الشيوخ ..28و..29

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 00:22
المحور: الادب والفن
    

الشيوخ .. 28

عبد الكريم كل القلوب تهواك
عبد الكريم رب العباد يرعاك
إبني علاك
واحمي حماك
كلنا فداااااك
عبد الكريم
...
عبد الكريم انت الزعيم
عادت بك الامجاد
لا عاد ملك يحكم
ولا طاغي ولا جلاد
سومر وبابل هلهلت
واتوحددت بين الأمم
ويا العرب أكراد
واتحررت بغداد
عبد الكريم
تلا نشيد الصباح هذا تصفيق شارك فيه طلاب الاصطفاف والمعلمون وبعض الآباء والامهات الذين تجمعوا لكي يشاهدوا طلاب مدرسة الرشيد الابتدائية وهم يفتتحون اول عام دراسي بعد ثورة 14 تموز وثاني عام بعد افتتاحها من جديد ..
مسح احد الحاضرين دمعة غالبته وهو يتذكر الملك الشاب فيصل الثاني ونشيده الذي كان الطلاب ينشدونه : مليكنا مليكنا .. فليحيا الملك فيصل الثاني ..!! لكن ذلك الحب الجارف لعبد الكريم قاسم كان قد طغى على كل المشاعر يصاحبها ذلك الحقد على الوصي ونوري السعيد والانكليز ..!!!
لم يتأثر موقع الشيوخ في اليشان كثيرا لأنهم أصلا لم يكونوا ملاكين ارض كبار ولم يمارسوا يوما دور الإقطاع مع ابناء عشيرتهم لا من ناحية التملك ولا من جانب التعامل الاجتماعي بل كانوا شيوخ عشائر قبل ان يكونوا ملاكي ارض...!! كانوا قد حافظوا على تلك العلاقة العائلية الحميمة مع ابناء عشيرتهم وكانوا لهم ملاذا في السراء والضراء ..والغريب ان الشباب من ابناء الشيوخ كانوا قد تصدروا المؤيدين لتلك الثورة !! لكن الخلافات بدأت مبكرة تنمو بين صفوف المعلمين !!

يتبع
اليشان ..29

اليميده .. ايميده .. اجميده ... ( جمدة نصر) ...!!!... ثقافة جمدة نصر.. تب جمدة نصر شمال مملكة كيش في الحلة .. من ذلك التل اكتشف عالم الاثار الإنكليزي ستيفان لانغتًون عام 1926 بعض الفخاريات التي تعود الى 3100 عام قبل الميلاد .. اطلق على تلك المرحلة من نشوء الحضارة ( ثقافة جمدة نصر) والتي سبقتها ثقافة او دور ( تل العبيد) ( 3500-4000 سنة قبل الميلاد.. يقع قرب مملكة اور ... هنا نشأت الحضارة وابندأت تنمو براعمها .... في الشاطئ .. مئة متر عن كتف اليشان الغربي .. اليميده!! جمدة نصر... ارض صلبة صفراء تتوسط أديم الصديفة الكحلي المرصع بأصداف وقواقعً البحر !!!
هنا قطعة أسطوانية صلدة سوداء مرسوم عليها رأس عنز واُخرى عليها صورة قدم حافية .. هناك وجدنا تمثالا صغيرا من الحجر الصلد لامرأة لها أثداء كانها أثداء عنزة .. نتطلع طويلا الى تلك الارض الصلدة ذات اللون التبني والتي تطوف عليها قطع الفخار .. وهناك تبرعم شقوق كتف اليشان عن أمثال تلك اللقط التي تجرفها الشلالات الصغيرة إبان هطول الأمطار .. يتسابق الأطفال الى ذلك الكتف تخت وابل المطر للفوز بتلك اللقط تتبعهم عجائز القرية المولعات بطش الخرز واكتشاف الحظ في أطباق الخوص!!واحيانا للسحر ودعوات الجن !! كان الأطفال يبيعون تلك اللقط لتلكم العجائز او الاحتفاظ بها كهدايا لأمهاتهم لكي يستعملوها كتعويذات او لعمل القلائد والدلاعات ...
زاير منشد هو الوحيد من ابناء اليشان الذي كان يعلن عن نيته للحفر في اكتاف اليشان بحثا عن ذلك البلم المصنوع من الذهب والمدفون في اعماق اليشان !! لكن قصة الحية الآفة التي تنام في ذلك البلم !!! كان زاير منشد يحذر من اثنين .. المعلم وسيد محمد ...!! استاذ مظلوم كان يحذر من نبش اليشان !! جاء يوما الى مضيف الشيخ وقد غلبه الغضب .. لم يكمل شرب قهوته حتى كلم الشيخ متوسلا: يا ابا ثجيل .. اشكو لك زاير منشد !! اتوسل إليك ان تمنعه من الحفر في كتف اليشان .. انه تاريخ الوطن .. انها اثار اجدادنا وثروة العراق المناط لجنابك امر حمايتها ... كان الشيخ يصغي له بهدوئه الذي عرف به وبحكمته .. اطمئن يا استاذ !! لم يشهد تاريخ عناب وحاضرهم ان قام شخص منا بنبش اليشان !! كان زاير منشد ذو العيون الخضراء القلقة دوما يجلس قرب باب المضيف مستمعا ما يدور من حديث .. يغمزه الشيخ بنظرة جانبية ويضيف مستفزا إياه .. ثم لا تنسى يا استاذ .. ما يقوله الزاير لا يعدو التمني لانه يعرف جيدا من يحرس البلم ... نفخة واحدة من تلك الأفعى الافة سوف تحيله الى رماد ..!!! يتنحنح عامل الخوف الاخر ، سيد محمد ثم يقول بصوته الرفيع ...صلوا على محمد وال محمد .. يضج المضيف باصوات الجالسين : اللوهم اصلي على محمد وال محمد .. يكمل السيد حديثه : با مسلمين .. أنكم تعلمون ان اليشان يحوي كنوزا من الذهب منذ آلاف السنين لكنها والله محفوظة بحفظ الله جل وعلا خزينا لمجيء القائم عجل الله فرجه .. يطع كفه على عقاله وينهظ فيتبعه الجميع بتلك الخطوة وهم يرددون الصلاة على محمد وال محمد بكل خشوع وكفوفهم تعلو وتغطي رؤوسهم ثم يجلسون ..!!! يرفع زاير منشد عصاه ويجمع أطراف عبائته وهو يغادر المضيف مسرعا ثم يغيبه الظلام ... في الليل تدل عليه جمرة سيجارته وهو يجلس كالحدأة مقرفصا على الكعم وهو يتطلع الى ايشان اشويهر الذي يبدو له من بعيد وكأنه يستنطق عظام وجماجم الذين دفنوا بين طياته على مر العصور ....!!!

يتبع

#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات