حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 13:13
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
إلى ياسر فرحات
أعتذر عن الادعاء الفج الذي يحمله العنوان. ليس لجهة أن التدخين يمثل فلسفة عيش شخصية متكاملة, بل بودي لو اضيف اكثر_ بخصوص العلاقة شديدة التعقيد التي تربط بين المدخن والسيجارة. بعض الحرج والتردد الذي أعتذر عنه, هو الرسالة المضمرة التي تحمل إدعاء حول معرفتي الفلسفية!
_ كيف تتحول عادة التدخين غلى عادة إيجابية؟
التوقف عن التدخين_ مؤقتا_ خلال أوقات الأزمات الحادة والتوتر.
واقتصار ممارسة التدخين إلى أوقات الفرح والانجاز والمتع الحقيقية.
بهذه الطريقة تتحول السيجارة من عدو إلى صديق.
التدخين: عادة؟ إدمان؟ نمط عيش؟
العادة_ سلوك يتكرر بدون وعي وقصد.
الادمان_ عادة قهرية, دوافعها لا شعورية, خارج سيطرة الارادة والوعي غالبا.
نمط العيش_ برنامج رئيسي, تمحور حوله حياة الفرد. وفي حالة الخلل يتحول إلى فايروس على صيغة إدمان_ تكرار.
ثلاثة مستويات, تتواجد عادة في سلوك واحد, ويتم التعبير عنه وممارسته بصورة لا شعورية, ما يجعله عصيا على التغيير الارادي.
التوصيف اعلاه, تعبير عن حالة المدخن التي خبرتها لمدة ثلاثين سنة.
* * *
التدخين عادة انفعالية_ تتحول إلى إدمان بسهولة لا تصدق.
بسهولة أيضا يمكن تقسيم البشر غلى اربعة فئات:
1_ غير المدخنين: أيضا تشمل مرحلة ما قبل التدخين_ والخبرات الانفعالية لتلك المرحلة ضرورية لنجاح العادة المضادة: التوقف عن التدخين.
2_ مرحلة الادمان. عرض الادمان الأساسي يتمثل في فقدان المدمن لارادته الخاصة المستقلة, وفقدان الشعور بها ايضا_ في حقل الادمان.
3_ مرحلة التوقف الانفعالي. قد تمتد هذه الفترة لعشر سنوات وأكثر. وتكفي سيجارة واحدة للارتكاس والعودة إلى حلقة الادمان. وتبقى حالة الادمان الانفعلي (إن جاز التعبير) متصلبة, فقط جرى عكسها ببساطة.
وهي بطبيعة الحال خطوة مفيدة وإيجابية وتحقق درجة عالية من الارضاء والتقدير الذاتي المرتفع, إضافة لنتائجها الصحية الكبيرة.
4_ إطفاء عادة التدخين_ مع التغيير الشخصي العميق (تغيير الطبع).
الانتقال من حالة الادمان الانفعالي إلى المرونة الانفعالية_ تتميز بالحرية الداخلية المرتفعة وتعدد الخيارات الواعية, مع سهولة الانتقال بين افكار وسلوكيات مختلفة.
* * *
لماذا لا يتوقف مدمن التدخين عن عادة سيئة؟
!_ لأنه لا يعرف, وليس لديه تصور عن حجم وأهمية المكافئة المنتظرة. جهل مرحلة ما بعد الادمان.
2_ لا يشعر ولا يعرف, بحجم الضرر والأذى الذي ينزله بنفسه.
3_ ببساطة لا يعرف كيف, لا يعرف طريقا آخر للعيش. لقد دخل الفايروس إلى ذاكرته العاملة وحول برنامج العيش الأصلي لمصلحته الخاصة( الفايروس)_ عكس الحالة الطبيعية.
تلك الأجوبة الحقيقية كما خبرتها بنفسي, وعلى العكس, ينظر المدمن إلى فعل التوقف عن عادته, على أنه انتزاع لشيئ خاص منه وعزيز, وهو يخبره باعتباره نوعا من النقص والحرمان الشديد.
* * *
ارتباط التدخين بعقدة الذنب والاثمية_ سبب اساسي لضرره واذاه.
هل يمكن الفصل بينها؟
_هل تحب التدخين أم تكرهه؟
الجواب الصحيح( الحقيقي) للطور الأول والثاتي والثالث: لا أعرف.
فقط مع الطور الرابع: بعدما تصبح بنفس درجة السهولة: التدخين و الامتناع, يصبح متيسرا للمرء_ بشكل شعوري واضح التمييز بين نمطي المشاعر التي تولدها عادة التدخين( وربما بقية الادمانات) التعلق والنفور.
هل تحب التدخين أم تكرهه يا حسين؟
_ اربعة أخماس أكرههز
_ خمس واحد أحبه.
في الطور الرابع أيضا ينضح بجلاء سؤال التدخين: عادة؟ إدمان؟ نمط عيش؟
خطأ فكري, معرفي, انفعالي, اعتبار التدخين اقل من نمط عيش متكامل.
خطأ فكري آخر يلاز الادمان:
_ يوم مقابل يوم: ينتصر الادمان كحالة رغبة ومصلحة ذاتية مباشرة.
- شهر مقابل شهر: التعاطي يعادل الامتناع.
أكثر من شهر: حالة اللاتدخين تحقق درجة أعلى من المتعة والارضاء.
ربما توضح الفكرة أكثر العادة الثامنة_ ستيفن كوفي: من الفعالية إلى الحكمة.
حيث تعريف الحكمة أنها المقدرة على التضحية بالجيد لأجل الأفضل.
* * *
مقارنة أجراها الطبيب والعالج النفسي بيير داكو بين حالتين للتوقف عن التدخين:
1_ كيف يحاول التوقف شخص يجهل العالم الداخلي والقوى اللاشعورية.
في لحظة غضب وانفعال, يطفئ السيجارة ويقسم نه سيقلع عن العادة السيئة!
قلة من البشر ينجحون بتلك الطريقة, وهم يستحقون التهنئة بالفعل.
لكن, وكما نعرف جميعا أكثر من تسعين بالمئة من هذه الحالاات تنتهب بالفشل. بعد فترة تلح العادة_ مع ضعف المقاومة الارادية التدريجي.
وتنتهي المحاولة بالتدخين خلسة. وبالتالي تضاف عادة سيئة(الكذب) جديدة. بدورها تساهم في إضعاف الحرية الداخلية للمدمن, وتزيد من حالة التصلب الانفعالي_ الوجداني. وهكذا يدور المدمن في حلقة مفرغة من التغذية العكسية المتبادلة. يزداد شعور الاثمية_ ليقضي تماما على متعة التدخين المصاحبة للبدايات. وتتحول بالتدريج غلى عادة قهرية_ حاكمة لنمط عيش المدخن.
2_ كيف يقلع خبير نفسي عن عادة التدخين؟
عبر مخطط واضح أولا, ثم يحوله إلى خطة زمنية محددة بدقة( الفترات والأنشطة)
1_ يعرف أن استبدال عادة انفعالية غير مرغوبة, بعادة مرغوبة_ هو الطريق الملائم. وليست المسألة لحظة غيظ واستياء_ وقرار ارتجالي.
2_ يضع خطة_ وهو يحضر نفسه بوعي وانتباه_ لأصعب حرب في حياته ( لأن وعيه وارادته وذاكرته هما العدو والحليف بنفس الدرجة).
3_يختار يوما ملائما للبدء بالتنفيذ( قد يكون مولده أو آخر خاص في حياته).
4_ قبل فترة لا تقل عن شهر, يبدل أنواع سجائره. بشكل مختلط في درجات التنفير.
5_ العامل الأساسي في نجاح الخطة (إضافة إلى الجهد النشيط والواعي), يعتمد على العادة البديلة. والتي تكون غالبا حزمة من الرياضات الجسدية أو التأملية,
6_ تخفيف التواصل مع المدخنين في الأيام الأولى وزيادنه مع غير المدخنين.
مع التركيز على التنفس. مصادقة الرئتين. وتنمية علاقة صداقة مع الجسد بمختلف أعضائه_ مع التركيز على التنفس, القلب, الدماغ.
زكما ترى هي خطة حرب حقيقية. واحتمال نجاحها أكبر من احتمال فشلها, بعد توافر النية والارادة والصبر.
* * *
" الحكمة لا تنقل بالكلام"
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟