أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - الشيوخ ...25















المزيد.....

الشيوخ ...25


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 01:03
المحور: الادب والفن
    


الشيوخ ... 25

هناك ..
مضيف قصبي يتصدر ساحة والى الخلف منه ، الى الشمال ، باب خشبي كبير مرصع وجهه بانصاف كرات معدنية يؤدي الى حوش فرحان الجابر ..!!
ما الذي أصاب البشر .. حين يصيبهم القحط يكونوا متآلفين ورقيقي المشاعر وتجمعهم ألفة غريبة .. حتى حين يغزون يوزعون ماغنموا على الأقارب والغرباء برحابة صدر وكرم.. لكنهم يقتتلون من أجل الأرض وتهرب من قلوبهم الرحمة .. حتى في المقابر تجدهم ينبشون القبور ويرموا العظام لكي يستحوذون على القبر لكي يدفنوا موتاهم.. انها الأرض... كان يحكي لي وكأنه معلم يلقي محاضرته الخصوصية على طالب يهمه أن يكون متفوقا على أقرانه..
ليس هنالك ملك يقتتل من اجله البشر كملك الأرض، حتى لو كانت أرضا سبخة أو كومة من الرمل المملوء بالأفاعي والأراول.. فكيف والأرض هي الصديفة !! انها منجم لا يعادله منجم الذهب ..
سميت بهذا الاسم لكثرة ما يغطيها من الأصداف والقواقع والمحار.. انها قاع البحر.. قاع الخليج الذي كان يمتد الى اطراف مملكة لجش قبل الف ومائتي عام قبل الميلاد ثم انحسر جنوبا مخلفا وراءه هور الصديفة.. وهاهو القاع أرضا كحلية اللون مطرزة بالنجوم اللامعة تحت أشعة الشمس .. الصدف والمحار..
أنا قط وحشي له سبعة أرواح.. قال فرحان.. لا أدري كيف نجوت وكيف برأت من تلك الإصابة.. لقد دخلت الطلقة من الوجه الأمامي لأعلى صدري وخرجت من أسفل كتفي الأيسر.. مرت بجانب القلب وألقت عليه السلام لأنه مفعم بحب شمعه !!.. ضحك وهو يتذكر حبيبته ثم أزاح قميصه وأراني الندبتين لمدخل ومخرج تلك الطلقة القاتلة .. أضاف وهو يزر أزرار دشداشته : حين دخلوا القرية وهم يحملونني زغردت النساء تشجيعا لي وافتخارا ، تلقاني احدهم وهو يقول: حسافة عليك أبا تسواهن اياك ان تضعف انت صقر عتاب، كان المسكين يحمل اطراف دشداشته عاليا وحين دنا مني كشف لي ماكان يحمله.!! وهالني مارأيت! كان جزئا من مصارينه مندلقا من خلال إصابة في بطنه وقد حملها بدشداشته!! لقد مات الرجل في ذلك اليوم تاركا اياي أعالج بالزيت المقلي وصفار البيض والكوي بالعطاب و الرماد حتى برأت. .. !!
كنت أضع رأسي على فخذه وأتطلع الى الحائط .. كان السيف المعلق يرقد داخل غمده الجلدي الذي أمسى لونه داكنا وكأنه فارسا اجبر على التقاعد في سن مبكرة وبجانبه كان مسدس ( الخطر) كما كان يسمونه معلق بجانبه بغمده ذو اللون البرتقالي...
- لماذا طلقت شمعة يا جدي؟! بدر مني ذلك السؤال وهو يعكس غصة انتابتني وقد تألمت لما يعانيه جدي الذي كنت أعبده بقدر ماكان يحبني... في أحد المرات وعلى أثر شجار حدث بيني وبين خالي الذي يكبرني بعامين ولما سمع جدي بذلك قام بضرب خالي ضربا مبرحا بخيزرانته حتى أدمى وجهه ولم يكتفي بذلك بل قيد يديه وربطه الى عمود في البيت ليوم كامل تحت رحمة برد قارس ومنع الجميع من اطعامه الى أن قمت أنا بفك الرباط وحمل عشائي لأني كنت الوحيد الذي لم تنال جسده تلك الخيزرانة.. كان عمري آنذاك اربعة سنين وكان جدي يحبني حبا اسطوريا...
- لماذا طلقت شمعة ياجدي؟!
مسح بيده الضخمة على شعري بحنان وقال
- ياجدي.. كنت كلما أقدم على الديوان وأنظر في عيون الرجال اتخيلهم يعفطون لي سخرية لكوني قد تزوجت عجمية علما ان خيرهم لا يساوي أصبع كفي الصغير .. وفي يوم قلت لها فجرا هيا تعالي معي لتزوري أهلك .. كانت حاملا في شهرها الخامس .. حين ولدت ابنها البكر ذهبت اليها والقيت عليها قسم الطلاق ثم عدت بخالك فنجان لكي يعيش معي ...
بعد أشهر تزوجت احدى قريباتي ورحلت الى الصديفة وأنا لا زلت هائما بحب شمعة التي تأبى ان تفارق خيالي الى الان ...
م أن وطأت قدماي أرض الصديفة حتى اندلعت معارك الأرض .. كنت أحاول أن أنأى بنفسي عن القرية فنصبت بيتي الشعر بعيدا عن ربع رستم.. كنت مكتف بأغنامي ومواشيي وفرسي الوذناء لكن دم القرابة من البو رهن والنسبة التي ربطتني بالبوخاجي جرفتني الى معمعة الخصام والإعتراك الذي نبت مع أول سنبلة ارتفعت في أرض الصديفة البكر..
جرح يعكوب وقتل ابشير واندفعنا أنا وعبد الهادي نهاجم بلا خوف مرة بالسيوف ومرة بالبنادق غير ابهين بالموت الذي كان يحصد البشر وكل منا يقول لصاحبه : كل يموت في يومه.. وفيما كانت بندقيتي تصطاد الاعداء كما تصطاد العصافير أحسست وكأن حائطا قد انهدم ووقع على صدري ... رأيت بشير ، أخي المخبول الذي قتلته قبل عامين قد شق قبره وركض نحوي وهو يمزق كفنه ويحمل عمودا مشتعلا والشرر يتطاير من عينيه الجاحضتين .. كانت أمي تركض خلفه بكفنها المترب وهي تصرخ محذرة متوسلة وتقول: انه اخوك.. لم يقصد قتلك..
عندما وصلني ظل رافعا عموده ونظر لي نظرة طويلة القى بعدها العمود ثم هوى علي واحتضنني وراح ينتحب!! .. شعرت باختناق شديد.. وحين أفقت وجدت أنني منطرح على جنبي ولا أستطيع التنفس.. جاهدت في أن استنشق الهواء بقوة.. سعلت فانفجر من صدري ينبوع من الدم شعرت بعدها براحة عظيمة.. سعلت مرة أخرى فانطلق الدم مصحوبا بوغف يصدر صوتا كانه صوت فتحة أحدثت للتو في كتف ساقية مسروقة في الليل..!!! رحت اتنفس براحة ثم غفوت...
منذ بدء الخليقة عمدت الأرض بالدم.. قابيل قتل هابيل وظل محتارا.. أين يذهب بأخيه الذي تحول الى جثة هامدة كأنه واحدا من تلك المعزى التي اعتادوا هو وأخيه على قتلها الى أن أن رأى الغراب..وحين تكاثر أبناء آدم اختصموا على تملك الأرض ثم تقاتلوا...
حين شيد ناظم البدعة أخذت مياه هور الصديفة تنحسر وتتراجع جنوبا نحو هور الغمكة وهورالشطانية.. وانكشفت الأرض البكر لتتحول الى ساحة صراع واقتتال بين العشائر...
كنت قد تزوجت من المرأة الثالثة بعد أن طلقت الأولى التي كانت أول عشق في حياتي.. كانت صهباء ، ذات جدائل شقر وعيون زرقاء همت بها من أول نظرة حين زرت المدينة للمرة الأولي وأنا قادم من أرض أجدادي ( المريبي)... تبعتها الى بيتها وحين دخلت طرقت الباب.. كنت قد بعت في ذلك اليوم عجلا وملأت جيبي بمبلغ لا بأس به.. قلت لأخيها هل تقبلون بي ضيفا فرد علي بلغة عربية ركيكة كشفت لي عن هويته العجمية...
جيا..
أجبته أنا ضيف ثم دلفت داخل باحة بيتهم الطيني الذي يقع في حي الأكراد في اطراف مدينة الحي.. ما أن جلست حتى بادرته بالسؤال: هل هذه الفتاة التي دخلت قبل قليل اختك ام زوجتك؟!
تفاجأ الرجل وقال متلعثما وقد ترائى له أنه قد بدر منها ماأغضبني
- شمعه؟! انها أختي ...
هنا دخلت الفتاة الغرفة وهي غاضبة ومرعوبة..فأومأ لها أخيها بيده طالبا منها السكوت..
نظرت اليها نظرة متفحصة طويلة وأنا أتمعن بقوامها وعيونها الزرقاء ونظرتها التي أخذت تخترق أعماق روحي العطشى..
لا أدري أي شيطان ذاك الذي ركبني وكيف جرى ذلك الإقتحام اللامعقول لتلك العائلة وأنا رجل قروي في وقت كان الصراع قائما بين القرويين وأبناء ( الولايه) حيث كان يطلق على أهل المدينة...
سألت الرجل بلا تردد وأنا أشير بإصبعي اليها: هل تزوجني هذه الحرمة؟!
ظل الرجل فاغرا فاه لا يدري بماذا يجيب..
كانت عيناي مسلطة عليها .. خيل لي أن شبح ابتسامة قد لامس عينيها فزادتهما جمالا وتألقا..
لم أترك له فرصة للرد، تابعت وعيناي لا زالتا تشتبك مع عينيها وتتولد اصرة عجيبة ذات أذرع وتفرعات لامست كل خلية في جسدي .. كانت دقات قلبي قد أصبحت كأنها حوافر فرس تسابق الريح..قلت له بلهجة اصرار وتحدي: على سنة الله و الرسول وال البيت ...
بعد اسبوع زفت الي شمعه وكان ذلك اليوم من أسعد أيام حياتي .. ولكن
نظر بعيدا وراح يغرق في بحر ذكرياته وقد بدى لي أنه لا يريد أن يكمل القصة فغير الموضوع وعاد يحكي لي قصة الصراع والاقتتال الذي ولد مع ولادة الأرض الجديدة التي أفرزها هور الصديفة...
- كنت أقوم بين الحين والآخر بزيارة أخواتي البو رامي.!
لكنني حين طلقت شمعه حملت رفعت حبال بيتي وطويته ليلا ورحلت من المريبي نحو الصديفة وانا ألعن العادات والقيم البالية التي تفرق بين الحبيب وحبيبته لا لشيء سوى أن تلك المرأة كانت عجمية !!!

يتبع



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوخ 22..23...24
- الشيوخ ..21
- مزنه
- بصاق السماء ..!!
- الشيوخ...19
- وداعا شاعرنا الكبير ..شاكَر السماوي
- الشيوخ ..17
- الشيوخ..18
- الشيوخ ..14
- الشيوخ ..15
- قوس قزح
- وطني...العراق
- رثاء ...
- الشيوخ ..12
- همس العشب
- باب الطلسم
- تداعيات متأخره...
- حلم يقظه ...
- شكوى...
- رساله...


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - الشيوخ ...25