشوّش عليها التمويه الجاهلي العبّاسي
لكي ينسون وتنسى بطاقتهم..
طبعة أصابعهم..
سماتهم ..
لون جلودهم..
عطرهم الخاص بهم..
خلاصتهم ..
أرادوا لها أن تكون
قطعة سكّر
تذوب في قدح ماء يغلي
جمرة تطفأ في قزحيّة العين
انتزاعهم عنوة
مصادرة أرادتهم
إدخالهم للجحيم
لا فردوس حتّى على ورقة تين ..
ينامون على وسادة شوك عذابهم
ليس من ينصت لتوسّلاتهم
تحويلهم إلى آلات صمّاء
سكب الملح على جراحهم
نظرة السادة إليهم
من عقب الأمراء
ومن حدوة حصان أجرب
كونهم طبقة لا تستحق المراجعة
والمناورة الرخيصة
حيوانات أليفة
تساق وتقاد
كدواب لا حول لها ولا قوّة
اتّقد فتيل الثورة
في شرايين علي بن محمّد العربي العلوي
خطى على طريق الثورة الدائمة
لبشائر الفجر
ومطلع الشمس
كانا على الطريق واحد
علي بن محمّد العربي العلوي
وسباتركوس
هزّ الدوحة العبّاسيّة
كاد يطيح بمنابر التسلّط والطغيان
ولكن : أزلام المجتمع العبّاسي
من سماسرة الإمبراطوريّة العربيّة
وتجّار السحت الحرام
والمنتفعين من المتزلّفين والدجّالين
وغلاة النعرة العرقيّة
من بدو الحضارة العربيّة
شهروا سيوفهم
وسدّدوا رماحهم
خارج قوسي الشهامة القبليّة
تحرّكت الأقلام المدفوعة الثمن
فكان تكفير الثورة وهرطقتها
عزلها عن حياض الدين
وضعوها في خانق المروق والإلحاد
لعزلها عن الجماهير, وركب الثورة
وبذلك تسنّا لهم نحرها
على مذ بح الانحراف والدكتاتوريّة العربيّة
تحت جبّة الدين
وخيمة المتطفّلين المتستّرين
الذين يرتدون قمصان التمويه
من ديناصورات العصر القديم
كما نرى ونسمع
ونشم روائحهم الكريهة الآن
في محميّات القرود
تزداد الولادات بشكل طردي
ومحميّات إجهاض الثورات
لها نواديها
ومؤسّساتها
لمصادرة الهويّات
ولغسيل أموال السحت الحرام
ورمي الوثائق التي تدينهم
لأعماق المجهول
وتزيف الوقائع
لتبرئة يهوذا الإسخريوطي الطائفي
قبلة الثعبان
مفارقة لازدواجيّة العصور
منذ ثورة سبار تاكوس
ولما بعد ثورة زنج البصرة
أُدرك يومي الذي أعيشه
والقرين يلاحقني كظلّي
في وطن اسمه العراق
في بواديه المترامية الأطراف
في القرى والقصبات
في المدن التي انتهكها الطواغيت
وسرقها الأذناب..
لم ينقطع خيط التواصل
بين على بن مجمّد العربي العلوي
وإبراهام لنكولن
اغتيل هذا الجبل يوم جمعة الآلام
الحزن سربل كلّ إنسان في الولايات المتّحدة
بكاه الجميع إلّا الشواذ
ممن يخزنون الكراهية لكلّ كوكب لامع
في سماء الإنسانيّة
أجل بكاه الجميع
السود , والبيض , والهنود الحمر , والمهاجرون
قطار جنازته يعول فوق سكّة الحياة
يئن , وينوح .
لثمانية أيّام متتالية
بلياليها الحزينة
لإلقاء نظرة الوداع ..
من قبل محبّيه
قطعها من واشنطن إلى مثواه الأخير
ليستقرّ جسده المتعب
لقد أرهقه الدوران
وأتعبته العواصف..
كان الرمز الشامخ لكل الخيّرين في العالم
لم يغب طيفه عن قطار مستقبل الولايات المتّحدة الصاعد..
الكل يتشبّث لارتقاء سلّم المجد
أما لنكون:
فكان المجد يرتقيه سلّماً ليحصل على شرف الصعود
لأعلى ذروة
لناطحات سحاب دولة متقدّمة في كلّ مضامير الحياة
مهنته لا تستهدف المال
كانت لديه معايير:
لرصد, ولعزل ما هو جدير بالإدانة أو الخلاص
كانت المحاماة :
جسراً بين الفردوس والجحيم
نجمة العدل تستقرّ على جبينه
كان كلّ شيء يعنيه
الأرض وما عليها..
كره سفك الدماء..
استنبت التسامح
انتزع القتاد من الصدور
حارب حين كان لابدّ من الحرب:
بين الشمال والجنوب
قلبه خيمة على الجميع
نسجت بخيوط القز
تضم الأرض وما فيها
كان يخلع الشوك عن الجلد
قلبه مثل قدح يطفح بالحب
لم تخرج عن السياق المدان
الأصابع التي ضغطت على الزناد
لتشعل النار في رأس الحكمة
عند اشتعال الحرب بين الشمال المقتدر..
أدرك انّ الإصلاح بعيد المنال
كان يدرك في أعماقه
ما تجرّه الحرب على الوطن..
(((لا قيام لدولة
نصفها حروب
ونصفها مستعبد)))
عند وصوله القمّة
أصدر قرار إلغاء العبوديّة
كان تتويجاً لباكورة أمجاده
كان أمّة في وطنه
ليستقرّ جسده في مثواه الأخير
ولتصعد روحه من تحت الرماد
كعنقاء تضمّ تحت جناحيها
الهنود الحمر
وقوافل المهاجرين
ممن ألقت بهم الأمواج
لسواحل بعيدة عن أوطانهم.
وما زال الخيط يمتد بشكله الحتمي
من ابراهام لنكولن
إلى الدكتور الّلاهوتي
السياسي الثائر
مارتن لوثر كنج
(((قالوا لجمال الدين الأفغاني
إن للمستعمرين أذناباً
قال لو لم يجدوكم نعاجاً
لما كانوا ذئاباً)))
مارتن لوثر كنج
غاص في موج الطوفان
سبح في جحيم البراكين
دعا إلى تجانس الألوان
غطّي الشوارع بالنهر البشري المحتج
منحت له جائزة نوبل للسلام
وهو بين فكّي الموت
كان رجلاً وديعاً
في صدره تكمن العاصفة
ينفجر الغضب
كأنّي أسمعه يهتف
حوّلوا فوهات البنادق
إلى حناجر تغنّي للحرّيّة والحب
لننزع مخالب النسر
ورماح الدعلج
وأنياب الذئب
في المحميّات الامريكيّة
فيتنام حوريّة من حوريّات الأنهار
والجزر القصيّة
دعوها تسبح في مياهها الإقليميّة
مارتن لوثر الحالم
يعشق تمثال الحرّية
وما حفر على قاعدته
من نداءات شفّافة
تبعث عطرها الفردوسي
بلغة شعريّة نسيجها الدفء
والعواطف الفيّاضة بالحب
للضاربين في التيه
والباحثين عن ملجأ
يقيهم جحيم الصيف المشتعل
وبرد الشتاء القاتل
الدكتور مارتن لوثر كنج
يعشق الأبيات الشعريّة الجميلة
إلى جانب عشقه للعالم
الدكتور الأمريكي المنحدر من اصول أفرقيّة
تجلّه الأرض
وتفخر به السماء
يأبى أن تتأقلم الشتلات الأفريقيّة
في خريف دائم
الكهنوتي الثائر
يشتعل غضباً وغيضاً
يقف كجبل بالضدّ من التميز العنصري
كل الألوان لها جماليّتها
ينشد أناشيد دمج ألألوان في نسيج واحد
الّلون الأسود يقف تحت الشمس
إلى جانب ألألوان الأخرى
في برّية الخالق العظيم
لم ولن يهضموا تحرّكاته
أصحاب البشرة البيضاء
من فصيلة العيون الزرق
أمر اغتياله دبّر سرّاً
موته انتصر على حياتهم
عرف على صفحات التاريخ بحروف من نور
عكس من حشّية جماجمهم بالروث الحيواني
ذهبوا مجهولين تحت القمامة..
نجمه تألّق في جبهة المعارضة
مكانه تحت الشمس
في القبّة البشريّة
علم يتقدّم مسيرة المجتمع المدني
دعا إلى مقاطعة حافلات الفصل العنصري
قال(((أسوأ مكان في الجحيم
للذين يقفون على الحياد
في أوقات المعارك الإخلاقيّة العظيمة)))
دوّخ الساهرين على حماية القوانين القاصرة
والدساتير الخدّج
الموروثة عن جاهليّة الأعراق القديمة
قبل اكتشاف ماهيّة الأشياء
وتقدّم الموكب البشري الصاعد
لقمّة افرست المعرفة
رجّ ناطحات السحاب
قاد مسيرات المجتمع المدني
مارس العناق مع الصقور
مثل طيور أليفة
نفّذ وصايا المسيح ..,..,
دون الإعلان عنها
في مسيراته الاحتجاجيّة
كخطى المهاتماً غاندي ..
في معارك الّلاعنف
لرفع راية الملوّنين أمام البيض
على قدم وساق
كالند للند
مثل كفّتي الميزان
ليس من قوّة تبقي الملوّن عبداً لأبيض
داس على الشوك
نزفت قدماه دماً يغلي كمرجل
لم يتوقّف..
ولم يراوح
داخل الدائرة
خرق جلد التاريخ
ودرع المكان السميك
ذلّل كل العقبات
دار دورته الفلكيّة
ليخرج إلى الهواء الطلق
ليلقي بالقيود, وسلاسل العبوديّة
في برّيّة العميان ..
وليضع الشمس
على قاعدة (غاليلو غاليلي)
ليعدّل الانحراف
منذ حام وسام
يعيد إلى الأذهان
كيف مالت الأبراج
أكّد على تساوق الليل وانهار
لا ينبغي لأحدهما سبق الآخر
كلّ هذا حدث في مسيرات الدكتور الشهيد
مارتن لو ثر كنج
عبر مسيرات احتجاج المجتمع المدني..

شعوب محمود علي

#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات