أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - الشيوخ..18














المزيد.....

الشيوخ..18


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 12:38
المحور: الادب والفن
    



لم يعهد اهل اليشان رؤية سيارة غير اللوري وسيارة حجّي رزيج الجيب والتي يزور فيها صاحبه فرحان الجابر بين الحين والآخر ، تلك السيارة الصغيرة المكشوفة والمغطَّاة بالجتري ..كان الأطفال يبكرون الى اللوري ، ذلك الباص الخشبي الذي يبات سائقه في مضيف الشيخ وينطلق صباحا الى الشطرة بالركاب ثم يعود عصرا..
كان التعلق بمؤخرة الباص او الركض وراءه يمثل ألذ هواية يمارسها أطفال اليشان في الصباح الباكر وحين يعود اللوري عصرا !! ومحظوظ ذلك الطفل الذي يسمح له ( الصانع)؛مساعد السائق ، بالصعود حين يتوقف اللوري قبل ان يتسلق اليشان لكي ينزل منه مبكرا احدالركاب من فخذ الجريم الذين يسكتون في مقدمة اليشان ..!! يتخذ الأطفال حذرون ، مكانا قريبا من اللوري وهم يتحاشون زجر (الدريول)) لهم وكذلك الكبار الذين يتجمعون ايضا حوله .. بعضهم يبكر ويأت الى اللوري لمجرد الفضول والاخرون يأتون من اجل السفر !!.. يبدأ السائق ( الدريول ) بمحاولة تشغيل اللوري ، ولكن بلا جدوى .. يرفض المحرك ان يزئر !! .. ينزل وبيده قضيب حديدي ذو نهاية معكوفة بزاوية قائمة .. انه ( الهندر) وهي كلمة إنكليزية الأصل من زمن الاحتلال الإنكليزي !! حالها حال الكثير من المسميات !! ف الدريول هو السائق ، وهي تحوير لكلمة (driver) ، والهندر تعني يدوي ( hander) ، واللوري تعني الشاحنة ( lorry ) والسكن ( second ) تعني مساعد السائق وهكذا .. يمد الدريول ذلك الهندر في مقدمة المحرك ويعشقه به ثم يحركه بحركة دورانية ونصفه العلوي يصعد وينزل ترافقه كوفيته وذيلها الذي يروح يرفرف كأنه ذيل الحصان!! .. ما ان يعطس المحرك ويشتغل ثم يروح السكن يضخ له الوقود فيصرخ حتى يبدأ الركاب بالصعود وهم يتسابقون على نيل المصطبات القريبة من الصدر .. يتحرك اللوري ويبدأ يتهادى مغادرا اليشان وهو يتجه نحو مدينة الشطرة مفضلا ان يسلك الطريق البعيد طريق العكبوري وهو يمر على القرى ويلتقط منها الركاب ومواشيهم التي يذهبون بها لكي يبيعونها في السوق .. ربع رستم ، الدغيزات ، العكبوري، النخيله ...!! لماذا يقف ابناء القرى التي سيمر عليها اللوري في كل صباح ومساء على جانب الطريق وقد تَرَكُوا بيوتهم وهم يستقبلون اللوري واعناقهم مشرأبة نحوه وكأنهم يبحثون عن شيء فقدوه؟! .. في كل قرية ينزل الركاب ويبدأوا يصافحون ويعانقون الواقفين وكأنهم لم يلتقوا بهم منذ زمن طويل علما انهم شاهدوهم قبل يوم او يومين ؟! .. ليس هذا فقط وإنما يبدأ البعض بالسؤال عن تلك النعجة ولمن تعود؟! وقد يساومون عليها ويرغبون بشرائها!! لكن صاحبها يرفض رفضا قاطعا وهو يأمل ان يبيعها في السوق بسعر اعلى ..!! في الطريق تبدأ المواشي التي وضعت فوق سطح اللوري بالتبول !! هنا يبدأ الصراخ وشتم السائق وصاحب النعاج حين تتوالى قطرات البول بالنزول على الركاب وهي تخترق شقوق السطح الخشبية !! يرافق ذلك الضحك والسخرية وإطلاق الضرائف التي يشتهر بها ابناء اليشان .. عادة ما يطلق بعض الشباب العنان لأصواتهم وهم يغنون من على سطح اللوري حيث يجلسون على صندوق في مقدمة السطح..حين يصل الباص الطريق العام ينزل الجميع في مدينة الغازية ( النصر لاحقا) ويبدأ كبار السن بقضاء حاجتهم والاخرون بتناول الشاي وكأنهم قد قطعوا مسافة طويلة ..لكنها محطة تسبقها محطة قرية النخيلة حيث يستقبلهم سيد جاسم بلحيته البيضاء ووجهه الذي يسطع نورا وبهاء وهو يقف في باب مضيفه وحديقته التي يشع منها الجلنار الأحمر .. هناك لا بد للركاب من النزول والتبرك بتقبيل يدي السيد وتناول القهوة في مضيفه العامر اذا سمح الدريول ولم يلح عليهم بالإسراع ...
بعد الظهر تبدأ رحلة العودة الى اليشان .. يتكرر نفس المشهد والمحطات ، لكن العودة هذه يكون فيها الركاب متعبين وتكون اشكالهم قد تغيرت ولاحت منهم الشمس والغبار .. تكون الوجوه والملابس قد غطاها التراب المتصاعد من سير اللوري وعجلات السيارات التي تسلك الطريق العام ....ينظر اخد الركاب الى صاحبه فيطلق ضحكة عالية وهو يقول : انظر لقد اصبح وجهك كأنه وجه الشاذي ؟! يجيبه الاخر ساخرا وهو يخرج من جيبه مرآة مدورة صغيرة اشتراها في سفرته .. يضعها أمام وجهه وهو يضحك : انظر الى جهرتك !!!
في ذلك الصباح ، تفاجأ اهل اليشان بسيارة غريبة تدخل قريتهم وتتجه نحو المدرسة .. سيارة حمراء صغيرة لكنها طويلة وعيون كأنها عيون الجراد وبين العينين هناك تمثال برونزي لجني ذو جناحين ..!! نزل السائق مسرعا وراح يفتح الباب لرجل مهيب الطلعة يرتدي زيا كزي المعلم مظلوم وتختفي عيناه خلف نظارة سوداء .. علموا لاحقا انه المفتش !!كما أبلغهم استاذ مظلوم ...
يتبع



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوخ ..14
- الشيوخ ..15
- قوس قزح
- وطني...العراق
- رثاء ...
- الشيوخ ..12
- همس العشب
- باب الطلسم
- تداعيات متأخره...
- حلم يقظه ...
- شكوى...
- رساله...
- حيرة محب
- كاشف الغطاء...!!!
- سفيرة العراق
- حيره..
- يا سامعين الصوت ...
- نذر
- فزعة التحالف الاممي...
- سراب..


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - الشيوخ..18