الضجر_بين نظام الندرة وظاهرة الوفرة

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 11:33
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

أما تزال تسير خلف حياتك؟
* * *
الضجر_
الحالة الضبابية والغسقية للعيش, خدر وفتور تام_ حدّ الاكتئاب.
اندلاع المشاعر العشوائي_ لأتفه سبب, وانطفائها البرقي المعاكس_ حدّ الهستريا.
الضجر_الملل- السأم, منجز البرتو مورافيا وجائزة نوبل(المستحقة) لإدراكه وفهمه_ تلك اللحظة المفصلية والجوهرية العالمية, بين الحربين وبعدها مباشرة.
كيف يمكن تحديد الضجر؟
ذبول الشغف والحماس, الشعور شبه الدائم بالعدم والفراغ_ يتعذر احتماله.
" خفة الكائن التي لا تحتمل" عنوان رواية ميلان كونديرا الأشهر, والذي تخلف عن جائزة نوبل_ ولن يدركها ما دام حبيس دائرة الندرة.
* * *
لا يوجد حب يكفي للعدد الهائل من البشر!
تتزايد تنويعات العبارة على أكثر من رواية, لا يوجد حركات ذراعين وتحية تكفي, لا توجد,...., موقف كونديرا من الحب والغرور والخوف وبقية المشاعر الانسانية يطابق موقف فرويد (الكمّي). الموقف النمطي لنظام الندرة.
_ التنافس, التزاحم, الصراع,...الموقف الأصيل للفرد الانساني, وبقية الاستجابات اللطيفة, لا تمثل سوى حالة خاصة, سوف يعود بعدها هذا (الانسان_ الكائن) إلى الصراع_ الموقف الأصلي وماهيته.
يشاركهما الموقف المتنبي شاعر العربية الأشهر:
والظلم من شيم النفوس وإن تجد ذا عفّة فلعلّة لا يظلم
* * *
سوزان جيفرز وإريك فروم وستيفن كوفي, بشكل مباشر وصريح, شرحوا رفضهم لنظام الندرة, وفسروا احتفائهم بفضاء الوفرة_ المتحقق, برأيهم.
بالإضافة إلى العوز والنقص, كعناصر مادية في نظام الندرة, الغفلة واللامبالاة (السلبية) هي السمة العقلية الغالبة في الموقف الشخصي.
على خلاف ذلك_ على النقيض_ تقوم خبرة الوفرة, إن جاز التعبير, عبر حالة من التدرج في المهارة والنضج الشخصيين_ ينتقل معها المرء بمعظم مواقفه وسلوكياته من حلقات: فعل_ رد فعل, اضرب_ أو اهرب, أو ثنائية الوعد والوعيد والحصول على المراد بطرق إما أو: الرشوى والخداع أو باستخدام القوة والبطش,...إلى أفعال الإرادة والوعي والاختيار.
_السمة المركزية لحالة الوفرة, الجهد الانفعالي الواعي في أعمال التفكير والسلوك المختلفة. الحرية الداخلية بالصيغة الأجمل_ موقف الحب.
* * *
ما علاقة كل ذلك بالضجر؟
_وفرة الوقت والجهد(زيادة عن الحاجة) سمة الحياة المعاصرة.
_طاقة عصبية زائدة, لا تجد سبل تفريغ مناسبة, فترتد بشكل عكر على الدماغ والجملة العصبية.
كيف تحل المشكلة, مشكلة العيش_ الوجود المعاصر؟
لكل مشكلة ثلاثة مستويات أوحزم من الحلول1_ سيئ2_متوسط3_ جيد.
_ الحل السيئ: سهل, مجاني,سريع, مباشر, آني, لكنه يزيد المشكلة بالتأكيد بعد شهر.
_ الحل المتوسط: متوسط المقادير بمختلف عناصره, يحل المشكلة حاليا, لكنها تتضاعف بعد سنة.
_ الحل الجيد: هو حل زمني بالأساس, نموذجه الخطة الخمسية_ معتمدة عالميا.
الحل الابداعي: لا يمكن شرحه وتعليمه بطرق مباشرة وواضحة. الحل الابداعي موجود بالقوة في الطبيعة الانسانية, عبر الحالة الخاصة والفريدة: شخص الآن_هنا.
* * *
الحل الابداعي ظاهرة وفرة.
التمايز_التاقض في حالة العصاب ما بين الرغبة والمقدرة, ربما يناسب التعبير في الحالة الصحية(العصاب حالة خاصة): الاستطاعة الذاتية الكامنة_ مقابل المقدرة الحركية, الشعورية والارادية, الفارق أكثر من ألوف المضاعفات بين الطاقة الكامنة (لكل فرد) وبين قوة الارادة لنفس الشخص! أنت أيضا.
وهذا ما يمكن ملاحظته بسهولة في الحالات الطارئة, عبر مختلف الأماكن والمواقف. المثال الأبرز والأشمل: الموقف من الموت( أقارب, ثم ذات)_ يفابلها مقدار صغير جدا(قزم) هو أصغر بملايين المرات ندعوه: الارادة الحرة!
_ لماذا هذا التباين الهائل, بين امكانيات الشخص وما يحمله من لحظة التشكل, وبين ما هي_ هو عليه, بعد العشرين, الثلاثين,...ثم الخمسين فالسبعين_ هذا الفرد الهزيل البائس( أنت وأنا) الذي ليس لديه الطاقة المحدودة التي تكفي لتغيير عادة واحدة؟
* * *
في حياة كل منا, ما يخجل منه, بل يشعره بالعار من نفسه- وما يزال (غالبا) يكرر نفس السلوك, وهو عاجز عن تغييره!
* * *
الفراغ_ الكسل_ الملل....دوامة الحياة المعاصرة
خمول العقل وضموره التدريجي, المشكلة الوجودية والأخلاقية للانسان السوري أيضا.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل