أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - الشيوخ 22..23...24















المزيد.....

الشيوخ 22..23...24


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 00:11
المحور: الادب والفن
    



الشيوخ ...22

لم يكن حادث فقدان المعلم مظلوم حدث عادي تمر به اليشان ، بل كان انتكاسة نفسية لأهل القرية وابنائهم الطلاب .. كانت حادثة أحرجت العشيرة امام اهل الضحية ومدينته وامام العشائر الاخرى ومديرية المعارف في لواء الناصرية ..!! لم تعاقب المعارف القرية بل قامت عشيرة عتاب بمعاقبة نفسها ورفضت فتح المدرسة مرة اخرى .. عناب قبيلة اشتهرت بالغيرة والنخوة وإكرام الضيف والفزعة لمساندة جيرانهم من القبائل الاخرى حين يتعرض ذلك الجار لاعتداء ... صعد احد شيوخ العشائر مرة كتف اليشان الغربي وهو يمتطي فرسه وقد هطل عقاله واستقر حول رقبته وهو يصرخ منتخبا : صلفه .. صلفه !! وهي تسمية عرفت قبيلة عناب بها : إخوان صلفه !! فما كان من ابنائها الا ان يحملوا بنادقهم وهم يتسابقون ولم يسئلوا منتخبهم عن اي شيء ويركضون أمامه ويقاتلوا عدوه وهم يتساقطون زخات الرصاص ... لم يعودوا الا بعد ان دحروا عدو ذلك الشيخ الذي استجار بهم ... حين ذاك رجزت زوجة الشيخ المستجير بين ابناء عشيرتها وهي تشير الى تلك النخوة قائلة : ( طلجيه وخذيلج عنابي !! )
احس شيخ العشيرة وابنائها بانتكاسة كبيرة وهم يواجهون ذلك الحدث الجلل بقتل المعلم ومن قبل احد ابناء العشيرة وشيوخها ولو بطريق الخطأ ...!! نصبت مجالس العزاء في القرية ودخل الحزن في كل بيت وراحت العوائل تستذكر تلك الحادثة وتبكي لأعوام طويلة كلما عرضت صورة المعلم او جيء بسيرته...
في صيف 1957 وبعد مرور عام ونيف على حادثة المعلم .. وبالرغم من تعهد المعارف بإعادة بناء المدرسة .. قام الشيخ حاتم اليوسف البو رهن والشيخ سويلم امهوس البو رهن و فرحان الجابر بالتبرع بشراء البواري والقصب وقد شارك البعض من اهل اليشان كذلك.. وها هو اللوري ينقل على قفاه الوجبة الاولى من القصب .. وها هم ابناء اليشان رجالا ونساء يشمرون عن سواعدهم لبناء المدرسة من جديد ..
افتتحت مدرسة الرشيد الابتدائية مرة اخرى في أيلول 1957 وقد كان المعلم طاهر من أهالي ناحية الغازية مديرا لها ومعه المعلم صادق من أهالي قضاء الرفاعي معلما اخر ...


الشيوخ ..23

كيف حدث ذلك ؟! وكيف يحدث ؟! .. اليشان هو امتداد لسلسلة من اليشن والتلال التي تكون بمجموعها بقايا مملكة لجش السومرية ... وكلمة إيشان مأخوذة من كلمة سومرية هي ( إسن) وتعني كل ما ارتفع عن سطح الارض و إيسان بالسومرية تعني ما يشار له من ذلك المرتفع ...
ايشان الحميره هو الأقرب الى اثار لجش ( تل لوه) ثم ايشان الدغيزات الذي يسكن فوقه فخذ الدغيزات من عتاب و( الكبيبه) وهو ايشان يسكن عليه ( ربع رستم) احد شيوخ عناب من البورهن البوحمود و بيت رامي ابناء عمومتهم.. ثم ايشان اشويهر الذي اتخذ منه مقبرة قديمة ثم يواجهك وانت تتجه جنوبا قطع حاد مرتفع بعد ان تجتاز نهر يقال له ( صباب أمساعد ) يواجهك ايشان عناب ...
يعلو ذلك القطع مرتفع صغير مبني من اللبن والاجر .. تهدم ولم يبق منه غير أرضيته وقد اطلق عليه ( الكعم ) لكونه يشبه بقايا الضرس !!! قد يكون ذلك ا( الكعم) مرصدا لمملكة اليشان في قديم الزمان !! ...
حين تقف على الكعم وتتطلع الى قفا اليشان تكون خارطته واضحة أمامك وقد تناثرت عليه البيوتات الصغيرة وبعض بيوت الشعر وعلى كتفه الأيسر تشاهد سلسلة من البيوت الكبيرة والحواش !! ومضائف القصب !! حوش الشيخ أمساعد اليعكوب ومضيفه.. و حوش فرحان الجابر ومضيفه يقابله بيت سلمان الريا ومضيفه ، حوش الشيخ جلاب اليعكوب ومقابله ديوانيته ، حوش عزيز اليعكوب ويلتصق به حوش الشيخ علي اليوسف .. ثم الحوش المميزالأكبر وهو حوش الشيخ حاتم البورهن شيخ عموم قبيلة عناب ويليه ملتصقا به حوش اخر تنتصب في زاويته مولدة كهرباء كبيرة ويتوسطه مضيف الشيخ ذو الثلاثة عشر شبة ويقابله بناء مرتفع مستطيل ذو شبابيك عالية على الطراز الإنكليزي ، وفي مقدمته طارمة واسعة .. تلك هي ديوانية الشيخ ...
في أقصى قفا اليشان يقع حوش اخر هو حوش الشيخ هاشم اليوسف ... حين تعرج من جناح مضيف الشيخ وديوانيته تواجهك ساحة تفصل حوش الشيوخ عن مكينة الطحن وفي تلك الساحة ينتصب مضيف الشيخ يوسف المنسوج من شعر الماعز وهو ينتصب على الارض ووجهته القبلة ، يمد حباله جانبا وكأنه نسر خرافي ...
تتوزع على كتف اليشان اليمن بعض أفخاذ عتاب وهم الجريم ومضيف الشيخ كاغد والبوخاجي حيث ينتصب مضيف شيخهم يوسف البشير ثم مضيف حسي العليوي ومضيف السيد محمد ثم مضيف زائر كاطع ومضيف مراد الحسين ... ذلك هو اليشان وتلك هي قرية المضايف في الخمسينات والستينات من القرن الماضي . .. هناك أعاد الشيوخ بناء مدرسة الرشيد الابتدائية في اب 1957 ...

اليشان ...24

كيف تسنى للارول ان يعيش في شقوق اليشان ..!! كان الكتف الغربي لليشان ينحدر بشدة نحو ارض الشاطئ .. هكذا كان يطلق على خافة ارض الصذيفة وهي تمس قاعدة اليشان .. وحين تمطر السماء ينحدر الماء على أكتافه ويكون انحداره من الغرب سريعا وقويًّا مكونا شلالات صغيرة تحفر في تلك الارض الرخوة فتحدث تلك الأخاديد .. هناك يتخذ الضب جحورا له ولونه ترابيا لا تكاد العين ان تفرقه عن تراب اليشان ..
حين تتطلع اليه من بعيد يترائى لك اليشان وكأنه ضب أسطوري . يرتفع رأسه من خلال الكعم وكأنه يتابع الشمس حين تبدأ بالمغيب ويمد ذيله الطويل وكأنه يسخر من تل اخر يتبعه من الجنوب ويطلق عليه المنفش ...
اعتاد ان يمتطي فرسه الرمادية ويذهب بها بعيدا بلا هدف .. ثم يعود الى بيته الشعر .. كان يحرص على ان يرتدي ملابسا وقورة ويعتمر أغلى كوفية من صنع إنكليزي .. يعلق على كتفه حزاما أشقرا يتدلى من طرفه عند خاصرته المقابلة غمد بنفس اللون وهو يحتضن مسدسه الذي لا يفارقه .. كان قد تجاوز الخمسين من العمر ...يذهب عادة في بعض صباحاته الى مضيف الشيخ ويحتسي القهوة هناك .. كانت تعلو وجهه ابتسامة حزينة !! وكان قليل الكلام ... حتى حين يحين موسم الكصاص .. كانت دعوته لعوائد اليشان هي اكبر الدعوات وأكثرها بذخا يقدمه في الغداء وإكرام المدعوين من ابناء عشيرته .. امام بيته الشعر تمتد سفرة الطعام وتسطر عليها عشرات المناسف التي الممتلئة بالرز ويعلوها المفطح ثم يدار عليها السمن واللبن الرائب .. كان يحافظ على تلك الهيئة الأنيقة التي يتميز بها وهو يشير لإخوانه وابنائهم بخدمة الضيوف وسيجازته لا تفارق فمه .. في المساء وحين يطبق الظلام يطل ساهرا وهو متكئ على وسادته بكوعه ولا تشاهد منه سوى جمرة سيجارته تضيء لحضاة ثم تختفي .. أحيانا يسمع منه غناء خافتا يشبه الحدي .. ويميل الى الأنين ...
كان امهلهل قد عشق في شبابه .. خطب حبيبته من اَهلها لكن أعمامها قد نُهُو عليه .. كان قد اقسم مع حبيبته بسيف العباس ان لا يتزوج اي منهم غير حبيبه ... رفضت هي ابن عمها .. اصابها يوما عرق شجيرة شوك في قدمها بجرح اثناء قيامها بالحطب ... تسممت ثم ماتت بمرض الصكّاك ...

يتبع



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوخ ..21
- مزنه
- بصاق السماء ..!!
- الشيوخ...19
- وداعا شاعرنا الكبير ..شاكَر السماوي
- الشيوخ ..17
- الشيوخ..18
- الشيوخ ..14
- الشيوخ ..15
- قوس قزح
- وطني...العراق
- رثاء ...
- الشيوخ ..12
- همس العشب
- باب الطلسم
- تداعيات متأخره...
- حلم يقظه ...
- شكوى...
- رساله...
- حيرة محب


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - الشيوخ 22..23...24