أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - ديوان احجاية جرح















المزيد.....



ديوان احجاية جرح


شعوب محمود علي

الحوار المتمدن-العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 07:26
المحور: الادب والفن
    


ديوان احجاية (ديوان إحجاية جرح)
أرجو أن تتقبّلوا بصدر رحب حينما أعانق بعض الكتابات
التي شقّت طريقها بيساريّة ووطنيّة نادرة بين حارقي البخور
لطاغوت العراق الذي حاول أن يكسر قوس الشمس بمصادرة عقول فنّانين ونحّاتين وكتّاب وشعراء
مما دفع الكثير من الشوامخ للنفي الاختياري , او الهرب من
الوطن ليسلموا بجلدهم . كان الطاغية أشبه ب(سانومي) في تجريف كلّ من لا ينحني تحت رمحه : والقليل القليل ممن وقف بعيداً عن متراسه, أو لاذ بالهجرة وغادر موانئ الوطن , وقامات النخيل . وقد شمل الطوفان الجميع إلّا من رحمه الله .
على مشارف عراق الثورة ولغة الإنتفاض والتمرّد ينسحب ليل الطغيان تاركاً آثار الوحش وبصمات الموت عند شواطئ
الأنهار.
والتحديق في بؤر الليل يتيح لنا قراءة أسفار قدماء العراقيّين تارة على صفحة برديّة وطوراً على صخرة حفرتها يد ماهرة في تركيز الإزميل , وضربات المطرقة المحكمة . لقد قدّم لنا العراقيّون تراثاً ضخماً وشامخاً في مكتبة الحضارة منذ ملحمة جلجامش ولحد سقوط آخر دولة لبني العبّاس . كانت ينابيع الفكر تتدفّق على أديم الليل لتحيل الظلام نهاراً يشعّ على غابات الأرض ويحفر صخور ظلام العالم بإزميل من النور.
(((إطلالة على كوى النيران لديوان احجايةجرح)))
لقد رانت على شعر الفصحى والشعر الشعبي عقود سمّيت بالفترة المظلمة
حيث تحطّمت إحدى حلقات السلسلة المنتظمة حبّات النجوم
, يوم نمت أعشاب الجهل في أرض المعرفة العريقة وضرب الظلام الستار على مركز الإشعاع ومولد الحضارة.
لم يمت الشعر على شفتي الشاعر بانحسار المعرفة وذبول اللغة في بحيرة المجتمع الراكد .
لقد أصاب الشاعر الضمور إلّا إنّه واصل المسار متعكّزاً
على اللغة المضرّبة بدمامل المفردات الأعجميّة.
ومنذ ذلك الزمن ولحد الآن أصبحت اللغة العامّيّة مركز جذب ومحوراً
لكثير من شعرائنا الذين ارتقوا سلّم التعليم . ولكنهم تعاملوا
بالّلغة العاميّة.
وبعد نهاية الحرب الكونيّة الثانية . واكب الشاعر العراقي موجة التطوّر الشعري بشكليه العامي والعربي
متأثّراً بتدفّق الفكر الغربي , و بجيل ما بعد الكارثة , جيل العطب والدخان والألم الهارب بأجنحة الرومانسيّة والانغمارفي الثورة التجديديّة للشعرالى جانب
فوضى العالم في المدن الصناعيّة واحتدام
الصراع الطبقي العاصف برائحة البارود وموج
الإضرابات والثورات التي اجتاحت العالم,
إلى جانب لغة القارون الساحقة بطاحونها الفولاذي جباه أقنان العصر الآلي.
إنّ أيّ مجتمع في العالم يعجز عن استثمار خيرات الحضارة
الجديدة دون شرورها . فالريح التي تدفع بالسفن ألى شاطئ
التطوّر لا يمكن لأيّ من الأشرعة المفتوحة لاستثمار الريح
دون جيوبها التي قد تلد العاصفة المميتة .
لقد اصطبغ مجتمعنا بلغة اليأس والهروبيّة إثر ما خلّفه الدمار
الشامل وساعد أكثر فأكثر المذياع , والصحافة المرتبطة بشرايين وكالات الأنباء العالميّة . في مثل هذه الظروف
القاتمة والمخيّمة على سوح المجزرة الرهيبة . وقف أدبنا على أقدامه المرضّضة وقد أدّى دوره الهام في تحريك المجتمع متجاوزاً أشواط الفترة المظلمة,
لقد فجّر الشاعر باللغة الحادة والتوجّه الجريء والمصبوغ
بالصبغة اليساريّة ثورة جديدة في المضامين والأُطر والصور التي لم يألفها القارئ وعلى أساس حركة تطوّر المجتمع, واعتماداً على قوانين العلم المادي , ومروراً بتّيارات الفكر المعاصر نتحسّس
الحقيقة التالية ( نحن منجرفون بفعل اندفاع أمواج أُقيانوس
العالم أردنا أم لم نرد) وملامستنا تبدأ من شاشتي السينما والتلفزيون والمذياع , والكتب والصحافة .هذه الأدوات
تضعنا على محك التفاعل الشعري بشكليه وقد قفز قفزة عملاقة على لوحة حركة التطوّر . إنّ بعض شعراء الشعر الشعبي يسيرون في الدروب غير المطروقة في عالم التراكيب الجديدة , ومن هنا كتب لشعرنا بحدّيه المرهفين
الدهشة والتجاوز..
والشاعر شاكر السماوي متمرّد على القيم والعلاقات السائدة
في المجتمع المتخلّف حضاريّاً يجذبنا بقوّة مغناطيسّة الحياة من خلال طروحاته الشعريّة في ديوانه المشبوب بشواظ النار اللاذعة لجليد الروح وحوافر الشمع للجياد المراوحة على دروب المحنة وخيبة المصير. إنّ إصرار شاعرنا
يتخطّى أصرار بطلنا الاسطوري جلجامش في بحثه للحصول على سر الخلود والصعود للصفوف الأماميّة في موكب الآلهة,
هو يشجب ترك الصخرة السيزيفيّة على السفح دون وضعها
على قمّة التضحية . و ينكّل بالذين يخشون المرور على قناطر الهاوية صوب جراح البراعم للوصول الى الفردوس.
وبين سطور ديوانه تنتصب شاشة الزمن حيث يلوح الشاعر حارثاً صحارى اليباب بأظافر الإصرار والمواصلة لبعث التاريخ في ولادة متكاملة غير قابلة للإجهاض أو الموت المبكّر لتهيئة المناخ الملائم. لقد أخرج أصابعه الصوتيّة
من جوف قبر اللغة ليحلب ضرع الشمس فوق صخرة الليل.
انّ شاكر السماوي جرم تنكّر لكلّ قوانين السكون في مدار الموتى . فأبجديّاته وسمت بالجبن التغلّب بدموع النساء,
والتصادم بالاعتماد على القلم سيفاً والقرطاس جزيرة تحمي
المهدّدين من شدقي الطوفان الرابض على أعتاب المدن.
فقصيدته (قسم الفارس) تشعّ منها نجوم التفاؤل والاصرار على المواصلة الدائمة والتأكيد على المواجهة والأخذ بزمام الحياة وتطويع ما استعصى على من فشلوا في الوصول لنقطة الهدف .
( دفنته اوجيت
كبل ما كاع بيتي اتكوم تطردني
او تعوف البيت
وحقك ضي الجدي البيه يا نبي توضّيت
دفنت اكراب سيفي او جفّنيت بدم
وجيت أدهم
يشكّ الريح بعنانه ويعت كلّ الفجر فجره
يشك سجّه ابسواد الليل
كل فارس عليه ايفوت من تظلم
يسيفي سيف حك اوثار..
كل غاشم علىه يرهم.)
هذا القسم انطبع وشماً على قلب الشاعر النازف أسفاً مشبوباً
بالمرارة والأسى.وهو يصوّر دفن غمد السيف بالعبارات الدالّة على الحسم في اختيار المعركة الفاصلة التي لا تقبل التسويف او المماطلة. انّ من يكفّن الغمد بالدم يملك المبادرة
لاقتحام ساحة المعركة كما يملك مصيره لابعادها غير مبالي
ساعة الاستشهاد او الانتصار طارداً وسوسة التردّد واشباح الخوف وهاجس الجبن. اجل هذا الجواد يشطر امواج الموت
ويخرس صفير الريح بغضب ثوري ليدرك الفجر قبل حلواه الزمني, هو يخلق مبرّرات التمرّد قبل صعودها لقشرة الأحداث القادمة. شق السكّة بحوافر الخيل في الظلام ليفتح
لنا البوّابة السرّية لحل رموز طلّسم البوصلة ليوتوبيا عصرجديد تبطل فيه كلّ لغات المخلوقات دون لغة
الانسان.. الذي يرث الارض بحدّي السيف والحكمة .
(اجيت انه.. اشك الموت
يونس موثكل ضيمه
يبحر الما يردّ الموت
هذا انه مضيف الجاع
هذا انه درب للضاع.
يطرق الشاعر بوّابة الصمت على امل بعودة يونس جديد
يرفض الاستسلام لحكم القدر , والمتمدّد في جوف الحوت
والصورة مطابقة تماماً فيما لو قورنت بخسارة النبي يونس
في عدم استجابته لتوبة القوم . وبين من تنكّروا لنداء الحقيقة
ودفنوا رؤوسهم في رمال العصر تاركين اجسادهم هدفاً
للصيّادين. والشاعر يطرح مساره مضيفاً للجائع وساحة للضائعين فوق خارطة التاريخ. وقصائده فيها الكثيرمن الصور المتداخلة , والطاقات المتفتّقة بالابداع الاخّاذ
والطرح الخصب والنماء الثري الذي يفيض على حجم الحروف المرصوفة لحيّز الديوان . يضعنا الشاعر شاكر
السماوي على سكّة الحياة قرابين لعجلات قاطرة الموت
ومن موتانا يبعث الحيا, هكذا نراه لا يستقر لحظة حتى ولوكان في غفلة من الزمن انّ قصائده تعبّر عن ديمومة الصراع الحاد في رحم المجتمع وشخوصه تطرح نفسها
ثقيلة ثقل الم هجرة الانسان للوطن والاستشهاد تحت كل سماء وعلى كل شبر من الارض. الشاعر لا يسقط عن شفتيه
قدّيس الثورة واسطورة العصر الحديث المتمايز بالصراع الحاد لنصرة المظلومين في جبهة اليسار ذلك النجم المشع
على طريق الثوّار ليس في دول امريكا اللاتينيّة بل شقّ
مشعله ظلام اسيا وافريقيا ان لم اقل كل العالم باسره.
بل بعد ر
رحيله سيبقى اسطورة وارمزاًلقائماً على هرم الثورة ضد اشكال الاستعمار الجديد والامبرياليّة ذلك هو
ارنستو جيفارا. فشاكر السماوي يدور مثل جرم حول ذلك القمر . ومن ثمّ ينعطف الى الجبل الضخم محمد مهدي
الجواهري وهو روح الثورة وعنف الاعصار الكاسح لجبهة الاقزام وهو ينشد وانّ القيود

على معصميه مفاتيح مستقبل زاهر. ومن ثمّ يطرح روح المأساة ووليد العذابات بدرشاكر السيّاب المجدّد وصاحب انشودة المطر ومن ثمّ يعرّج صوب المتنبّي .
دهر انت مر بيك الدهر
يكبر.. او من تكبر.. صغر
اجل هكذا يصف المتنبّي الذي يكبر مع مرور الزمن واحتجاب الماضي بمن فيه.وحيث يضع الجواهري
الذروة والتاج فوق هام اللغة وهي طوع يديه بمفرداتها
الرائعة المتماسكة والمتنافرة .والعامّي
العامّيّة. ان دلّ على شيء فانّما يدل على تمكّن الشاعر
للوصول للقصيدة غير المتخلخلة او الشاردة بابياتها .
وفي هذا المقطع
يصوّر الجواهري بالملّاح الماهرالمصمّم .
(يا لمبحر بروج الثلج ما جلّت ازنودك
ولا جلّت مجاذيفك
كل غرفة نيران او تشك
وسط الثلج.. سجّة المجاذيفك.)
وفي قصيدة
(ما مش جرح..
والجلد ينشدني بهضم
_يمته الخناجر تحرث ابكاعي جرح؟
اوحتى الصديج اليعرف ابحالي نشد :
يا كلبي اصحه الدنيه ماخذها الجرح
وانته عله بورك منتجي..
متباهي سدّيت النبع
متباهي مابين الربع
لا سيف بيدك لا درع
و لا نارك اتكحل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّز لك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ
لا سيف يخطف يعقد ابزندك جرح
يا كلبي اصحه الدنية ماخذها الجرح
وانته اعله بورك منتجي..
متباهي ما بين الربع..
لا سيف بيدك لادرع
او لا نارك اتكجل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّزلك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ)
هذا الحوار غير المبهم المتفتّح بكلّ ما للصحو من صفاء لا
تشوبه غيوم الرمزيّة او ضبابية الرومانسيّة يرمي حمم اليقظة على جليد السادرين فوق مضاجع النسيان وسياطه اللافحة ظهور من لاذوا بجدار المقبرة التي ترسم على جباههم شارات الهزيمة, وعلامات الاستسلام واستفراغهم
من محتوى الجوهر ووقوفم تحت الشمس منكسفين بلا هويّة
تثبت وجودهم وادّعاء الحقيقة التي تنصّلوا عنها منذ تحريم الاصطلاء بالنار المقدّسة في ليالي الشتاءات المرّة والتي اصبحت في مّة التاريخ . والذين يتخذون البكاء طقوساً لتغطية عجزهم الفاضح وفشلهم المريع ومطاردتهم لكل من
يحاول التحليق قبل ان ينبت الزغب على جناحيه.
ثمّ يرفض الاغنية المكرّرة التي تفطر على لحن الماضي
وتصوم على صمت الحاضر المأخوذ بالانحسار:
(ما تستحي..؟
تتباهه جنت انته حبر..
خطّيت بالكاغد سطر
ما تسوه تتباهه جنت..
كمره ابلياليهم تمر
هسه احنه يا كلبي ابظهر إ؟
يا كلبي يمجفن على اعيون الصبح
ما فزّزك رشاش جيفارا ولا مدفع فتح؟)
ثمّ يعود الشاعر ينكل بالذين يعتاشون على ضفة الامجاد القديمة . وحين يخاطب قلبه الغارق في سبات التخلّف . يضع اصبعه على مركز الداء قارعاً
نواقيس التمرّد بثقل ثوري واصالة الاختيار العاشق ليوقظ النيام بصوته الصاخب.
مافزّزك .. رشاش جيفارا ولا مدفع فتح
وبعد هذا التشنّج الذب يطحن الانسان تحت رحى الخيبة ليضخ في شرايينه مرارة الهزيمة حيث التسليم بالامر الواقع
لفترة ما يعود الشاعر الى المراوحة فوق صقيع الحقيقة
يجر اذيال عاصفة متهالكة صدى عزيفها يخف شيئاً فشيئاً.
(ما مش جرح
ادريني ما بي جرح
جاليش ماخذني النزف..
يا هل الجرح؟)
وقصيدة مامش جرح قصيدة طويلة وغنيّة بما تطرحه من ابعاد كما انّها تغطّي على ما في الديوان من قصائد , وهي
وهي تكتسب مسحة جماليّة ووزناُ ثوريّاً في مجال الادب
الشعبي وحسّاً لا يخمد اواره .
وفي الختام تحيّة للشاعر شاكر السماوي.
شعوب محمود علي
(ديوان إحجاية جرح)
أرجو أن تتقبّلوا بصدر رحب حينما أعانق بعض الكتابات
التي شقّت طريقها بيساريّة ووطنيّة نادرة بين حارقي البخور
لطاغوت العراق الذي حاول أن يكسر قوس الشمس بمصادرة عقول فنّانين ونحّاتين وكتّاب وشعراء
مما دفع الكثير من الشوامخ للنفي الاختياري , او الهرب من
الوطن ليسلموا بجلدهم . كان الطاغية أشبه ب(سانومي) في تجريف كلّ من لا ينحني تحت رمحه : والقليل القليل ممن وقف بعيداً عن متراسه, أو لاذ بالهجرة وغادر موانئ الوطن , وقامات النخيل . وقد شمل الطوفان الجميع إلّا من رحمه الله .
على مشارف عراق الثورة ولغة الإنتفاض والتمرّد ينسحب ليل الطغيان تاركاً آثار الوحش وبصمات الموت عند شواطئ
الأنهار.
والتحديق في بؤر الليل يتيح لنا قراءة أسفار قدماء العراقيّين تارة على صفحة برديّة وطوراً على صخرة حفرتها يد ماهرة في تركيز الإزميل , وضربات المطرقة المحكمة . لقد قدّم لنا العراقيّون تراثاً ضخماً وشامخاً في مكتبة الحضارة منذ ملحمة جلجامش ولحد سقوط آخر دولة لبني العبّاس . كانت ينابيع الفكر تتدفّق على أديم الليل لتحيل الظلام نهاراً يشعّ على غابات الأرض ويحفر صخور ظلام العالم بإزميل من النور.
(((إطلالة على كوى النيران لديوان احجايةجرح)))
لقد رانت على شعر الفصحى والشعر الشعبي عقود سمّيت بالفترة المظلمة
حيث تحطّمت إحدى حلقات السلسلة المنتظمة حبّات النجوم
, يوم نمت أعشاب الجهل في أرض المعرفة العريقة وضرب الظلام الستار على مركز الإشعاع ومولد الحضارة.
لم يمت الشعر على شفتي الشاعر بانحسار المعرفة وذبول اللغة في بحيرة المجتمع الراكد .
لقد أصاب الشاعر الضمور إلّا إنّه واصل المسار متعكّزاً
على اللغة المضرّبة بدمامل المفردات الأعجميّة.
ومنذ ذلك الزمن ولحد الآن أصبحت اللغة العامّيّة مركز جذب ومحوراً
لكثير من شعرائنا الذين ارتقوا سلّم التعليم . ولكنهم تعاملوا
بالّلغة العاميّة.
وبعد نهاية الحرب الكونيّة الثانية . واكب الشاعر العراقي موجة التطوّر الشعري بشكليه العامي والعربي
متأثّراً بتدفّق الفكر الغربي , و بجيل ما بعد الكارثة , جيل العطب والدخان والألم الهارب بأجنحة الرومانسيّة والانغمارفي الثورة التجديديّة للشعرالى جانب
فوضى العالم في المدن الصناعيّة واحتدام
الصراع الطبقي العاصف برائحة البارود وموج
الإضرابات والثورات التي اجتاحت العالم,
إلى جانب لغة القارون الساحقة بطاحونها الفولاذي جباه أقنان العصر الآلي.
إنّ أيّ مجتمع في العالم يعجز عن استثمار خيرات الحضارة
الجديدة دون شرورها . فالريح التي تدفع بالسفن ألى شاطئ
التطوّر لا يمكن لأيّ من الأشرعة المفتوحة لاستثمار الريح
دون جيوبها التي قد تلد العاصفة المميتة .
لقد اصطبغ مجتمعنا بلغة اليأس والهروبيّة إثر ما خلّفه الدمار
الشامل وساعد أكثر فأكثر المذياع , والصحافة المرتبطة بشرايين وكالات الأنباء العالميّة . في مثل هذه الظروف
القاتمة والمخيّمة على سوح المجزرة الرهيبة . وقف أدبنا على أقدامه المرضّضة وقد أدّى دوره الهام في تحريك المجتمع متجاوزاً أشواط الفترة المظلمة,
لقد فجّر الشاعر باللغة الحادة والتوجّه الجريء والمصبوغ
بالصبغة اليساريّة ثورة جديدة في المضامين والأُطر والصور التي لم يألفها القارئ وعلى أساس حركة تطوّر المجتمع, واعتماداً على قوانين العلم المادي , ومروراً بتّيارات الفكر المعاصر نتحسّس
الحقيقة التالية ( نحن منجرفون بفعل اندفاع أمواج أُقيانوس
العالم أردنا أم لم نرد) وملامستنا تبدأ من شاشتي السينما والتلفزيون والمذياع , والكتب والصحافة .هذه الأدوات
تضعنا على محك التفاعل الشعري بشكليه وقد قفز قفزة عملاقة على لوحة حركة التطوّر . إنّ بعض شعراء الشعر الشعبي يسيرون في الدروب غير المطروقة في عالم التراكيب الجديدة , ومن هنا كتب لشعرنا بحدّيه المرهفين
الدهشة والتجاوز..
والشاعر شاكر السماوي متمرّد على القيم والعلاقات السائدة
في المجتمع المتخلّف حضاريّاً يجذبنا بقوّة مغناطيسّة الحياة من خلال طروحاته الشعريّة في ديوانه المشبوب بشواظ النار اللاذعة لجليد الروح وحوافر الشمع للجياد المراوحة على دروب المحنة وخيبة المصير. إنّ إصرار شاعرنا
يتخطّى أصرار بطلنا الاسطوري جلجامش في بحثه للحصول على سر الخلود والصعود للصفوف الأماميّة في موكب الآلهة,
هو يشجب ترك الصخرة السيزيفيّة على السفح دون وضعها
على قمّة التضحية . و ينكّل بالذين يخشون المرور على قناطر الهاوية صوب جراح البراعم للوصول الى الفردوس.
وبين سطور ديوانه تنتصب شاشة الزمن حيث يلوح الشاعر حارثاً صحارى اليباب بأظافر الإصرار والمواصلة لبعث التاريخ في ولادة متكاملة غير قابلة للإجهاض أو الموت المبكّر لتهيئة المناخ الملائم. لقد أخرج أصابعه الصوتيّة
من جوف قبر اللغة ليحلب ضرع الشمس فوق صخرة الليل.
انّ شاكر السماوي جرم تنكّر لكلّ قوانين السكون في مدار الموتى . فأبجديّاته وسمت بالجبن التغلّب بدموع النساء,
والتصادم بالاعتماد على القلم سيفاً والقرطاس جزيرة تحمي
المهدّدين من شدقي الطوفان الرابض على أعتاب المدن.
فقصيدته (قسم الفارس) تشعّ منها نجوم التفاؤل والاصرار على المواصلة الدائمة والتأكيد على المواجهة والأخذ بزمام الحياة وتطويع ما استعصى على من فشلوا في الوصول لنقطة الهدف .
( دفنته اوجيت
كبل ما كاع بيتي اتكوم تطردني
او تعوف البيت
وحقك ضي الجدي البيه يا نبي توضّيت
دفنت اكراب سيفي او جفّنيت بدم
وجيت أدهم
يشكّ الريح بعنانه ويعت كلّ الفجر فجره
يشك سجّه ابسواد الليل
كل فارس عليه ايفوت من تظلم
يسيفي سيف حك اوثار..
كل غاشم علىه يرهم.)
هذا القسم انطبع وشماً على قلب الشاعر النازف أسفاً مشبوباً
بالمرارة والأسى.وهو يصوّر دفن غمد السيف بالعبارات الدالّة على الحسم في اختيار المعركة الفاصلة التي لا تقبل التسويف او المماطلة. انّ من يكفّن الغمد بالدم يملك المبادرة
لاقتحام ساحة المعركة كما يملك مصيره لابعادها غير مبالي
ساعة الاستشهاد او الانتصار طارداً وسوسة التردّد واشباح الخوف وهاجس الجبن. اجل هذا الجواد يشطر امواج الموت
ويخرس صفير الريح بغضب ثوري ليدرك الفجر قبل حلواه الزمني, هو يخلق مبرّرات التمرّد قبل صعودها لقشرة الأحداث القادمة. شق السكّة بحوافر الخيل في الظلام ليفتح
لنا البوّابة السرّية لحل رموز طلّسم البوصلة ليوتوبيا عصرجديد تبطل فيه كلّ لغات المخلوقات دون لغة
الانسان.. الذي يرث الارض بحدّي السيف والحكمة .
(اجيت انه.. اشك الموت
يونس موثكل ضيمه
يبحر الما يردّ الموت
هذا انه مضيف الجاع
هذا انه درب للضاع.
يطرق الشاعر بوّابة الصمت على امل بعودة يونس جديد
يرفض الاستسلام لحكم القدر , والمتمدّد في جوف الحوت
والصورة مطابقة تماماً فيما لو قورنت بخسارة النبي يونس
في عدم استجابته لتوبة القوم . وبين من تنكّروا لنداء الحقيقة
ودفنوا رؤوسهم في رمال العصر تاركين اجسادهم هدفاً
للصيّادين. والشاعر يطرح مساره مضيفاً للجائع وساحة للضائعين فوق خارطة التاريخ. وقصائده فيها الكثيرمن الصور المتداخلة , والطاقات المتفتّقة بالابداع الاخّاذ
والطرح الخصب والنماء الثري الذي يفيض على حجم الحروف المرصوفة لحيّز الديوان . يضعنا الشاعر شاكر
السماوي على سكّة الحياة قرابين لعجلات قاطرة الموت
ومن موتانا يبعث الحيا, هكذا نراه لا يستقر لحظة حتى ولوكان في غفلة من الزمن انّ قصائده تعبّر عن ديمومة الصراع الحاد في رحم المجتمع وشخوصه تطرح نفسها
ثقيلة ثقل الم هجرة الانسان للوطن والاستشهاد تحت كل سماء وعلى كل شبر من الارض. الشاعر لا يسقط عن شفتيه
قدّيس الثورة واسطورة العصر الحديث المتمايز بالصراع الحاد لنصرة المظلومين في جبهة اليسار ذلك النجم المشع
على طريق الثوّار ليس في دول امريكا اللاتينيّة بل شقّ
مشعله ظلام اسيا وافريقيا ان لم اقل كل العالم باسره.
بل بعد ر
رحيله سيبقى اسطورة وارمزاًلقائماً على هرم الثورة ضد اشكال الاستعمار الجديد والامبرياليّة ذلك هو
ارنستو جيفارا. فشاكر السماوي يدور مثل جرم حول ذلك القمر . ومن ثمّ ينعطف الى الجبل الضخم محمد مهدي
الجواهري وهو روح الثورة وعنف الاعصار الكاسح لجبهة الاقزام وهو ينشد وانّ القيود

على معصميه مفاتيح مستقبل زاهر. ومن ثمّ يطرح روح المأساة ووليد العذابات بدرشاكر السيّاب المجدّد وصاحب انشودة المطر ومن ثمّ يعرّج صوب المتنبّي .
دهر انت مر بيك الدهر
يكبر.. او من تكبر.. صغر
اجل هكذا يصف المتنبّي الذي يكبر مع مرور الزمن واحتجاب الماضي بمن فيه.وحيث يضع الجواهري
الذروة والتاج فوق هام اللغة وهي طوع يديه بمفرداتها
الرائعة المتماسكة والمتنافرة .والعامّي
العامّيّة. ان دلّ على شيء فانّما يدل على تمكّن الشاعر
للوصول للقصيدة غير المتخلخلة او الشاردة بابياتها .
وفي هذا المقطع
يصوّر الجواهري بالملّاح الماهرالمصمّم .
(يا لمبحر بروج الثلج ما جلّت ازنودك
ولا جلّت مجاذيفك
كل غرفة نيران او تشك
وسط الثلج.. سجّة المجاذيفك.)
وفي قصيدة
(ما مش جرح..
والجلد ينشدني بهضم
_يمته الخناجر تحرث ابكاعي جرح؟
اوحتى الصديج اليعرف ابحالي نشد :
يا كلبي اصحه الدنيه ماخذها الجرح
وانته عله بورك منتجي..
متباهي سدّيت النبع
متباهي مابين الربع
لا سيف بيدك لا درع
و لا نارك اتكحل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّز لك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ
لا سيف يخطف يعقد ابزندك جرح
يا كلبي اصحه الدنية ماخذها الجرح
وانته اعله بورك منتجي..
متباهي ما بين الربع..
لا سيف بيدك لادرع
او لا نارك اتكجل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّزلك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ)
هذا الحوار غير المبهم المتفتّح بكلّ ما للصحو من صفاء لا
تشوبه غيوم الرمزيّة او ضبابية الرومانسيّة يرمي حمم اليقظة على جليد السادرين فوق مضاجع النسيان وسياطه اللافحة ظهور من لاذوا بجدار المقبرة التي ترسم على جباههم شارات الهزيمة, وعلامات الاستسلام واستفراغهم
من محتوى الجوهر ووقوفم تحت الشمس منكسفين بلا هويّة
تثبت وجودهم وادّعاء الحقيقة التي تنصّلوا عنها منذ تحريم الاصطلاء بالنار المقدّسة في ليالي الشتاءات المرّة والتي اصبحت في مّة التاريخ . والذين يتخذون البكاء طقوساً لتغطية عجزهم الفاضح وفشلهم المريع ومطاردتهم لكل من
يحاول التحليق قبل ان ينبت الزغب على جناحيه.
ثمّ يرفض الاغنية المكرّرة التي تفطر على لحن الماضي
وتصوم على صمت الحاضر المأخوذ بالانحسار:
(ما تستحي..؟
تتباهه جنت انته حبر..
خطّيت بالكاغد سطر
ما تسوه تتباهه جنت..
كمره ابلياليهم تمر
هسه احنه يا كلبي ابظهر إ؟
يا كلبي يمجفن على اعيون الصبح
ما فزّزك رشاش جيفارا ولا مدفع فتح؟)
ثمّ يعود الشاعر ينكل بالذين يعتاشون على ضفة الامجاد القديمة . وحين يخاطب قلبه الغارق في سبات التخلّف . يضع اصبعه على مركز الداء قارعاً
نواقيس التمرّد بثقل ثوري واصالة الاختيار العاشق ليوقظ النيام بصوته الصاخب.
مافزّزك .. رشاش جيفارا ولا مدفع فتح
وبعد هذا التشنّج الذب يطحن الانسان تحت رحى الخيبة ليضخ في شرايينه مرارة الهزيمة حيث التسليم بالامر الواقع
لفترة ما يعود الشاعر الى المراوحة فوق صقيع الحقيقة
يجر اذيال عاصفة متهالكة صدى عزيفها يخف شيئاً فشيئاً.
(ما مش جرح
ادريني ما بي جرح
جاليش ماخذني النزف..
يا هل الجرح؟)
وقصيدة مامش جرح قصيدة طويلة وغنيّة بما تطرحه من ابعاد كما انّها تغطّي على ما في الديوان من قصائد , وهي
وهي تكتسب مسحة جماليّة ووزناُ ثوريّاً في مجال الادب
الشعبي وحسّاً لا يخمد اواره .
وفي الختام تحيّة للشاعر شاكر السماوي.
شعوب محمود علي
(ديوان إحجاية جرح)
أرجو أن تتقبّلوا بصدر رحب حينما أعانق بعض الكتابات
التي شقّت طريقها بيساريّة ووطنيّة نادرة بين حارقي البخور
لطاغوت العراق الذي حاول أن يكسر قوس الشمس بمصادرة عقول فنّانين ونحّاتين وكتّاب وشعراء
مما دفع الكثير من الشوامخ للنفي الاختياري , او الهرب من
الوطن ليسلموا بجلدهم . كان الطاغية أشبه ب(سانومي) في تجريف كلّ من لا ينحني تحت رمحه : والقليل القليل ممن وقف بعيداً عن متراسه, أو لاذ بالهجرة وغادر موانئ الوطن , وقامات النخيل . وقد شمل الطوفان الجميع إلّا من رحمه الله .
على مشارف عراق الثورة ولغة الإنتفاض والتمرّد ينسحب ليل الطغيان تاركاً آثار الوحش وبصمات الموت عند شواطئ
الأنهار.
والتحديق في بؤر الليل يتيح لنا قراءة أسفار قدماء العراقيّين تارة على صفحة برديّة وطوراً على صخرة حفرتها يد ماهرة في تركيز الإزميل , وضربات المطرقة المحكمة . لقد قدّم لنا العراقيّون تراثاً ضخماً وشامخاً في مكتبة الحضارة منذ ملحمة جلجامش ولحد سقوط آخر دولة لبني العبّاس . كانت ينابيع الفكر تتدفّق على أديم الليل لتحيل الظلام نهاراً يشعّ على غابات الأرض ويحفر صخور ظلام العالم بإزميل من النور.
(((إطلالة على كوى النيران لديوان احجايةجرح)))
لقد رانت على شعر الفصحى والشعر الشعبي عقود سمّيت بالفترة المظلمة
حيث تحطّمت إحدى حلقات السلسلة المنتظمة حبّات النجوم
, يوم نمت أعشاب الجهل في أرض المعرفة العريقة وضرب الظلام الستار على مركز الإشعاع ومولد الحضارة.
لم يمت الشعر على شفتي الشاعر بانحسار المعرفة وذبول اللغة في بحيرة المجتمع الراكد .
لقد أصاب الشاعر الضمور إلّا إنّه واصل المسار متعكّزاً
على اللغة المضرّبة بدمامل المفردات الأعجميّة.
ومنذ ذلك الزمن ولحد الآن أصبحت اللغة العامّيّة مركز جذب ومحوراً
لكثير من شعرائنا الذين ارتقوا سلّم التعليم . ولكنهم تعاملوا
بالّلغة العاميّة.
وبعد نهاية الحرب الكونيّة الثانية . واكب الشاعر العراقي موجة التطوّر الشعري بشكليه العامي والعربي
متأثّراً بتدفّق الفكر الغربي , و بجيل ما بعد الكارثة , جيل العطب والدخان والألم الهارب بأجنحة الرومانسيّة والانغمارفي الثورة التجديديّة للشعرالى جانب
فوضى العالم في المدن الصناعيّة واحتدام
الصراع الطبقي العاصف برائحة البارود وموج
الإضرابات والثورات التي اجتاحت العالم,
إلى جانب لغة القارون الساحقة بطاحونها الفولاذي جباه أقنان العصر الآلي.
إنّ أيّ مجتمع في العالم يعجز عن استثمار خيرات الحضارة
الجديدة دون شرورها . فالريح التي تدفع بالسفن ألى شاطئ
التطوّر لا يمكن لأيّ من الأشرعة المفتوحة لاستثمار الريح
دون جيوبها التي قد تلد العاصفة المميتة .
لقد اصطبغ مجتمعنا بلغة اليأس والهروبيّة إثر ما خلّفه الدمار
الشامل وساعد أكثر فأكثر المذياع , والصحافة المرتبطة بشرايين وكالات الأنباء العالميّة . في مثل هذه الظروف
القاتمة والمخيّمة على سوح المجزرة الرهيبة . وقف أدبنا على أقدامه المرضّضة وقد أدّى دوره الهام في تحريك المجتمع متجاوزاً أشواط الفترة المظلمة,
لقد فجّر الشاعر باللغة الحادة والتوجّه الجريء والمصبوغ
بالصبغة اليساريّة ثورة جديدة في المضامين والأُطر والصور التي لم يألفها القارئ وعلى أساس حركة تطوّر المجتمع, واعتماداً على قوانين العلم المادي , ومروراً بتّيارات الفكر المعاصر نتحسّس
الحقيقة التالية ( نحن منجرفون بفعل اندفاع أمواج أُقيانوس
العالم أردنا أم لم نرد) وملامستنا تبدأ من شاشتي السينما والتلفزيون والمذياع , والكتب والصحافة .هذه الأدوات
تضعنا على محك التفاعل الشعري بشكليه وقد قفز قفزة عملاقة على لوحة حركة التطوّر . إنّ بعض شعراء الشعر الشعبي يسيرون في الدروب غير المطروقة في عالم التراكيب الجديدة , ومن هنا كتب لشعرنا بحدّيه المرهفين
الدهشة والتجاوز..
والشاعر شاكر السماوي متمرّد على القيم والعلاقات السائدة
في المجتمع المتخلّف حضاريّاً يجذبنا بقوّة مغناطيسّة الحياة من خلال طروحاته الشعريّة في ديوانه المشبوب بشواظ النار اللاذعة لجليد الروح وحوافر الشمع للجياد المراوحة على دروب المحنة وخيبة المصير. إنّ إصرار شاعرنا
يتخطّى أصرار بطلنا الاسطوري جلجامش في بحثه للحصول على سر الخلود والصعود للصفوف الأماميّة في موكب الآلهة,
هو يشجب ترك الصخرة السيزيفيّة على السفح دون وضعها
على قمّة التضحية . و ينكّل بالذين يخشون المرور على قناطر الهاوية صوب جراح البراعم للوصول الى الفردوس.
وبين سطور ديوانه تنتصب شاشة الزمن حيث يلوح الشاعر حارثاً صحارى اليباب بأظافر الإصرار والمواصلة لبعث التاريخ في ولادة متكاملة غير قابلة للإجهاض أو الموت المبكّر لتهيئة المناخ الملائم. لقد أخرج أصابعه الصوتيّة
من جوف قبر اللغة ليحلب ضرع الشمس فوق صخرة الليل.
انّ شاكر السماوي جرم تنكّر لكلّ قوانين السكون في مدار الموتى . فأبجديّاته وسمت بالجبن التغلّب بدموع النساء,
والتصادم بالاعتماد على القلم سيفاً والقرطاس جزيرة تحمي
المهدّدين من شدقي الطوفان الرابض على أعتاب المدن.
فقصيدته (قسم الفارس) تشعّ منها نجوم التفاؤل والاصرار على المواصلة الدائمة والتأكيد على المواجهة والأخذ بزمام الحياة وتطويع ما استعصى على من فشلوا في الوصول لنقطة الهدف .
( دفنته اوجيت
كبل ما كاع بيتي اتكوم تطردني
او تعوف البيت
وحقك ضي الجدي البيه يا نبي توضّيت
دفنت اكراب سيفي او جفّنيت بدم
وجيت أدهم
يشكّ الريح بعنانه ويعت كلّ الفجر فجره
يشك سجّه ابسواد الليل
كل فارس عليه ايفوت من تظلم
يسيفي سيف حك اوثار..
كل غاشم علىه يرهم.)
هذا القسم انطبع وشماً على قلب الشاعر النازف أسفاً مشبوباً
بالمرارة والأسى.وهو يصوّر دفن غمد السيف بالعبارات الدالّة على الحسم في اختيار المعركة الفاصلة التي لا تقبل التسويف او المماطلة. انّ من يكفّن الغمد بالدم يملك المبادرة
لاقتحام ساحة المعركة كما يملك مصيره لابعادها غير مبالي
ساعة الاستشهاد او الانتصار طارداً وسوسة التردّد واشباح الخوف وهاجس الجبن. اجل هذا الجواد يشطر امواج الموت
ويخرس صفير الريح بغضب ثوري ليدرك الفجر قبل حلواه الزمني, هو يخلق مبرّرات التمرّد قبل صعودها لقشرة الأحداث القادمة. شق السكّة بحوافر الخيل في الظلام ليفتح
لنا البوّابة السرّية لحل رموز طلّسم البوصلة ليوتوبيا عصرجديد تبطل فيه كلّ لغات المخلوقات دون لغة
الانسان.. الذي يرث الارض بحدّي السيف والحكمة .
(اجيت انه.. اشك الموت
يونس موثكل ضيمه
يبحر الما يردّ الموت
هذا انه مضيف الجاع
هذا انه درب للضاع.
يطرق الشاعر بوّابة الصمت على امل بعودة يونس جديد
يرفض الاستسلام لحكم القدر , والمتمدّد في جوف الحوت
والصورة مطابقة تماماً فيما لو قورنت بخسارة النبي يونس
في عدم استجابته لتوبة القوم . وبين من تنكّروا لنداء الحقيقة
ودفنوا رؤوسهم في رمال العصر تاركين اجسادهم هدفاً
للصيّادين. والشاعر يطرح مساره مضيفاً للجائع وساحة للضائعين فوق خارطة التاريخ. وقصائده فيها الكثيرمن الصور المتداخلة , والطاقات المتفتّقة بالابداع الاخّاذ
والطرح الخصب والنماء الثري الذي يفيض على حجم الحروف المرصوفة لحيّز الديوان . يضعنا الشاعر شاكر
السماوي على سكّة الحياة قرابين لعجلات قاطرة الموت
ومن موتانا يبعث الحيا, هكذا نراه لا يستقر لحظة حتى ولوكان في غفلة من الزمن انّ قصائده تعبّر عن ديمومة الصراع الحاد في رحم المجتمع وشخوصه تطرح نفسها
ثقيلة ثقل الم هجرة الانسان للوطن والاستشهاد تحت كل سماء وعلى كل شبر من الارض. الشاعر لا يسقط عن شفتيه
قدّيس الثورة واسطورة العصر الحديث المتمايز بالصراع الحاد لنصرة المظلومين في جبهة اليسار ذلك النجم المشع
على طريق الثوّار ليس في دول امريكا اللاتينيّة بل شقّ
مشعله ظلام اسيا وافريقيا ان لم اقل كل العالم باسره.
بل بعد ر
رحيله سيبقى اسطورة وارمزاًلقائماً على هرم الثورة ضد اشكال الاستعمار الجديد والامبرياليّة ذلك هو
ارنستو جيفارا. فشاكر السماوي يدور مثل جرم حول ذلك القمر . ومن ثمّ ينعطف الى الجبل الضخم محمد مهدي
الجواهري وهو روح الثورة وعنف الاعصار الكاسح لجبهة الاقزام وهو ينشد وانّ القيود

على معصميه مفاتيح مستقبل زاهر. ومن ثمّ يطرح روح المأساة ووليد العذابات بدرشاكر السيّاب المجدّد وصاحب انشودة المطر ومن ثمّ يعرّج صوب المتنبّي .
دهر انت مر بيك الدهر
يكبر.. او من تكبر.. صغر
اجل هكذا يصف المتنبّي الذي يكبر مع مرور الزمن واحتجاب الماضي بمن فيه.وحيث يضع الجواهري
الذروة والتاج فوق هام اللغة وهي طوع يديه بمفرداتها
الرائعة المتماسكة والمتنافرة .والعامّي
العامّيّة. ان دلّ على شيء فانّما يدل على تمكّن الشاعر
للوصول للقصيدة غير المتخلخلة او الشاردة بابياتها .
وفي هذا المقطع
يصوّر الجواهري بالملّاح الماهرالمصمّم .
(يا لمبحر بروج الثلج ما جلّت ازنودك
ولا جلّت مجاذيفك
كل غرفة نيران او تشك
وسط الثلج.. سجّة المجاذيفك.)
وفي قصيدة
(ما مش جرح..
والجلد ينشدني بهضم
_يمته الخناجر تحرث ابكاعي جرح؟
اوحتى الصديج اليعرف ابحالي نشد :
يا كلبي اصحه الدنيه ماخذها الجرح
وانته عله بورك منتجي..
متباهي سدّيت النبع
متباهي مابين الربع
لا سيف بيدك لا درع
و لا نارك اتكحل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّز لك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ
لا سيف يخطف يعقد ابزندك جرح
يا كلبي اصحه الدنية ماخذها الجرح
وانته اعله بورك منتجي..
متباهي ما بين الربع..
لا سيف بيدك لادرع
او لا نارك اتكجل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّزلك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ)
هذا الحوار غير المبهم المتفتّح بكلّ ما للصحو من صفاء لا
تشوبه غيوم الرمزيّة او ضبابية الرومانسيّة يرمي حمم اليقظة على جليد السادرين فوق مضاجع النسيان وسياطه اللافحة ظهور من لاذوا بجدار المقبرة التي ترسم على جباههم شارات الهزيمة, وعلامات الاستسلام واستفراغهم
من محتوى الجوهر ووقوفم تحت الشمس منكسفين بلا هويّة
تثبت وجودهم وادّعاء الحقيقة التي تنصّلوا عنها منذ تحريم الاصطلاء بالنار المقدّسة في ليالي الشتاءات المرّة والتي اصبحت في مّة التاريخ . والذين يتخذون البكاء طقوساً لتغطية عجزهم الفاضح وفشلهم المريع ومطاردتهم لكل من
يحاول التحليق قبل ان ينبت الزغب على جناحيه.
ثمّ يرفض الاغنية المكرّرة التي تفطر على لحن الماضي
وتصوم على صمت الحاضر المأخوذ بالانحسار:
(ما تستحي..؟
تتباهه جنت انته حبر..
خطّيت بالكاغد سطر
ما تسوه تتباهه جنت..
كمره ابلياليهم تمر
هسه احنه يا كلبي ابظهر إ؟
يا كلبي يمجفن على اعيون الصبح
ما فزّزك رشاش جيفارا ولا مدفع فتح؟)
ثمّ يعود الشاعر ينكل بالذين يعتاشون على ضفة الامجاد القديمة . وحين يخاطب قلبه الغارق في سبات التخلّف . يضع اصبعه على مركز الداء قارعاً
نواقيس التمرّد بثقل ثوري واصالة الاختيار العاشق ليوقظ النيام بصوته الصاخب.
مافزّزك .. رشاش جيفارا ولا مدفع فتح
وبعد هذا التشنّج الذب يطحن الانسان تحت رحى الخيبة ليضخ في شرايينه مرارة الهزيمة حيث التسليم بالامر الواقع
لفترة ما يعود الشاعر الى المراوحة فوق صقيع الحقيقة
يجر اذيال عاصفة متهالكة صدى عزيفها يخف شيئاً فشيئاً.
(ما مش جرح
ادريني ما بي جرح
جاليش ماخذني النزف..
يا هل الجرح؟)
وقصيدة مامش جرح قصيدة طويلة وغنيّة بما تطرحه من ابعاد كما انّها تغطّي على ما في الديوان من قصائد , وهي
وهي تكتسب مسحة جماليّة ووزناُ ثوريّاً في مجال الادب
الشعبي وحسّاً لا يخمد اواره .
وفي الختام تحيّة للشاعر شاكر السماوي.
شعوب محمود علي
(ديوان إحجاية جرح)
أرجو أن تتقبّلوا بصدر رحب حينما أعانق بعض الكتابات
التي شقّت طريقها بيساريّة ووطنيّة نادرة بين حارقي البخور
لطاغوت العراق الذي حاول أن يكسر قوس الشمس بمصادرة عقول فنّانين ونحّاتين وكتّاب وشعراء
مما دفع الكثير من الشوامخ للنفي الاختياري , او الهرب من
الوطن ليسلموا بجلدهم . كان الطاغية أشبه ب(سانومي) في تجريف كلّ من لا ينحني تحت رمحه : والقليل القليل ممن وقف بعيداً عن متراسه, أو لاذ بالهجرة وغادر موانئ الوطن , وقامات النخيل . وقد شمل الطوفان الجميع إلّا من رحمه الله .
على مشارف عراق الثورة ولغة الإنتفاض والتمرّد ينسحب ليل الطغيان تاركاً آثار الوحش وبصمات الموت عند شواطئ
الأنهار.
والتحديق في بؤر الليل يتيح لنا قراءة أسفار قدماء العراقيّين تارة على صفحة برديّة وطوراً على صخرة حفرتها يد ماهرة في تركيز الإزميل , وضربات المطرقة المحكمة . لقد قدّم لنا العراقيّون تراثاً ضخماً وشامخاً في مكتبة الحضارة منذ ملحمة جلجامش ولحد سقوط آخر دولة لبني العبّاس . كانت ينابيع الفكر تتدفّق على أديم الليل لتحيل الظلام نهاراً يشعّ على غابات الأرض ويحفر صخور ظلام العالم بإزميل من النور.
(((إطلالة على كوى النيران لديوان احجايةجرح)))
لقد رانت على شعر الفصحى والشعر الشعبي عقود سمّيت بالفترة المظلمة
حيث تحطّمت إحدى حلقات السلسلة المنتظمة حبّات النجوم
, يوم نمت أعشاب الجهل في أرض المعرفة العريقة وضرب الظلام الستار على مركز الإشعاع ومولد الحضارة.
لم يمت الشعر على شفتي الشاعر بانحسار المعرفة وذبول اللغة في بحيرة المجتمع الراكد .
لقد أصاب الشاعر الضمور إلّا إنّه واصل المسار متعكّزاً
على اللغة المضرّبة بدمامل المفردات الأعجميّة.
ومنذ ذلك الزمن ولحد الآن أصبحت اللغة العامّيّة مركز جذب ومحوراً
لكثير من شعرائنا الذين ارتقوا سلّم التعليم . ولكنهم تعاملوا
بالّلغة العاميّة.
وبعد نهاية الحرب الكونيّة الثانية . واكب الشاعر العراقي موجة التطوّر الشعري بشكليه العامي والعربي
متأثّراً بتدفّق الفكر الغربي , و بجيل ما بعد الكارثة , جيل العطب والدخان والألم الهارب بأجنحة الرومانسيّة والانغمارفي الثورة التجديديّة للشعرالى جانب
فوضى العالم في المدن الصناعيّة واحتدام
الصراع الطبقي العاصف برائحة البارود وموج
الإضرابات والثورات التي اجتاحت العالم,
إلى جانب لغة القارون الساحقة بطاحونها الفولاذي جباه أقنان العصر الآلي.
إنّ أيّ مجتمع في العالم يعجز عن استثمار خيرات الحضارة
الجديدة دون شرورها . فالريح التي تدفع بالسفن ألى شاطئ
التطوّر لا يمكن لأيّ من الأشرعة المفتوحة لاستثمار الريح
دون جيوبها التي قد تلد العاصفة المميتة .
لقد اصطبغ مجتمعنا بلغة اليأس والهروبيّة إثر ما خلّفه الدمار
الشامل وساعد أكثر فأكثر المذياع , والصحافة المرتبطة بشرايين وكالات الأنباء العالميّة . في مثل هذه الظروف
القاتمة والمخيّمة على سوح المجزرة الرهيبة . وقف أدبنا على أقدامه المرضّضة وقد أدّى دوره الهام في تحريك المجتمع متجاوزاً أشواط الفترة المظلمة,
لقد فجّر الشاعر باللغة الحادة والتوجّه الجريء والمصبوغ
بالصبغة اليساريّة ثورة جديدة في المضامين والأُطر والصور التي لم يألفها القارئ وعلى أساس حركة تطوّر المجتمع, واعتماداً على قوانين العلم المادي , ومروراً بتّيارات الفكر المعاصر نتحسّس
الحقيقة التالية ( نحن منجرفون بفعل اندفاع أمواج أُقيانوس
العالم أردنا أم لم نرد) وملامستنا تبدأ من شاشتي السينما والتلفزيون والمذياع , والكتب والصحافة .هذه الأدوات
تضعنا على محك التفاعل الشعري بشكليه وقد قفز قفزة عملاقة على لوحة حركة التطوّر . إنّ بعض شعراء الشعر الشعبي يسيرون في الدروب غير المطروقة في عالم التراكيب الجديدة , ومن هنا كتب لشعرنا بحدّيه المرهفين
الدهشة والتجاوز..
والشاعر شاكر السماوي متمرّد على القيم والعلاقات السائدة
في المجتمع المتخلّف حضاريّاً يجذبنا بقوّة مغناطيسّة الحياة من خلال طروحاته الشعريّة في ديوانه المشبوب بشواظ النار اللاذعة لجليد الروح وحوافر الشمع للجياد المراوحة على دروب المحنة وخيبة المصير. إنّ إصرار شاعرنا
يتخطّى أصرار بطلنا الاسطوري جلجامش في بحثه للحصول على سر الخلود والصعود للصفوف الأماميّة في موكب الآلهة,
هو يشجب ترك الصخرة السيزيفيّة على السفح دون وضعها
على قمّة التضحية . و ينكّل بالذين يخشون المرور على قناطر الهاوية صوب جراح البراعم للوصول الى الفردوس.
وبين سطور ديوانه تنتصب شاشة الزمن حيث يلوح الشاعر حارثاً صحارى اليباب بأظافر الإصرار والمواصلة لبعث التاريخ في ولادة متكاملة غير قابلة للإجهاض أو الموت المبكّر لتهيئة المناخ الملائم. لقد أخرج أصابعه الصوتيّة
من جوف قبر اللغة ليحلب ضرع الشمس فوق صخرة الليل.
انّ شاكر السماوي جرم تنكّر لكلّ قوانين السكون في مدار الموتى . فأبجديّاته وسمت بالجبن التغلّب بدموع النساء,
والتصادم بالاعتماد على القلم سيفاً والقرطاس جزيرة تحمي
المهدّدين من شدقي الطوفان الرابض على أعتاب المدن.
فقصيدته (قسم الفارس) تشعّ منها نجوم التفاؤل والاصرار على المواصلة الدائمة والتأكيد على المواجهة والأخذ بزمام الحياة وتطويع ما استعصى على من فشلوا في الوصول لنقطة الهدف .
( دفنته اوجيت
كبل ما كاع بيتي اتكوم تطردني
او تعوف البيت
وحقك ضي الجدي البيه يا نبي توضّيت
دفنت اكراب سيفي او جفّنيت بدم
وجيت أدهم
يشكّ الريح بعنانه ويعت كلّ الفجر فجره
يشك سجّه ابسواد الليل
كل فارس عليه ايفوت من تظلم
يسيفي سيف حك اوثار..
كل غاشم علىه يرهم.)
هذا القسم انطبع وشماً على قلب الشاعر النازف أسفاً مشبوباً
بالمرارة والأسى.وهو يصوّر دفن غمد السيف بالعبارات الدالّة على الحسم في اختيار المعركة الفاصلة التي لا تقبل التسويف او المماطلة. انّ من يكفّن الغمد بالدم يملك المبادرة
لاقتحام ساحة المعركة كما يملك مصيره لابعادها غير مبالي
ساعة الاستشهاد او الانتصار طارداً وسوسة التردّد واشباح الخوف وهاجس الجبن. اجل هذا الجواد يشطر امواج الموت
ويخرس صفير الريح بغضب ثوري ليدرك الفجر قبل حلواه الزمني, هو يخلق مبرّرات التمرّد قبل صعودها لقشرة الأحداث القادمة. شق السكّة بحوافر الخيل في الظلام ليفتح
لنا البوّابة السرّية لحل رموز طلّسم البوصلة ليوتوبيا عصرجديد تبطل فيه كلّ لغات المخلوقات دون لغة
الانسان.. الذي يرث الارض بحدّي السيف والحكمة .
(اجيت انه.. اشك الموت
يونس موثكل ضيمه
يبحر الما يردّ الموت
هذا انه مضيف الجاع
هذا انه درب للضاع.
يطرق الشاعر بوّابة الصمت على امل بعودة يونس جديد
يرفض الاستسلام لحكم القدر , والمتمدّد في جوف الحوت
والصورة مطابقة تماماً فيما لو قورنت بخسارة النبي يونس
في عدم استجابته لتوبة القوم . وبين من تنكّروا لنداء الحقيقة
ودفنوا رؤوسهم في رمال العصر تاركين اجسادهم هدفاً
للصيّادين. والشاعر يطرح مساره مضيفاً للجائع وساحة للضائعين فوق خارطة التاريخ. وقصائده فيها الكثيرمن الصور المتداخلة , والطاقات المتفتّقة بالابداع الاخّاذ
والطرح الخصب والنماء الثري الذي يفيض على حجم الحروف المرصوفة لحيّز الديوان . يضعنا الشاعر شاكر
السماوي على سكّة الحياة قرابين لعجلات قاطرة الموت
ومن موتانا يبعث الحيا, هكذا نراه لا يستقر لحظة حتى ولوكان في غفلة من الزمن انّ قصائده تعبّر عن ديمومة الصراع الحاد في رحم المجتمع وشخوصه تطرح نفسها
ثقيلة ثقل الم هجرة الانسان للوطن والاستشهاد تحت كل سماء وعلى كل شبر من الارض. الشاعر لا يسقط عن شفتيه
قدّيس الثورة واسطورة العصر الحديث المتمايز بالصراع الحاد لنصرة المظلومين في جبهة اليسار ذلك النجم المشع
على طريق الثوّار ليس في دول امريكا اللاتينيّة بل شقّ
مشعله ظلام اسيا وافريقيا ان لم اقل كل العالم باسره.
بل بعد ر
رحيله سيبقى اسطورة وارمزاًلقائماً على هرم الثورة ضد اشكال الاستعمار الجديد والامبرياليّة ذلك هو
ارنستو جيفارا. فشاكر السماوي يدور مثل جرم حول ذلك القمر . ومن ثمّ ينعطف الى الجبل الضخم محمد مهدي
الجواهري وهو روح الثورة وعنف الاعصار الكاسح لجبهة الاقزام وهو ينشد وانّ القيود

على معصميه مفاتيح مستقبل زاهر. ومن ثمّ يطرح روح المأساة ووليد العذابات بدرشاكر السيّاب المجدّد وصاحب انشودة المطر ومن ثمّ يعرّج صوب المتنبّي .
دهر انت مر بيك الدهر
يكبر.. او من تكبر.. صغر
اجل هكذا يصف المتنبّي الذي يكبر مع مرور الزمن واحتجاب الماضي بمن فيه.وحيث يضع الجواهري
الذروة والتاج فوق هام اللغة وهي طوع يديه بمفرداتها
الرائعة المتماسكة والمتنافرة .والعامّي
العامّيّة. ان دلّ على شيء فانّما يدل على تمكّن الشاعر
للوصول للقصيدة غير المتخلخلة او الشاردة بابياتها .
وفي هذا المقطع
يصوّر الجواهري بالملّاح الماهرالمصمّم .
(يا لمبحر بروج الثلج ما جلّت ازنودك
ولا جلّت مجاذيفك
كل غرفة نيران او تشك
وسط الثلج.. سجّة المجاذيفك.)
وفي قصيدة
(ما مش جرح..
والجلد ينشدني بهضم
_يمته الخناجر تحرث ابكاعي جرح؟
اوحتى الصديج اليعرف ابحالي نشد :
يا كلبي اصحه الدنيه ماخذها الجرح
وانته عله بورك منتجي..
متباهي سدّيت النبع
متباهي مابين الربع
لا سيف بيدك لا درع
و لا نارك اتكحل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّز لك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ
لا سيف يخطف يعقد ابزندك جرح
يا كلبي اصحه الدنية ماخذها الجرح
وانته اعله بورك منتجي..
متباهي ما بين الربع..
لا سيف بيدك لادرع
او لا نارك اتكجل شمع
او لا ضيم هالدنيه يفزّزلك ضلع
امبارك عليك اجفوفك انترست دمع إإ)
هذا الحوار غير المبهم المتفتّح بكلّ ما للصحو من صفاء لا
تشوبه غيوم الرمزيّة او ضبابية الرومانسيّة يرمي حمم اليقظة على جليد السادرين فوق مضاجع النسيان وسياطه اللافحة ظهور من لاذوا بجدار المقبرة التي ترسم على جباههم شارات الهزيمة, وعلامات الاستسلام واستفراغهم
من محتوى الجوهر ووقوفم تحت الشمس منكسفين بلا هويّة
تثبت وجودهم وادّعاء الحقيقة التي تنصّلوا عنها منذ تحريم الاصطلاء بالنار المقدّسة في ليالي الشتاءات المرّة والتي اصبحت في مّة التاريخ . والذين يتخذون البكاء طقوساً لتغطية عجزهم الفاضح وفشلهم المريع ومطاردتهم لكل من
يحاول التحليق قبل ان ينبت الزغب على جناحيه.
ثمّ يرفض الاغنية المكرّرة التي تفطر على لحن الماضي
وتصوم على صمت الحاضر المأخوذ بالانحسار:
(ما تستحي..؟
تتباهه جنت انته حبر..
خطّيت بالكاغد سطر
ما تسوه تتباهه جنت..
كمره ابلياليهم تمر
هسه احنه يا كلبي ابظهر إ؟
يا كلبي يمجفن على اعيون الصبح
ما فزّزك رشاش جيفارا ولا مدفع فتح؟)
ثمّ يعود الشاعر ينكل بالذين يعتاشون على ضفة الامجاد القديمة . وحين يخاطب قلبه الغارق في سبات التخلّف . يضع اصبعه على مركز الداء قارعاً
نواقيس التمرّد بثقل ثوري واصالة الاختيار العاشق ليوقظ النيام بصوته الصاخب.
مافزّزك .. رشاش جيفارا ولا مدفع فتح
وبعد هذا التشنّج الذب يطحن الانسان تحت رحى الخيبة ليضخ في شرايينه مرارة الهزيمة حيث التسليم بالامر الواقع
لفترة ما يعود الشاعر الى المراوحة فوق صقيع الحقيقة
يجر اذيال عاصفة متهالكة صدى عزيفها يخف شيئاً فشيئاً.
(ما مش جرح
ادريني ما بي جرح
جاليش ماخذني النزف..
يا هل الجرح؟)
وقصيدة مامش جرح قصيدة طويلة وغنيّة بما تطرحه من ابعاد كما انّها تغطّي على ما في الديوان من قصائد , وهي
وهي تكتسب مسحة جماليّة ووزناُ ثوريّاً في مجال الادب
الشعبي وحسّاً لا يخمد اواره .
وفي الختام تحيّة للشاعر شاكر السماوي.
شعوب محمود علي



#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد العروج
- (بعيداً عن السماء الأولى)
- موكب النور
- ذهب ولم يعد القسم الاخير
- الصقر واناث الطير
- اسماء الله الحسنى (السلام)
- فرار العصافير
- (الغابة والنجوم)
- طيرنا الاخضر الجنح
- (من كتاب الرمل)
- (من كتاب الصحراء)
- صفحة من كتاب الرمل
- القدوس
- السميع
- ذهب ولم يعد الجزء السادس
- (وحدك تليق بك الكلمات المذهّبة)
- (ذهب ولم يعد)
- (النبض وفعل الدورة)
- (النواقيس تقرع من جديد)
- (ايّها النجم المغترب)


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - ديوان احجاية جرح